مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“دور سويسرا يحظى بتقدير كبير في الشرق الأوسط”

Keystone

جدّد ألان بيرسي رئيس مجلس الشيوخ السويسري، الذي يختتم يوم الأربعاء 7 أكتوبر زيارة إلى لبنان وسوريا، إلتزام سويسرا لفائدة الحوار بين اللبنانيين. كما تطرّق في لقائه مع المُـفتي العام لسوريا، إلى المبادرة الداعية إلى حظر بناء المآذن، المعروضة على التصويت يوم 29 نوفمبر القادم.

استمرّت زيارة عُـضو مجلس الشيوخ (من الحزب الاشتراكي عن فريبورغ) إلى المنطقة، عشرة أيام. ففي بيروت، اجتمع بالخصوص مع الرئيس ميشال سليمان ورئيس الوزراء المكلّـف سعد الحريري ورئيس الوزراء المغادر فؤاد السنيورة، وقد تناولت المحادثات الدّور الذي تلعبه سويسرا كمسهِّـل للحوار بين الأطراف اللبنانية.

كما التقى بالوفد السويسري المشارِك في الدورة السادسة لألعاب الفرنكفونية، ليتوجّـه بعد ذلك إلى العاصمة السورية دمشق، حيث أجرت معه swissinfo.ch من هناك الحوار التالي عن طريق الهاتف.

swissinfo.ch: ماذا كان الهدف من هذه الزيارة البرلمانية إلى لبنان وسوريا؟

ألان بيرسي: لقد استجبت لدعوة من نبيه برّي، رئيس مجلس النواب في لبنان واغتنمت الفُـرصة للتحوّل أيضا إلى سوريا، التي تُـعتبر لاعِـبا شديد الأهمية في المنطقة، وهو بلدٌ كثّـفت سويسرا اتصالاتها معه في السنوات الأخيرة.

ماذا كان محتوى المحادثات، التي أجرِيَـت مع محاوريكم اللبنانيين؟

ألان بيرسي: الرسالة الأساسية، كانت تتعلّـق بالحوار بين الأطراف اللبنانية، الذي دعّـمته سويسرا، وخاصة عند إجراء لقاءات مونبيلران Mont-Pélerin في عام 2007. لقد قُـلت لمُـختلَـف (الشخصيات)، التي تحاورت معها، إن سويسرا لا زالت مستعدّة للمساهمة – إذا ما رغِـبوا في ذلك – في تسهيل الحِـوار في إطارٍ مُـختلف عن الإطار (الذي يُـتيحه) البرلمان اللبناني، كما تطرّقنا إلى مسائل ذات طابع اقتصادي وثقافي.

بعد ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية في يونيو الماضي، لا زال لبنان بدون حكومة. هل يُـمكن أن يكون لسويسرا تأثيرٌ في حلّ هذه الأزمة؟

ألان بيرسي: تشكيل حكومة لبنانية، يشغَـل بطبيعة الحال جميع النقاشات في لبنان. ولدى اجتماعي مع الرئيس ميشال سليمان، أفهَـمَني رغبته في رؤية الحوار يتطوّر تحت إشرافه وفي لبنان، ولكن بالإمكان تصوُّر إجراء محادثات تكميلية في مكان آخر، بالرغم من أنه لم يُـبرمَـج أي اجتماع إلى حدّ الآن.

لقد أتيح لي الإطِّـلاع على أن الدور الذي تلعبه سويسرا، يحظى بتقدير كبير في المنطقة. فباعتبارنا مراقبين مستقلِّـين، يُـمكننا إظهار التفهُّـم والإستعداد لجميع الأطراف. لقد قابلت نوابا ينتمون إلى كافة المجموعات السياسية، بمن فيها حزب الله. إن بإمكان سويسرا اقتراح إطار للحوار، دون إصدار أحكام فيما يتعلّـق بالمضمون. وهذه الوضعية، تمنحُـنا مِـصداقية كبيرة.

لبنان بلدٌ يتشكّـل من طوائف دينية مختلفة. هل يُـمكن للمؤسسات السياسية السويسرية أن تُـتَّـخذ فيه كمِـثال؟

ألان بيرسي: سيكون من المبالغة الزّعم بأن سويسرا تشكِّـل مثالا (أو نموذجا)، لكنني أعتقد أنه يُـمكن لنا أن نكون مصدر إلهام وإعمال للرأي. فالمسألة تتمثل في معرفة كيفية التحرّك لتأمين تمثيل سليم للسكان في البرلمان، مع ضمان حماية للأقليات في الوقت نفسه. إننا نواجِـه بالتحديد نفس التساؤلات في سويسرا.

إن إنشاء غرفة برلمانية ثانية، (مقترح) سبَـق أن ذُكِـر في اتفاقيات الطائف لعام 1989، لا زال محلّ نِـقاش في لبنان. وقد كانت هذه النقطة في لبّ محادثاتنا مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومع رئيس البرلمان نبيه برّي. مع ذلك، لا زالت بعض المخاوف قائمة. فلبنان يقوم على توازُن دقيق جدا، ومن هنا، تأتي هشاشته، لذلك فإن تحويرات مهمّـة للنظام السياسي، يُـمكن أن تؤدّي إلى تغيير كبير، يريد البعضُ تجنُّـبه.

أنتم عُـضو بصفتكم الشخصية في الجمعية البرلمانية للفرنكفونية. هل تؤثّـر الفرنكفونية كمؤسسة في الشرق الأوسط؟

ألان بيرسي: الفرنكفونية تلعَـب دور المسهِّـل، لكن ليس من أهدافها العثور على حلٍّ لنزاعات الشرق الأوسط. فالمنظمة الدولية للفرنكفونية والجمعية البرلمانية للفرنكفونية، منظمتان تهتمّـان، قبل كل شيء، بمسائل الهوية والثقافة ودعم تطوير اللغة الفرنسية.

هل تمّ التطرّق في المحادثات السياسية إلى مسألة المبادرة الرامية إلى حظر بناء المآذن في سويسرا، المعروضة على التصويت في نوفمبر القادم؟

ألان بيرسي: لا. في المقابل، التقيت المُـفتي العام لسوريا، وقد تمّ التطرّق إلى هذه المسألة في إطار الحوار بين الأديان. إنه رجل مُـنفتح جدا تجاه المسيحيين، ولقد حاولت شرح خصوصيات نظامنا السياسي، المختلف جدا بالتأكيد، عن السوري، بأقصى درجات الدقّـة. لقد فهِـم المُـفتي العام جيدا أن مجموعة من المواطنين (السويسريين) اقترحت نصا وأن الحكومة والبرلمان يُعارضانه بشدّة وأن الشعب هو الذي سيُـقرر في نهاية المطاف. لكن لا يجب التقليل من أهمية التأثير السلبي لحملة من هذا القبيل على صورة ومصالح سويسرا في الخارج.

هل شعرتم بعداء خاص تُـجاه سويسرا بسبب هذا التصويت على المآذن؟

ألان بيرسي: لم أشعُـر بتوتّـر خاص، لكن إذا ما اتّـخذ النقاش داخل سويسرا منحى سلبيا، وإذا ما تمّ نشر مُـلصقات منافية للذوق، فإن ذلك سيُـلحِـق الضرر بداية بالمصالح الاقتصادية لسويسرا وبالصورة الممتازة التي تحظى بها في المنطقة. إنني لا أعتقد أن الوقت مناسب لإضعاف موقِـعنا على المستوى الدولي.

هل أثيرت الأزمة القائمة بين سويسرا وليبيا؟

ألان بيرسي: لا. لم يتمّ التطرّق إلى هذه المسألة بتاتا. فالأزمة بين سويسرا وليبيا، ليست موضوع الساعة، لا في لبنان ولا في سوريا.

أجرى الحوار سامويل يابيرغ – swissinfo.ch

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

1989: اتفاق الطائف يضع حدا للحرب الأهلية، التي اندلعت منذ 1975.

2000: الجيش الإسرائيلي ينسحِـب من جنوب لبنان، الذي احتلّـه منذ عام 1978.

2004: القرار رقم 1559، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، يطلُـب انسحاب القوات السورية من لبنان ووقف الأنشطة العسكرية لحزب الله.

2005: اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في هجوم بشاحنة مفخّـخة، والأمم المتحدة تعيِّـن محقِّـقين، تمهيدا لمحاكمة المسؤولين عن هذا الاغتيال.

2006: إسرائيل تشنّ حربا على لبنان، استمرّت أكثر من شهر وأدّت إلى مقتل أكثر من 1000 مدني.

2008: ميشال سليمان يُـنتخَـب لرئاسة الجمهورية يوم 25 مايو، بعد 6 أشهر من الفراغ الدستوري. وفي شهر يونيو، أدّت معارك بين فصائل متناحرة إلى سقوط عشرات القتلى.

2009: تمكّـن المعسكَـر المناهض لسوريا، بقيادة سعد الحريري، من الفوز في الانتخابات البرلمانية يوم 7 يونيو، لكن رئيس الوزراء المعيّـن فشِـل إلى حدّ الآن في محاولاته، الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة. ولا زال ملفّ سلاح حزب الله العقدة المستعصية بوجهها.

من مواليد عام 1972 (37 عاما)، متزوج وأب لثلاثة أطفال.

متحصل على شهادة دكتوراه في العلوم الاقتصادية وإجازة (ليسانس) في العلوم السياسية. ويعمل إلى جانب عضويته في البرلمان الفدرالي كخبير اقتصادي.

على المستوى السياسي، كان أول انتداب له كعضو في برلمان بلدته “بيلفو” في كانتون فريبورغ. ومن عام 2000 إلى 2004، تولى أيضا رئاسة المجموعة الاشتراكية في برلمان كانتون فريبورغ.

انتخب في مجلس الشيوخ الفدرالي عام 2003، ويشغل منصب نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي منذ يناير 2006. انتُـخب في نوفمبر 2008 رئيسا لمجلس الشيوخ لفترة تستمر عاما واحدا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية