مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لاهاي: “الجدار الفاصل غير قانوني ويجب هدمه”!

"‘إنه يوم جميل"، هكذا علق بيتر لويبرغر من جمعية سويسرا فلسطين يوم الجمعة 09 يوليو الجاري على إدانة ما وصفه بـ"الجدار العنصري" Keystone

أعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي بعد ظهر الجمعة أن جدار الفصل الإسرائيلي في الضفة الغربية غير قانوني، مطالبة بهدمه على الفور وتعويض الأضرار الناجمة عن بناءه.

الفلسطينيون اعتبروا رأي المحكمة “قرار تاريخيا” و”انتصارا” للشرعية الدولية. أما إسرائيل فرفضته قبل صدوره ولا تنوي الخضوع له..مثلما كان مُتوقعا

“الجدار الفاصل الذي تشيده إسرائيل في الضفة الغربية غير قانوني من منظور القانون الدولي، وقد يشبه عملية ضم فعلية للأراضي الفلسطينية إذا ما اكتمل بناءه”. هذا هو جوهر الرأي الاستشاري غير الإلزامي لمحكمة العدل الدولية في لاهاي الذي صدر بعد ظهر الجمعة 09 يوليو الجاري.

القضاة الخمسة عشر في المحكمة اتخذوا القرار بتأييد 14 صوتا ومعارضة صوت واحد، وهو صوت القاضي الأمريكي توماس بورغنتال.

وورد في النص الذي قُُرأ أثناء جلسة علنية بلاهاي أن “المحكمة استنتجت أن بناء الجدار يعد تحركا لا يتطابق مع عدد من الالتزامات القانونية الدولية لإسرائيل”. وتُذكر المحكمة، ضمن انتهاكات الحقوق الناجمة عن بناء الجدار الفاصل، تقييد حرية تنقل الفلسطينيين، وحقهم في العمل والرعاية الصحية والتعليم و”مستوى عيش لائق” وفقا لم تنص عليه المعاهدات الدولية.

ورغم اعتراف المحكمة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فإنها ترى أنه لا يمكن استعمال هذا الحق لإضفاء الشرعية على تشييد الجدار. وفي هذا السياق، أعربت المحكمة عن قناعتها بأن الضرورات والشروط الأمنية الإسرائيلية لا تبرر مخالفة القانون الدولي حيث تقول: “إن الخروقات (المتعلقة بحقوق الفلسطينيين) الناجمة عن مسار الجدار لا يمكن تبريرها بشروط عسكرية، أو بمتطلبات الأمن الوطني أو النظام العام”.

وفضلا عن ذلك، طالب الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي إسرائيل بتقديم تعويضات عن الخسائر الناجمة عن بناء الجدار في الضفة الغربية. وشدد قضاة المحكمة في قرارهم على أن بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية تسبب في مصادرة وتدمير منازل وشركات وتعاونيات زراعية، لذلك أعربت المحكمة عن اعتقادها بـ”أن إسرائيل ملزمة بتعويض الأضرار التي لحقت بالأشخاص المعنيين”.

وطالبت المحكمة إسرائيل بهدم الأجزاء التي شيدتها من الجدار في الضفة الغربية على الفور، أي زهاء 200 كيلومتر من أصل 700 كيلومترا التي تنوي الدولة العبرية إقامتها.

نداء للجمعية العامة ولمجلس الأمن

على صعيد آخر، وجهت المحكمة نداء للجمعية العامة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن الدولي من أجل وضع حد “للوضع غير القانوني” الناجم عن بناء الجدار الإسرائيلي في الضفة الغربية، حيث أوضحت في قرارها أنه “يجب على الأمم المتحدة، وخاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن، النظر في نوعية التحرك الإضافي المطلوب من أجل وقف الوضع غير القانوني الناجم عن تشييد الجدار”.

وتخشى الحكومة الإسرائيلية، التي لا تعترف بصلاحية المحكمة في النظر في مسألة الجدار، من أن يؤدي رأي لاهاي إلى عرض مشروع قرار جديد أمام مجلس الأمن يطالب بهدم الجدار. في المقابل، تعتقد إسرائيل أنه بإمكانها الاعتماد على دعم الولايات المتحدة لمعارضة مثل هذه الحملة الدبلوماسية.

وورد في قرار المحكمة أيضا أنه “يجب على كافة الدول عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار وعدم الإقدام على أي شيء يمكن أن يساعد على استمرار تشييده”.

ويذكر أن الحكومة الإسرائيلية رفضت قرار محكمة العدل الدولية في مناسبات عديدة قبل صدوره. وقالت في بيان صدر بعد ظهر الجمعة إن المحكمة “تجاهلت تماما الإرهاب الفلسطيني، الذي كان السبب في بناء الحاجز”. ونقلت وكالات الأنباء عن مسؤول سامي إسرائيلي فضل عدم الكشف عن هويته قوله: “ليس هنالك أي مبرر يجبر إسرائيل على الخضوع لقرار محكمة العدل الدولية”.

“انتصار للشعب الفلسطيني والشرعية الدولية”

أما الجانب الفلسطيني فقد رحب بقرار المحكمة الذي اعتبره الرئيس ياسر عرفات “انتصارا” للشعب الفلسطيني. وصرح السيد عرفات أمام الصحافيين في رام الله بالضفة الغربية: “نحن نشيد بالقرار الذي يدين الجدار العنصري. إن هذا القرار يعد انتصار لشعبنا ولكافة الشعوب الحرة وكافة حركات التحرير في العالم”.

أما السيد نبيل أبو ردينة أبرز مستشاري الرئيس ياسر عرفات فقال إن قرار المحكمة “انتصار للقانون الدولي وضربة حقيقية لإسرائيل”، مضيفا أن رأي المحكمة “سيتسبب في انعزال إسرائيل، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك من أجل فرض عقوبات على إسرائيل لأنها تنتهك القانون والقرارات الدولية”.

الجامعة العربية أشادت بقرار المحكمة قبل صدوره وأعربت أيضا عن اعتقادها أنه انتصار للقانون الدولي. وصرح المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية السيد حسام زكي: “إن قرار المحكمة انتصار لمبادئ القانون والعدالة والشرعية”.

وأضاف: “الآن وبعد أن اتضح الجانب القانوني، يجب على المجتمع الدولي أن ينظر في الوسائل الكفيلة باحترام إسرائيل للقانون الدولي”.

تشكيك أمريكي وتأكيد أوروبي

أما البيت الأبيض فأعلن على لسان المتحدث باسمه سكوت ماكليلان أن الولايات المتحدة ترى أن نظر محكمة العدل الدولية في لاهاي في شرعية الجدار الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية “غير مناسب”. وأكد المتحدث أن واشنطن تعتقد أن هذه القضية سياسية. وجاءت تصريحات السيد ماكليلان خلال لقاء مع الصحافة على هامش زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى كوتزتاون شرقي ولاية بنسلفانيا.

من جانبها، رددت المفوضية الأوروبية صباح يوم الجمعة 09 يوليو مطالب الاتحاد الأوروبي بإزالة الجدار الفاصل الذي تشيده إسرائيل داخل الضفة الغربية وحول القدس الشرقية. وجاءت دعوة المفوضية بعد الإعلان عن مضمون وثيقة سُربت صباح اليوم إلى وسائل الإعلام من أروقة محكمة العدل الدولية بلاهاي. وكشفت الوثيقة عن تفاصيل القرار الذي أعلنته المحكمة رسميا بعد ظهر اليوم.

وصرح المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي أعرب في مناسبات عديدة عن قلقه الشديد من مواصلة بناء الجدار في الأراضي المحتلة الذي “يتناقض مع الأحكام السارية للقانون الدولي”. وأضاف المتحدث أن الاتحاد الأوروبي “بغض النظر عن الجوانب القانونية للقضية يشعر بالقلق من أن الانحراف المتصور في المسار عن الخط الأخضر يمكن أن يحكم مسبقا على المفاوضات المستقبلية ويجعل الحل القائم على أساس دولتين مستحيل التنفيذ عمليا.”

سويس انفو مع الوكالات

قررت إسرائيل بناء الجدار الفاصل بين الدولة العبرية والضفة الغربية في مايوم 2002
يفترض أن يمتد الجدار على طول زهاء 700 كيلومترا بتكلفة 3,4 مليون دولار
بدأت أشغال بناء الجدار يوم 16 يونيو 2002، وتم الانتهاء من تشييد ربع المشروع
في 22 أكتوبر 2003، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يشترط وقف إسرائيل لأشغال بناء الجدار وهدم الجزء الذي تم تشييده.
يوم 23 فبراير 2004، بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي جلساتها لبحث مشروعية الجدار.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية