مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

معالجة السرطان في عيادة سويسرية للطـِّب الأنثروبوصوفي

بيئة ملوّنة ومُنعِشة ونظيفة لاستقبال مرضى عيادة لوكاس Lukasklinik

في بلدة آرلَسهايم بكانتون بازل، تقترح عيادة "لوكاس" الطب الأنثروبوصوفي، أو علم الروحانيات (Anthroposophy) كمُكمل للطـّب التقليدي، وتُعالج فيها أمراض السرطان باستخدام الأدوية الكلاسيكية ونبتة الدِبْق (الهدال) وعلاجات فَنّية خَلاقة، بِالإضافة إلى الرعاية المُتَميِّـزة.

هذه العيادة المُتميِّـزة، التي أسِسَت في عام 1963 والمُحتوية على 46 سريرا، يُستقبل المَرضى والزوار بكل تِـرحاب في بيئة ملوّنة مُنعِشة ونظيفة، تخلو من رائِحة المُستشفيات غير المُستَحبـة.

كُل الأهميّة في هذه المؤسسة العلاجية تتركز على الشَخص المريض، ويبدو ذلك واضِحاً في تَكَيّـف الطبيب مَع المريض لِتحديد أوقات الزيارات، وليس العَكس. وعن ذلك يقول مدير التمريض كريستوف فون داخ: “هنا، يأتي الطبيب حين لا يكون هناك علاج لِلمَريض”.

وفي غرفة “العلاج بالكلام”، تقول السيدة (ب) في مقابلة مع سويس إنفو: “أنا أعرف بِأن تشخيص إصابتي بالسرطان سوف يُبقيني مَشغولة مُسْتَقْبَلاً، ولكنّي سعيدة لكوني قد تَعَرّفتُ هنا على أدَوات يُمكِنني اِسْتَخْداَمَها في حياتي اليومية”.

وتوضِح السيدة (ب): “بِفَضل العِلاج بالكلام، أصبحَ من الواضِح بالنسبة لي بِأن الصّـوت هو أداة أيضاً، حيث كان لحديثي وصوتي لِحَدّ الآن تأثير نحو الخارج فقط، أمّا الآن، فقد بدأ لصوتي تأثير نحو الدّاخل أيضا”.

وتُكمِل السيدة (ب) حديثها قائِلة: “إن سرطان الثّـدي من أكثر أنواع السرطانات انتشاراً بين النساء، كما أن قابلية الانتكاس عالية في هذا النّـوع من السرطانات، إذن يتوجّـب علي في هذه الحالة إدماج هذا التشخيص في حياتي وعمل ما يُمكِنني عمله من أجل أن لا يعود المرض مرّة ثانية. وعلى عَكس الطِب التقليدي، لا يقف المَرَض هنا في الصّـدارة، ولكن ما يُدْعَم هُنا في هذه العيادة، هو ما يُصنَـع ويؤدّي إلى التعافي”.

وهكذا تَعرض عيادة لوكاس، بالإضافة إلى الرعاية المُرتَبِطة بالطِبّ التقليدي، كالعِلاج الكيماوي، أنواعا أخرى من العلاجات الفنيّة الخلاقة، كالعِلاج بِالكَلام والرسم والعلاج بالضوء المُلَوّن، بالإضافةً إلى العلاج بالموسيقى وبتكوين الأشكال من الصّلصال.

علاقات مُهِمّة

وتُعَبّـر السيدة (س) عن رأيها قائِلة: “هذا يتعلّـق أيضا بي، وبأن أكون أكثر اكتِمالاً وأكثر شَفاءً، ولا يَحدُث هذا الأمر عَلى المُستوى الجِسمي بِتناول الأدوية فقط، بل يحدُث من خِلال العلاجات والعلاقات مع الأشخاص المُعالجين هُنا”. وتقضي السيدة (س) يومين من كل شَهر في عيادة لوكاس كمريضة خارجية بعد قضائِها مُدة 3 أسابيع في بلدية آرلَسهيم، حيث تقع العيادة.

وتُضيف السيدة (س): “كنت في السابق في مُستشفيات وعيادات مُختلفة، وراجعتُ العديد من الأطِباء الجيِّـدين، ولكنني هنا ولأوّل مرّة، أشعر بِأنني كائِـنٌ بشري وبأنّه يُنْظَر إليّ كامرأة شابّة”.

إيجاد التوازن المَطلوب

يقول الدكتور هانز – ريشارد هايليغتاغ: “غالبًا ما يأتي الناس إلينا، لإنهم سَمِعوا بوجود خيارات علاجية أكثَر، لكنهم لا يعرفون ما الذي يُقدمون عليه إذا ما طُلب منهم مَثلاً رسم شيء ما أو القيام بعلاجٍ حَركي”.

ويتابع الدكتور هايليغتاغ: “من الممكن في كثير من الأحيان أن يعيش المريض حياة لائِقة وطويلة مع المرض، شريطة أن تُساهم نوعية الحياة فيها كحِماية مُرافَقة، حيث أن الأمر لا يتعلّـق بموضوع إمكانية التخلص والقضاء على المَرَض أو انعدام ألأمل. فالطريق غالِباً ما يكون بين هذا الحال وذاك، ولابُدّ من إيجاد التّـوازن المطلوب”.

ويُعالِج الدكتور هايليغتاغ مُنذ عشرات السنين بعض المُصابين بِمَرَض السرطان، الذين يُفتَرض أن يكونوا بين الأموات وِفقا لإحصاءات الطِب التقليدي. ويُعَلّق الدكتور على ذلك قائِلاً: “بِفضل العِلاجات المُختَلِفة، فإنّ حالَتَهم جيدة جداً. فالمرض لا يزال مُستقرا والحياة حافَظَت على نوعيتها.”

تناول الطعام سَوية

وتُـولي عيادة لوكاس النظام الغذائي إهتِماماً خاصاً، إذ يقول مدير التمريض كريستوف فون داخ: “نحن نستخدم حيثما أمكَـن الخضراوات والفواكه التي تنمو مَوسمياً في المِنطقة، وِفقاً لِمَبادئ الدينامية الحيوية، وهنا تُجَهَّزَ وتُعَد المواد الغذائية وهي طازجة”.

وفي العادة، لا يتناول المرضى طعام الغذاء والعشاء في غُرفهم، بل إنهم يجتمعون في صالة الطعام الراقية، ولا توضع الوجبات الغذائية على الأطباق مُسبقاً، بل يوضع الغِذاء في سُلْطَانِيَّات على المائِدة ويضع كل شخص على طَبقهِ ما يشتهي.

ويُضيف مُدير التَمريض: “في غالب الأحيان، تلعبُ هذه الطريقة في تناول الغذاء دوراً مُهِمّـا بعد الخضوع إلى العلاج الكيماوي، حيث يشعُر المَرضى بعدَم الرّغبة في تناول أطعِمة مُعيّـنة، كالسلطة مثلاً”.

وهذا ما تؤكده السيدة (س) بقولها: “كنت أقدِّر تناول الطعام جماعةً كثيراً”. وبالنسبة لها، كان من المُهمّ للغاية أن لا تَتَحَدّث عن المرض. وتُكمِل: “وإلا لكنت فَضّـلتُ تناول الطعام لِوحدي في غُرفتي، لكن الطعام بهذه الطريقة كان لقاء جماعيا بكل بساطة، ولئن كان نفس التشخيص يربط فيما بيننا. وبالنسبة لي، كانت الأجواء أقرب إلى قضاء عُطلة في فندق مِنهُ إلى جوّ المستشفى”.

“الإيسكادور” هو العلاج الرئيسي

يقول الدكتور يورغن يوهانس كون، أخصائي الأمراض الباطنية والناشِط منذ 25 عاماً في مجال الإسعافات والأبحاث السريرية: “إن نبات الدِبْق أو الهدال (وهو عبارة عن نبات طُـفيلي ينمُـو على أشجار التفاح وبعض الفواكه وله فوائِد عَديدة)، يلعب الدّور الرئيسي والحاسِم هنا. و”الإيسكادور”، هو عبارة عن مستحَضَر يُستَخدَم في الطبّ البديل لمُعالجة أمراض السرطان، وهو مُشتَقّ من نَبتة الدِبْق.

والهدف من استعمال الإيسكادور، هو تحسين نوعية الحياة للمرضى. ويشرَح الدكتور كُـون ذلك قائِلاً: “يُساعِد علاج الإيسكادور التّـكميلي في إضعاف الأضرار الجانبية النّـاتجة عن العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، والهدف هو تحسين نوعية الحياة بالنسبة للمريض”.

ويُكمِل الدكتور كون: “حسب الإمكانيات، نستخدم هذا المُستَحضَر مع الشّخص المريض قبل استخدام العلاج الكيميائي أو الإشعاعي. وبهذا، يُمكن التخفيف من الآثار الجانبية الناتجة عن الإشعاع والعِـلاج الكيميائي. كما يُساعِد علاج الإيسكادور التّـكميلي في التخلّـص من الأضرار الجانبية في أقرب وقت مُمكن بعد الانتهاء من هذا العلاج”.

وفي كثير من الأحيان، تتعرّض العلاجات التكميلية للانتقاد من قِـبل الخصوم من حيث نجاعتها من المنظور العلمي. ويرفض الدكتور كُـون هذه الانتقادات بشدّة قائِلاً: “هذه ليست ُمجرّد نظرية، ونحن نعلم أن تَخفيف وَظيفة نُـخاع العظام وتخفيف نِـظام المناعة، يلعب دورا بالنِّـسبة لِفُرَص واحتمالات سير المرض. وفي مُعظم الأحيان، يمكننا من خِلال إستِخدام الدِبق، تغيير عدد الخلايا اللّـمفية (جزء من خلايا الدّم البيضاء والتي تقوم مع الأجسام المضادة بتدمير “الخلايا السيئة”) إلى الأحسن.”

سويس إنفو – اتيين شتريبل – آرلَسهايم

في عيادة لوكاس الواقعة في بلدية آرلَسهايم Arlesheim في كانتون بازل، تتم مُعالجة الأورام السرطانية بالطبّ الأنتروبوصوفي البديل (Anthroposophy) (الذي يسمى أيضا علم الروحانيات”، ليكون مُكَمـلا للطبّ التقليدي الذي يَستَخدم العلاج الكيميائي أو المعاجة بالأشِعة كَعِلاج.

يَـعتَبِر هذا النوع من العلاج الإنسان كَكيان واحد، ولهذا السبب يتعامل مع مرض السرطان كَكِـيان واحد أيضاً.

يقوم العلاج بالدِبْق (الهدال) بتَنشيط دِفاعات الجسم وتشجيعها. وبالإضافة إلى ذلك، تُعْرَض مجموعة من العلاجات المتنوعة والفنية، مثل العلاج الحَرَكي (وهو عبارة عن القيام بحركات مُعينة ويُستَخدَم بِنجاح منذ 80 عاماً)، والعلاج بالرَسم، وتكوين أشكال مُنوّعة من الصّلصال باستخدام الأيدي، ونشاط اللّـغة والعلاج بالموسيقى.

ويتوفر نوعٌ خاص من العلاج الطبيعي المُصمّـم خصِّـيصاً لمَرضى السرطان، وهناك العمل على السِّـيرة الذاتية. وتُتَوِج كلّ هذه العروض بِغِذاءٍ حيوي – ديناميكي خاص.

ومن أجل أن يستطيع المَرضى في هذه العيادة التركيز على عملية شفائِهم بصورة كامِلة، تَخلو جميع غرفهم من جهاز التلفاز والمِذياع.

ويتوفر عَرض آخر، هو العلاج السّـريري لِلأمراض الشديدة المُعَقّـدة وذات المَـسار الصّعب.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية