مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جهود سويسرية جديدة لاجتذاب المرضى الأثرياء

رغم السمعة الطيبة التي تتمتع بها سويسرا في مجال الرعاية الطبية، لا يزال عليها بذل المزيد من الجهود لجذب الأثرياء الأجانب الذين يبحثون عن علاج من الدرجة الرفعية، حسب اعتقاد عدد من الخبراء.

وقد تحالف ممثلون لقطاع الأعمال والسياحة لتشكيل منظمة “الصحة السويسرية” من أجل الترويج لسويسرا كوجهة صحية. ومن بين الفئات المُستهدفة المرضى من الهند وروسيا والشرق الأوسط.

وتأسست “الصحة السويسرية” من قبل شبكة الأعمال وتنشيط التجارة السويسرية في الخارج “أوسيك”، وهيئة “السياحة السويسرية”، بهدف تجميع المستشفيات والمصحات التي لا يسمح لها صغر حجمها بتسويق خدماتها بإمكانياتها الخاصة.

وتتمثل الفكرة في خلق علامة تجارية قوية ترتبط بشكل متلازم بعلامات الموثوقية والنظافة والجودة السويسرية في الخارج، مثلما أوضح رئيس أوسيك، دانييل كونغ بمناسبة الإعلان عن انطلاق نشاطات “الصحة السويسرية” أمام وسائل الإعلام يوم الخميس 27 نوفمبر الماضي في زيورخ.

وفي تصريح لسويس انفو، أضاف السيد كونغ: “نحن نستهدف بالتأكيد الأسواق التي تتوفر على شبكة كبيرة من أصحاب الثروات الذين يستطيعون تحمل نفقات هذه الأنواع من الخدمات والذين ربما يفتقرون لمثل هذه الخدمات في بلدانهم الأصلية”.

وقد تشمل الأسواق المُستهدفة روسيا وبلدان منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن الاقتصادات الصاعدة مثل الهند والصين والبلدان الأوروبية الغنية المجاورة. وقال السيد كونغ في هذا السياق: “نعتقد أنه يتوجب علينا أن نضع أنفسنا على الخريطة كمُتخصصن في مجال تزويد الخدمات (الصحية)”.

إمكانيات هامة

وكانت دراسة حول إمكانيات سويسرا في هذه المنطقة، أنجزها معهد غوتليب دوتفيلر (وهي خلية تفكير تتخذ من زيورخ مقرا لها)، قد أشارت إلى تعهد خاص بالحالات المعقدة التي تتطلب علاجا متخصصا، فسويسرا المعروفة بطابعها الكتوم يمكن أيضا أن توفر الخصوصية لكبار الشخصيات.

وتشرح كارين فريك، رئيسة فريق الأبحاث في المعهد، أن هذا يختلف عن سياسة “علاج العالم الأول بأسعار العالم الثالث” المعمول بها حاليا في بلدان مثل الهند. واستنتجت الدراسة أنه ينبغي على سويسرا القفز بنفسها إلى أعلى درجات السوق.

وذكّر الخبراء في مؤتمر زيورخ بأن حوالي 30000 شخص يقدمون إلى سويسرا سنويا لتلقي العلاج، وذلك دون احتساب الأجانب المقيمين في البلاد. وتُقدَّر نفقات علاج هؤلاء الزوار بأكثر من مليار فرنك سويسري.

وبصفة عامة، يُتوقع أن ينمو سوق الصحة في جميع أنحاء العالم بأكثر من 10%، على حل قول فريك الذي أضاف في حديث لسويس انفو: “إن سويسرا مُستعدة أساسا وبشكل جيد للعلاجات التي يمكن الحصول عليها في المصحات الخاصة والعمومية السويسرية، وهي أيضا وجهة لقضاء العُطل، وعلينا أن نجمع بين الأمرين أيضا في أذهان الناس، والتعاون (في هذا المجال) هو الأهم”.

علاج وتسوّق واستمتاع بالطبيعة

وتقول هيئة السياحة السويسرية إن مثل هذه الروابط توجد بالفعل، مثل قضاء العطل في منتجعات الراحة والاسترخاء (سبا)، والتي يشمل البعض منها فحصا طبيا كاملا للنزلاء. ومعروف من زمن طويل بأن السياح يقدمون إلى سويسرا أيضا من أجل العلاج.

بالإضافة إلى ذلك، ناذرا ما يأتي المرضى الأثرياء جدا إلى سويسرا بمفردهم، إذ عادة ما يصطحبون معهم الأهل والأصدقاء لقضاء عدة ليال في فنادق فاخرة، وللتسوق في شارع المحطة الشهير “بانهوفشتراسي” في زيورخ، والاستمتاع بالمناظر الجميلة.

وحسب تقديرات هيئة السياحة السويسرية، ترتبط بالفعل نحو 500000 من الليالي المقضاة في الفنادق خلال العام الواحد بالسياحة الصحية.

ولتنفيذ أنشطة منظمة “الصحة السويسرية” الحديثة النشأة، تمت الاستعانة بـ “سويكسميد” في زيورخ، وهي شركة متخصصة في التعامل مع المرضى الأجانب الذين يقدمون للعلاج في سويسرا. وستساعد هذه الشركة أيضا الـعملاء على تنظيم إقامتهم، مع مراعاة احتياجاتهم واختلافاتهم الثقافية. وتُكلف عملية استبدال مفصل الورك، على سبيل المثال، مُتوسط مبلغ يعادل 40000 فرنك، حسب سويكسميد.

ردود فعل إيجابية

وقد رحبت وزيرة الاقتصاد السويسرية دوريس لويتهارد بتأسيس “الصحة السويسرية”، وقالت في بيان للـ “أوسيك” إنها خطوة هامة في مجال التسويق لعلامة الجودة السويسرية في الخارج، مُضيفة أن سوق الصحة سيكون عامل موقع حاسم في المستقبل القريب، وأن هذه “الجمعية ستساعد على تعزيز سويسرا كموقع للأعمال”.

واستقبلت الخبر بنفس الإيجابية جمعيةُ المستشفيات السويسرية التي تمثل 370 من المؤسسات الصحية في المجالين الخاص والعام. وتقدر هذه الجمعية نسبة المرضى الأجانب الوافدين على البلاد بحوالي 1 إلى 2% من مجموع الحالات في سويسرا.

وفي تصريح لسويس انفو، قال مدير الجمعية بيرنار فيغمولر: “نعتقد أنه شيء جيد أن يُمثـَّل سوق الصحة السويسرية أيضا في بلدان أخرى، فنحن لدينا معيار جودة ممتاز في مجال الرعاية الصحية”.

سويس انفو – إيزوبيل ليبولد-جونسون – زيورخ

حسب أرقام عام 2005، ينفق السويسريون 11٫5% من الناتج القومي الخام في الرعاية الطبية والصحية، بينما يصل متوسط تلك النسبة في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى 8٫8%، و15% في الولايات المتحدة.

تعادل هذه النسبة 51٫7 مليار فرنك، 10% منها يتم إنفاقها على الأدوية، التي تزيد أسعارها عما هي عليه في دول الجوار بنسبة 25%.

ارتفعت تكاليف العلاج في سويسرا في الفترة ما بين عامي 1990 و2004 بمعدل متوسطه 2٫4% سنويا، بينما كانت النسبة في دول الإتحاد الأوروبي 1٫5% فقط.

يصل إجمالي النفقات الصحية للفرد الواحد في سويسرا إلى حوالي 4000 دولار.

يوجد في سويسرا 321 مستشفى (حسب أرقام عام 2007)، 68% منها عامة و38% خاصة، ويبلغ معدل الإقامة 10,9 أيام.

بلغ عدد الحالات التي خضعت للعلاج في عام 2007: 1.15 مليون في المستشفيات، 107000 في العيادات النفسية و209000 في عيادات مُتخصصة.

(المصادر: إحصائيات منظمة الصحة العالمية، والمكتب الفدرالي للإحصاء وجمعية المستشفيات السويسرية)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية