مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الخروج بدستور سيء يعني إضاعتنا للفرصة وإعدامنا لحكم القانون في ليبيا”

ناشطة من جمعية دستورنا تشرح لمجموعة من الشبان الليبيين محتويات الدستور
في إطار مشروع "دستوري" الذي أطلقته منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" التي أسستها المحامية إلهام السعودي، تم تنظيم جولة وطنية شملت أكثر من 35 منطقة في شتى أنحاء ليبيا تخللتها مجموعة واسعة من اللقاءات مع المواطنين. destoori.org

وَجَدَ التقرير الأخير الصادِر عن لجنة خبراء ليبيا التابعة للأمم المتحدة في يونيو 2017، أن الفساد المحلي والدولي، والجريمة، والتدخل الخارجي، ودور الميليشيات المُزَعزِع للإستقرار وانتهاكات حقوق الإنسان هي من بين الأسباب المُعَقِّدة لعدم الإستقرار المزمن في ليبيا. ولتسليط المزيد من الضوء على الأوضاع الإنسانية في هذا البلد، استضافت أكاديمية جنيف للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان يوم 29 يونيو الماضي ندوة شارك في تنظيمها مركز جنيف للسياسات الأمنية، تحدثت فيها المحامية والخبيرة الليبية إلهام السعودي مديرة منظمة "مُحامون من أجل العدالة في ليبيارابط خارجي"، وجان بول رويلر، مدير مركز جنيف للتدريب وتحليل الإرهاب.

swissinfo.ch التقت الخبيرة والناشطة الليبية بعد الندوة وأجرت معها الحوار التالي:

swissinfo.ch: بوصفك ناشطة حقوقية، ما هي أهم التجاوزات التي تُثير انشغالِك حالياً في مناطق ليبيا المختلفة؟

الهام السعودي: المشكلة ليست فقط في نوع التجاوزات ولكن في ثقافة التجاوزات. فاليوم تنتشر ‘ثقافة الإفلات من العقاب’ في ليبيا والإعتقاد بعدم المُحاسبة. هناك تجاوزات بشعة، ونوع من التفاخُر بابتكار صنوف جديدة من التعذيب أو إضطهاد الحقوق، دون أن يكون هناك تفكير بوجود مُساءَلة، وهنا تكمُن الخطورة الكُبرى. بالنسبة للتجاوزات، تشغلنا كثيراً حالات التعذيب، والإختطاف، والإخفاء القسري للناس، والقتل، والإعدام بدون محاكمة والإعتداء الجنسي، الذي يطال النساء والرجال بنفس القدر.

إلهام السعودي في سطور

من خلال ترؤسها منظمة “محامون من أجل العدالة في ليبيا”، خاضَت الناشطة الحقوقية إلهام السعودي غمار تقصّي الحقائق في إطار التحقيقات الدائرة حول انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في ليبيا منذ 15 فبراير 2011. كما قدّمت الاستشارات لعددٍ من الحكومات الأوروبية والهيئات الدولية في كلّ ما يمتّ بصلةٍ إلى الصراع في ليبيا عام 2011. 

بالإضافة إلى ذلك، أسدت النصائح للمجلس الوطني الإنتقالي في ليبيا حول عددٍ من القضايا المُندَرِجة في مجال القانون الدولي، بما في ذلك عملية صياغة المبادئ التوجيهية لمقاتلي المعارضة.

تحمل شهادةً في الدراسات العربية والشرق أوسطية المعاصرة من جامعة أوكسفورد، كما درست القانون في كلية نوتنغهام للدراسات القانونية.

أنهَت مؤخراً دراسة الماجستير في القانون الدولي في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) بلندن بدرجة امتياز. وقد ركّزت في دراستها على القانون الإنساني الدولي، وحملت رسالتها عنوان “الثورة المحميّة: الإنتفاضة الليبية ومسؤولية تأمين الحماية”.

swissinfo.ch: بِحُكم تعدد “الحكومات” أو “السلطات” في شرق البلاد وغربها، كيف تتعامل الجهات الحاكمة أو المُتنفذة في مختلف الجهات مع مطالب المجتمع المدني الليبي بالتحقيق في الإغتيالات وعمليات الإختطاف والتجاوزات الأخرى التي تحدثت عنها؟

إلهام السعودي: قد نجد استجابة في بعض الأحيان من إحدى الحكومات بحُكم وجود وزير ما يتفاعل مع هذه القضايا. لكن على المستوى التنفيذي الفعلي، لا توجد أي قدرة للسيطرة على الوضع القائم، بحيث يكون هناك أي نوعٍ من التفعيل للقانون أو للهيئات القضائية. المشكلة عندنا هي وجود نوع من التَخَلّي عن المسؤولية من جانب المسؤولين، الذين يُصَرِّحون بوضوح في إطار المجتمع الدولي بافتقارهم للسلطة والسيطرة، وكأنهم يُبَرِّرون باعترافهم هذا عَدَم قُدرَتِهِم على القيام بواجبهم، كما لا توجد مُساءَلة حقيقية من قِبَل المجتمع الدولي.

حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة “حكومة” معينة، لا يوجد هناك أي نوع من التدقيق لسجلات العاملين في الشرطة أو هيئات الدولة، الذين كانوا أنفسهم من المُشاركين في العمليات القتالية أحياناً، كما تفتقر مراكز الشرطة إلى القدرة على اعتقال أي شخص في بعض الحالات. القضاء من جانبه عاجز عن مُعالجة القضايا المُهِمة التي نتجت عن الحرب، وهو ينظر في القضايا المدنية كالزواج والطلاق، أو الجرائم البسيطة كالسرقات، أو القتل الخطأ. لكنه يفتقر للحماية التي تُمَكنه من تناول قضايا القتل أو الإختطاف أو التعذيب التي ترتكبها الميليشيات، لأن القُضاة لو تناولوها قد يصبحون الضحية التالية.

swissinfo.ch: بعيداً عن الإشكالات السياسية الراهنة، ما هي برأيك أهم نقاط الإختلاف التي لا زالت قائمة بين أعضاء الهيئة المُكلفة بإعداد الدستور الليبي الجديد؟

إلهام السعودي: المُشكلة في هيئة صياغة الدستوررابط خارجي هي أنها منذ تأسيسها لا تُمثل الشعب الليبي بأكمله. فالأقليات الثلاثة الأساسية في ليبيا ليست جميعها جزء من الهيئة في إطارها الأخير. وقد يرجع ذلك إلى إختيارها عدم المشاركة لشعورها بِعَدَم سلامة الوضع، أو لعدم تمكنها من الحضور لأسباب أمنية. من المُفتَرَض بقانون حقوق الإنسان أن يعمل بشكل أكبر على الأقليات، سواء السياسية أو الإثنية، لأنها تفتقر إلى الكَمّ المؤثر. الأغلبية تأخذ حقها دائماً، لأنها هي مَن سيختار رئيس الدولة وإطار الحُكم، وستعرف كيف تفرض رأيها. وعندما يكون الإطار في صياغة الدستور مَبنياً على تصويت الأغلبية، سوف يكون هناك خلل في هذا الإطار بِحَد ذاته، وهذه هي المشكلة الكبيرة التي أراها كحقوقية. الشيء الآخر هو عدم وجود أي نوع من التفعيل للمجتمع المدني وعامة الشعب، ولم يكن هناك حوار يسلط الضوء على مطالب العامة.

المحامية الليبية إلهام السعودي تجيب عن أسئلة الحاضرين
المحامية والناشطة الحقوقية الليبية إلهام السعودي، جنيف، 29 يونيو 2017. swissinfo.ch

swissinfo.ch: أحد برامج منظمتكم هو مشروع ‘دستوري’، الذي قمتم من خلاله بإعداد مجموعة واسعة من اللقاءات بضمنها جولة وطنية لأكثر من 35 منطقة في ليبيا. ماذا كان الهدف من هذه الجولة؟ وهل قمتم بنقل هذه المطالب إلى الهيئة المُكلَّفة بإعداد الدستور؟

إلهام السعودي: نعم، لقد وضعنا جميع المعلومات التي خرجنا بها من هذه الجولة في تقرير قدمناه للهيئة المُكلفة بإعداد الدستور. لقد دخلنا إلى مشروع ‘دستوريرابط خارجي’ بأمل بسيط كان في جزءٍ منه توعوياً. وكانت ضوابط المشروع تَحظر علينا إبداء رأينا في مواضيع حقوقية معينة، لكي لا نؤثر على السكان. وهكذا قدمنا للناس إستبيانا يجيبون عليه بالطريقة التقليدية، كما أعطيناهم ورقات تحتوي على كلمات معينة (مثل المجلس التنفيذي، التشريعي، القضائي، دار الإفتاء)، كان عليهم ترتيبها على الأرض بشكل تنازلي بحسب الأهمية. وقد كَشَفَت لنا هذه المُمارسة عن وجود إختلاف كبير بين الإجابات الرسمية في بعض القضايا، وما يشعُر به الأشخاص في دواخلهم. فمثلاً، عندما كنا نسألهم عن موضوع إطار الدولة، كانت الأغلبية تجيب برغبتها في دولة رئاسية – لأن هذا ما اعتادوا عليه – وكانوا يضعون ورقة السلطة التنفيذية في الأعلى دائماً وتحتها السلطة التشريعية. من جانبنا كنا نسألهم عن رأيهم بشكل القوانين في هذه الحالة، لأن ذلك سيعني تلقي السلطة التشريعية الأوامر من الجهة التنفيذية؟ وبالنتيجة، وجدنا بأن الأغلبية كانوا يضعون السلطتين التشريعية والتنفيذية على نفس المستوى، أو أنهم يضعون السلطة التشريعية في الأعلى، بمعنى أن الناس كانوا يُطالبون بنظام برلماني في دواخلهم وليس بنظام رئاسي.

كنّا نهدف إلى الخروج من أي مدينة أو قرية وقد تركنا عند سكانها أسئلة تفوق الأجوبة، فهذا سوف يدفعهم إلى التفكير أكثر. وقد أردنا من خلال هذه الفعاليات أن نُظهر كيفية تأثير الدستور على الحياة الشخصية، وضروة إخضاعه للتدقيق والمُساءَلة، وأن لا يكون مجرد وثيقة توافقية يعتقد الناس أنها يجب أن تُترَك للخبراء.

swissinfo.ch: من الواضح أن التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي أدت إلى إطالة الأزمة وأسهمت في عدم استقرار الأوضاع، أين تقف منظمات المجتمع المدني من كل ما يحدث اليوم؟

إلهام سعودي: الأطراف الأجنبية تبحث عن مصالحها – وهذا من حقها – المشكلة في ليبيا هي أن حكومتنا نحن غير قادرة على التفكير في مصالحنا. كحقوقية، فإن ما يشغلني أكثر من الأبعاد السياسية هو تمكين التدخل الأجنبي القوي للإنتهاكات الحاصلة في ليبيا. ففي الإطار الرسمي مثلاً، انتهكت عدة دول بوضوح حَظْر السلاح الذي فرضه مجلس الأمن على ليبيا، لكي تُمَكِّن الحكومات أو المليشيات من مُمارسة دورها في الحرب، وهذه مشكلة كان بوسع المجتمع الدولي أن يُوقفها، لكنه لم يفعل. حتى الأمم المتحدة ساهمت في تمكين هذه الحالة من خلال عدم معاقبتها مُخترقي الحصار. ما يشغلني كحقوقية هو الإفلات من العقاب، ليس من طرف المليشيات أو الحكومات الليبية فقط، ولكن الإفلات من العقاب كثقافة موجودة على مستوى الحكومات الأجنبية أيضاً.

swissinfo.ch: يُشير الساسة الأوروبيون والإيطاليون أساساً مراراً وتكراراً إلى أن عدم استقرار الأوضاع في ليبيا أدى إلى تفاقم مأساة المهاجرين السريين المنطلقين من الشواطئ الليبية باتجاه أوروبا. ما هو تقييمك لسلوك ومواقف دول الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط من مُجمل الأوضاع في ليبيا؟

إلهام السعودي: إن تصرف إيطاليا في ليبيا – المدعوم من الإتحاد الأوروبي – هو انتهاك واضح بالنسبة لي، لأنه يُمَكِّن مُمارسات التعذيب في البلاد. لقد صَرَّحَت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مِراراً بأن ليبيا لا تُعتَبَر دولة آمنة، ولا يُفترض إعادة اللاجئين إليها. لكننا في نفس الإطار نرى قيام إيطاليا بالتوقيع على إتفاقية مع إحدى الحكومات الليبية، تنص على إيقاف خَفَر السواحل الليبية للاجئين الخارجين من المياه الليبية، ليُعادوا إلى ليبيا كخطوة أولى، دون توضيح ما سيحدث لهم لاحقاً، لِعَدم وجود إتفاقية مُماثلة بين ليبيا والدول التي جاءوا منها. وما يحدث في الواقع هو بقاء هؤلاء في مراكز إحتجاز المهاجرين في ليبيا المدعومة من دول أوروبية، حيث يتعرضون إلى شتى صنوف الإنتهاكات. إن هذا يتعارض مع القانون الدولي، لأن إيطاليا وَقَّعَت على الإتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين (على عكس ليبيا). إذن، وبغض النظر عن الوضع الفعلي، فإن الوضع القانوني غير سليم أيضاُ، لدخول إيطاليا في إتفاقية مع دولة غير موَقِعة على إتفاقية اللاجئين أصلاً، أي أنهم يبعثون بأشخاص إلى دولة غير مُلزَمة بهذا القانون، حيث تُنتهك حقوقهم، وهم يعرفون ذلك لوجود تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني بهذا الشأن.

swissinfo.ch: اعتبر تقرير بريطاني صدر في سبتمبر 2016 أن قرار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون التدخل العسكري في ليبيا في مارس 2011 “استند إلى معلومات مخابرات خاطئة” وحمّله مسؤولية دور بريطانيا في أزمة ليبيا. كذلك أقر فرانسوا فيون رئيس وزراء فرنسا آنذاك خطأ قرار التدخل، كما قال الرئيس الأمريكي أوباما إن العملية العسكرية في ليبيا كانت “الخطأ الأكبر خلال فترة ولايته”. كمنظمة حقوقية؛ هل تعتزمون ترك هذه الجرائم بدون محاسبة؟

إلهام السعودي: هذه على العموم هي نفس ثقافة الإفلات من العقاب في الوضع الليبي على جميع المستويات التي ذكرتُها سابقاً. لقد جاء التدخل العسكري في ليبيا في عام 2011 بطلب من الحكومة الليبية [المجلس الوطنى الإنتقالي المؤقت] التي تُعتَبَر أول حكومة للثورة، كما طالبنا نحن بالتدخل أيضاً، إذ لم يكن بوسعنا كليبيين وكمُمَثلين عن المُجتمع المدني التخلي عن مسؤوليتنا بالمُطالبة بالتدخل حينذاك، لأن الوضع تطور بطريقة لم تكن متوقعة وكان هناك إستهداف واضح للمدنيين. لذا كان الإطار هنا مُختلفاً. بَيد أن هناك مسألة أخرى تتناساها الدول التي تتدخل عسكرياً بذريعة حماية المدنيين، ألا وهي مسؤولية إعادة البناء. التدخل العسكري يكون مطلوباً أحياناً، لكن لا ينبغي للطَرف المُتَدَخِّل التخلي عن مسؤوليته عندما يصعب عليه ذلك، ليقول لاحقاً “إن تدخله كان خاطئاً”. لقد تَخَلَّت هذه الأطراف عن مسؤوليتها في الطرف الأخير لمفهوم القانون الدولي المتعلق بمسؤولية الحماية وإعادة البناء. ونحن نشعر أن موقفنا كمجتمع مدني لا يكون برفع قضايا، ولكن بمطالبة هذه الدول بإكمال دورها في بناء الدولة. كذلك تركز منظمتنا على مطالبة إيطاليا مثلاُ بإقران دعمها لمراكز الإحتجاز بالمراقبة، وسَحب الدَعْم عند حدوث إنتهاكات، ومُساءَلة الأمم المتحدة عمّا فعلته بهذا الصدد، أو حول ممارستها لأي نوع من التدقيق للأشخاص الذين يستلمون المناصب في ليبيا.

swissinfo.ch: ماهي أهم التحديات التي تواجهها المرأة الليبية اليوم؟ وهل ترين أن الأطراف المسيطرة على شرق وغرب ليبيا والتي يُحتمل أن تصل يوما ما إلى صيغة توافقية لحكم البلاد، ماضية قُدُماً في تحسين الوضع الحقوقي للمرأة الليبية، أم أن العكس هو الصحيح؟

الهام السعودي: هناك عدُوّان رئيسيان للمرأة في ليبيا، هما السّاسة والمشرعون من جهة، والثقافة العامة من الجهة الأخرى. على سبيل المثال، نرى أن مسودة الدستور رَسَّخَت بعض الخسائر التي تكبدتها المرأة في الثورة، مثل عَدَم إعطائها الحق في مَنح الجنسية لأولادها عند زاوجها بشخص غير ليبي. ومع أنَّ الدستور ينص بوضوح على المساواة بين الرجل والمراة، لكن البنود التالية المتعلقة بالجنسية، أو التي تنص على أن الشريعة هي مصدر التشريع دون المزيد من التوضيح، يعني إنعدام هذه المساواة.

مع كل ما سبق ذكره، لا يزال لديّ أمل، وأشعر بأن النهاية ستكون إيجابية، لكن لا بد لنا من التَحلّي بالنفس الطويل

بالإضافة إلى ذلك، تخضَع بعض الحكومات في ليبيا إلى ضغوطٍ كبيرة من أطراف مُحافظة وهيئات تفسيرية. وقد لاحظنا أحياناً صدور فتوى من دار الإفتاء تم تفعيلها مُباشرة من قِبَل بعض الميليشيات، دون أن يكون هناك أي نوع من التقنين. فَمَنع النساء دون الستين من السفر دون محرم مثلاً، لم يكن بقانون، ولكن بقرار من المفتي تارة، ومن الحاكم العسكري لمنطقة الساحل الشرقي لليبيا تارة أخرى. هذه العشوائية فيها خطرٌ كبيرٌ على ليبيا، لعدم وجود نظام أو مؤسسة يمكن التقدُّم بشكوى رسمية فيها، أو بإمكانها إيقاف التنفيذ، لأن من يقوم بالتنفيذ في المطار، أو في دوائر الجوازات، أو على الحدود هم الميليشات.

كذلك فإن ليبيا دولة محافظة جداً ثقافياً، وهناك نوع من الضغط الإضافي على المرأة يمنعها من المشاركة في المجتمع المدني لخوفها – أو خوف أهلها عليها – لعدم سلامة الوضع في البلاد. 

swissinfo.ch: كيف تنظرين إلى مستقبل ليبيا؟ وما هو المطلوب اليوم لإخراج البلاد من حالة الفوضى والإرهاب القائمة فيها في ظل الإنقسامات السياسية والعسكرية والقبلية والأمنية الحالية؟

إلهام السعودي: مع كل ما سبق ذكره، لا يزال لديّ أمل، وأشعر بأن النهاية ستكون إيجابية، لكن لا بد لنا من التَحلي بالنفس الطويل، لأن تغيير أكثر من 40 عاماً من حكم القذافي وسنوات المَلَكية والإستعمار التي سبقتها، لن يتطلب سنة أو عشرة أو حتى عشرين. يَتعيّن اليوم بناء كل شيء من الصفر في ليبيا، لكن الجميل في هذا الموضوع هو إمتلاكنا الفرصة لبناء دولة جيّدة. بَيد أنَّ هذا يقتضي أن يَمنَح الليبيون أنفسَهُم – وكذلك المجتمع الدولي – مساحة كافية من الوقت. نحن نرى أن الضغط للخروج بدستور في عام 2018 هو تفكير غريب. فكتابة دستور في الوضع الراهن، يعني التركيز على مشكلة الأمن على حساب القضايا السياسية، أو المدنية، أو الحقوقية، كحقوق الأقليات أو المرأة، أو حرية التعبير أو تكوين الجمعيات، وسيُسفر عن مَنح الجيش والسلطة التنفيذية دوراً أكبر من الُمفترض، لأن تفكير الناس الآن مُنصَب على الأمن والإستقرار. وقد رفعنا جميع هذه المخاوف للهيئة المُكلَّفة بإعداد الدستور والحكومات الأجنبية التي تحاول تعجيل هذه المسألة. كما تصُب كافة عمليات التوعية التي نقوم بها على المخاطر التي قد تحدث لو لم يخرج هذا الدستور في الوقت المُناسب. ولو وُجِدَت هناك ضغوط بالفعل، وطُرِح الدستور للإستفتاء، فسوف تَنصَب حملتنا على رَفضه، لأن الخروج بدستور سيء، يعني إضاعتنا للفرصة وأعدامنا لحكم القانون في ليبيا. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية