مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الشؤون العربية في الصحافة السويسرية

الصفحات الأولى لعدد من الصحف اليومية السويسرية بالألمانية والفرنسية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بآخر المستجدات في القدس وتطورات الأزمة الخليجية . swissinfo.ch

الأزمة الخليجية وحالة الغليان في الشارع المغربي ومساعي روسيا لإعادة صياغة تاريخ الحرب في حلب وجهود سويسرا لمكافحة الإرهاب على شبكة الانترنت كانت أهم القضايا التي تناولتها الصحف السويسرية هذا الأسبوع.

الأزمة الخليجية وتداعياتها بقيت مهيمنة على مساحات الصحف السويسرية الناطقة بالألمانية وحاضرة أيضا في الصحف الناطقة بالفرنسية وتنوعت العناوين والمقاربات للأزمة السياسية بين دول المنطقة.

 صحيفة “أوست شفايتس ام سونتاغ” الصادرة بتاريخ 11 يونيو 2017 عنونت “نيران مشتعلة في منطقة الخليج: سياسة قطر الخارجية كانت دائما مصدر استياء النظام الحاكم في السعودية، لكن ارتفاع وتيرة الصراع بين الدولتين في اللحظة الراهنة ليس من قبيل الصدفة”، مشيرة بذلك إلى “إعطاء الرئيس الأميركي الجديد السعودية الضوء الأخضر لمحاربة الإرهاب، متناسيا أن الجذور الفكرية للجهاد الإرهابي تكمن في السعودية “.

 أما صحيفة سونتاغ الأسبوعية الصادرة بتاريخ 15 يونيو فعنونت “الأموال تفيض، فاغمض عينيك”.

وكتبت الصحيفة “في نهاية الأسبوع الماضي تم افتتاح فندق بورغين شتوك المملوك للصندوق السيادي القطري في كانتون نيدفالدن بسويسرا والذي استثمرت فيه الدوحة 550 مليون فرنك سويسري.  يأتي هذا في الوقت، الذي يتم مقاطعة قطر من قبل جيرانها بسبب تمويل ميليشيات ارهابية كتنظيم الدولة الإسلامية وغيرها من المنظمات الإرهابية. لكن أوروبا ما تزال تلتزم الصمت اتجاه الدوحة لسبب واحد وهو الأموال القطرية التي تسيل في أسواق المال والاقتصاد الأوربية”.

وأضافت الصحيفة أن “هذه الارتباطات المالية المعقدة جدا، تجعل من الاسهل بكثير غض الطرف عن الحقيقة ووصف التوترات القائمة بصراع بين الأشقاء في الخليج”.

 الأزمة الخليجية وولادة نظام إقليمي جديد

صحيفة دير بوند الصادرة بتاريخ 10 يونيو 2017 فعنونت “مخاض ولادة نظام جديد”. وربط مراسل الصحيفة بين الأزمة الخليجية والهجمات الأخيرة في إيران في دليل على “إعادة ترتيب مراكز القوى في المنطقة”، حسب رأيه.

” هناك تطورات عدة تدل على ولادة نظام اقليمي جديد: الصراع المحتدم بين المعسكر الشيعي بقيادة إيران والمعسكر السني بزعامة المملكة العربية السعودية بمباركة الرئيس الامريكي دونالد ترامب. الصراع الدائر بين دول الخليج السنية نفسها. مؤازرة تركيا لقطر في مواجهة مصر والسعودية. وللمرة الأولى شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوما في إيران مع محاولة توسيع رقعة القتال المسلح بدءا من مصر وحتى الفلبين. وفي العراق دعوة للأكراد لإجراء استفتاء على الاستقلال، الأمر الذي قد يؤدي إلى اندلاع حرب جديدة.”

 وأضافت الصحيفة أن “أربعة قوى إقليمية كبرى هي المملكة العربية السعودية وإيران ومصر وتركيا تتنافس على مناطق النفوذ والموارد في اليمن وليبيا والعراق وسوريا والشيء المشترك بين هذه القوى المتصارعة أنها كلها تتعرض لضغوط داخلية هائلة باتجاه التغيير وأن التطورات الحاصلة تدفع نحو تغيير الخطوط والتوازنات، التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو “.

“روسيا تروّج لرواية جديدة عن معركة حلب”

ستة أشهر بعد سيطرة قوات الجيش السوري الحكومي على شرق مدينة حلب، تحاول روسيا “إعادة كتابة التاريخ ” عبر نفي أي مسؤولية لها في تدمير حلب الشرقية خلال استعادتها من فصائل المعارضة المسلحة. المقال الذي نشرته صحيفة لوتون يوم الخميس 15 يونيو يتناول الجهود التي تبذلها روسيا على مستوى الأمم المتحدة للترويج لمعركة حلب باعتبارها “نجاحا نموذجيا” “أعادت الوحدة لهذه المدينة السورية التي ظلت مقسّمة في السنوات الأخيرة نقلا عن محافظ هذه المدينة الجديد.

 وللإقناع بروايتها استعانت الدبلوماسية الروسية بضباط من الجيش الروسي شاركوا في المعركة، وبمحافظ المدينة الحالي بل وحتى بالأطفال وعموم المواطنين مثل الطفل عمران دقنيش، الذي الذي انتشرت صورته ووجهه مغطى بالغبار والدماء بينما كان ينهض من تحت الأنقاض، وأبوه الذي انتقد التوظيف السيء لصورة ابنه من أجل أغراض دعائية، بل أكد من خلال تصريحات إلى وسائل الإعلام الموالية للحكومة السورية أن “ابنه لم يصب إلا بجروح طفيفة”. غير أن الخبراء يعتقدون أن “حالة الطفل عمران أبلغ شاهدا على أن النظام السوري يعيش في عالم موازي للعالم الحقيقي”.

عمران دقنيش
صورة مأخوذة من فيديو تداوله المركز الإعلامي للناشطين المعارضين للنظام السوري بحلب، وتظهر الطفل عمران دقنيش، البالغ من العمر خمس سنوات جالسا في سيارة إسعاف بعد أن تم سحبه من تحت ركام بنايات دمرها في حلب القصف الجوي لقوات النظام السوري وحلفائه الروس. Keystone

 وبينما أكد تقرير الأمم المتحدة أن أزيد من 33.000 بناية قد دمّرت بالكامل أو ألحقت بها أضرار بليغة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، (أضرار تقدرها الأمم المتحدة ب 50 مليار دولار) وأن هذا حدث بفعل القصف الجوي من طرف النظام السوري وحلفائه الروس، يقول الروس، أن التدمير من “فعل المتمرّدين السوريين”. ولا يبدو ان الغرض الروسي من هذه المساعي “إعادة كتابة ما حصل”، بل حث المجتمع الدولي على رفع العقوبات المسلّطة على المسؤولين السوريين، والتي يصفها معسكر النظام بـ “اللا إنسانية”. ويروّج النظام السوري إلى القول بأن حلب هي اليوم تنعم بالسلام وقد بارك السفير الروسي “عودة 25 ألف مسيحي إلى المدينة بعد طرد المتمردين منها”.

 مؤشرات على تراجع الإرهاب الممنهج

 تحت عنوان  “انحدار الإرهاب”  كتب سيلفان بيسّون في افتتاحية صحيفة لوتون الصادرة بتاريخ 12 يونيو أن “”العدار” أو “وحش هرقل” قد شهد طفرة أخرى، ويشير الكاتب إلى النوع الجديد من موجة أعمال العنف التي بدأت تضرب البلدان والمدن الغربية. وتتميّز هذه العمليات الإرهابية كما وصفها السياسيون والإعلاميون هنا بكونها “فردية، وغير متوقّعة، وليست مرتبطة بشكل واضح بمنظّمة ذات وجود ميداني وفعلي، حتى وإن كان تنظيم الدولة الإسلامية يتبنى العمليات بعد حين من وقوعها”.

 وبرأي الكاتب “هذه النوعية الجديدة من أعمال العنف تدشّن انحدارا وتراجعا لا شك فيه للإرهاب” و”وقعه أصبح اعتياديا، وآثاره بدأت تتماهى في صخب الحياة اليومية. وبدا أن الهجمات الأخيرة كانت ارتجالية، ولم يتجاوز هدفها نشر الذعر والخوف”.

 ويضيف الكاتب بأن هذا الانحدار والتراجع الذي تشهده هذه الظاهرة، يضع الأجهزة الأمنية وأجهزة المخابرات في البلدان الغربية أمام تحدّ من نوع جديد، هو بحسب الكاتب “التعرّف على مواصفات وملامح العناصر الخطيرة بالفعل في بحر من المشتبه بهم المحتملين”.

“حالة غليان الشارع المغربي قد تولد الإنفجار”

تناول الموقع الالكتروني للإذاعة والتلفزيون السويسري الناطق بالألمانية احتجاجات المغرب واصفا إياها بحالة غليان في “واحة استقرار”.   

ورأت الصحيفة أن المغرب بقيت برأي الكثير من المراقبين عامل استقرار في منطقة مضطربة شهدت الإطاحة برؤوس عدة رؤساء منذ 2011 . وأضافت الصحيفة أن ملك المغرب محمد الخامس حاول امتصاص غضب الشارع المغربي عبر إجراء انتخابات جديدة وإصلاحات دستورية، لكن حالة غضب لم تخف بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية ولا سيما في أوساط الشباب من أصول بربرية في الريف الشمالي.

 وأشارت الصحيفة إلى أن وفاة بائع سمك طحنا في شاحنة قمامة عندما حاول منع موظفي الحكومة من طحن بضاعته، كانت القطرة التي أفاضت كأس الإحباط من انتشار الفساد والفقر والتهميش وانعدام البنية التحتية.  

 ونقلت الصحيفة عن  بيات شتاوفر، المتخصص في شؤون المغرب العربي قوله إن “استراتيجية الحكومة في التعامل مع الاضطرابات محفوف بالمخاطر”. وحذر شتاوفر من تصاعد الأوضاع، مشيرا إلى أن الحركة الاحتجاجية لم تتراجع رغم أنها فقدت زعيمها الرمزي، ناصر الزفزافي، إثر القبض عليه بتهمة عرقلة وتعطيل حرية العبادات . 

جهود سويسرية لمكافحة الإرهاب على الانترنت

 تطرّقت صحيفة “لا ليبرتي” الصادرة بتاريخ الأربعاء 14 يونيو إلى الجهود التي تبذلها سويسرا لإزالة المواد العنيفة وخطابات الكراهية المنشورة على الإنترنت، لا سيما الجهود التي يبذلها جهاز الشرطة الفدرالية. وتتضمّن المواد المحذوفة مشاهد لقطع الرؤوس، والخطاب الهادفة إلى تجنيد الشباب وتشجيعهم على الانخراط في نزاعات مسلّحة في هذا البلد او ذاك، وأيضا الخطابات التي تهاجم الأشخاص أو المجموعات على أساس ديني أو عرقي. هذا هو النوع من المواد التي نجح جهاز الشرطة الفدرالية في إقناع قناة يوتيوب بإزالتها من موقعه. ومع تكرار هذا التعاون بين الطرفيْن حازت الشرطة الفدرالية على لقب وميزة “المخبر الموثوق به”. 

ويورد المقال قول أحد مسؤولي هذا الجهاز: “التعاون مع يوتيوب إجابي ومثمر جدا”. ومثلما يشير تقرير نشر مؤخّرا حول احتمال أن تصدر قوانين جديدة تكون ملزمة لمواقع التواصل الاجتماعية بإلغاء المواد العنيفة، تقدّر الحكومة السويسرية، وفق نفس المقال، الدور الرئيسي والمحوري “للمخبر الموثوق به” في الجهود المبذولة لمنع نشر المواد المثيرة للجدل” على الإنترنت، لاسيما “الدعاية الإرهابية والمشاهد العنيفة”.

 كذلك تتعاون السلطات السويسرية مع مواقع وقنوات مشاركة أخرى مثل فايسبوك وتويتر، وجميعها تستجيب بشكل جيّد وفق صاحب المقال لمساعي الحكومة السويسرية عندما يتعلّق الأمر بفتح تحقيق قضائي مثلا. وربما ينبغى الإشارة هنا إلى أن غوغل، أكبر محرّك بحث على الإنترنت، قد طوّر بالفعل مجموعة من الأدوات لمكافحة خطابات الكراهية والمواد العنيفة. ومن هذه الأدوات برنامج ” Redirect “وهو مشروع ينتج وينشر معلومات وبيانات عن صعوبة الحياة في المدن التي يسيطر عليها تنظيم داعش (أغلبها حوارات مع مقاتلين تخلوا وهربوا من صفوف داعش)، بدلا من ترك الفضاء رحبا للحملة الدعائية التي يشنها هذا التنظيم. 

في نفس السياق أيضا يفكّر كانتون زيورخ في ترجمة المنشورات المكتوبة بالعربية وبالإنجليزية والداعية إلى العنف والكراهية إلى الالمانية كمرحلة تجريبية في الخريف المقبل. لكن الخبراء ينتابهم شك في جدوى هذه الأدوات، لأن “الأشخاص المقتنعين بتلك الأفكار لا يثقون في المواد التي يقترحها عليهم غوغل، لكنها قد تكون مفيدة لأشخاص آخرين”. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية