مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لجنة التحقيق الأممية في ليبيا: “سنتطرق لكل الإنتهاكات بما في ذلك الإغتصاب”

مدنيون يفرون من مدينة أجدابيا على متن شاحنة يوم 7 أبريل 2011 خوفا من احتمال لجوء كتائب القذافي إلى استخدامهم كدروع بشرية بعد ما تردد من تقدم قوات الثوار Keystone

في جنيف ، قال محققون من الأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان يوم الجمعة إنهم سيزورون ليبيا هذا الشهر ليبدأوا تحقيقا في انتهاكات مزعومة ارتكبتها القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي وقوات المعارضة التي تسعى للإطاحة به.

وتستعد لجنة التحقيق الأممية المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان للتوجه إلى ليبيا للتحقيق في الإنتهاكات المحتملة والعودة مع موفى شهر ابريل. ومع أن خبير جرائم الحرب الدكتور شريف بسيوني (الأمريكي الجنسية) لم يرغب في تقديم تفاصيل عن هذه المهمة، لكنه شدد على أنها ستكون “مستقلة وغير منحازة وستشمل كل الإنتهاكات” مشيرا إلى أنها ستشمل زيارة مصر وتونس.

وقال بسيوني في مؤتمر صحفي عقده صباح الجمعة 8 أبريل في جنيف: “سنذهب الى ليبيا الجزء الشرقي والغربي من ليبيا.” وأضاف “يجب أن يكون التحقيق نزيها وغير منحاز ومستقلا. هذا ما ننويه. سنغادر جنيف يوم الاحد (10 أبريل) ونتعشم أن نعود بحلول نهاية الشهر”.

ومن جانبها، أكدت أسمى خضر، وهي السيدة الوحيدة في اللجنة على أن موضوع الإغتصاب والحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سيكونان من بين الإهتمامات أيضا.

وكان مجلس حقوق الإنسان قد قرر في جلسته الخاصة التي عقدها بخصوص الوضع في ليبيا إرسال لجنة تحقيق لتقديم تقرير حول “كل الإنتهاكات المرتكبة في ليبيا”، على أن تعرض هذه اللجنة تقريرها على مجلس حقوق الإنسان في اجتماعه العادي الذي يلتئم يوم 17 يونيو القادم.

اللجنة يترأسها الدكتور شريف بسيوني، الخبير في جرائم الحرب وأستاذ القانون بجامعة بول في شيكاغو وتضم في عضويتها كلا من فيليب كيرش، أستاذ القانون الكندي والقاضي والرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية (ما بين عامي 2003 و 2009)، وأسمى خضر، المحامية الأردنية من أصل فلسطيني، والوزيرة السابقة والناطقة باسم الحكومة الأردنية والناشطة في مجال حقوق الإنسان في المنطقة العربية.

ضوء أخضر “غير مباشر” من طرابلس

إعلان اللجنة عن اعتزامها التوجه إلى ليبيا جاء بعد حصولها على ضوء أخضر “بطريقة غير مباشرة”. وفي رد على سؤال لـ swissinfo.ch، أشار رئيسها الدكتور شريف بسيوني إلى “أننا أخبرنا السلطات الليبية برغبتنا في التوجه إلى البلد وبالأخص للمنطقة التي تقع تحت إشرافها”، وأضاف أنه “لم نحصل على رد مباشر ولكننا حصلنا على رد غير مباشر من خلال بيان صحفي صادر عن الحكومة الليبية أعلن في ليبيا وفي اتجاه العالم الخارجي عن الترحيب بقدومنا وعن الإستعداد لاستقبالنا ابتداء من 15 أبريل. وهذا ما أكدناه لهم وبدأنا في الاستعداد لهذه المهمة”.

من جهة أخرى، أوضح الدكتور بسيوني أن الزيارة “ستشمل المناطق الغربية والشرقية من ليبيا،” وقال “إن المسؤولين في المناطق الشرقية في انتظارنا، وستسمح هذه المهمة  بالتحاور مع الجميع بكل حيادية “. 

وفي ردّ على سؤال طرحته swissinfo.ch بخصوص إمكانية زيارة اللجنة للمناطق المُحاصرة من طرف كتائب القذافي مثل مصراتة والزنتان والزاوية وغيرها، أجاب السيد بسيوني أنه “فيما يتعلق بإمكانية زيارة المناطق التي لازالت محط قتال فهذا يتوقف على الوضع العسكري وعلى ما تفرضه علينا الإجراءات الأمنية المعتمدة من قبل الأمم المتحدة. ولكن لنا رغبة في الوصول الى أبعد الحدود لأخذ نظرة حقيقية عن الأوضاع”.

أجوبة مقتضبة وأخرى غامضة

وردا على سؤال حول ما إذا كانت اللجنة ستتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بخصوص متابعة مرتكبي الجرائم في الصراع القائم في ليبيا، أوضح السيد بسيوني أن “مهمتنا محددة من قبل مجلس حقوق الإنسان، ومهمّة المحكمة من اختصاص مجلس الأمن الدولي. ولكنهما مؤسستان تابعتان لمنظومة الأمم المتحدة وسنتعاون ولكن سنحدد طبيعة هذا التعاون بعد العودة من الزيارة الميدانية لأننا ذاهبون إلى ليبيا ولا ندري ما هي المشاكل التي سنواجهها وما هي الوقائع التي سنحصل عليها”.

وجوابا عن استفسار يتعلق بهوية الأشخاص الذين ستلتقي بهم اللجنة في ليبيا، قال السيد شريف بسيوني: “سوف لن نكون متأثرين باهتمامات وسائل الإعلام، بل سنقابل من نعتقد بأن لديه ما يفيدنا به من معلومات في مهمتنا”.      

ورغم إلحاح الصحفيين لمعرفة ما إذا كانت المقابلات ستشمل شخصيات بارزة في نظام القذافي أو وزير الخارجية المنشق موسى كوسا (المقيم حاليا في لندن)، كرر السيد بسيوني القول باننا “ندرك جيدا مهمتنا وسنقابل ونتحدث مع كل من نعتقد أن لديه معلومات. وسنزور السجون والمستشفيات ونتحدث للجرحى وللمقاتلين والمدنيين. وإذا ما منعنا من القيام بذلك فسنقول ذلك في تقريرنا، ولكننا سوف لن نفصح عن هوية من سنقابلهم لأن ذلك ليس في صالح أحد وللحفاظ على أمنهم” أيضا.

“الإغتصاب سيتم توثيقه حتى ولو اقتصر على حالة واحدة”

وبالنظر إلى أن السيدة أسمى خضر، العضو في اللجنة، تعتبر من النشطاء في مجال حقوق الإنسان بالمنطقة العربية، وهي مؤسسة ورئيسة للعديد من المنظمات الأهلية (من أهمها اتحاد النساء الأردنيات)، سألتها swissinfo.ch عما إذا كانت حالة الإغتصاب التي تعرضت لها السيدة إيمان العبيدي ستؤخذ على محمل الجد من قبل لجنة التحقيق الأممية، فأجابت أنه وكما أشار إلى ذلك السيد بسيوني “سنولي أهمية لكل انتهاكات حقوق الإنسان، وفي مقدمة ذلك ما يُرتكب من انتهاكات على أساس الجنس. وفي مقدمة هذه الفئة حالات الإغتصاب والمضايقات الجنسية والتمييز القائم على الجنس”.

وبخصوص حالة السيدة العبيدي تحديدا، أوضحت السيدة أسمى خضر: “لقد شاهدنا كلنا حالة السيدة العبيدي وسمعنا أن هناك حالات أخرى تعرضت فيها نساء لنفس الإنتهاكات. وهذا ما سيكون من بين النقاط الهامة في مهمتنا، ولاشك أنه سيكون من الصعب الحصول على كل المعلومات الضرورية في هذا الحيز الزمني الضيق ولكننا سنمهد الإطار لتجميع كل المعلومات من كافة الجهات، وسنوجه أسئلة بهذا الخصوص لمن نقابلهم”.

ومع أن الوقت المخصص للتحقيق (من منتصف أبريل إلى أوائل يونيو 2011) قد لا يكفي للحصول على معلومات شاملة لجميع الحالات، أوضحت السيدة أسمى خضر أن “آليات حقوق الإنسان ستواصل التحقيق لمعرفة ما إذا كانت سياسة الإغتصاب استعملت كوسيلة منهجية أم أنها عبارة عن تجاوزات فردية”، لكنها استدركت متحدثة عن حالة السيدة إيمان العبيدي وقالت: “حتى ولو كانت حالة واحدة، فإنها تعتبر جريمة ويجب توثيقها”.

أخيرا، أشارت السيدة خضر الى أن لجنة التحقيق الأممية ستولي أهمية أيضا إلى مسألة “استخدام الحرمان من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية كوسيلة حرب في بعض المناطق”، وقالت: “وهذا ما سنقوم بالتحقيق فيه أيضا”.

شكلت هذه اللجنة من طرف مجلس حقوق الإنسان تطبيقا للقرار الصادر عن الجلسة الخاصة التي عقدها يوم 25 فبراير في جنيف2011 وخصصها للنظر في أوضاع ليبيا. 

الجلسة الخاصة أسفرت عن “إدانة إنتهاكات حقوق الإنسان البالغة الخطورة التي ارتكبت مؤخرا في ليبيا، بما فيها أعمال القتل خارج نطاق القضاء، وعمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين للمتظاهرين المسالمين وتعذيبهم”.
 
كما طالبت أغلبية الدول الأعضاء في المجلس بإرسال “لجنة تحقيق مستقلة ودولية على وجه السرعة للتحقيق في كل الإدعاءات المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان في ليبيا والتي لها علاقة بالمظاهرات الجارية في البلاد. وضمان أن يُقدم للمحاكمة كل المسؤولين عن ذلك وتقديم تقرير عن ذلك للدورة 17 لمجس حقوق الإنسان” التي تلتئم في يونيو 2011.

 

الرئيس:

الدكتور شريف بسيوني، الخبير الأمريكي (من أصل مصري) في جرائم الحرب وأستاذ القانون بجامعة بول في شيكاغو.

الأعضاء:

فيليب كيرش، أستاذ القانون الكندي والقاضي والرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية ما بين عامي 2003 و 2009.

أسمى خضر، محامية أردنية من أصل فلسطيني، وهي وزيرة سابقة وشغلت منصب ناطقة باسم الحكومة الأردنية وناشطة عربية بارزة في مجال حقوق الإنسان.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية