مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مشاركة شخصيات من المجتمع المدني في الحكومة اليمنية بين التفاؤل والريبة

السيد خالد بحاح، رئيس الوزراء اليمين المعيّن حديثا يتحدّث إلى ممثلي وسائل الإعلام خلال مؤتمر صحفي عقده في صنعاء يوم 9 نوفمبر 2014 إثر قيامه بأداء اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي. Keystone

على غير العادة، اشتملت تشكيلة الحكومة اليمنية التي جاءت بعد مخاض طويل وعسير منذ توقيع اتفاق السلم والشراكة في سبتمبر 2014، هذه المرة على وجوه جديدة تضم نشطاء حقوقيين ومدنيين تولوا بعض الحقائب الوزارية هي: حقوق الإنسان، والإعلام، والثقافة، والتخطيط والتعاون الدولي، والشؤون القانونية، والشؤون الإجتماعية والعمل.

اختيار هذا العدد من الوزراء من صفوف نشطاء المجتمع المدني والحقوقيين في الحكومةرابط خارجي المُعلن عنها يوم 8 نوفمبر الجاري برئاسة المهندس خالد محفوظ بحاح كشف عن طريق جديد للتعيينات الوزارية وتشكيل النخبة السياسية والإنضمام لها. ففي العادة، كانت الطريق إلى الحكومة والمناصب الوزارية العليا في الدولة تمر عبر المؤسسة الأمنية أو العسكرية والقبلية والعشائرية، والدينية أو عبر وُسطاء مقربين من رئيس الدولة أو من رئيس الحزب أو الأحزاب الحاكمة، غير أن التشكيلة الجديدة جانبت تلك العادة ومثلت تحولاً لافتاً وغير مسبوق في المشهد السياسي اليمني.

قراءات متباينة

هذا التحول – وبحكم التطورات الحاصلة في البلاد والظرفية الدقيقة التي تجتازها – دفع العديد من المحللين والمراقبين إلى القيام بقراءة معمقة تنصب على دور المجتمع المدني في اليمن، وعما إذا كان قد وصل إلى حد من القوة والتأثير مكنته من اختراق نادي النخبة السياسية، وفرض نفسه كواحد من اللاعبين الجدد في الملعب السياسي الذي ظل حكراً على لاعبين محددين؟ أم أن ما حصل يعبر عن علاقة مشبوهة لنشطاء القطاع الثالث بمراكز النفوذ والتأثير دفعت به إلى سدة السلطة بهدف استمالته؟ أو إرضاء للمجتمع الدولي؟

هذه الأسئلة وغيرها أثيرت في مختلف الأوساط اليمنية خاصة في ظل حضور المجتمع الدولي بقوة مؤثرة في صياغة المشهد السياسي وفقاً للمبادرة الخليجية والإتفاقات اللاحقة المنبثقة عنها التي أشرفت عليها الأمم المتحدة ممثلة بمبعوث الأمين العام السيد جمال بن عمر، وجميعها ركزت على قضايا لها علاقة بالفاعلين المدنيين والحقوقيين مثل سيادة القانون والمواطنة واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد ومحاربة الفساد التي لطالما اشتغل عليها نشطاء المجتمع المدني والحقوقي في اليمن منذ أكثر من عقدين.

الوزراء اليمنيون الجدد المحسُوبون على المجتمع المدني

عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الانسان

أروى عبده عثمان، وزيرة الثقافة

د. محمد أحمد علي المخلافي، وزير الشؤون القانونية

د. محمد عبدالواحد الميتمي، وزير التخطيط والتعاون الدولي

رأفت الأكحلي، وزير الشباب والرياضة

نادية عبد العزيز السقاف، وزيرة الإعلام

قبول محمد عبد الملك المتوكل، وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل (اعتذرت عن تولي الحقيبة لتعينها بعيد اغتيال والدها الدكتور محمد المتوكل) 

صعود النشطاء

تشير المعطيات المتوفّرة إلى أن عدة أسباب وعوامل تقف وراء صعود بعض النشطاء، لا يمكن فصلها عن سياقات العملية السياسية في اليمن التي جعلت المنظمات الأممية الدولية كالأمم المتحدة والبنك الدولي والجهات المانحة يعقدون آمالاً كبيرة على الشراكة بين منظمات المجتمع المدني والحكومة في التنمية والخدمات العمومية وإدارة الشأن العمومي، والإلتزام بالحقوق والحريات والديمقراطية، وعلى وجه الخصوص بعد التوقيع على المبادرة الخليجية في نوفمبر 2011 وما تلاها من إجراءات نقل السلطة، وإعادة ترتيب المشهد السياسي وقواعد اللعبة السياسية وفق تلك المبادئ الحقوقية والمدنية الجديدة (كما وردت في المبادرة والإتفاقيات الملحقة بها) التي حملت بصمات نشطاء فيما يُعرف بـ “القطاع الثالث” حضروا بقوة خلال مختلف مراحل الإعداد للعملية السياسية الجارية في البلاد التي يشارك في صياغة ملامحها نشطاء في بعض منظمات المجتمع المدني كشريك للسلطات العامة، لاسيما لجهة استيعاب الدعم والمنح الخارجية المقدمة من المجتمع الدولي.

للتذكير، أدرج “بناء شراكة قوية بين الحكومة والمجتمع المدني” خلال تلك المشاركة كبند من ضمن البنود الإثني عشر لإطار “المسؤوليات المتبادلة بين الحكومة اليمنية والمانحين” الذي أقر في سبتمبر 2012 في مؤتمر الرياض للمانحين الموقع بينهم وبين الحكومة اليمنية، ومنذ ذلك الحين بدأت السلطات اليمنية وبالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة رابط خارجيوالبنك الدولي جهود إعداد “إطار للشراكة” أقر بصيغته النهائية في أغسطس 2013 من قبل مجلس الوزراء تضمن جملة من القواعد تُلزم الحكومة اليمنية بـ “تطوير وتقوية شراكتها مع منظمات المجتمع المدني والقيام سوية بأدوار متبادلة من أجل التعاون على تحقيق أهداف تنموية مشتركة على المستويين المركزي”. وبموجب ذلك الإطار، أضحت السلطات اليمنية معنيّة بإفساح المجال أمام هذا القطاع.

سياق سياسي مساعد

تعود الإرهاصات الأولى لتأثير ولحضور ما يسمى بنشطاء المجتمع المدني في صياغة المشهد السياسي اليمني إلى مارس 2013 بعد مشاركة عدد منهم في مؤتمر الحوار الوطني الشاملرابط خارجي الذي خصصت فيه مقاعد لتمثيل “المجتمع المدني”، وفرض مشاركته في مختلف مواقع السلطة ورسم ملامح دولة القانون، المدنية والديمقراطية وفق عقد اجتماعي جديد يجري صياغته بمقتضى حضور الأطراف الدولية والإقليمية ممثلين برعاة المبادرة الخليجية من جهة، وبالأطراف الداخلية من جهة أخرى ممثلة بالحكومة بسلطاتها المركزية والمحلية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، يؤسس ذلك العقد الإجتماعي للإنتقال والتهيئة لمرحلة جديدة في إدارة الشأن العام أبرز مقدماتها تعيين نشطاء المجتمع المدني في الحكومة الإنتقالية الجديدة، فضلاً عن ذلك، سمحت لهم مشاركتهم تلك بنسج علاقات مع مراكز النفوذ وممارسة قدر من التأثير على القرار السياسي.

تمثيل مؤسسات المجتمع المدني في شخصيات لن يُحدث الفرق الدكتور عبد الباقي شمسان، أستاذ علم الإجتماع السياسي في جامعة صنعاء 

في تعليق لـ “swissinfo.ch” على الصعود السياسي الملحوظ لنشطاء محسوبين على الحركة المدنية والحقوقية، أفاد الدكتور عبدالباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء أن “التحليل الصارم والموضوعي للفضاء المجتمعي اليمني ولآليات اشتغال حقله السياسي بعد تسليم صنعاء في 21 سبتمبر 2014 يُسقط منهجيا ونظريا اعتبار اليمن بلدا انتقاليا باتجاه الديمقراطيه”، مشيراً إلى أن العمليات والمُخرجات كشفت أن هناك تعثرا في عمليات التحديث السياسي ليس فقط خلال الدولة الشطرية بل أيضا بعد إعلان الوحدة حتى يومنا هذا، موضحاً بقوله “الهويات السابقه للدولة الوطنيه تعلن عن ذاتها بوضوح في حالة السلم كما الإحتراب. ففي السابق كانت تختفي عند السلم وذلك بفعل إدارة شؤون الدولة والمجتمع إبّان حكم صالح الذي احتكر السلطة دستوريا وعمليا حيث اعتمد على بناء قطاعات عسكرية وأمنية ذات ولاء شخصي له وطائفي وقبلي من حيث مناطق تجنيدها، وعمل كذلك على إضعاف الأحزاب السياسية وقوى التحديث مقابل الرموز التقليدية، ونؤكد ذلك من خلال غياب الأحزاب السياسيه والمجتمع المدني كفاعل في صناعة القرار أو التأثير عليه. وبناء على ما تقدم أستطيع القول أن تمثيل مؤسسات المجتمع المدني في شخصيات لن يُحدث الفرق، علاوة عن أن أغلب الشخصيات الممثلة مرشحة من قبل مراكز القوى التى هي أيضا توظف المؤسسات الحديثة في إدارتها للهيمنة على الحقل السياسي، وعليه أختم أنه علينا تحليل الحقل السياسي وآليات اشتغاله وتقييم عمليات التحديث السياسي لوضع استراتجية بناء ثنائية المسار الوطني والديمقراطي”.

“رجال أعمال المجتمع المدني”

في الواقع، يتطلع الكثير من اليمنيين إلى تغيير جوهري في إدارة الشأن العام خاصة من قبل الوزراء المحسوبين على “القطاع الثالث”، لكن في المقابل هناك من يشكك بتأثير تلك القوى الصاعدة على إدارة الشأن العام، خاصة لجهة الشفافية والنزاهة والمُساءلة وحكم القانون، نظراً لأن عدداً من الوزراء القادمين من هذا الوسط لم تكن أنشطتهم بعيدة عن شُبهات الفساد ومخالفة المقتضيات القانونية وأخلاق العمل التطوعي. فعلى سبيل المثال، تشير بعض الدراسات إلى أن هناك حوالي 3 آلاف فقط (من أصل 12 ألف منظمة وجمعية ومؤسسة) تعمل وفق ضوابط مؤسسية، وأغلبها لا تقدم كشوفاتها المالية للمراقبة، ولا إلى الجهات المعنية بمقتضى القانون.

وطبقاً لتصريحات مسؤولين في ديوان وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل، هناك في العاصمة صنعاء لوحدها 300 فقط (من أصل 1000 منظمة ومؤسسة وجمعية) تقدم حساباتها المالية السنوية، كما عبّر صحفيون وسياسيون يمنيون عن امتعاضهم من اختيار بعض المحسوبين في الحكومة الجديدة متهمين إياهم بأنهم “كوّنوا ثروات طائلة على حساب حقوق الإنسان”، وفق ما جاء في مقالة لرئيس تحرير صحيفة “الأولى اليومية” رابط خارجيفي تعليق له على تشكيلة الحكومة الجديدة.
وفي معرض تعليقه على هذه الجزئية، قال الدكتور شمسان: “لا يجب أن ننتظر أيّ أثر أو تغيير من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني … مع تحفظي على المُسمّى أو نعت المشتغلين بالناشطين، فأنا أطلق على العديد منهم رجال أعمال المجتمع المدني”.
خلاصة القول، يأتي صعود محسوبين على المجتمع المدني في الحكومة الجديدة في مرحلة يعاني فيها اليمنيون من خيبة أمل بعد فشل الأحزاب السياسية الي كانت محسوبة على المعارضة قبل التغييرات التي شهدها البلد وفي وقت ارتفع سقف تطلعاته إلى نجاح “القطاع الثالث” في إرساء مبادئ حكم القانون والمواطنة المتساوية والعدالة واحترام الحقوق والحريات والحد من الفساد. ولعل هذا هو المعترك الحقيقي للنشطاء المحسوبين على المجتمع المدني كي يُزيلوا عنهم غشاوة الصورة القاتمة ويعملون على تخليق أسس وتدابير مختلفة في إدارة الشأن العام، وما لم يحصل ذلك، فإنهم سيجرون اليمنيين إلى خيبة أخرى تُسفر عن زعزعة ثقتهم بجميع النخب المُعوّل عليها في التغيير والإصلاح.

الجيش اليمني يُحرّر ثمانية رهائن أحدهم أجنبي مُحتجزين لدى القاعدة

أعلن مسؤول كبير ان القوات الخاصة اليمنية تمكنت يوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 من تحرير ثمانية (8) رهائن بينهم أجنبي على إثر هجوم شنته على الخاطفين المنتمين إلى تنظيم القاعدة المتطرف والذين قتلوا في الهجوم.

ولم يوضح المسؤول في اللجنة الأمنية العليا الذي نقلت تصريحه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية سبأ، لا مكان الهجوم ولا جنسية الرهينة الأجنبي ولا مُدة احتجاز الرهائن لدى القاعدة.

وأكد المسؤول أنه “بعد تلقي الأجهزة الأمنية معلومات حول مكان تواجد العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة التي قامت باختطاف ثمانية رهائن منهم سبعة يمنيين وآخر أجنبي، نفذت قوات مكافحة الإرهاب في الساعات الاولى من فجر اليوم (الثلاثاء) عملية نوعية ناجحة نتج عنها تحرير جميع الرهائن”.

وأضاف أن الخاطفين السبعة قتلوا فيما أصيب أحد عناصر القوات الأمنية اليمنية بجروح طفيفة.

وفي السنوات الخمس عشرة الأخيرة تعرض مئات الأشخاص للاختطاف في اليمن، غالبيتهم العظمى من افراد القبائل بهدف الضغط على الحكومة. وقد أفرج عنهم جميعا سالمين في وقت سريع، معظمهم مقابل فدية أو تنازلات من قبل السلطات.

ويحتجز “تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية”، الذي تعتبره الولايات المتحدة أخطر التنظيمات، مواطنا من جنوب افريقيا منذ شهر مايو 2014، ودبلوماسيا سعوديا منذ 2012 وايرانيا منذ يوليو 2013.

(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية، أ ف ب بتاريخ 25 نوفمبر 2014)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية