مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إيف بيسون: “اتفاق الدوحة هو نوع من التتويج لمحادثات مون بيلران”

Keystone

غداة توقيع اتفاق الدوحة، أشادت سويسرا بتحرك "يسمح بوضع حد للأزمة السياسية في لبنان"، مُذكرة بأنها دعمت مبادرات مختلفة لتشجيع الاستقرار في بلاد الأرز، لا سيما محادثات الأطراف اللبنانية التي باتت تعرف بـ"حوار مون بيلران" نسبة إلى المنتجع السويسري الذي استضافها، والتي تمت بالتعاون مع "الجمعية السويسرية للحوار الأوروبي العربي الإسلامي".

وأوضح السيد إيف بيسون، نائب رئيس الجمعية، لسويس انفو أن اتفاق الدوحة “نوع من التتويج لمحادثات مون بيلران بمعنى ما”، مُشددا في المقابل على أن المشاركين اللبنانيين لم يستندوا في مضمون الاتفاق على ما تم مناقشته في سويسرا، بل استوحوا من حوار مون بيلران منهجيته واستفادوا من أجوائه التي قد تكون قد سهلت التوصل إلى اتفاق الدوحة.

أثنت وزارة الخارجية السويسرية في بيان أصدرته مساء الخميس 22 مايو الجاري في برن على “الجهود المُكثفة لأمير ورئيس وزراء قطر، والأمين العام لجامعة الدول العربية لحل هذه الأزمة (اللبنانية)”.

وجاء في البيان أن “اتفاق الدوحة يجب بالتالي أن يسمح بجلب الاستقرار السياسي والمؤسساتي للشعب اللبناني الذي يفتقر إليه منذ شهور عديدة”.

ودعت وزارة الخارجية السويسرية “كافة الأطراف اللبنانية إلى تطبيق اتفاق الدوحة واحترامه بهدف حل المشاكل التي يمكن أن يواجهها لبنان عن طريق الحوار”. كما عبرت عن دعمها لسيادة واستقلال لبنان.

ولم يفت برن التذكير بهذه المناسبة أن وزارة الخارجية السويسرية دعمت مبادرات مختلفة من أجل تعزيز الاستقرار السياسي والمؤسساتي في لبنان، مُستشهدة على ذلك بالحوار اللبناني الذي استضافه منتجع مون بيلران السويسري في مناسبتين (وضواحي برن في مناسبة واحدة)، والذي فسح المجال لمختلف التيارات اللبنانية للالتقاء والتحاور تحت رعاية الجمعية السويسرية للحوار الأوروبي العربي الإسلامي.

نائب رئيس هذه الجمعية، الدبلوماسي السويسري السابق إيف بيسون، يسلط الضوء – في حوار أجرته معه سويس انفو يوم الجمعة 23 مايو الجاري – على الانفراج السياسي في بلاد الأرز وإسهام جمعيته في تطوير الحوار اللبناني الذي قد يتواصل في كل من سويسرا ولبنان.

سويس انفو: ما هو تقييمكم للاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الأربعاء 21 مايو في الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين؟

إيف بيسون: من وجهة نظرنا (في الجمعية السويسرية للحوار الأوروبي العربي الإسلامي)، هذا ما كُنا نتمناه (…) منذ أن وصلت الأوضاع إلى مآزق (…) لأن هدفنا ببساطة في مجموعة العمل هذه كان دائما الإعداد لإصلاح ومراجعة وإعادة صياغة المؤسسات اللبنانية على المديـيْن المتوسط والبـعيد.

وكان يجب أولا تجاوز هذه الأزمة للتمكن لاحقا من العمل على المديـين المتوسط والبعيد. وما كنا نتمناه هو أن يساعد هذا العمل على تجاوز الأزمة المباشرة. وبالتالي، نحن كـجمعية، وبدعم وزارة الخارجية السويسرية، لا يسعنا إلا أن نكون مسرورين بهذا الاتفاق. (…)

سويس انفو: هل يمكن القول أن التفاهمات التي تم التوصل إليها في سويسرا بإشراف جمعيتكم قد ساعدت بشكل أو بآخر على بلورة اتفاق الدوحة جزئيا أو كليا؟

إيف بيسون: يصعبُ قول ذلك، لكن الشيء الوحيد الذي يمكن أن أقول لـكم: من بين الأعضاء السياسيين – فلنصفهم هكذا – في مجموعة عملنا التي ضمت في الآن نفسه سياسيين وأفراد من المجتمع المدني وأساتذة وقانونيين، كان هنالك خمسة في الوفود اللبنانية (التي حضرت توقيع الاتفاق) في الدوحة، أي تقريبا نصف المجموعة، ومن هنا، يمكن التصور بشكل معقول أن العمل الذي قُمنا به في سويسرا كان مُفيدا بما أنهم تعودوا على تدارس بعض القضايا التي كانت مُستترة في الدوحة – علما أن الأمر كان يتعلق في الدوحة بالاتفاق حول التحضير للانتخابات الجديدة، وكان ينبغي أولا انتخاب رئيس للبلاد، ثم تعيين حكومة، وإعداد انتخابات 2009، ومراجعة جزئية أو تلميع القانون الانتخابي، ورسم حدود الدوائر الانتخابية، خاصة في بيروت.

فكما ترون، كان خمسة أعضاء من مجموعتنا في الدوحة، أي أنه من بين مختلف التيارات اللبنانية المُمثلة هناك، ضم خمسةٌ في صفوفهم شخصيات شاركت في لقاءات سويسرا، من بينهم فريد الخازن، وعلي حمدان وجوزيف نعمة الذي مثل سمير جعجع. (…)

سويس انفو: اتفاق الدوحة كان إذن خطوة محمودة؟

إيف بيسون: هذا ما كنا نتوخى القيام به عبر تدريب هذه المجموعة، ففي بحث القضايا على المديين المتوسط والبعيد، كنا نأمل أن يساعدهم ذلك على تجاوز خلافاتهم، وقد تمكنوا من تحقيق ذلك عبر طريق آخر لحل الأزمة المباشرة في لبنان. ومن الأفضل أن يكونوا قاموا بذلك تحت رعاية جامعة الدول العربية، وقطر.

سويس انفو: ألا يمكن القول إنهم تمكنوا من التوصل إلى حل استنادا إلى ما تم القيام به هنا في سويسرا؟

إيف بيسون: يمكن الإجابة بنعم وبلا، بما أن المشاكل لازالت موجودة. نحن لم ننشغل أبدا في مجموعتنا بانتخاب رئيس لبنان وتعيين حكومته ومنح حق التعطيل (النقض) لأقلية في الحكومة، وهو ما حصلت عليه المعارضة في الدوحة. نحن لم نهتم أبدا بذلك، ولم نتقدم أبدا بمقترح بهذا المعنى لأنه لم يكن أبدا موضوع دراسة بالنسبة لنا، نحن درسنا مسائل تُطرح على المديين المتوسط والبعيد.

سويس انفو: تقصدون أن الأطراف اللبنانية التي شاركت في حوار مون بيلران استندت إلى منهجية مستوحاة من الأجواء التي وفرتها لهم جمعيتكم؟

إيف بيسون: نعم هذا صحيح جدا. ويسمح لنا ذلك الآن بتعميق المناقشات التي بدأناها. فاتفاق الدوحة لم يتم استنادا لما قمنا به، لكن الأكيد أن الأجواء والأعمال التي تمت فيها محادثات المشاركين اللبنانيين في سويسرا، ربما سهلت التوصل إلى هذا الاتفاق.

سويس انفو: يرى عدد من المراقبين أن المعضلات الأساسية التي كانت محل خلاف لم تُحل بشكل نهائي (مثل سلاح حزب الله أو القانون الانتخابي) هل تخشون من عودة التوتر مُجددا لهذا السبب؟

إيف بيسون: لقد تم وضع المشاكل الأساسية جانبا، مثلما ذكرتم، وهو ما سمح بالتوصل إلى اتفاق الدوحة. أما فيما يخص احتمالات عودة التوتر، فمن الصعب التكهن بهذا الشأن.

لكن إذا ما نظرتم إلى سياق آخر مُجاور، فستجدون أن اتفاقيات أوسلو وضعت جانبا مسائل تطرح مشاكل، مثل اللاجئين والقدس. وفي نهاية المطاف، لم يسمح ذلك بإحراز تقدم. فبعد مرور 15 عاما على توقيعها، يمكن أن نتساءل إلى ماذا أدت تلك الاتفاقيات؟ فهي لم تسمح بتحقيق تقدم في قضايا أخرى. وبالتالي فإن قضية إنشاء المحكمة الدولية (الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، التحرير) وقضية سلاح حزب الله، وقضية استراتيجية الدفاع، وقضية موقع لبنان في الدبلوماسية العربية وفي السياق الشرق أوسطي – فلبنان يبدو أنه لا يمتلك بقدر كاف لسياسة خارجية إقليمية – هذه جملة من القضايا التي تم استبعادها في الدوحة للتمكن من تسوية المشاكل الداخلية في لبنان (…)

على أية حال، نحن نرى أن (اتفاق الدوحة) أزال عقبة، ويعني ذلك أنه سيكون بإمكاننا مواصلة عملنا. وقد أبدت الأطراف اللبنانية بعدُ اهتماما باستئناف المحادثات في سويسرا، بما فيها حزب الله.

لكن هنالك أيضا كافة القضايا الاقتصادية التي يجب أن تخضع للبحث، إذ يتعين تدارس اقتصاد لبنان وماليته.

سويس انفو: يمكن القول إذن أن اتفاق الدوحة يسمح للبنان بتنفس الصعداء بعض الشيء ولكن لا يضمن له راحة دائمة…

إيف بيسون: هذا يعتمد على الجهات الفاعلة ولا يمكنني توقع أي شيء بهذا الصدد (…)

سويس انفو: في ضوء التطورات الأخيرة، هل يمكن أن نتوقع استئناف الحوار اللبناني في مون بيلران في المستقبل القريب؟ وما هي المواضيع التي قد تطرح فيه؟

إيف بيسون: نعم يمكن توقع ذلك (…)، أما فيما يخص المواضيع التي ستطرح على النقاش، فذلك يعتمد على مختلف الأطراف المشاركة.

وأقول في هذا السياق أن اتفاق الدوحة هو نوع من التتويج لمحادثات مون بيلران بمعنى ما، وأقصد بذلك أن الأمر يتعلق بمنتدى يمكن القول أنه أثبت جدارته برصانة، ويسمح بمواصلة حوار سيكون ذي طبيعة مختلفة، لأن المحادثات حول مواصلة ما أُسميه “عملية التعزيز” في لبنان، ستتم في بيروت، وستكون قضية الرئيس وجميع مكونات الطبقة السياسية اللبنانية.

لكن النقاش على المدييـْن المتوسط والبعيد حول الجوانب الاقتصادية التي ذكرتـُها سابقا أو الجوانب المؤسساتية أو الجوانب التي تتسم بقدر أكبر من النظرية والقانونية، فقد تتواصل في منتدى جمعيتنا الذي يحتفظ بصلاحيته في هذا الإطار، وربما أكثر مما مضى (بعد توقيع اتفاق الدوحة).

وبطبيعة الحال، يمكن أن نقول الآن أن المحادثات يمكن أن تتواصل في سويسرا وحتى في بيروت بما أن العقبة أزيلت ويمكن بسهولة عقد لقاءات هناك. (…) كما يمكن أن تطرأ على مجموعة المشاركين في تلك المحادثات بعض التعديلات أو يتم توسيعها وفقا للاحتياجات، لأنه في حال التطرق إلى قضايا قانونية أو مؤسساتية، فنحن بحاجة إلى متخصصين في مجال الدستور، وإلى ربط خبراء دستوريين أوروبيين بنظراء لبنانيين.

سويس انفو – إصلاح بخات

(بتصرف)

عقدت الجولة الثالثة من الحوار اللبناني – اللبناني في سويسرا (في ضواحي برن العاصمة) بتاريخ 17-18-19 أغسطس/آب 2007، بدعوة من الجمعية السويسرية للحوار الاوروبي-العربي-الاسلامي (ممثلة بـحسان غزيري وإيف بيسون)، وبدعم ومشاركة من الحكومة السويسرية (ممثلة بالمبعوث السويسري السفير ديدييه بفيرتر ومساعده كيم ستزلر والسفير السويسري في بيروت فرنسوا باراز والوسيط السويسري جوليان هوتنيجر).
وبمشاركة المحاورين اللبنانين الذين يمثلون طيفاً من التنوع السياسي والثقافي اللبناني تعبيراً عن أحزاب ومجتمع مدني وهم: علي فياض، عارف العبد، غالب محمصاني، عباس الحلبي، فريد الخازن، غسان مخيبر، رلى نورالدين، جوزيف نعمه، انطوان مسرة ورغيد الصلح وتغيب علي حمدان والسفير سمير حبيقة.
اتسمت المناقشات بالصراحة والايجابية وتغليب منطق التسوية ومصلحة الوطن العليا، على أمل ان تشكل إسهامات الحوار مادة مساعدة في دفع التفاهم اللبناني-اللبناني قدماً لبلوغ الإستقرار السياسي والإجتماعي الراسخ.
وإذ يعيد المنظمون والمشاركون التأكيد كذلك على الطبيعة التشاورية للقاء، فإن اللقاء شكل بحد ذاته فرصة استثنائية من حيث عمق الحوارات وجديتها وصراحتها ومسؤوليتها ووفر في الموضوعين المطروحين إحاطة شاملة بالإشكاليات الكامنة والتصورات المختلفة والحلول المطروحة.
إن الهاجس الذي طالما حكم منهجية هذا الحوار وشكل هدفاً له هو البحث العميق في الأسباب الكامنة لعدم الإستقرار اللبناني الذي يحيل دوماً الأزمات السياسية إلى أزمات مؤسساتية تعطل بنية الدولة وتهدد البلاد بالإنقسام والصراعات.
(المصدر: بيان الجمعية السويسرية للحوار الأوروبي العربي الإسلامي، الذي توصلت سويس انفو بنسخة منه يوم الثلاثاء 28 أغسطس 2007)

بيروت (رويترز) – ذكرت صحيفة السفير اللبنانية يوم الجمعة 23 مايو 2008 أن العماد ميشال سليمان قائد الجيش الذي سيصبح رئيسا جديدا للبلاد دعا إلى الوحدة الوطنية بعد أن اتفق الساسة المتناحرون على إنهاء صراع مستمر منذ 18 شهرا.

وقال سليمان للسفير “أنا وحدي لا أستطيع إنقاذ البلد. هذه مهمة الجميع.”

ومن المقرر أن يقر البرلمان تنصيب سليمان رئيسا للدولة يوم الأحد 25 مايو ليملأ منصبا شاغرا منذ نوفمبر تشرين الثاني الماضي بسبب صراع سياسي أدى الى أسوأ اقتتال داخلي منذ الحرب الاهلية اللبنانية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وأنهي اتفاق تم التوصل اليه هذا الأسبوع في قطر الصراع بين الائتلاف الحاكم الذي تدعمه الولايات المتحدة والمعارضة التي يقودها حزب الله. ومهد الاتفاق الطريق لانتخاب سليمان وتشكيل حكومة جديدة.

وسيرأس الرئيس الجديد المحادثات بين المتنافسين بشأن قضايا تشكل جوهر الصراع من بينها أسلحة حزب الله.

وقوضت الازمة الاستقرار في لبنان الذي شهد أيضا اغتيالات وتفجيرات وحربا بين حزب الله واسرائيل في عام 2006 واشتباكات بين الجيش ومتشددين اسلاميين في مخيم نهر البارد في عام 2007.

وقال سليمان “الامن ليس بالعضلات بل بالإرادة السياسية المشتركة.” ومضى يقول “علينا أن نحصن أنفسنا أمنيا وسياسيا بالوحدة الداخلية.”

وستحصل المعارضة على سلطة فعلية لممارسة حق النقض (الفيتو) في الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها بعد انتخاب سليمان. كما اتفق الجانبان أيضا على قانون لترسيم الدوائر الانتخابية للانتخابات البرلمانية التي سترجى في عام 2009.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 23 مايو 2008)

هي جمعية غير ربحية وغير طائفية تأسست في 21 يونيو 2006 في مدينة جنيف.

مهمتها جمع وتوحيد الأشخاص الذين يؤمنون بضرورة إعادة صياغة الحوار بين العرب والمسلمين بطريقة اكثر إنفتاحية.

من أهدافها أيضا توفير مساحة حرة منفتحة على جميع الأطراف وتنظيم الحلقات والمؤتمرات لمناقشة الروابط بين الثقافتين الإسلامية والغربية.

كما تسعى الجمعية إلى “تمويل وجمع رأس المال الضروري لتأسيسها وتفعيل دورها”، وسوف يكون التمويل متجها نحو “ثلاثة محاور رئيسية: الملاحظة والبحث والتدريب”.

تدعم الجمعية “تأسيس معهد تعود إدارته لها من أجل تحقيق الاهداف الثلاثة السابقة”.

بدأت الجمعية مرحلة التأسيس وهي ترمي إلى دعم نشاطاتها “عن طريق إيجاد التمويل والإتصال والعلاقات العامة”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية