مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“ما بعد الإتفاق حول إدلب”.. “جهود في جنيف لمكافحة الإفلات من العقاب في سوريا”

صفحات أولى لست صحف يومية سويسرية
هذا الأسبوع، تناولت الصحف السويسرية بالتحليل التداعيات المرتقبة لقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا). swissinfo.ch

واصلت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع اهتمامها بالأوضاع في سوريا واستفاضت في تحليل نتائج الإتفاق الذي تمخضت عنه قمة سوتشي بين الرئيسين الروسي والتركي بخصوص مستقبل الأوضاع في محافظة إدلب واحتمالات صموده. كما تناولت الحصيلة الأولية لأعمال الآلية الدولية المُحايدة المستقلة للمساعدة في أعمال التحقيق والملاحقة القضائية للمسؤولين عن ارتكاب الجرائم الأشد خطورة، وفق القانون الدولي، المرتكبة في سوريا منذ مارس 2011.

صحيفة “24 ساعة”، تصدر بالفرنسية في لوزان،  19 سبتمبر 2018 

“أردوغان حشر نفسه في وضعية دقيقة جدا”

بعد الإتفاق الذي توصلت إليه موسكو وأنقرة يوم الإثنين 17 سبتمبر الجاري في قمة سوتشي بين رئيسي البلدين والقاضي بإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، وبتعهد روسيا بأن لا يقوم جيش بشار الأسد بشن الهجوم على مدينة إدلب وموافقة تركيا على القيام بما يلزم لكي تنسحب المجموعات المتمردة من تحصيناتها وعلى إقامة منطقة منزوعة السلاح على طول هذا الخط (الذي تمت إقامة تحصينات فيه لمنع هجوم القوات الحكومية) يتراوح عرضها ما بين 15 إلى 20 كيلومتر. كما ستقوم دوريات مشتركة روسية تركية بتوفير الأمن في هذه المنطقة ابتداء من يوم 15 أكتوبر المقبل.

في صحيفة “24 ساعة”رابط خارجي، أجرى أندرس آلمان حوارا مع فريديريك بيشون، الخبير المتخصص في النزاع السوري والمستشار لدى مجلس أوروبا، وسأله عن رأيه في مدى جدية الإتفاق الروسي التركي الأخير، فأجاب “لا أعتقد أن هذا الإتفاق ذو طابع تكتيكي فحسب”، وأضاف أن “الأتراك والروس على حد السواء لهم مصلحة في تجنب الهجوم. فمنذ فترة طويلة، تخلى رجب طيب أردوغان عن فكرة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، فهو يريد فقط حفظ ماء الوجه وتأمين حدوده وتجنب الإضطرار لمواجهة موجة جديدة من اللاجئين. على الجانب الآخر، لا تُبدي موسكو ودمشق أي استعجال لاستعادة السيطرة الكاملة على محافظة إدلب حيث تتنافس أصناف لا حصر لها من المتمردين الراديكاليين القادمين من كافة أنحاء سوريا تقريبا”.

في الوقت نفسه، يرى الخبير بيشون أن هذا الإتفاق قد يعني أن الرئيس التركي “حشر نفسه في وضعية دقيقة جدا”، حيث أنه “يُجسّد في الواقع تخلي تركيا عن المجموعات المتمردة السورية التي كانت تدعمها والتي وحّدتها تحت مسمى الجبهة الوطنية للتحرير.. فقد تعهّد الأتراك بنزع أسلحة المجموعات المسلحة التي تنظر إلى الأمر كخيانة (لهم). ليس من المؤكد أن سيقبلون بذلك…”.

بخصوص المجموعات الأصولية التي تُشكل حوالي نصف عدد المتمردين، يُذكّر الخبير بأنها “لا تحظى برعاية أنقرة، لكن يُفترض أن تنسحب هي أيضا من المنطقة المنزوعة السلاح التي ستسيّر فيها دوريات مشتركة بين الروس والأتراك ابتداء من يوم 15 أكتوبر. وهنا أيضا، لا يعرف أحد كيف سيردّ الجهاديون الفعل. ومن الذي سيقوم بإبعادهم (من هذه المنطقة) حتى ذلك الوقت؟ وهل سيكون ذلك عن طريق عمليات قصف روسية بضوء أخضر من طرف أنقرة التي قد توفر المعلومات الإستخباراتية العسكرية؟”.. 

عموما، يرى فريديريك بيشون أن تركيا “قد تتعرض – بسبب كل هذا – إلى تنفيذ هجمات فوق أراضيها، لكن  – ربما بكون هذا هو الهدف تحديدا – أي التوفّر على عُـذر جيّد لتبرير شن هجوم تركي على الأصوليين”، كما يقول. 

صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ”، تصدر بالألمانية في زيورخ،  19 سبتمبر 2018

“في حال تمّت خسارة إدلب أيضاً فلن يبقى في سوريا معارضة”

في تحليل قصيررابط خارجي عن الوضع في مدينة إدلب السّوريّة، بعد الوصول إلى اتّفاق بين تركيا وروسيا على إقامة منطقة منزوعة السّلاح هناك، تقول المراسلة السويسرية إنغى روغ: “إنّ الوصول إلى هذا الاتّفاق أجّل الصّراع في سوريا مؤّقتاً”. كما ذكّرت بأطراف أخرى تشارك ولها مصالحها الخاصة في المنطقة، وهي إيران وإسرائيل في شمال سوريا وبالهجمات المتفرّقة التي قامت بها الأخيرة على نقاط عسكريّة لإيران في سوريا للتقليص من نفوذها في المنطقة.

روغ ترى أنّه “في حال تمّت خسارة إدلب أيضاً، لن يبقى في سوريا معارضة”. ومن جانبه، يرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في هذا الإتفاق فرصة لإيجاد حل ساسي للنزاع في سوريا، كما تطرّق إلى عزم تركيا على إرسال المزيد من الجنود إلى المنطقة لحماية نقاط المراقبة العسكريّة الاثنا عشر هناك، وتطهيرها من المتشدّدين مثل هيئة تحرير الشام والإبقاء فقط على المعارضة المعتدلة، علماً بأنّ “أبو محمد الجولاني قائد المنظّمة قد رفض أكثر من مرّة فكرة تسليم السلاح”، بحسب الصحيفة. أمّا الخبير في العلاقات التركيّة الرّوسيّة أخماتوف فلا يعتقد بأنّ تركيا قادرة على إقصاء هيئة تحرير الشام، ويذكر الخبير باستراتيجيّة روسيا التي اتبعتها أكثر من مرّة في سياق محاولة تجنّب حمامات الدماء في سوريا وذلك في مناطق عدّة، مثل ما حدث في غوطة دمشق وفي حلب، فهي تتبع سياسة التّهديد بالتصعيد لتؤمّن لنفسها مركزاً قويّاً في المفاوضات، وهذا بالضبط ما يحدث الآن في إدلب.

بالنّسبة للمدنيّين في إدلب فإنّ هذا الإتفاق هو خبر سار لأنّه ساعد في تجنّب الهجمات التي كان ينوي النّظام السّوري القيام بها على المدينة، بحسب الصحيفة. ومن جانبه رأى وزير الخارجيّة الإيراني أنّه “قد تمّ تجنّب حرب عن طريق الدبلوماسية المكثّفة”، واعتبر أنّ الاتفاق في إدلب يدعم “الحرب على الإرهاب”. أما النّظام السوريّ، فقد صرّح برغبته في الإلتزام بهذا الإتفاق، ولكنه شدّد في الوقت نفسه على أنّ ذلك “لن يُغيّر شيئاً في حقيقة أنّه يجب تطهير سوريا من الإرهابيّين والميليشيّات الأجنبيّة”.

ينبغي على تركيا انهاء المهمّة المناطة لها في سياق هذا الاتفاق قبل 15 أكتوبر، ولكنّ المراقبين “يُشككّون في قدرتها على ذلك”، بحسب الصّحيفة. أما بالنّسبة لأخماتوف، فقد نجحت روسيا بتقديم قضيّة إدلب بالشكل الذي يحلو لها، وعرض الأمر على أنّه تجنب لمعارك دامية، “في حين أنّ هذا الإتفاق سيُضعف نفوذ تركيا في المنطقة ويؤدّي إلى زيادة المخاطر”، حسب رأيه. 

صحيفة “لوتون”، تصدر بالفرنسية في لوزان،  21 سبتمبر 2018

 “جنيف في قلب الجهود الرامية لمكافحة الإفلات من العقاب في سوريا”

مع الصراع السوري دائما، سلطت “لوتون”رابط خارجي الأضواء على الآلية الدولية المُحايدة المستقلة للمساعدة في أعمال التحقيق والملاحقة القضائية للمسؤولين عن ارتكاب الجرائم الأشد خطورة، وفق القانون الدولي، المرتكبة في سوريا منذ مارس 2011 (يُشار إليها اختصارا: MIII) ونقلت على لسان رئيستها كاترين مارشي – أوهل Catherine Marchi-Uhel، وهي قاضية فرنسية عُيّنت في المنصب منذ شهر يوليو 2017 أن “العمل الرامي إلى جمع الأدلة يتم بسرعة”، مضيفة “نحن نشتغل كالنملة”.

السيدة مارشي – أوهل شددت في تصريحاتها على أن هذه الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي أنشأتها الأمم المتحدة في موفى عام 2016رابط خارجي وتتخذ من جنيف مقرا لها، “لا تركز اهتمامها على طرف دون آخر من أطراف النزاع (الذي أسفر حتى الآن عن مقتل حوالي نصف مليون شخص) بل على جميع الأطراف”، أي قوات نظام بشار الأسد ومختلف المجموعات المسلحة المعارضة.

في الوقت الحاضر، يقوم 23 موظفا بتجميع وثائق وأدلة لتشكيل ملفات جنائية مستقبلية. ومن المنتظر أن يصل عدد العاملين فيه إلى 40 شخصا بحلول نهاية العام الجاري وإلى حوالي 60 في منتصف عام 2019.

في لقاء جمعها بوسائل الإعلام في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف يوم الخميس 20 سبتمبر الحالي، عرضت السيدة كاترين مارشي – أوهل حصيلة أولية لعمل الآلية حيث اتضح أنها قامت بعدُ بتجميع 900 ألف وثيقة، أي ما يُوازي 4 تيرابايت (1 تيرابايت أو TB يُساوي 1000 غيغا بايت) من المعطيات، كما تأمل فتح ملفيّن محددين من الآن وإلى نهاية السنة الجارية. من جهة أخرى، تلقت الآلية حتى الآن سبعة مطالب من ثلاث سلطات قضائية وطنية أوروبية. كما تتعاون بشكل وثيق مع شبكة المعنية بالإبادة التابعة للإتحاد الأوروبي ومع عدد الوكالات الأممية المعنية من بينها منظمة حظر الأسلحة الكيميائيةرابط خارجي.

رئيسة الآلية الدولية المُحايدة المستقلة – التي تقع تراتبيا بين محكمة جنائية دولية ولجنة تحقيق – قالت أيضا: “في سياق تجميعنا للوثائق، منحنا الأولوية إلى الوثائق التي تتطلب حاجة عاجلة للحفاظ عليها”، وأضافت أن “الأدلة المُجمّعة يجب أن تصلُح للهيئات القضائية التي سيتم التصريح بأهليتها (أو اختصاصها) لمحاكمة الجرائم المرتكبة في سوريا سواء كانت (هذه الهيئات) وطنية أو إقليمية أو دولية كالمحكمة الجنائية الدولية. وكما هو معلوم، فإن مجلس الأمن الدولي عاجز حاليا عن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب حق النقض الروسي ونظرا لعدم قيام سوريا بالتوقيع على القانون الأساسي لروما الذي تأسست عليه المحكمة الجنائية الدولية.

مبدئيا، لا تخشى السيدة كاترين ماركي – أوهل من “قلة استخدام” الآلية التي تترأسها، مشيرة إلى أن التعاون “يتم حتى الآن بشكل جيد”. وفي هذا السياق، التقت الآلية بالمجتمع المدني السوري في لوزان يوم 4 أبريل 2018 وتم التوقيع على بروتوكول اتفاق مع 28 منظمة غير حكومية سورية. وعلى الرغم من مخاوف بعض هذه المنظمات من أن يتم انتزاع المعطيات التي بحوزتها منها إلا أن ذلك ليس سوى خرافة كما تقول رئيسة الآلية “لأن المواد التي تُسلّم إلينا تظل مرتبطة بنفس تلك المنظمات غير الحكومية”.

وبحكم أن العمل المُنجز من طرف هذه الآلية “يجب أن يستجيب لمقاييس ومواصفات رفيعة جدا خاصة بالعدالة الجنائية الدولية”، لذلك يُمكنها الإعتماد على “منظومة تصرف في الأدلة فائقة التطور، وعلى منهجية صارمة، وعلى مُتعاونين على درجة عالية من التخصص في المجال، يُتقن البعض منهم العربية تماما بالتأكيد”، كما تقول الصحيفة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية