مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كيف يُنظر إلى سويسرا في مؤتمر المناخ بباريس؟

مدخل مقرّ انعقاد مؤتمر التغيرات المناخية الواقع في ضواحي باريس Paula Dupraz-Dobias

مع وصول محادثات الوفود المشاركة في مفاوضات مؤتمر الامم المتحدة حول تغيّر المناخ في باريس إلى مراحلها الأخيرة، يجري العمل للتوصّل إلى حلّ وسط في ظل تباين مواقف الأقطار والمجموعات. وفي هذا المقال تسلط  swissinfo.ch الضوء على الكيفية التي يُنظر بها إلى سويسرا في خضم هذه المحادثات. 

خلال ما يطلق عليه الإجتماعات العرضية، والتي تهدف إلى تذليل نقاط الخلاف، تمارس ضغوط كبيرة على المشاركين لإحترام ما هو متاح من الوقت الضيق، ومن ضرورة الإلتزام بفقرات البرنامج. 

 فقرتان، حررتهما سويسرا، وتتعلقان بالهجرة وتعترفان أساسا بالحاجة إلى بذل المزيد من الجهد للحدّ من الإنبعاثات بالتوازي مع برامج التكيّف مع التغيّر المناخي، تمت بسرعة إعادة النظر فيهما.

 الترتيب المناخي لسويسرا

 فرانز بيراز، رئيس الوفد السويسري لمؤتمر المناخ بباريس، عبّر عن موقفه من التصنيف العالمي الذي أعلن عنه الصندوق العالمي للطبيعة والذي بوّأ سويسرا المرتبة الرابعة عشر من حيث سياستها المناخية. 

وأشار بيانرابط خارجي الصندوق إلى أنه “في الوقت الذي تبدو فيه بشائر اتفاق في مؤتمر باريس،… يبدو إسهام سويسرا محدودا جدا” في الجهود المبذولة. 

ويضيف البيان: “”إنها لا تتخذ تدابير كافية لصالح حماية المناخ، أو لإصلاح قطاع الطاقة على المستوى المحلي، أو بالنسبة لتمويل الجهود المناخية على المستوى الدولي”. 

وبالنسبة لبيراز، ربما يعكس هذا التصنيف أن سياسة سويسرا في المجال البيئي لا تزال طور النقاش، ولهذا ليس هناك إلى حد الآن ترفيع في التمويلات السويسرية لأسباب مناخية. 

لكن الدبلوماسي السويسري يضيف: “لا تزال سويسرا واحدة من مجموعة البلدان التي يجب عليها أن تتخذ المزيد من التدابير. إنها ليست التلميذ النجيب، ولكن في سويسرا لدينا ميل للنظر إلى أنفسنا بأننا أفضل من غيرنا”.

 الكفاءة السويسرية 

“سويسرا هي الشريك النشط جدا. إنه وفد صغير، لكنهم يعملون بكفاءة وفعالية كبيرة”، يقول لي هيونغ جونغ، عضو بفريق التفاوض من كوريا الجنوبية متحدثا إلى swissinfo.ch.

 وكوريا الجنوبية هي واحدة من ضمن أربعة شركاء لسويسرا في مجموعة النزاهة الإقتصادية، وهي خليط فريد من البلدان المتقدمة والبلدان النامية وواحدة من أربع وحدات تفاوض في هذه المحادثات. 

وتضم هذه المجموعة كذلك المكسيك، وأوندورا وليختنشتاين، وقد صممت من قبل مجموعة السبعة والسبعين ومجموعة الصين، ومتكوّنة من 130 عضوا أغلبهم من البلدان النامية والإتحاد الاوروبي، والبلدان المشرفة كالولايات المتحدة وروسيا وأستراليا واليابان والنرويج. 

فرانز بيراز، الذي يرأس الوفد السويسري، يرى أن مكمن قوة هذه المجموعة هو في تنوعها: “هذا أمر مهمّ لأننا (داخل المجموعة) معرّضون لسماع وجهات نظر أخرى، وحجج مخالفة، وهذا مصدر قوة، لأننا نمتلك تفهّما لوجهة نظر الآخرين”. 

وأضاف: “سويسرا مستعدّة للإنخراط في المحادثات، وليس للتسليم بالأمر الواقع. نحن لسنا خائفين من اللاعبين الكبار ونتصرّف كاننا لاعبون كبار أيضا. والحقيقة هي أن الكثير من وفودنا مدعوة لتسهيل المفاوضات، ونحن بانتظام ضمن الدائرة المقرّبة من صنع القرار”. 

تباين حول التمويل

ولكن قبل تقديم مشروع اتفاق نهاية هذا الأسبوع، تظل العديد من القضايا تنتظر وضوحا. مع ظهور خلافات خلال تطوّر الصياغات، خاصة في صفوف البلدان النامية.

مسالة التمويل، من يموّل؟ ولصالح من؟ مازالت من القضايا الشائكة وتمثّل حجر عثرة أمام أيّ اتفاق، في حين تقف سويسرا موقفا موحّدا مع غيرها من الدول المتقدّمة، بما في ذلك الولايات المتحدة الامريكية، بشأن ما يسمى قضية الأضرار والخسائر. 

والمصطلح يشير إلى الدّمار الذي تخلّفه التغيّرات المناخية. والبلدان النامية هي في مقدّمة المتضررين وتريد أن تحصل على تمويلات من البلدان الصناعية المتقدمة كتعويضات، بينما تبدو سويسرا والدول الصناعية الأخرى قلقة وغير موافقة بشأن الحاجة إلى تقديم دعم مالي غير محدود إلى بلدان أخرى في العالم.  

طارق إبراهيم، وزير البيئة في جزر الملديف، العضو بمجموعة “تحالف البلدان الجزرية الصغيرة” يأمل في إيجاد صندوق للتضامن الدولي مخصص لجبر الأضرار والخسائر التي تسببها التغيرات المناخية، بما في ذلك فقدان المداخيل، ونفقات النزوح من الجزر التي لم يعد بالإمكان الإقامة فيها. 

“هذا الصندوق يجب أن يموّله دافعو الضرائب في البلدان الصناعية استنادا إلى مسؤوليتهم في انبعاث الغازات والإحتباس الحراري”. وعندما سئل عن سويسرا، أجاب إبراهيم بأنه لا يرغب في التعليق بشأن وفد بعينه، مضيفا “إجمالا، البلدان المتقدّمة ليست مُتعاونة في هذا الموضوع”. 

مفاوضون آخرون في المؤتمر كانوا كذلك حذرين في التعليق على مواقف بلدان بعينها، بما في ذلك فرنسا، والتي تقوم بدور رئيس المؤتمر والمفاوضات الجارية فيه، والتي من مسؤوليتها التوفيق بين المواقف المتباينة للخروج بإتفاق يكون الجميع مستعدا لإقراره. 

وأوضح ناطق رسمي بإسم فرنسا متحدثا إلى swissinfo.ch “أن فرنسا، ومن خلال دورها كرئيسة لمؤتمر المناخ COP، تقف موقف الإستماع إلى جميع الأطراف، وليس التركيز على ما هو جيّد او استبعاد ما هو سيء في مواقفهم”.

 ما وراء الدبلوماسية؟ 

في الأثناء، المنظمات غير الحكومية المواكبة لأعمال مؤتمر باريس، والتي تحضر بصفة ملاحظ، كانت أكثر وضوحا. 

وقال يورغ شتاودمان من “تحالف الجنوب” إنه بدلا من سعي سويسرا “بشكل بنّاء لتهدئة البلدان وتوحيد آرائها”، كان عليها توفير المزيد من التمويلات لمكافحة التغيّر المناخي لصالح البلدان الفقيرة.   

وخلال الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر باريس، تعهّدت معظم البلدان الصناعية، بما في ذلك ألمانيا وبريطانيا ولكسمبورغ وهولندا والولايات المتحدة، بتقديم تمويلات أخرى تضاف إلى المائة مليار سنويا التي تعهدت بها الأطراف الدولية. 

وعقب تخفيض مساعدات التنمية السويسرية بما قدره 150 مليون فرنك، التي أعلن عنها الجمعة الفارطة (4 ديسمبر 2015)، قال شتاودمان: “كان هناك أكثر من طريقة لكي لا تكون زيادة في العبء على مساعدات التنمية”. وأضاف: “يجب على سويسرا وضع هذا المبلغ ضمن المصادر الرئيسية للتمويل، وذلك لتجديد موارد صندوق المناخ العالمي”. 

وقد انضمت وزيرة البيئة السويسرية دوريس لويتهارد يوم الإثنيْن إلى محادثات المناخ للتفاوض بشأن مشروع اتفاق عُرض على الوفود بعد مراجعته من طرف رئاسة المؤتمر ممثلة بفرنسا. 

ولكن للوصول إلى اتفاق فعلي، “لابد من إرادة واضحة، ومن تعزيز للثقة بين جميع الأطراف للتوصّل إلى نتائج إيجابية”، مثلما يقول رئيس الوفد السويسري.

(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية