مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كيف ينبغي على سويسرا التعامل مع الظاهرة الأصولية؟

Videoausschnitte
طالب مسلم في الخامسة عشرة من عمره يرفض مصافحة مدرسته. تحول هذا الموقف إلى "قصة المصافحة" التي وصلت إلى حد أن تناولتها قناة الجزيرة الإخبارية، بينما يبرر الشاب ووالده الموقف. (الجزيرة) Al Jazeera

هل يمكن للمسلمين الذين يرفضون المصافحة أو يزدرون أي شكل آخر من أشكال الإحترام السويسرية لأسباب دينية أن يتعرضوا للطرد من العمل أو المنع من الإلتحاق بالمدرسة؟ كتاب صدر أخيرا في سويسرا يطرح أسئلة شائكة.

سيدة تنظر مبتسمة لكاميرا المصور
تعمل أستريد إبيناي حاليا أستاذة للقانون الأوروبي والقانون الدولي والقانون العام بجامعة فريبورغ. وتقديراً لجهودها في مجال القانون الأوروبي وثنائية اللغة والعلاقات الدولية، مُنحت السيدة إبيناي في عام 2011 وسام “جوقة الشرف برتبة فارس” من طرف السلطات الفرنسية. Université Fribourg

 تتهم الكاتبة والناشطة النسوية سعيدة كيلر ـ مساهلي السلطات السويسرية بالسذاجة والغفلة في تعاملها مع الإسلاميين والأصوليين. ففي كتابها “سويسرا في بؤرة الإسلاميين” توضح كيلر ـ مساهلي كيف يتم تمويل المساجد في سويسرا من الخارج ومن قِبل بعض المتطرفين المتسللين إليها. وهي تطالب بانتهاج سياسة ينتفي فيها التسامح تماماً. بل إن مقترحاتها تذهب إلى أبعد من ذلك. في المقابل، لا يُمكن تطبيق جميع مقترحات مؤسسة ورئيسة “المنتدى من أجل إسلام تقدميرابط خارجي” بدون وضع دولة القانون في سويسرا على المحك، كما يشرح التحليل التالي.

فيما يلي، تقوم الأستاذة والخبيرة القانونية أستريد إبينايرابط خارجي التي تُدرس القانون الأوروبي والقانون الدولي والقانون العام في جامعة فريبورغ بتوضيح الحدود الفاصلة بين ما تطالب به سعيدة كيلر وما تسمح به المنظومة القانونية في سويسرا. 

المطالبة باندماج فعال 

“هناك حاجة إلى دمج جاد ومستدام للسكان المسلمين”.

الوضع القانوني: الإندماج هو مصطلح شديد الإتساع. وبين الإندماج والحرية الدينية توجد علاقة متوترة ـ بحسب مفهوم الإندماج لدى كل شخص. فإذا كان المقصود به هو اضطرار المسلمين للتحول للمسيحية وشربهم للخمر أو أكلهم للبطاطس المحمرة بدهن الخنزير فإن هذا يتعارض مع الحرية الدينية. 

الخلاصة: الإندماج مُمكن لكن إلى حد ما.

المطالبة بتطبيق القيم (السويسرية)

 “لابد من أن تضع دولة القانون خطوطاً حمراء واضحة تبين للجاليات المسلمة بما لا يدع مجالاً لسوء الفهم تلك القيم والقواعد التي يجب عليهم الإلتزام بها في مجتمعنا، وإلا عليهم أن يتوقعوا عقوبات رادعة”.

الوضع القانوني: أولاً، لا بد من توضيح “أن من يقيم بصفة دائمة أو مؤقتة في سويسرا عليه احترام القانون”، على حد قول إبيناي. إلا أن كيلر ـ مساهلي لا تطالب فقط بالإلتزام بالقواعد القانونية وإنما أيضاً بـ “القيم”. فهل من حق دولة القانون أن تطالب بالإلتزام بالقيم وتطبيقها؟ ترد إبيناي نافية: “في دولة القانون يمكن توقيع العقوبات فقط في حالة توصيف الشروط بمنتهى الدقة، ولابد كذلك من توصيف واجبات الأفراد بمنتهى الدقة. كما لا يُمكن ربط عواقب قانونية بعدم احترام “القيم”. 

الخلاصة: صعبٌ ويصل لدرجة المستحيل

المطالبة بطرد الخطباء الذين يُحرّضون على الكراهية

“لا بد من طرد الأئمة الأجانب الذين يدعون إلى العنف ويُمجّدون الإرهاب بلا توانٍ ومنعهم من دخول البلاد مجدداً”.

الوضع القانوني: ينص القانون على هذه الإمكانيات حالياً بالفعل. لكن المشكلة تكمن برأي إبيناي في التنفيذ: “فعلى سبيل المثال، إذا لم تعلم السلطات أو تلاحظ أن هناك إماما ما يدعو إلى العنف، فإنها لن تتمكن من توقيع عقوبات عليه”.

 الخلاصة: مُمكن

المطالبة بإلزام المسلمين باتباع العادات الإجتماعية السويسرية

“يجب توقيع عقوبة قاسية على من يرفض اتباع العادات السويسرية مثل أشكال التعامل المتعارف عليها ـ وقد تصل هذه العقوبة إلى حد التهديد بحرمانه من وظيفته أو طرد الأطفال نهائياً من المدرسة. وفي الحالات القصوى يتحتم إلغاء تصريح الإقامة للأجانب”.

الوضع القانوني: إن القول بأن عدم الإلتزام بالعادات الاجتماعية يترتب عليه توقيع عقوبات قانونية لهو أمر غير واقعي، شأنه شأن عدم الإلتزام بـ “القيم” (أنظر ما سبق). وبحسب تصريحات إبيناي يجب هنا التفرقة بين الدولة وبين الأفراد. فصاحب العمل الخاص لديه حرية حركة أكثر بكثير من الدولة. حيث أن الدولة تحتاج إلى وجود أساس قانوني ومصلحة عامة كي تطالب باحترام إحدى “العادات”. وعلى سبيل المثال، يتاح هذا الشرط فيما يتعلق بدروس السباحة المدرسية. فطبقاً لقرار المحكمة الفدراليةرابط خارجي يتعين على الطالبات المسلمات المشاركة في دروس السباحة لأن المصلحة العامة المتمثلة في تحقيق الإندماج تسمح في هذه الحالة بتقليص الحرية الدينية.

 الخلاصة: مُمكن جزئياً

المطالبة بحظر المنظمات المتطرفة

“المنظمات والإتحادات التي تشكل خطراً على الدولة مثل جمعية “مجلس الشورى الإسلامي بسويسرارابط خارجي” ينبغي حظرها تماماً أو على الأقل مراقبتها بموجب أمر قانوني ومن خلال عملاء جهاز الإستخبارات”.

الوضع القانوني: يقع “مجلس الشورى الإسلامي بسويسرا” بالفعل تحت مراقبة جهاز الإستخبارات السويسري. لكن الجمعية غير محظورة، كما هو الحال تماماً بالنسبة لحملة توزيع القرآن “اقرأ” (Lis) والتي حُظرت في ألمانيا عام 2016. فبخلاف ألمانيا، هناك في سويسرا تحفظ في مسألة حظر المنظمات. وبموجب قانون الإستخبارات الجديد الذي بدأ العمل به يوم 1 سبتمبر 2017، يمكن للحكومة الفدرالية حظر منظمة أو جماعة ما إذا ما قامت بعمل دعاية لأنشطة إرهابية أو عنيفة ومتطرفة تهدد بها الأمن. لكن سويسرا لا تسمح لنفسها بأن تُصَنِف المنظمات ذاتياً هكذا. وإنما تتخذ إجراءات الحظر ضد تلك المنظمات التي قامت الأمم المتحدة أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بإدراجها على قائمة الإرهاب أو العنف المتطرف. وحالياً هناك مقترح برلمانيرابط خارجي لم يتم البت فيه بعد يُطالب الحكومة الفدرالية بإعادة النظر في مشروعية “مجلس الشورى الإسلامي بسويسرا” وحملة “اقرأ” (ردت عليه الحكومة يوم 6 سبتمبر 2017 بالتأكيد على أن القوانين السارية كافية وأنه ليست هناك ضرورة قصوى لاتخاذ قرارات حظر).  فضلاً عن ذلك تسعى الحكومة الفدرالية لتغيير هذه العقبة الموجودة في قانون الإستخبارات رابط خارجيحتى تتمكن من حظر المنظمات بسهولة أكثر. 

الخلاصة: قد يكون مُمكناً

امرأة تضع يدها على جذع شجرة
سعيدة كيلر ـ مساهلي رئيسة ومؤسسة “المنتدى من أجل إسلام تقدمي”. ولدت في تونس وتعيش منذ طفولتها الأولى في سويسرا. تحصلت في عام 2016 على الجائزة التي يمنحها سنويا الفرع السويسري للجمعية العالمية لحقوق الإنسان. Keystone

كتاب “سويسرا في بؤرة الأصوليين” 

في كتابها الجديد تفترض سعيدة كيلر ـ مساهلي أن السلطات السويسرية تتعامل مع الإسلاميين بسذاجة. إذ ترى أن الخطباء السلفيين المتنقلين والأئمة المتطرفين يحاولون في المساجد وعن طريق عروض الكتب المتنقلة لحملة “اقرأ” وما يسمى بالرعاية الروحية في السجون وفي مراكز إيواء طالبي اللجوء وكذلك في المدارس القيام بتأثير ما. وهي تذهب إلى أنه لا يُمكن منع ممارسات الإسلاميين إلا عن طريق سياسة لا تعرف التسامح بتاتاً. 

صدر كتاب سعيدة كيلر ـ مساهلي بعنوانه الكامل “سويسرا في بؤرة الأصوليين. نظرة خلف كواليس المساجد” في بداية سبتمبر 2017 عن دار NZZ Libro للنشر في زيورخ.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية