مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

برن وواشنطن تتوصلان إلى تسوية في المجال الضريبي

إيفلين فيدمر – شلومبف تستمع إلى عرض نص الإتفاق يوم الجمعة 30 أغسطس الذي قدمه مايكل امبوهل، كاتب الدولة بوزارة المالية يوم الجمعة صباحا في ما سيكون آخر ندوة صحفية له حيث سبق له أن قدم استقالته، وتم قبولها. Keystone

أعلنت الولايات المتحدة يوم الخميس 29 أغسطس أنها وقعت اتفاقا مع سويسرا للسماح لبعض المصارف السويسرية بتجنّب المحاكمة أو تأجيلها بسبب التحقيق المستمر منذ فترة طويلة حول قضايا التهرّب الضريبي من قبل أمريكيين استخدموا في ذلك حسابات مصرفية سويسرية.

ودخل هذا الإتفاق الذي وقعه عن الجانب السويسري السفير مانويال ساغر، وعن الجانب الامريكي نائب المدعي العام حيّز النفاذ بمجرّد توقيعه، وقد نشر على موقع وزارة العدل الأمريكية الخميس مساءً.

 

وصبيحة يوم الجمعة أصدرت وزارة المالية السويسرية بيانا أكّدت فيه تلك الخطوة. وقالت إن هذا “الحل الذي تمّ التوصّل إليه يحدد إطار تعاون المصارف السويسرية مع السلطات الأمريكية، وأنه يحترم سيادة سويسرا ونظامها القانوني”.

وبالنسبة للولايات المتحدة، يعتبر توقيع هذا الإتفاق خطوة هامة في مجال مكافحة التهرّب الضريبي. وقال إيريك هولدر، وزير العدل في بيان صادر للغرض أن الإتفاق “سوف يعزّز جهود السلطات الأمريكية بشكل كبير وفعّال خلال متابعتها لأولئك المتهرّبين من دفع الضرائب”.

 

وفي أوّل ردّ فعل لها، قالت جمعية المصرفيين السويسريين أن هذه الغرامات في أعلى مستوياتها مقبولة قانونيا، ومقدور عليها اقتصاديا”، ولكن هذا الاتفاق هو “الحل الوحيد المتبقي لتمكين المصارف من معالجة مشكلاتها القانونية مع الولايات المتحدة، وتوفير اليقين القانوني الضروري “لمواصلة نشاطها التجاري في وضع سليم ومريح”.

المساعدة القانونية المتبادلة

تتعهّد سويسرا وفق الإتفاق الذي وقّعته مع الولايات المتحدة بتشجيع البنوك على المشاركة في البرنامج. كما تعد ايضا بتقديم المساعدة القانونية على اساس اتفاق الازدواج الضريبي مع الولايات المتحدة، ومعالجة الملفات بسرعة، ولو أدى ذلك إلى استدعاء موظفين جدد.

من جانبها، تسلّم السلطات الامريكية بأن أسماء الموظفين أو الأطراف الأخرى المتضمّنة في الوثائق المقدمة من قبل البنوك لا يعني بالضرورة انهم مذنبون.

في المقابل، يجب على البنوك المشاركة في البرنامج إذا كانت تريد تجنّب التتبعات القضائية في الولايات المتحدة. ويصنف الإتفاق المصارف إلى أربع مجموعات. تشتمل الفئة الأولى مثلا على المؤسسات المصرفية التي فتح بحقها تحقيق جنائي.

تجنّب التتبعات القضائية

تدخل في هذه الفئة مصارف سويسرية عدة مثل كريدي سويس، ومصرف كانتون زيورخ ومصرف كانتون بازل، وجوليوس بار. وهذه المؤسسات تفاوض الآن بالفعل مع وزارة العدل الأمريكية بشأن حجم الغرامات التي سيكون عليها دفعها، وكذلك اعترافها بارتكاب تجاوزات من اجل تجنب التتبعات القضائية. وهذه المصارف لا تشارك في هذا البرنامج المتفق عليه.

أما المجموعة الثانية فتشمل البنوك التي تشعر بأن لديها سبب وجيه للإعتقاد بأنها انتهكت القانون الأمريكي. وسيكون على هذه المصارف بمقتضى الإتفاق الإقرار بالذنب ودفع غرامات مرتقبة، من أجل تجنّب الملاحقة والمحاكمة.

سيكون على هذه المصارف كذلك تسليم معلومات للعدالة الأمريكية بشان الترتيبات المتبعة في تنظيم أعمالها ومراقبتها لنشاط فروعها على التراب الأمريكي. كما سيتوجّب عليها الإبلاغ عن أسماء ومهام كل إدارة وكيفية اجتذاب الحرفاء الأمريكيين إليها.

غرامات تتراوح بين 20% و50%

من المتوقّع أن تفرض الإدارة الأمريكية غرامات ثقيلة على المؤسسات المصنّفة ضمن هذه المجموعة الثانية. فبالنسبة للحسابات التي كانت موجودة بالفعل في الأوّل من أغسطس 2008، سيكون عليها دفع غرامة تعادل 20% من الحد الأقصى للمبالغ التي كانت مودعة.

واما بالنسبة للحسابات التي افتتحت ما بين الاوّل من أغسطس و28 فبراير 2009، فالغرامات تصل إلى 30%، و50% بالنسبة للحسابات التي تم انشاؤها بعد 28 فبراير 2009، أي بعد الإتفاق الذي توصّل إليه اتحاد المصارف السويسرية مع الولايات المتحدة. والمبالغ الإجمالية لهذه الغرامات قد تتجاوز مليار دولار.

وإذا رأت وزارة العدل الأمريكية أن البنك قد استوفى جميع المتطلبات. عندئذ تتوقف جميع الإجراءات ضدّه، ولا يتم تتبعه عدليا بسبب التهرّب الضريبي. ولكن في المقابل، إذا تبيّن أن المعلومات التي أبلغها هذا المصرف او ذاك كاذبة، أو ناقصة، أو تحاول التضليل، فإن تلك المؤسسة تجعل نفسها عرضة للملاحقة القانونية.

اما المجموعة الثالثة، فتضم البنوك التي تشعر بأنه ليس لديها أي شيء تخفيه. فإنه من المنتظر أن تحصل على تبرئة ذمّة. والمصارف التي تريد أن تحصل على ذلك هي مدعوّة إلى الإعلان عن رغبتها تلك في الفترة المتراوحة بين 1 يوليو و31 أكتوبر 2014. وبإمكان المصارف الموجودة ضمن الفئة الرابعة الإستفادة من نفس العرض.

الخطوات المقبلة

وفقا للموقع الإلكتروني لجمعية المصرفيين السويسريين، فإن كل مصرف مدعو الآن إلى “تحليل وضعيته من دون قيد او شرط في غضون المهلة المحددة والتي هي ضيقة جدا، ويتخذ في ضوء ذلك القرار الذي يناسبه”.

  

ونقرا أيضا على نفس الموقع: “نظرا لوجود بعض الغموض في البرنامج المعروض، تتوقّع جمعية المصرفيين السويسرية أن تدخل وزارة العدل في حوار بناء مع البنوك المشاركة، من أجل مساعدتها على الإنخراط في هذا البرنامج”.

أخيرا تضيف جمعية المصرفيين أن “أحد الأبعاد الإيجابية لهذ الإتفاق هو انه أصبح بالامكان توفير الحماية للموظفين إلى أقصى حد ممكن”.

 الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين): قال عضو مجلس الشيوخ والذي كان يعبذر عن وجهة نظر هذا الحزب: الاتفاق الذي وّقّع “هو أسوأ من القانون السابق الذي يُعرف باسم “Lex USA”. “ولكن لابدّ من قبوله على مضض”. لأنه من المفيد بالنسبة للساحة المالية السويسرية ولليقين القانوني، ان يسوى هذا النزاع الذي يستمرّ منذ عدّة سنوات.

 

الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين):”هذا الحل ليس مثاليا ومكلفا جدا، ولكن ليس أسوأ من القانون المعروف بإسم  “Lex USA”. ورحّب الحزب لكون هذا الإتفاق يحترم السيادة السويسرية والنظام القانوني للبلاد. والغرامات مهمّة لاشك، ولكن المصارف التي أخفت ودائع غير معلنة بعد اتفاق اتحاد المصارف السويسرية مع الولايات المتحدة أخطأت خطأً فادحا.

 

حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي): “انحنت الحكومة الفدرالية  مرة أخرى” امام الولايات المتحدة الامريكية. ويعود الامر الآن إلى المصارف لتسوية وضعياتها مع السلطات الامريكية. وينتظر حزب الشعب من هذه المؤسسات أن “تقوم بالدفاع عن مصالح موظفيها ومنظوريها”.

الحزب الإشتراكي: عبّر الحزب الإشتراكي عن قلقه أيضا بشأن موظفي المصارف. وبالنسبة للإشتراكيين “التكلفة التي ستتكبّدها الآن المصارف هو نتيجة لإستهزائها طوال سنوات بالمصالح المشروعة لبلدان اخرى”. ولابدّ من مساءلة المسؤولين عن اعتماد نموذج من الاعمال راهن لسنوات طويلة على الودائع غير المعلنة وعن التهرّب الضريبي.

حزب الخضر: يعتقد هذا الحزب أن القانون المسمى “Lex USA” يوفّر حماية أفضل للموظفين. كذلك كان يوفّر امكانية لحماية امناء الخدمات المالية والمحامين، في حين أن الإتفاق الجديد ليس واضحا بالنسبة لهذيْن الفئتيْن.

الحزب البرجوازي الديمقراطي (يمين): يحيّ الحزب وزيرة المالية إيفلين فيدمر شلومبف، وزيرة المالية وإحدى أعضائه. ويقول إن الحل “يسمح للبنوك السويسرية بتسوية ماضيها في إطار واضح الحدود والمعالم”. ولا يفوته التذكير أن هذا الإتفاق يأتي في مرحلة ثانية بعد ان تم رفض الإتفاق السابق الذي كان أفضل بحسب رأي الحزب.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية