مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“لا داعي للهوس الأمني”

كاميرات المراقبة المنتشرة في قطارات الأنفاق ساعدت في التعرف على هوية منفذي تفجيرات لندن، لكن توسيع استخدمها قد لا يكون الحل الفعال Keystone

ساهمت أنظمة مراقبة الفيديو المنتشرة في لندن في التعرف على هوية منفذي تفجيرات 7 يوليو، مما دعا إلى المطالبة بمزيد من تشديد الاحتياطات الأمنية لمواجهة الإرهاب في أوروبا.

إلا أن الأمر يختلف في سويسرا حيث يرى الخبراء أن حالات الطوارئ ليست من تقاليد البلاد، واية قوانين جديدة يجب أن تمر عبر طريق طويل في البرلمان.

قرر وزراء الداخلية في الإتحاد الأوروبي إتباع إجراءات أكثر صرامة في مجال الحماية الأمنية، فقد قال وزير الداخلية الألماني اوتو تشيلي ” لابد من تجهيز أنفسنا”، ليتضامن بذلك مع نظيره البريطاني تشارلز كلارك، الذي طالب في اجتماع وزارء داخلية دول الإتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الأربعاء الماضي بمزيد من الاحتياطات الأمنية، والتعاون في مجال تبادل المعلومات، وفرض تخزين البريد الإليكتروني في شبكات الإنترنت لمدة لا تقل عن عام.

وقد دافع وزير الداخلية الألماني عن تلك الخطوة قائلا بأن تخزين المعطيات والبيانات هام للغاية، إذ يسمح ذلك بإمكانية جيدة لإجراء التحقيقات بشكل أفضل.

ويرى الخبراء الأمنيون بأن الربط بين المعطيات المختلفة يتيح لهم الفرصة لمعرفة من تحدث مع من ومتى وكيف، سواء عبر الهاتف من خلال الشبكة الثابتة أو الهاتف النقال، وأية مواقع زاروها على شبكة الإنترنت، وماذا كتبوا في الرسائل الهاتفية القصيرة SMS أو في رسائل الفاكس.

سويسرا سبقت الآخرين

ويقول غويدو بالمر المتحدث باسم المكتب الفدرالي للشرطة بأن ما يطالب به وزراء داخلية الإتحاد الأوروبي الآن تقوم به سويسرا منذ فترة، “فنحن هناك، حيث يريد الإتحاد الأوروبي أن يذهب” حسب قوله في حديثه مع سويس انفو.

وهذا التصريح يفسر عدم ارتفاع الأصوات في سويسرا المطالبة بتغيير القوانين مثلما حدث في دول الإتحاد الأوروبي، حتى أن البرلمان السويسري رفض بشدة باقة القوانين التي أعدتها وزيرة العدل والشرطة السابقة روت ميتسلر بعد أحداث سبتمبر 2001.

لكن سويسرا قامت قبل 3 سنوات بتعديل القوانين التي يطالب الإتحاد الأوروبي الآن بإدراجها، إلا أن الاحتفاظ بالبيانات يكون لمدة 6 أشهر فقط، وليس لمدة عام كما يطالب وزراء داخلية الإتحاد الأوروبي الآن.

وعلى الرغم من أن الاعتماد على مثل تلك البيانات في مكافحة الجريمة قد اثبت نجاحا، إلا أن غويدو بالمر يرى بأنها أحيانا تكون غير كافية بدرجة تامة مثلما هو الحال مع مكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال.

لا داعي لقانون طوارئ

ونظرا لتقاليد الديمقراطية السويسرية فإن البلاد ليست بحاجة إلى قانون طوارئ، حسب تعليق بالمر، فالمهم بالنسبة لخبراء الأمن في البلاد هو إمكانية الحفاظ على الفرق المتوازن بين الأمن واحترام الحرية الشخصية، ويضيف “إن تقييم البيانات المتعلقة باتصالات أي شخص هو في حد ذاته إجراء يتغلغل في القوانين الخاصة التي يتمتع بها الأشخاص”، ولذلك فإن اللجوء إلى اتخاذ إجراءات وقائية أكثر صرامة في مجال جمع البيانات أمر ليس على قدر كبير من الأهمية في سويسرا.

في المقابل يرى هانز بيتر تور المفوض الفدرالي لحماية المعطيات الخاصة بالمواطنين بأن السلطات لديها العديد من الإمكانيات التي تتمكن بها من التعرف على مكمن الخطر، وكان قد حذر قبل اسبوعين في المؤتمر السنوي للمكتب الفدرالي لحماية المعطيات الخاصة، من تشديد بعض القوانين، حيث قال “إنه من الخطر إذا قام جهاز المخابرات الداخلي بجمع بيانات والتنصت على آخرين، دون أن يكون لديه دليل على المخاوف التي اتخذها ذريعة للقيام بهذه الخطوات”.

وتؤكد سويسرا على أن اتخاذ خطوات وقائية في مجال جمع المعلومات يجب أن يكون تحت مراقبة قوانين حماية المعطيات الخاصة بالمواطنين، وبالنسبة لبالمر، المتحدث باسم الشركة الفدرالية السويسرية، فإنه لا توجد المبررات الكافية، لإعطاء المحققين الجنائيين المزيد من الصلاحيات.

ليست الأولى ولكنها آمنة

ولا يعتقد بالمر بأن التوسع في استخدام دوائر مراقبة الفيديو كما هو الحال في بريطانيا هو أكثر الحلول نجاعة، ويقول “حتى إذا زرعنا كاميرات المراقبة في كل مكان فليس هذا هو الحل الأكيد”، ولكنه لا يقلل من أهمية الصور التي تلتقطها تلك العدسات.

ويعتقد الخبير الأمني السويسري، بأنه ليس من المستبعد أن تطالب السلطات السويسرية المواطنين بتزويدها بصور أو معلومات أو بيانات مثلما فعلت شرطة لندن، ولكن هذا الأسلوب لا يختلف عن النداءات الموجهة أحيانا في بعض القضايا وتطالب من يعرف معلومات عن حالة معينة بالتقدم بشهادته للجهات الأمنية، وهو ما تقوم به سويسرا منذ فترة بعيدة وفي جرائم مختلفة.

ويعترف بالمر بأنه من المحتمل ألا تكون سويسرا على رأس الدول البارعة في مكافحة الإرهاب، ولكنها في منتصف القائمة حسب قوله، ويؤكد في الوقت نفسه بأن قوة سويسرا في الإجراءات الوقائية لا تكمن في إجراءات منفصلة أو تقنيات خاصة، ولكن في باقة متكاملة من الإمكانيات المتاحة.

وهذه الباقة المتكاملة يشرحها بالمر في حديثه إلى سويس انفو قائلا ” بيانات الاتصالات وصور الفيديو والمعطيات الأخرى، هي جزء فقط من الاحتياطيات الأمنية، التي تكملها حماية السفارات الأجنبية، والاستقرار الأمني، وهو ما يعطي رسالة إلى الإرهابيين بأن عين الأمن يقظة، وان أجهزته لديها الوسائل اللازمة للتدخل السريع والمواجهة أيضا، وهو في حد ذاته إجراء وقائي عام وفعال”.

سويس انفو

لا يرى خبراء الأمن في سويسرا ضرورة في إتباع ما يطالب به وزراء داخلية دول الإتحاد الأوروبي من مراقبة صارمة لجميع أنواع لإتصالات الهاتفية أو مواقع الإنترنت والبريد الإليكتروني، كنوع من الأساليب الصارمة في مكافحة الإرهاب.
تقوم سويسرا منذ عام 2002 بتخزين جميع رسائل البريد الإليكتروني لمدة 6 أشهر

قام اربعة انتحاريون في 7 يوليو الجاري بثلاث انفجارات في مترو الأنفاق في لندن وفي إحدى الحافلات، مما أودى بحياة 53 شخصا وإصابة 700 آخرين.
تمكنت الشرطة اللندنية من التعرف على هوية المنفذين من خلال صور كاميرات المراقبة.
يطالب وزراء داخلية الإتحاد الأوروبي بتشديد الرقابة الأمنية وتوسيع شبكة تبادل البيانات والمعلومات الأمنية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية