مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الإسلاميون سيشكِّـلون قريبا الطرف الرئيس في الحياة السياسية”

تحول بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة إلى طرابلس يوم 11 أكتوبر 2014 من أجل "دفع المحادثات بين الأطراف السياسية" مثلما صرح في الندوة الصحفية التي عقدها في العاصمة الليبية. Keystone

اتسعت رقعة الصراع في ليبيا، ليشمل لهيب المَعارِك الحربية بين قوات "فجر ليبيا"، المقربة من الجماعات المتشددة، وقوات "الكرامة" بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مُدن شرق ليبيا وغربها على السواء.

في الوقت نفسه، باءت المحاولات الإقليمية والدولية لحمل الفرقاء على الجلوس إلى مائدة الحوار بالفشل، لا بل غرق الملف الليبي في وحل التجاذبات السياسية والعسكرية المرتبطة بالحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش سابقا)، ما قد يجُر البلد إلى حرب طويلة ومدمّرة. وفي هذا الصدد، يَعتَبر مراقبون أن إعلان “مجلس شورى شباب الإسلامرابط خارجي” في مدينة درنة (شرق) مبايعته لـ “داعش” في الخامس من سبتمبر الماضي، خطوة حاسمة نحو جعل تنظيم “أنصار الشريعةرابط خارجي” الليبي، هدفا للحملة الدولية على “داعش”.

في السياق، رأى المحلل السياسي الليبي عبد العزيز الشنافي أن مبايعة “داعش” أتت في أعقاب خطوات أخرى، منها إعلان إمارة إسلامية في درنة وإقامة تجمع جماهيري في “ساحة الصحابة” بالمدينة، لإشعار سكانها بمبايعة “داعش” وإقامة عرض عسكري لـ “شرطة الإسلام”، لإظهار الإنضباط والسيطرة الكاملة على المدينة.

وأفاد الشنافي في تصريح خاص لـ swissinfo.ch أن تنظيم “أنصار الشريعة”، وهو الأقوى بين التنظيمات المتشددة في شرق ليبيا، هو الذي ضغط على “مجلس شورى شباب الإسلام” لاتخاذ تلك السلسلة من الخطوات، مؤكّدا أن جماعات أصولية أخرى، بينها “الجماعة الليبية المقاتلة” (التي حلّت نفسها في عهد القذافي) وحزب العدالة والبناءرابط خارجي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، تحفّظت على تلك الخطوات، مُقترحة إرجاء إعلان الإمارة الإسلامية إلى ما بعد السيطرة على مطار بنينا في بنغازي، الذي ما زال تحت سيْطرة قوات اللواء حفتر”.

“داعش” في ليبيا؟

غير أن تلك المبادرات – رغم محدوديتها – قد تكون قرّبت ليبيا من فوهات مدافع التحالف الدولي والإقليمي المناهض لـ “داعش”، إذ لم تُخف عواصِم دولية وإقليمية خِشيتها من تنامي “المدّ الداعشي” ووصوله إلى شمال إفريقيا من البوابة الليبية، خاصة أن الجماعات التي تُوصف بـ “المتشدّدة” باتت تتحكّم في 90% من الأراضي الليبية، بما فيها المدن الرئيسية الثلاث، طرابلس وبنغازي ومصراتة.

ويمكن رصد ثلاثة مؤشّرات على احتمال إدراج مناطق في ليبيا ضِمن أهداف التحالف العسكري الدولي المناهض لـ “داعش”، أولها الإستياء الغربي العام من رفض نواب ليبيين متشدِّدين المشاركة في الحوار الوطني، الذي رعته الأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي في غدامس، ما برهَـن على تنامي نفوذ الراديكاليين داخل التنظيمات الأصولية. وثانيها، رفض العواصم الغربية الإعتراف بحكومة عمر الحاسي، التي اختارها المتشدّدون بعد إحياء رميم “المؤتمر الوطني العامرابط خارجي” المنتهية ولايته.

أما الثالث، فهو خطوة مبايعة “داعش” نفسها، التي تمنح مشروعية كافية لأية مُلاحقة جوية لقادة تنظيم “أنصار الشريعة”، خاصة أن الإدارة الأمريكية تُحمِّل التنظيم مسؤولية اغتيال سفيرها لدى ليبيا ستيفنس في سبتمبر 2012 في مقر القنصلية الأمريكية ببنغازي وثلاثة من معاونيه.

أولى جولات الحوار الوطني

انطلق الحوار بين الطرفين المتصارعين في ليبيا على أساس أن مجلس النوابرابط خارجي المنتخب في 25 يونيو الماضي، هو “الممثل الوحيد للشرعية في البلد، وضمّت الجولة الأولى نُـوابا مقاطعين للمجلس، أي من ممثلي التيارات المتشدِّدة (وهم أعضاء عن مدينة مصراتة) وآخرين مناهضين لهم.

تمّ الإجتماع في مدينة غدامس، بإشراف الأمم المتحدة وبحضور مبعوثين من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا. ولم يُدْع للحوار المؤتمر الوطني العام المُنتهية صلاحيته بعد انتخاب أعضاء مجلس الشعب.

لم تُسفر اجتماعات غدامس عن أي تقدّم، لكن الجزائر ودولا أخرى تعمل لترتيب عقْد جولة ثانية للحوار في الفترة المقبلة.

سيناريو تدريجي

وأتى تهديد برناردينو ليون، موفد الاتحاد الأوروبيرابط خارجي إلى ليبيا بفرض عقوبات دولية على الجماعات المتشددة، إن لم تجنح للحوار ولم تجلس على مائدة التفاوض مع الفرقاء الآخرين، ليؤكِّد وجود سيناريو تدريجي مُشابِه لسيناريو التعاطي الغربي مع النظام القائم في سوريا.

وكان الدبلوماسي الإسباني ليون، الذي عُيِّـن في أول سبتمبر 2014 موفدا خاصا للأمم المتحدة إلى ليبيا خلفا للوزير اللبناني السابق طارق متري، أطلق حوارا بين الفريقيْن المتصارعيْن يوم 29 سبتمبر الماضي في مدينة غدامس (جنوب غرب ليبيا)، البعيدة عن مناطق الصراع الملتهبة، بحضور وفديْن مؤلفيْن من اثني عشر عضوا لكل فريق، إلا أن الحوار أخفق في التقريب بين الجانبين، بسبب “قلة تعاون المتشددين”، على ما قال ليون في تصريحات خاصة لصحيفة “لوموند” الفرنسية.

وكان المرشحون المقرّبون من التيارات المتشددة أخفقوا في الفوز بعُضوية البرلمان، الذي انتخب أعضاؤه في 25 يونيو 2014، فأحكمت الجماعات المسلّحة المقربة منهم سيطرتها على طرابلس وبنغازي، ما حمل أعضاء البرلمان على اللجوء إلى مدينة طبرق القريبة من الحدود المشتركة مع مصر.

وفي شهر أغسطس الماضي، اتخذ البرلمان قراريْن، قضى الأول بحل جميع الميليشيات المسلحة، والثاني، بالطلب من المجتمع الدولي “التدخّل الفوري لحماية المدنيِّين والمؤسسات”، غير أن القراريْن بقيا مجرد حِبر على ورق.

خارطة التنظيمات الإسلامية

على صعيد آخر، يعتقد الأكاديمي عمر عاشور، مدير برنامج الدراسات العليا لسياسة الشرق الأوسط في جامعة أكستر البريطانية، أن العناصر التي ساهمت في عدم استقرار الأوضاع في ليبيا، هي غياب مؤسسات الدولة وانتشار الأسلحة ولامركزية الميليشيات الإسلامية وقربها من مسرح تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” والصرامة الأيديولوجية للعديد من مكوِّناتها.

عاشور الذي ألف مؤلّفات عِدة عن الإسلاميين في ليبيا ومصر وتونس، بينها دراسة عن “اتّجاهات الإسلاميين في ليبيا: الصعود والتحول والمستقبل”، ألقى الضوء على أبرز التنظيمات الإسلامية الليبية في حديث خاص مع swissinfo.ch، مُركِّـزا على التفريعات الرّاهنة لتلك التنظيمات، وهي التالية:

*جماعة الإخوان المسلمينرابط خارجي وفروعها، ويعود تأسيسها إلى عام 1949، عندما فرّ أعضاء من جماعة الإخوان المصرية إلى بنغازي من القمع الذي تعرّضوا له في بلدهم ولجأوا إلى الأمير إدريس السنوسي. وتأسّس أول هيكل تنظيمي واضح لهم في عام 1968، عندما وضع إخوان طرابلس وبنغازي تسلسلا هرميا متمحورا حول “لجان القيادة”. وجمدت الجماعة نشاطها بعد انقلاب القذافي في السَّنة الموالية، قبل أن يُهاجر العديد من قياداتها لٌلإقامة في أوروبا والولايات المتحدة.

وشارك بعض عناصرها في تأسيس “الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيارابط خارجي“. كما تركها الكثير من أعضائها البارزين، لتأسيس حركة “التجمّع الإسلامي” لمحاولة إحداث تغيير مسلّح، إلا أنها تلقَّت ضربة قوية عندما فقدت الكثير من رموزها في مذبحة سجن أبو سليم (ضواحي طرابلس) في 1996.

وقدر المرشد العام السابق للجماعة سليمان عبد القادر، أن الحركة كانت تضم بضعة آلاف من الأعضاء في 2009، وكانت هذه الكوادر عنصرا بالغ الأهمية للحركة أثناء الثورة التي اندلعت ضد حُكم القذافي في فبراير 2011. وفي المرحلة التي أعقبتها، أسست الجماعة ذِراعها السياسية وهي حزب العدالة والبناء، أسْوة بحزب الحرية والعدالة في مصر وحركة النهضة في تونس.

* الجماعة الإسلامية المقاتلةرابط خارجي بليبيا (تُسمّى الآن الحركة الإسلامية الليبية من أجل التغيير)، أسسها منشقّون عن جماعة الإخوان في 1990، وهم الذين قادوا تمرّدا عسكريا ضد نظام القذافي (1998 – 1995) أعقبه اعتقال 150 عنصرا من الإخوان بينهم مرشد الجماعة ونائبه. ثم أطلق النظام السابق حوارا مع الجماعة، اعتبارا من 1998 عزّزته مبادرات سيف الإسلام، نجل معمر القذافي في 2005 و2006، الرامية إلى استمالة جماعات المعارضة وتحييدها، مع التركيز على الإسلاميين بشكل خاص.

وفي البداية، حاولت الجماعة اغتيال القذافي في ثلاث مناسبات، وفقا لتقديرات النظام السابق، وقُتل 165 عنصرا من الضباط والجنود في المخابرات والجيش خلال المواجهات، فيما خسِرت الجماعة المقاتلة نحو 177 عنصرا، بينهم قائدها الأعلى وأربعة من أعضاء مجلس شورى الجماعة. ومع حلول عام 1998، قرر مجلس شورى الجماعة وقف إطلاق النار لمدة ثلاث سنوات. وفي أعقاب الحوار مع سيف الإسلام، الذي انطلق منذ 2005، نشرت الجماعة كتابا بعنوان “دراسات تصحيحية في تفاهمات الجهاد وإنفاذ الأخلاق وحُكم الشعب”، دعت فيه لمنع التمرّد المسلح والدعوة إلى التسامح مع الأيديولوجيات والأديان الأخرى. وتلا ذلك، الإفراج عن سجناء الجماعة، وأشاد سيف الإسلام بكتابهم في مؤتمر عام حضره دبلوماسيون وأكاديميون وإعلاميون غربيون.

وبعد اندلاع الثورة، شارك أعضاء الحركة في الاشتباكات المسلّحة، وخاصة العناصر العائدة من أفغانستان والشيشان والجزائر، وغيّروا إسمها إلى “الحركة الإسلامية الليبية من أجل التغيير”، ويشكل كثير من أعضائها “المجلس العسكري بطرابلس”، الذي كان يترأسه عبد الحكيم بلحاج، قبل تكوين حزب سياسي. وبحسب عاشور، يضم المجلس والحركة معا بين 5000 و7000 مسلح.

* حركة الشهداء، هي جماعة جهادية أخرى أصغر من السابقة، نشطت منذ عهد القذافي وتتمركز أساسا في بنغازي وضواحيها، وتتألف من قدامى المحاربين في أفغانستان. وتنشط حاليا في شرق ليبيا مجموعات صغيرة متعدّدة، وبحسب تقديرات عمر عاشور، شارك نحو ألفي “متطوِّع” ليبي في صراعات مسلحة خارج بلدهم (أفغانستان، العراق، الجزائر، البوسنة…) بين منتصف ثمانينات القرن الماضي و2011، وعاد معظمهم إلى ليبيا بعد الثورة.

* الحركة السلفية، وتعود نشأتها إلى ستينات القرن الماضي، وهي تنقسم إلى تيارين رئيسيين، هما سلفية الوضع الراهن والسلفية الإصلاحية. ووقف شيوخ التيار الأول ضد الثورة الليبية في البداية واستُخدم البعض منهم للدعاية لنظام القذافي عبر شاشات التليفزيون وأمواج الإذاعة، لمنح شرعية دينية للنظام ونزعها عن الثوار.

قائمة بأسماء مُموِّلي الميليشيات

حدّد مجلس الأمن الدولي رابط خارجيقائمة بأسماء الأفراد والجهات التي تموِّل الجماعات المسلحة في ليبيا. وقال برناردينو ليون، الموفد الأممي الخاص إلى ليبيا في هذا السياق، إن بعض الشخصيات الليبية التي لم يُسمها، “تتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على منع تصدير السِّلاح إلى ليبيا”، مؤكِّدا أن القائمة وضعت بدقّة وأن المجلس لن يسكت على الإنتهاكات الجارية، مما يدلّ على احتمال اتخاذ عقوبات في المستقبل ضدّ جماعات وأفراد في ليبيا.

“الميليشيات هي المشكلة.. ولكنها أيضا الحل”

ويقول عمر عاشور في هذا السياق: “مع أن التيار السلفي في ليبيا يُعدّ أكبر حجْما من الإخوان المسلمين والجماعة المقاتلة، فإنه ظل يعاني من غِياب القيادة والهيكل التنظيمي، على الرغم من تأسيس أحزاب سلفية بعد الثورة”. وأوضح أن “معظم الجماعات والاتجاهات الإسلامية واجهت أزمة مِصداقية عشية اندلاع شرارة الثورة، إذ كان الإخوان المسلمون والجماعة المقاتلة وبعض الشخصيات من الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، عقدوا حوارات مع رموز النظام، وفي المقدمة سيف الإسلام ورئيس المخابرات عبد الله السنوسي”.

وأضاف عاشور، أن الإسلاميين “لا يبدو أنهم تورَّطوا مباشرة في التحريض على الثورة”، مشيرا إلى أن فوزي أبو كتف، رئيس تحالف الكتائب الثورية في شرق ليبيا ونائب وزير الدفاع السابق في ظل المجلس الوطني الانتقالي، نفى أن تكون جماعة الإخوان المسلمين قد لعبت أيّ دور في التخطيط للإنتفاضة.

كما أشار إلى أن النظام السابق استشار أيضا نعمان بن عثمان، وهو عضو بارز سابق في الجماعة المقاتلة، عمل مع سيف الإسلام في مشروعه الإصلاحي “ليبيا الغدرابط خارجي“، حول كيفية التعاطي مع الانتفاضة في بنغازي، فنصح باعتماد الحوار بدلا من العنف والقمع.

مع ذلك، أكّد عاشور أن معظم الكتائب التي حاربت القذافي أثناء الانتفاضة، كانت ذات خلفية إسلامية وأحيانا جِهادية. وأشار إلى أن الجماعة رفضت دعوة علي الصلابي، الناشط البارز في جماعة الإخوان رابط خارجيسابقا، إلى تكوين تحالف “التجمّع الوطني”، ليشمل جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى.

وأكّد عاشور أن جماعة الإخوان تسعى حاليا إلى فرض سيْطرتها على ذراعها السياسية (العدالة والبناء) والابتعاد عن إقامة تحالفات مع الجهاديين السابقين، مثل المقاتلة، لأنها قد تؤدي لتوجيه انتقادات دولية لها. وقال، إن الإخوان على علاقة وثيقة مع تحالف مؤلف من كتائب ثورية يمثلها بشكل رئيسي “تحالف الكتائب الثورية”، الذي يضم أكثر من عشرين كتيبة من الكتائب الشرقية.

وفي هذا السياق، نقل عاشور عن القيادي الإخواني فوزي أبو كتف قوله في تصريحات سابقة لقناة “الجزيرة”، إن “الإتحاد الوطني للكتائب الثورية” يُمكن أن يستخدِم قوَّته لقمْع الجماعات المسلحة الأخرى، التي ما زالت تعمل في طرابلس. مُضيفا “سنوقفهم أو نسجنهم… نحن نعلم المقاتلين وسنقرر مَن هو ثوري ومَن هو غير ثوري… المليشيات هي المشكلة، ولكنها أيضا الحل”.

تاريخ طويل من التحول والتغيير

يقول عاشور، إن الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا، اعتقدت في تسعينات القرن الماضي أن التحالف مع الجهاديين الجزائريين يمكن أن يمنحها ميزات إستراتيجية، انطلاقا من أن سيطرة الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر على أجزاء من غرب الجزائر، سيوفر لها حدودا متواصلة يُمكن شنّ هجمات عن طريقها داخل التراب الليبي.

وكانت “الوثبة” مصطلحا يستخدمه أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة، لوصف تحرّك المقاتلين المتدرّبين في أفغانستان نحو الجزائر. إلا أن “الوثبة” كانت كارثة بحسب عاشور، إذ أعدمت الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر “عددا من نُخبة الجماعة الليبية المقاتلة، بزعم رفضهم مبايعة أميرها آنذاك جمال زيتوني”. ويعتقد عاشور أنه نتيجة لتلك التجربة المريرة في الجزائر، ونظرا للتطور الفكري لكثير من الإسلاميين الليبيين وتحسّن علاقاتهم مع الغرب خلال فترة الإنتفاضة ضد القذافي، باتوا يميلون اليوم لمواجهة نفوذ تنظيم “القاعدة”.

ورجَّح أن يبقى الإسلاميون في المستقبل طرفا أساسيا في الحياة السياسية في ليبيا، على رغم التحديات التي تواجههم، والتي تتمثل في بناء التأييد الجماهيري وتحويل أيديولوجيتهم وسلوكهم نحو مزيد من الواقِعية والتسامح وتحييد نفوذ “القاعدة”.

عاشور شدد أيضا على دور المسارات الأخرى في تغيير سلوك الإسلاميين، وخاصة نزع السلاح وتسريح المسلحين وإعادة إدماجهم في أسلاك الشرطة والجيش. غير أنه أقَـر في الوقت نفسه بأن هذه العملية شكّلت تحدِّيا كبيرا للدولة، لأنها تنطوي على التعامل مع أكثر من 150 ميليشيا مسلحة وكل واحدة منها لها هياكلها القيادية المختلفة وتياراتها الفكرية وهوياتها الإقليمية.

وأكّد عاشور أن الإعتبار المتعلّق بمراجعة الاتِّجاه الإسلامي لأجنداته الأيديولوجية وأنماطه السلوكية وخُططه التنظيمية، هو “الإعتبار الأكثر إستراتيجية على المَدى الطويل”، بالنظر إلى أن تاريخ هذا الإتجاه هو “تاريخ طويل من التحوّل والتغيير، وليس من الركود والسكون”، على ما قال. ورأى أن الإسلاميين “سيشكِّـلون في المستقبل القريب، الطرف الرئيسي الفعّال في الحياة السياسية الليبية”. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية