مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“محمد.. تراث نبــي”

الملصق الإعلاني لشريط "محمد.. تراث نبي" Muhammad Legacy of A Prophet

تعرِضُ قناة التليفزيون العامة الأمريكية غير التجارية PBS في 18 ديسمبر فيلما وثائقيا بعنوان "محمد.. تراث نبي"، تَـكـلّـف إنتاجه 5 ملايين دولار واستغرق أربعة أعوام.

وقد حضرت سويس إنفو عرضا خاصا لهذا الفيلم، والتقت بمنتجه الأمريكي المسلم ألكس كرونيمر

سيتابع المشاهدون الأمريكيون على مدى ساعتين عبر كل محطات شبكة التليفزيون العامة الأمريكيةPBS المنتشرة في كل الولايات، فيلما وثائقيا عن تراث النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

والجديد في طريقة المعالجة التلفزيونية لتراث خاتم الأنبياء، هو بيان كيف أن سنة وتراث النبي محمد، يتجسد في محافظة المسلمين الأمريكيين على الإقتداء بتلك السنة الشريفة بعد ألف وأربعمائة عام، وعلى بُعد آلاف الأميال من مهبط الرسالة.

ويقول السيد ألكس كرونيمر منتج الفيلم، إن فكرة إنتاج هذا الشريط راودته عندما كان يشارك مع شبكة CNN في تغطية شعائر الحج عام 1998، وعندما علم أن تلك التغطية تابعها رقم قياسي من المشاهدين في أنحاء العالم وصل إلى أكثر من 600 مليون مشاهد.

وإثر عودته من التغطية، اتصل بصديقه الكاتب الأمريكي المسلم مايكل وولف الذي غطى موسم الحج لشبكة ABC عام 1997 واتفقا على الشروع في جمع الأموال اللازمة لإنتاج فيلم خاص عن حياة النبي محمد وتراثه الخالد، وكيف أنه تمكن من تغيير تاريخ العالم خلال 23 عاما، ويواصل التأثير العميق في حياة ألف ومائتي مليون مسلم في عالم اليوم، وذلك لتعريف الشعب الأمريكي والمشاهدين في الغرب بحقيقة الإسلام بعيدا عن الصور النمطية السلبية التي تُـروِّج لها هوليوود أحيانا.

ومن خلال معرفته كمحاضر وكاتب بما يعجب الجمهور الأمريكي في طريقة السرد، وإعجاب الأمريكيين بقصص النجاح الشخصي والتغلب على الصعاب والتحديات، وجد الكاتب ألكس كرونيمر في حياة وسيرة الرسول محمد كل عناصر التشويق من خلال صعود سلم النجاح الشخصي لطفل وُلِـد يتيما في مجتمع قبلي لم يكن يبشر بفرصة له في الارتقاء، ومع ذلك، تمكن من خلال أمانته وكرم أخلاقه وإخلاصه في العمل أن يصبح إحدى أعظم الشخصيات في التاريخ البشري.

وأضاف السيد كرونيمر، أن سيرة النبي محمد تُـجسِّـد كذلك الصراع بين الخير والشر، وبين التوحيد والشرك، وهي قصة مألوفة لدى غالبية المسيحيين من خلال قصص النبيين موسى وداود وغيرهما. لذلك، سيسهل عليهم استيعاب سيرة كفاح النبي محمد.

لا زال الرسول حيّاً

وكان التحدي الكبير في تنفيذ الفكرة هو كيفية تقديم قصة حياة الرسول في فيلم على الشاشة دون عرض أماكن حياته والشخصيات الرئيسية من صحابته! ولم يعوض عن ذلك استخدام مناظر خلابة للصحراء في مكة ولقطات بارعة للشروق والغروب على رمال تلك الصحراء، ولمشاهد طواف ملايين الحجاج حول الكعبة الشريفة.

لذلك، طرأت لمنتج الفيلم فكرة أن يتم تعريف المشاهدين بحياة الرسول وسنته من خلال الأثر الباقي لتراثه في حياة المسلمين، وخاصة المسلمين في الولايات المتحدة وتجاربهم التي تعكس تفاصيل حياة وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.

وفي أول نصف ساعة من فيلم “محمد.. تراث نبي”، لاحظنا مزجا ماهرا بين صوت الراوي ومشاهد للمسلمين من كافة الأجناس حول الكعبة يجمعهم صوت مؤذن يدعو للصلاة، ويتخلل الحقائق المنسابة بصوت الراوي مقاطع من تعليقات المؤرخين وخبراء الأديان وأساتذة مرموقين في الدراسات الإسلامية، مثل البروفيسور جون فول أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة جورج تاون، والدكتور شريف بسيوني المصري الأمريكي المرشح لجائزة نوبل في العلوم الإنسانية، والمؤرخة البريطانية كارين أرمسترونغ التي قالت، إن النبي محمد تمكن خلال 23 عاما منذ نزول الوحي من تحويل شبه الجزيرة العربية من ساحة للمعارك والمصادمات القبلية الشرسة إلى مجتمع يسوده الأمن والأمان، سرعان ما انطلقت منه شعلة الحضارة الإسلامية إلى العالم أجمع.

رسالة أخرى

ومن خلال عدة شخصيات تمثل المسلمين الأمريكيين، يتعرف المشاهد الأمريكي على مبادئ الديانة الإسلامية من خلال القرآن والسنة النبوية، مثل وحدانية الخالق، وأنه إذا كان المؤمن يحب ربه فيجب أن يكون في خدمة عباده، وأن المسلمين يتحملون مسؤولية إنصاف المظلومين وإحقاق الحق، وأنه من خلال الأعمال الصالحة يتحمل المؤمن مسؤولية اختيار طريق النجاة، وأنه إذا أراد المسلم إصلاح المجتمع الذي يعيش فيه فعليه أن يبدأ بنفسه أولا من خلال جهاد النفس.

وهكذا، جسد الفيلم الوثائقي “محمد، تراث نبي” هذه المعاني النبيلة للسلوك الإسلامي من خلال شخصيات من المسلمين الأمريكيين، مثل ضابط المطافئ في مدينة نيويورك كيفين جيمس الذي ولد لأم يهودية وأب مسيحي وأعتنق الإسلام، ويرى أن خدمة المجتمع من أسمى مستويات العبادة، وأن جهاد النفس يوفر أفضل نموذج للسلوك الإنساني.

وباستخدام لوحات الخط العربي التي رسمها الفنان الأمريكي المسلم محمد زكريا، يتعرف من يشاهد الفيلم الوثائقي الجديد على مآثر خالدة من توصيات الرسول الكريم التي تعيش يوميا في ممارسات المسلمين الحياتية كقوله “يسر ولا تعسر”، و”لا ضرر ولا إضرار”.

كما مزج الفيلم في تتابع مشاهده وسرد الحقائق على لسان الراوي وتعليقات المؤرخين والأكاديميين بين تعريف المشاهد بحياة الرسول الأمّي كتاجر وزوج مثالي، وكقائد عسكري بارع ورجل دولة من الطراز الأول. كما لم يفت منتج الفيلم كذلك أن يسلط الضوء على ما ألم بالمسلمين الأمريكيين من مظالم في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.

هل يصلح هذا الفيلم ما أفسده “المسلمون”؟

سألت سويس انفو منتج الفيلم أليكس كرونيمر الذي كان يعمل مسؤولا في وزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، وعلاقة السياسة الخارجية الأمريكية بالإسلام، عما يتوقعه لعرض فيلمه الوثائقي من أثر على الرأي العام الأمريكي في وقت تكالب فيه غلاة المتطرفين المسيحيين الأمريكيين والكتاب المتعصّبين لإسرائيل على شن حملات الكراهية والتحريض ضد الإسلام والمسلمين، فقال، إن الفيلم يستهدف توعية صنفين من جمهور المشاهدين:

أولا، الجمهور المهتم بالتفاهم والحوار بين الحضارات والتسامح وتفهم الآخرين.

ثانيا، الجمهور المهتم بخلق الأعداء وصراع الحضارات وتوجيه اللوم للآخرين،

ويقول إنه من خلال تقديم الحقائق الثابتة تاريخيا، وشرح الطبيعة العالمية للدين الإسلامي وسماحته وتأكيده على السلام والإجابة على أسئلة أكثر عمقا، بدأ الأمريكيون في إثارتها، خاصة بعد هجمات سبتمبر الإرهابية، سيصبح ممكنا مواجهة الحملات المغرضة ضد الإسلام.

ونظرا لأن معظم الأمريكيين يستقون معلوماتهم عن العرب والمسلمين من عناوين الأخبار دون تفكير عميق أو استيعاب دقيق، فإن فيلم “محمد.. تراث نبي” سيعمق معرفة الأمريكيين بتاريخ الرسالة وحقائق الدين الإسلامي من خلال مواطنين أمريكيين يسترشدون يوميا بهدى الإسلام والنبي محمد.

وينوي السيد كرونيمر عرض الفيلم في المدارس والجامعات الأمريكية لسنوات قادمة، مما سيفتح المجال أمام إعادة النظر فيما تحتويه الكتب المدرسية عن الإسلام، كما سيثير الحوار حول الفيلم مزيدا من التفاهم بين أبناء الديانات السماوية الثلاث في الولايات المتحدة.

محمد ماضي- واشنطن

محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب
ولد في مكة عام 570م
توفي في المدينة عام 632م
تلقى الوحي عام 610م
هاجر من مكة الى المدينة عام 623م
عدد الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي: 57 دولة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية