مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“بإمكان سويسرا أن تلعب دورا هامّا في المساعدة على بناء ليبيا الغد”

رغم المعاناة واستمرار المواجهات، يتطلع الليبيون عموما والأجيال الشابة بوجه خاص إلى مستقبل أكثر إشراقا لبلادهم. Keystone

من خلال مبادرتها بفتح مكتب اتصال في مدينة بنغازي في وقت مبكر، كانت سويسرا من أوائل الدول الغربية التي سارعت لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الليبي في المناطق الواقعة تحت سيطرة المجلس الوطني الانتقالي.

وفي الوقت الحاضر، ينتظر الليبيون الكثير من سويسرا وخاصة فيما يهم الإستفادة من تجربتها العريقة في بناء المؤسسات الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني، كما أوضح لـ swissinfo.ch السيد خالد صالــح، الأمين العام لمنظمة التضامن لحقوق الإنسان الليبية (مقرها جنيف)، الذي زار مؤخرا بنغازي وعايــن النشاطات الإنسانية السويسرية هناك.

وقد تمكن السيد صالح خلال زيارته للمجلس الوطني الانتقالي في بنغازي من مقابلة مسؤولين عن مكتب الإتصال السويسري ووحدة المساعدة الإنسانية السويسرية. وسمح ذلك اللقاء، حسب السيد صالح، بـ “استعراض ما تقوم به سويسرا، وبالحديث عمّا نتمناه أو ننتظره نحن كليبيين وكحقوقيين من سويسرا”.

مساعدات إنسانية

وفي تقييمه لأداء المكتب السويسري الذي مر على تأسيسه أكثر من أربعة أشهر، يقول الأمين العام لمنظمة التضامن لحقوق الإنســـان: “لقد لاحظنا تركيزهم على الجانب الإنساني مثل تقديم الأدوية، وبداية إعادة تأهيل المخازن الطبية. وقد طلبنا منهم الاهتمام بجانب إعادة الإعمار وإعادة تطوير المجتمع المدني، وهذا أهم شيء نراه في المرحلة الحالية والمستقبلية، وهذا ما طلبناه منهم ووجدنا منهم حقا تفاعلا إيجابيا، وهم يرون أن ذلك الجانب هو الذي يجب التركيز عليه في المرحلة المستقبلية”.

وعن تزامن زيارته إلى ليبيا مع مقتل القائد العسكري للمعارضة الليبية، اللواء عبد الفتاح يونس، قال السيد خالد صالح: “ركزنا مع الجانب السويسري، الذي يمثل بالنسبة لنا دولة راقية في مجال الأداء البوليسي، على ضرورة تكوين الجهاز الأمني الليبي، ليس فقط من ناحية التدريب والتسليح، بل أيضا من ناحية التأطير وكيفية التعامل مع الأحداث واحترام الحقوق الأساسية للأطراف التي يتعامل معها في مراكز الاعتقال أو التفتيش”.

الاستفادة من التجربة السويسرية 

من جهة أخرى، يعتقد السيد صالح أن سويسرا يمكن أن تلعب دورا هاما في المساعدة على بناء ليبيا الغد. وقال ضمن هذا السياق: “نتمنى أن نستفيد من النظام الديمقراطي السويسري الفريد من نوعه، وأن تلعب سويسرا دورا في بناء المؤسسات من خلال نقل مثل هذه التجربة وهذا الوعي للأوساط والمجتمع والدولة الليبية لكي تُبنى على أساس ديمقراطي يأخذ بعين الاعتبار صوت المواطن لدى اتخاذ القرار”.

وبحكم تواجد العديد من المنظمات الدولية في جنيف، يرى الأمين العام لمنظمة التضامن لحقوق الإنسان أنه “بإمكان سويسرا القيام بدور هام في تشجيع المؤسسات الأممية والدول على الإسهام في عملية إعادة إعمار ليبيا”. كما يعتقد أنه يمكن أن تقوم برن بدور محوري في مجال استقبال الجرحى الذين يستعصى علاجهم في المستشفيات الليبية أو التونسية، مثل الشبان المصابين بتشوهات جراء عمليات القصف في المدن أو على الجبهة”.

نشر الوعي الحقوقي

ولدى سؤاله عما تعتزم القيام به منظمة التضامن لحقوق الإنسان في مرحلة إعادة بناء مؤسسات المجتمع الليبي، أجاب السيد خالد صالح: “كمنظمة، رأينا أنه من المهم التواجد والعمل من داخل ليبيا لنشر ثقافة حقوق الإنسان على أكبر نطاق. فلنا في الوقت الحالي مكتب في بنغازي شرع في تنظيم المؤتمرات والدورات التدريبية، بغرض نشر الوعي الحقوقي لدى الليبيين. وسنقوم بتنظيم أول دروة لمجموعة من المحامين بالاشتراك مع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان”.   

واستطرد قائلا: “لنا دور في إعادة تأهيل دور المجتمع المدني، ووجهنا بعض الانتقادات لأداء بعض المؤسسات في البداية، مما أدى إلى تغيير بعض القوانين والسماح للمجتمع المدني بقدر أكبر من حرية التحرك. وفي مرحلة بناء المؤسسات، نولي أهمية إلى مراعاة مواكبة القوانين المعتمدة لبنود المواثيق والمعاهدات الدولية، حتى لا نقع في انتهاكات دستورية يصعب مستقبلا تصحيحها وإصلاحها”.

وعن التحركات التي تقوم بها منظمة التضامن لحقوق الإنسان في المناطق الغربية من ليبيا، يقول السيد خالد صالح: “لنا سعي مع الثوار لإفهامهم وتعليمهم كيفية التعامل مع الأسرى ومن يقع بين أيديهم من كتائب القذافي”. ويضيف في هذا الصدد: “ولئن رأينا بعض حالات الإنتقام التي قام بها الثوار، يجب أن لا نلومهم، إذ أن الحكومة الليبية تتحمل المسؤولية في ذلك، لكونها لم تسمح بتعميم ثقافة حقوق الإنسان في البلاد طوال الأعوام الأربعين الماضية”.   

ويشار إلى أن منظمة التضامن لحقوق الانسان الليبية ساهمت في توثيق الإنتهاكات المرتكبة في ليبيا والتشهير بها حتى قبل بداية ثورة 17 فبراير، وأعدت تقارير موازية قدمتها لمحافل حقوق الإنسان الأممية، عددت فيها جل الإنتهاكات والتجاوزات، وبالأخص ما حدث في سجن أبو سليم.

إضافة إلى ذلك، لعبت المنظمة دورا هاما منذ بداية الثورة في الترويج للأخبار الليبية عبر وكالة التضامن للصحافة، التي تزود العديد من المنظمات ووسائل الإعلام الدولية على مدار الساعة بآخر التطورات الميدانية في الصراع الليبي.          

في  12 يوليو 2011، أعلنت وزارة الخارجية السويسرية أن برن تعتزم تعزيز حضورها في بنغازي، معقل المعارضة الليبية، من خلال إرسال دبلوماسي مكلف بفتح “مكتب اتصال” لها داخل مقر مكتب المساعدات التنموية السويسرية الذي افتتحته الكنفدرالية في نفس المدينة قبل أربعة أشهر.

سويسرا كانت من بين أولى البلدان التي فتحت مكتب مساعدات إنسانية في بنغازي في منتصف شهر مارس 2011 للإسهام في التخفيف من معاناة الشعب الليبي، وأكدت حينها استمرار التزامها بتوفير هذا الدعم الإنساني.
 
هدف إيفاد مبعوث خاص على عين المكان، إلى تأكيد حضور سويسرا في ثاني أكبر المدن الليبية، وتعزيز علاقاتها السياسية القائمـة مع المجلس الوطني الانتقالي الذي يظل، في انتظار انتخاب حكومة شرعية، “المحاور الشرعي الوحيد لسويسرا في ليبيا”.
 
تشمل مهمة المبعوث السويسري الخاص الدفاع عن مصالح سويسرا في بنغازي، وإجراء وتنمية الإتصالات مع المجلس الوطني الإنتقالي في ليبيا، وفتح مكتب اتصال.
 
سبق لرئيسة الكنفدرالية ووزيرة خارجيتها ميشلين كالمي ري أن التقت بممثلين عن المجلس الوطني الإنتقالي في ليبيا في العاصمة الفدرالية برن وفي تونس العاصمة، كما اتخذت برن قرارا بإغلاق السفارة السويسرية في طرابلس منذ يوم 27 فبراير 2011 لأسباب أمنية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية