مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تبعث برسائل سلام على أجنحة الربيع العربي

يوم 26 مايو 2016، دشنت سنية مبارك (وسط الصورة)، وزيرة الثقافة التونسية المعرض الذي أقيم في الشارع الرئيسي بالعاصمة التونسية رفقة ريتا آدم، سفيرة الكنفدرالية في تونس (على يسارها) وبحضور ممثلين عن رباعي الحوار الوطني الحائز على جائزة نوبل للسلام. كانت من بينهم وداد بوشماوي، رئيسة الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (على يمين الوزيرة في الصورة). Making Peace

لم يكن محض صدفة أن يأتي معرض بناء السلام السويسري، في أول زيارة لأرض عربية، إلى تونس. قبل ذلك جال المعرض على عشر مدن في العالم منها ساراييفو وجنيف وكيب تاون وبازل وستوكهولم وأوتريخت، وهو أكبر معرض للصور الفوتوغرافية في الهواء الطلق.

لكن للمحطة التونسية مذاقا خاصا يختلف عن جميع المدن الأخرى، فالجادة الرئيسية (أو شارع الحبيب بورقيبة) مُثقلة بالذكريات واللحظات التاريخية، إذ كانت مسرحا مفتوحا دارت على خشبته الحلقة الأولى من ملحمة “الربيع العربي”، التي كانت الحرية عنوانها والسلم رسالتها.

السفيرة السويسرية لدى تونس ريتا آدم قالت لـswissinfo.ch: “إن مجيء المعرض “إلى هذا المكان العابق بالرموز هو عرفان بأهمية الانتقال السلمي والديمقراطي منذ 2011 (تاريخ فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي) وكذلك بالدور الأساسي للمجتمع المدني في المسار الانتقالي”.

حضور رفيع المستوى

تجاوب التونسيون مع مبادرة سويسرا إقامة معرض “بناء السلام” في عاصمتهم لأول مرة في العالم العربي فلوحظ أن الحضور كان رفيع المستوى لدى تدشين المعرض، إذ حضرته وزيرة الثقافة سنية مبارك، بالاضافة إلى أندرياس غروس، العضو السابق في مجلس النواب السويسري (الذي قاد فريق مراقبي مجلس أوروبا خلال انتخابات 2011 و 2014 في تونس)، والقيم على المعرض أشلاي وودس، والسفيرة ريتا آدم، إلى جانب عدد من الشخصيات التونسية.

يرمي المعرض الذي انطلق يوم 26 مايو 2016 على جانبي شارع بورقيبة، وسيستمر ثلاثة أشهر، إلى هدف تعليمي بالدرجة الأولى، يتمثل في تربية الشباب على صنع السلام.

السفيرة آدم روت لـ swissinfo.ch مُلابسات ميلاد الفكرة، قائلة: “ما أن حصل الرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس (اتحاد أرباب العمل والنقابة العمالية ونقابة المحامين ورابطة حقوق الانسان) على جائزة نوبل للسلام في أواخر العام الماضي، تقديرا لدوره في تجنيب البلد حربا أهلية، حتى اتصل بنا القيِمُ على المعرض للتشاور معنا حول فكرة إقامة المعرض في تونس”.

وتابعت السفيرة شارحة “قررت السفارة تبني الفكرة تقديرا للطابع السلمي للمسار الإنتقالي في تونس وأيضا من أجل تكريم المجتمع المدني الذي لعب دورا أساسيا في تسوية الخلافات بواسطة الحوار”.

وسألت swissinfo.ch السفيرة عن القواسم المشتركة بين أصغر ديمقراطية في العالم العربي وإحدى أعرق الديمقراطيات في العالم أي سويسرا، وخاصة على صعيد نشر ثقافة اللاعنف والعدالة الإقتصادية والإجتماعية واحترام حقوق الانسان، فردَت السيدة ريتا آدم بأن تونس “اختارت منذ 2011 توخي طريق الإنتقال نحو الديمقراطية ودولة القانون والعدالة الإجتماعية. وقد أثار هذا الخيار في نفوسنا، نحن السويسريين، كثيرا من التعاطف وكذلك احتراما كبيرا بالنظر إلى اللحظات الصعبة في المسار الإنتقالي، الذي عرفت التونسيات والتونسيين كيف يتحكمون فيه. ومن هنا قررت الحكومة السويسرية، بسرعة، أن تدعم عملية الإنتقال الديمقراطي في تونس بقوة. وعلى هذا الأساس تم وضع برنامج تعاون حافل، اعتبارا من 2011 بالإشتراك مع شركائنا التونسيين سواء الحكومة أو المجتمع المدني أو القطاع الخاص”.

خمسة مبادئ

أطلقت مبادرة “صُنع السلام” من قبل المكتب الدولي للسلامرابط خارجي ومركزه جنيف، وهو حائز على جائزة نوبل للسلام عام 1910. ويشتمل المعرض على 120 صورة شمسية تُجسّد المبادئ الخمسة التي تُكون سلاما مستداما وهي نزع الأسلحة واللاعنف والوقاية وحل النزاعات، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، واحترام حقوق الانسان، والقانون والديمقراطية، والبيئة والتنمية المستدامة.

خمسة مبادئ أساسية

أما القيِم على المعرض أشلاي وودس فكشف لنا أن المعرض سيستمر بعد انتهاء الفترة المُخصصة له، ولكن في صفاقس المدينة الثانية في البلد من سبتمبر إلى ديسمبر المقبل. وقال: “إن حجم الاقبال على زيارة المعرض يمكن أن يُقاس بحجم التفاعل مع رسائله، ولاسيما من خلال المشاركة في النشاطات الموازية التي أقيمت على هامشه. والمهم أن من شاهد المعرض أو سمع عنه يُدرك أن رسالة بناء السلام الدائم ترتكز على خمسة مبادئ أساسية”.

وقدر وودس عدد الذين زاروا المعرض واقعيا أو افتراضيا بنحو 27 مليون شخص، ومضى قائلا “لو أن 1 في المائة من هؤلاء الأشخاص صاروا قادرين على المساهمة في السلام في بلدانهم أو بين أهليهم لاعتبرتُ أن معرض صنع السلام قد تُوِج بالنجاح”.

وبسؤاله عن المحطة المقبلة للمعرض قال إنه سيزور خلال أيام البرازيل لإعداد إقامة معرض صنع السلام في مدينة ريو دي جانيرو على هامش الألعاب الأولمبية، ويُقام المعرض بدعم من الحكومة السويسرية.

ويأمل وودس أن تزور ولو نسبة ضئيلة من الملايين الذين سيشاركون في الألعاب الأولمبية معرض صنع السلام ويأخذوا معهم شيئا من المبادئ التي يدعو لها ويُروجها.

وعُدتُ أسأله: متى تنتهي جولة معرض صنع السلام عبر العالم؟ فرد فورا “أتمنى ألا تنتهي أبدا. فصُنع السلام مسارٌ طويل وأحيانا صعبٌ، ولكن بفضل جهود المجتمع المدني في دعم مُبادرات صنع السلام ونزع السلاح واللاعُنف وحقوق الانسان والديمقراطية والتنمية المُستدامة، سيكون العالم أرحب وأليق بالعيش فيه.


ما رأيك في هذه التظاهرة؟ وهل تعتقد فعلا أنها ستُسهم في تغيير العقليات وزرع بذور السلام في الأنفس؟ شكرا على مشاركتك بالتعليق في أسفل الصفحة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية