مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

غضب وانزعاج للنقص الحاد في مرافق إيواء اللاجئين في سويسرا

تعاني سويسرا من نقص حاد في مراكز أيواء طالبي اللجوء الذين ازداد عدهم في الآونة الأخيرة Keystone

أثارت قضية رفض إيواء طالبي اللجوء الذين تقدّموا للتسجيل بمراكز الإيواء في العديد من الكانتونات السويسرية لعدم وجود اماكن شاغرة غضبا شديدا لدى العديد من الدوائر السياسية والمنظمات الإنسانية.

ورغم أنه تم العثور على حلول مؤقتة لبعض الحالات، إلا أن هذا الوضع يطرح من جديد مشكلة النقص الحاد في الاماكن المتوفّر لإيواء طالبي اللجوء على المستوى الوطني. ودعا برلمانيون الحكومة لإتخاذ الإجراءات اللازمة. وفي الوقت الذي ناشدت فيه المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين الحكومة التدخّل لحثّ الكانتونات الست والعشرين على الوفاء بواجبها بهذا الشأن.

وقبل أقلّ من أسبوع يفصلنا عن أعياد الميلاد، ذكر التلفزيون السويسري الناطق بالألمانية أن مركز لجوء في كانتون بازل المدينة اضطر لرفض قبول إيواء حوالي 20 طالب لجوء (هذا المركز يأوي حاليا 500 طالب لجوء، على الرغم من أن طاقة استيعابه لا تتجاوز في الأصل 320 شخص). وعبّرت منظمة جيش الخلاص بكانتون بازل، والتي تكفّلت برعاية خمسة أفراد من المبعدين، خلال البرنامج التلفزيوني “10 Vor 10” عن صدمتها لكون هؤلاء الأشخاص تركوا لأنفسهم يواجهون البرد في العراء مما اضطر سكانا عاديين للتدخّل لمساعدتهم.

وفي إحدى الحالات تحوّل أنّي لانز، وهو عضو ناشط في منظمة “تضامن بلا حدود” يوم الإثنيْن إلى مركز اللجوء ببازل، وعرض إيواء عائلة ببيته الخاص لقضاء الليل في الدفء، ولم يكن امام تلك العائلة من بديل سواء النوم في الخارج. لكن هذه العائلة قُبِل طلبها في اليوم الموالي في مركز اللجوء وفقا لما نقلته إحدى الصحف.

  في مركز “فالورب” الواقع على مقربة من الحدود الفرنسية السويسرية، تم رفض قبول طلبات إيواء تقدّم بها 15 طالب لجوء، لكن لا أحد منهم إضطرّ للنوم في الخارج، على حدّ زعم مدير هذا المركز.

حلول سريعة وغير بيروقراطية

 تشهد مراكز تسجيل طالبي اللجوء الخمس في سويسرا حالة اكتظاظ شديدة، وبعضها لم تعد قادرة على استيعاب وافدين جدد. وقد بلغ عدد طالبي اللجوء هذا العام وإلى حد شهر نوفمبر 20.000 وافد جديد، أي ما يوازي 5000 لاجئ إضافي بالمقارنة مع العدد الجملي لعام 2010. ويشير المكتب الفدرالي للهجرة إلى أن التزايد الكبير لعدد الوافدين يجعل “الوضع صعبا خاصة في الشتاء حيث تنخفض درجة الحرارة إلى مستويات قياسية”.

ولقد أشاد مايكل غراوسر، الناطق الرسمي بإسم المكتب الفدرالي للهجرة بكانتونيْ بازل المدينة والتيتشينو لنجاحهما في التعامل مع هذه القضية “بطريقة سريعة بعيدة عن البيروقراطية”.

فقد تم العثور على حل مؤقت لهذه المسألة في كانتون بازل. حيث سيفتح ملجأ مخصص لإستقبال المدنيين في أوقات الحرب والكوارث بقرية براتالن، لإستقبال 100 وافد جديد، كما ينتظر ان يتم وبنفس الطريقة توفير 40 مكان جديد في كل من كياسّو، والتيتشينو بحلول يوم السبت 24 ديسمبر الجاري.

ولئن أقرت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين بالحاجة إلى استعمال الملاجئ الخاصة بالمدنيين زمن الحروب والكوارث، لمواجهة النقص في اماكن الإيواء، إلا أنها تحذّر من أن ذلك يمكن أن يمثّل “مشكلة” أو “يحدث صدمة” لبعض الأشخاص، فضلا عن أن هذه الملاجئ تفتقد إلى الإضاءة الجيدة ويحتاج الأفراد الذين سيتمّ إيوائهم في هذه المراكز إلى فرص عمل في الخارج، وإلى استشارة وتوجيه، كما يجب عليهم ألا يقضوا أوقات طويلة في هذه الملاجئ خلال النهار.

وتقول هذه المنظمة إن رفض استقبال طالبي اللجوء ينتهك المادة 80 من قانون اللجوء الذي ينص على أن الحكومة الفدرالية ملزمة بتوفير إعانة اجتماعية لطالبي اللجوء.

وينصح الناطق بإسم هذه المنظمة الحكومة السويسرية، في حالة وجود نقص في اماكن الإيواء في المراكز الحكومية، بالعمل مع أطراف أخرى لضمان توفير المأوى للمحتاجين إليه، كاللجوء إلى استخدام المرافق المتوفرة لدى منظمات إنسانية اواستخدام بنايات يلجأ إليها لقضاء الليْل فقط.  

ويشير هذا الأخير إلى ان سويسرا لا تزال بعيدة عن تحقيق ما تصبو إليه من توفير 2000 مكان جديد بحلول نهاية السنة. وانه مع الإرتفاع الكبير لعدد طالبي اللجوء هناك حاجة “لحلول أخرى”. 

مسؤولية الكانتونات

 هناك جهود وطنية تبذل حاليا لمعالجة هذه المشكلة. وتنوي  سيمونيتا سوماروغا، وزيرة العدل والشرطة إجراء تعديل على قوانين تقسم المناطق، وهي قوانين تمنح حاليا استخدام بعض الأماكن المتاحة في إيواء طالبي اللجوء عند الضرورة. كذلك يتم حاليا وضع خطط استعجالية لكيفية التدخّل الطارئ عندما يحصل نقصا من هذا القبيل.

لكن، وعلى الرغم من وجود اتفاق بين السلطات الفدرالية والحكومات في الكانتونات التي تتمتّع باستقلال ذاتي واسع النطاق، اعترفت سيمونيتا سوماروغا في شهر نوفمبر الماضي أن البحث عن أماكن للإيواء كان أكثر صعوبة مما كان متوقعا، ولم توفّر الكانتونات إلا مكان واحد يسمح بإيواء 50 شخصا. فالمسألة تعد حساسة بالنسبة للكانتونات لأنها تواجه اعتراضا من السكان المحليين، وتثير مخاوفهم بشأن التوترات الإجتماعية وانتشار الجريمة.

وكشفت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين عن وجود مقاومة ورفض لإيواء طالبي اللجوء في بعض الكانتونات مثل أورغاو، لذلك يرجع الأمر إلى الحكومة الفدرالية التي يجب عليها أن تبذل جهود لإقناع هذه الكانتونات بإبداء المزيد من التضامن مع الكانتونات الأخرى بشان هذه القضية.

وقال هاوسر: “هناك انتظارات كبرى بشأن تعاون الكانتونات للمشاركة بحلول بناءة لهذه المشكلة، بدلا من لجوئها إلى وضع سيناريوهات رهيبة تثير مخاوف السكان وتتأسس على افكار نمطية مسبقة”.

وأشار غلاوسر من المكتب الفدرالي للهجرة إلى أن هناك اتصالات جارية مع الكانتونات والبلديات في الشهور الأخيرة بشأن الأعداد المتزايدة  لطالبي اللجوء.

ازداد عدد طالب اللجوء إلى سويسرا خلال شهر نوفمبر الماضي بحوالي 20% مقارنة بالأشهر السابقة.

وفقا لإحصائيات المكتب الفدرالي للهجرة، بلغ عدد طالبي اللجوء خلال ذلك الشهر 2.566، وأغلبهم كانوا من تونس وإريتريا، وصربيا. واغلب هؤلاء الصربيين من مجموعة الغجر.

 من سبتمبر إلى نوفمبر، سجّلت سويسرا ارتفاعا حادا في طلبات اللجوء بعد صيف هادئ نسبيا. ومنذ بداية السنة، تقدّم زهاء 20.000 أجنبي طلب لجوء إلى سويسرا، وهو ما يمثّل زيادة قدرها 41.5% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2010.

 هذا الوضع أجبر السلطات السويسرية على فتح مراكز جديدة لإيواء الوافدين، وذلك بعد أن أصبحت المراكز السابقة في حالة اكتظاظ شديدة.

 أوضح المكتب الفدرالي للهجرة أن 357 طالب لجوء قد أعيدوا إلى بلدان أخرى بمقتضى قواعد اتفاقية دبلن، والتي تمنع تقديم طالب اللجوء أكثر من طلب واحد في البلدان الممضاة على تلك الإتفاقية. وحوالي 70% من عمليات الترحيل تلك كانت في اتجاه ايطاليا.

في العام لم يحصل على حق اللجوء سوى 17.7% من الذين تقدموا بطلبات لهذا الغرض.

 يعد موضوع الهجرة واللجوء من المواضيع الأكثر إثارة للجدل في السياسة السويسرية.

 في حين أن حزب الشعب (يمين شعبوي) يضغط من أجل اعتماد قواعد أكثر صرامة في مجال اللجوء، تتمسّك أحزاب اليسار والوسط بضرورة عدم انتهاك المبادئ الإنسانية في هذا المجال.

آخر التعديلات التي شهدها قانون الهجرة واللجوء كانت في عام 2007.
 

 وقعت سويسرا على اتفاقية دبلن المنظمة لعمليات اللجوء في عام 2008، وتضم هذه الإتفاقية 20 بلدا أوروبيا.

 تعد السلطات الفدرالية الجهة المسؤولة على ملف اللجوء، ولكن يترك الإختيار لحكومات الكانتونات البالغ عددها 26 حكومة الحق في اختيار الأسلوب الامثل في تنزيل تلك السياسات.

تقترح وزيرة العدل والشرطة حاليا انشاء المزيد من مراكز استقبال اللاجئين لتسريع عمليات النظر في الملفات.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية