مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نازحون سوريون يروون جحيم الحياة في حلب تحت القصف

نازحون من حلب ينتظرون عند الحدود مع تركيا امام معبر اونكوبينار قرب بلدة كيليس 9 فبراير 2016 afp_tickers

كان محمود تركي يتابع الاخبار مع عائلته بعد العشاء عندما اصيب منزله في غارة جوية، ورغم نجاته من القصف الا ان هذه الغارة قلبت حياته رأسا على عقب.

تتكرر على لسان النازحين قصة محمود عن “الجحيم” الذي يعيشه السكان في المناطق المحيطة بمدينة حلب شمال سوريا والتي فر منها وفق الامم المتحدة نحو 31 الف شخص مع تقدم القوات النظامية وسيطرتها على مناطق كانت تنتشر فيها فصائل معارضة.

وقال محمود الذي يرقد في مستشفى في تركيا المجاورة وقد لف رأسه بالضمادات وغطت جسمه الكدمات “الرعب الذي أحدثته الغارة يفوق الوصف”.

واضاف محمود الذي كان بين عدد قليل ممن سمح لهم باجتياز الحدود الى تركيا للعلاج “فقدت وعيي عندما سقط سقف البيت فوقي وفوق اطفالي. ثم سمعت زوجتي تصرخ وتسألني إن كنت حيا أو ميتا”.

نقل محمود تركي (45 عاما) الى مستشفى في مدينة كيليس الجمعة بعد ان انتشله اصدقاؤه حيا من تحت ركام منزله في منغ.

– لا يمكننا احتمال ذلك –

شردت المعارك التي بدأتها القوات الحكومية السورية بدعم جوي روسي قبل اسبوع في محافظة حلب عشرات الالاف من السكان.

وقال علاء نجار الذي وصل الى تركيا الجمعة للعلاج من اصابة في كتفه خلال غارة على مارع شمال حلب “الامر يشبه نار جهنم. لم يكن بامكاننا احتمال القصف. حتى الحيوانات لم يكن بامكانها احتماله. كان لدي قطة عندما سمعت هدير الطائرات جرت واختبأت تحت السرير. اذا كانت الحيوانات ترتعب الى هذا الحد، فكيف يمكن للبشر احتمال ذلك”.

وبدأت روسيا حملة جوية في سوريا الشهر الماضي بطلب من الرئيس بشار الاسد لاستهداف تنظيم الدولة الاسلامية ومنظمات متطرفة اخرى. لكن الغرب يتهم روسيا باستهداف المقاتلين المعارضين للنظام. في حين يؤكد ناشطون سوريون ان الضربات تقتل مدنيين. لكن روسيا تنفي ذلك.

وساعد الدعم الروسي القوات الحكومية في احراز تقدم كبير خلال الاشهر الماضية والهجوم الاخير هدفه محاصرة مناطق المعارضة في حلب وقطع خطوط امدادها من تركيا.

– محاصرون من كل الجهات –

قال المقاتل المعارض محمد الذي اجتاز الحدود الثلاثاء على عكازتين فيما قدمه اليمنى ملفوفة بالضمادات “الوضع سيء جدا. الناس يهربون. الغارات الروسية دمرت المدينة”.

واضاف المقاتل البالغ من العمر 30 عاما والذي قتل والده في احدى الغارات “نحن محاصرون من كل الجهات. الروس من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردية من الغرب وداعش من الشرق وقوات النظام من الجهة الاخرى”.

وحلب ثاني المدن السورية ورئتها الاقتصادية قبل الحرب وتضم العديد من المواقع الاثرية المصنفة ضمن التراث العالمي من بينها السوق القديمة والقلعة.

ولكن الحرب اجتاحت المدينة وقسمتها منذ منتصف 2012 فباتت قوات النظام تسيطر على القسم الغربي منها وقوات المعارضة على الشرق. واحدثت الغارات التي نفذتها طائرات النظام والبراميل المتفجرة التي القيت على القسم الشرقي منها دمارا هائلا جعل بعض الاحياء غير صالح بتاتا للسكن.

بدورهم يطلق مقاتلو المعارضة صواريخ غير دقيقة التصويب على الجزء الغربي من المدينة يذهب ضحيتها مدنيون في الغالب.

ويحتشد السوريون الهاربون من المعارك منذ ايام بالقرب من بوابة باب السلامة في الجانب السوري من الحدود قبل معبر اونجو بينار التركي الذي لا يزال مغلقا.

– بوتين قاتل –

ويقول مسؤولون اتراك ان المعبر مفتوح “للحالات الطارئة” بما في ذلك لنقل المصابين. ويمكن مشاهدة سيارات الاسعاف وشاحنات المساعدات تعبر خلال اليوم.

ونقل محمود تركي في سيارة اسعاف ولحقت به زوجته وابناؤه الاربعة بعد ثلاثة ايام.

وفي غرفته في المستشفى حيث كانت ابنته رغد نائمة وموسى ابن الاربع سنوات مع امه وأسه ملفوف بضمادة، قال تركي ان ولديه اصيبا بتشققات في الراس ويحتاجان لعملية جراحية.

نظر الاب الى موسى وسأله “من ضربنا” فأجاب الطفل “غارات بشار”.

وصب الاب غضبه على المجتمع الدولي لعدم تحركه وعلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب الغارات.

وقال “ليس هناك مجتمع دولي، ولا امم متحدة، ولا جنيف. المنظمات غير الحكومية كذبة ومجلس الامن كذلك كذبة”.

وردا على قول روسيا انها تستهدف تنظيم الدولة الاسلامية وغيره من التنظيمات الارهابية قال محمود تركي وهو يشير الى ولديه ساخرا “هذان عضوان في داعش ضربتهما غارات بوتين. انهما من داعش يا بوتين، يا مجرم، يا قاتل الاطفال”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية