مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“كلمات معسُولة” في انتظار المزيد من التفاصيل!

قبيل انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين مجموعة 5 زائد 1 وإيران حول الملف النووي في جنيف يوم 15 أكتوبر 2013، التقت كاترين آشتون، مسؤولة العلاقات الخارجية في الإتحاد الأوروبي بوزير الخارجية الإيراني علي جواد ظريف. Keystone

تراوحت أصداء الجولة الأولى من المفاوضات المستأنفة حول البرنامج النووي الإيراني في جنيف، ما بين الترحيب "ببداية جولة جدية"، والتساؤل حول "مدى جدية الجانب الإيراني" هذه المرة، إضافة إلى طرح التساؤلات الضرورية حول "اعتراف الغرب بحق إيران في تطوير برنامج مدني"، ومدى جدية طهران في "فتح المجال لتفتيش مباغت" والتأثيرات المرتقبة لهذا الإنفتاح على دول الجوار والمنطقة عموما.

خصّصت جميع الصحف السويسرية الصادرة يوم الخميس 17 أكتوبر – على اختلاف ميولاتها ولغاتها – حيزا وافرا لتغطية الجولة الأولى من المفاوضات التي دارت في جنيف يومي 15 و 16 أكتوبر بين مجموعة خمسة زائد واحد من جهة وإيران من جهة أخرى التي انتهت الى طرح مقترح إيراني، سيتم تدارسه بالتفصيل، إضافة إلى تحديد موعد لاجتماع قادم يلتئم يومي 7 و8 نوفمبر 2013 في جنيف أيضا.

في مقال نشرته “لا تريبون دي جنيف” (تصدر بالفرنسية في جنيف) تحت عنوان: “انفتاح طهران يُؤخذ على محمل الجد”، أشار آلان جوردان، إلى عدم إفصاح الطرفين الأوروبي والإيراني عن أية تفاصيل عن فحوى الجولة الأولى من المفاوضات وأضاف أن “كل ما يمكن قوله هو أنها فتحت جوا جديا في العلاقات مع إيران”.

جوردان نوّه أيضا إلى أن مسؤولة العلاقات الخارجية في الإتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الإيراني لم يترددا في التشديد على أن هذه المفاوضات كانت “مكثفة” و”واعدة”، وعلى أن الأجواء التي تمت فيها كانت “إيجابية”، وأن الإقتراح الإيراني كان بمثابة “مساهمة مهمة”. هذا كله بالطبع، من غير أن يرشح شيء عن فحوى الإقتراح الإيراني ولا عن نقاط الإتفاق أو الخلاف بين الطرفين.

في افتتاحية نشرتها صحيفة “لوتون” (تصدر بالفرنسية في جنيف) تحت عنوان “عندما تُغيّر إيران لهجتها في الملف النووي”، أشار فريدريك كوللر إلى أن “إيران، وكعربون حسن نوايا، تكون على استعداد للرد بالإيجاب على طلب الولايات المتحدة الداعي للسماح بزيارات تفتيش مفاجئة للمنشئات النووية الإيرانية، وهو ما كانت ترفضه طهران قبل قليل بدعوى أنه أمر غير مقبول بالمرة”، إلا أنه لا مفر من التقليل من أهمية هذه النقطة لأن الإيرانيين أوضحوا من طهران أنه “بالإمكان النظر في ذلك في المرحلة الثانية من المفاوضات”.

المزيد

المزيد

“التطبيع سيفرضُ تعديلا في العلاقات الجيوسياسية بالشرق الأوسط”

تم نشر هذا المحتوى على جرت التحضيرات منذ أسبوع بقصر الأمم المتحدة في جنيف لعقد الجولة الجديدة من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد، والتي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا. هذا الاجتماع الذي سيتواصل يومي 15 و16 أكتوبر 2013 ترى فيه إيران فرصة للتوصل إلى “خارطة طريق” من أجل رفع العقوبات الأممية…

طالع المزيد“التطبيع سيفرضُ تعديلا في العلاقات الجيوسياسية بالشرق الأوسط”

اعتراف بحق إيران في برنامج مدني؟

من جهتها، استعانت صحيفة “آرغاور تسايتونغ” (تصدر في آراو بالألمانية) بالخبير سكوت لوكاس لتستفسر عن مدى جدية الإنفراج الحاصل بين الغرب وإيران، وتوصل كاتب المقال ميخائيل فراز إلى خلاصة مفادها أنه “على الغرب تقديم اعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم وفي برنامج مدني”، رغم أنه ذهب إلى أن الولايات المتحدة لا ترغب في طرح تنازلات على الطاولة في الوقت الحالي. لكن الصحيفة رأت، استنادا إلى أقوال الخبير لوكاس، أن “الإعتراف لإيران بهذا الحق هو الكفيل بمواصلة الحوار”، وذهبت إلى أن ذلك “سيحصل في وقت من الأوقات”.

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في زيورخ) ذات النفوذ القوي في أوساط المال والأعمال، اهتمت بأقوال وزير الخارجية الإيراني علي جواد ظريف الذي شدد أمام الصحفيين على حق بلاده في تطوير برنامجها النووي المدني، لكنها عنونت بحذر “أول الإختبارات في الملف النووي”، ولخص مراسلها في جنيف جون بيار كاب الموقف بالتأكيد على أن “المفاوضات في جنيف تمت في جو إيجابي، ولكنها لم تظهر أيّ نتائج عملية”.

وفي عنوان جانبي، أضافت الصحيفة أنه “لا مجال لتحمس مفرط”، كما اعتمدت على أقوال دبلوماسيين غربيين أشاروا إلى أن الطريق المؤدي إلى حل المشكل “قد يطول”، إضافة إلى “مواصلة إيران لعملية التخصيب وتراكم مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%”.

تحت عنوان “مخطط المراحل الثلاث لإيران”، تطرقت صحيفة “سانت غالن تاغ بلات” (تصدر بالألمانية في سانت غالن) إلى فحوى الاقتراح الإيراني بالاعتماد على تسريبات من دبلوماسيين غربيين. إذ كتب أندرياس تسوماخ أن إيران “قد تُبدي استعدادا” للتصديق على البرتوكول الإضافي لاتفاقية منع الإنتشار النووي، وللسماح بعمليات تفتيش مفاجئة لمنشئاتها النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولو أن ذلك لن يتم إلا في المرحلة الثالثة من المفاوضات. وهو ما ينطبق أيضا على المطلب الذي تقدمت به مجموعة خمسة زائد واحد أي التوقف عن تخصيب اليورانيوم في حدود 20% والتخفيض من عدد آليات التخصيب”.

تأثيرات إقليمية مرتقبة

صحيفة “لا ليبيرتي” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ) تطرقت إلى تأثيرات نتائج هذه الجولة الأولى من المفاوضات على الوضع الإيراني الداخلي في مقال نشرته تحت عنوان” تعزيز لموقف المعتدلين في إيران”، ذهب فيه تيري كوفيل، الخبير بالشؤون الايرانية إلى أن “موقف إيران من البرنامج النووي لم يتغير وأن المطالبة بحق تخصيب اليورانيوم لن يتم التخلي عنها. لكن الإدارة الإيرانية الحالية ترى أن الظروف أكثر  ملاءمة لفتح الحوار مع الولايات المتحدة لتسوية الخلاف بخصوص البرنامج النووي، ولتفادي تأثيرات الحصار وتجنب الأضرار التي لحقت بصورة إيران في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد”.

الصحيفة اعتبرت أيضا أن “كل هذه التغييرات أعطت دفعا للمعتدلين في داخل النظام سواء من الإصلاحيين أو من المحافظين”، لكنها ذكّرت أنه في الوقت الذي “ينتظر فيه الشعب الإيراني رفع العقوبات، هناك الصقور الذين لا ينتظرون سوى أمرا واحدا: متى ستفشل سياسة الرئيس المعتدل حسن روحاني”.

على المستوى الاقليمي تطرقت صحيفة “24 ساعة” (تصدر بالفرنسية في لوزان) إلى تأثيرات هذه التطورات على أوضاع الدول العربية المجاورة لإيران التي كانت ترى أن “حصول إيران على السلاح النووي في منطقة تنفرد فيها إسرائيل بذلك سيعمل على الإخلال بالتوازنات القائمة لحد الآن. ويعمل على تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط  في مواجهة العرب السنة… وفي التحكم اقتصاديا في مضيق هرمز”، وانتهى كاتب المقال يانيك فان شورن إلى أنه يتعين “على العرب إذن أن يتفطنوا للخطر المحدق”.

من جهتها، تطرقت صحيفة تاغس أنتسايغر (تصدر بالألمانية في زيورخ) إلى ردود فعل إسرائيل التي وصفتها في عنوان بارز بأنها “مُهددة”، حيث أشارت كلوديا كوهنر إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتانياهو لا يرى فيما يقدمه روحاني من وعود “سوى مجرد (كلمات معسولة)”، كما أفادت أن اللهجة المعادية لإيران في إسرائيل عرفت “تشددا أكثر” بعد تدخل الرئيس الإيراني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وللتدليل على ذلك، أوردت ما جاء في بيان الحكومة الإسرائيلية المُصغرة تعليقا على محادثات جنيف، إذ طالبت تل أبيب “بعدم قبول أي اتفاق ما لم ينص على وقف أيّ تخصيب لليورانيوم لأغراض عسكرية”.

“مجرد كلمات معسولة”

من ناحيته، أشار أوليفي بو في مقال نشرته صحيفة “24 ساعة” تحت عنوان “مسألة ثقة مع إيران” إلى الدوافع الجوهرية التي أدت إلى استئناف التفاوض اليوم حول ملف ظل يُراوح مكانه منذ حوالي عقد من الزمن، وكتب يقول: “لو لم تعمل العقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن الدولي على تعقيد ظروف حياة النظام الإيراني لما أقدم نظام الملالي على فتح نقاش للسماح له بالإستمرار”، وأضاف أن “ما يتم اليوم في جنيف يجب أن يحدد الأولويات: هل يجب الحصول على ضمانات بخصوص البرنامج النووي الإيراني قبل رفع العقوبات الاقتصادية، أم لا. وما إذا كان خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية هم الذين يجب أن يتحركوا قبل تحرك رجال الأعمال؟”.

أخيرا، عنونت صحيفة در بوند (تصدر بالألمانية في برن) بالبنط الكبير: “مجرد كلمات معسولة”، وجاء في مقال حرره بول أنتون كروغر أن الغرب قد “اكتفى بأدنى قدر” من الوعود، كما أن الساهرين على إعداد اجتماع جنيف وتنظيمه “لم يكونوا يتوقعون أكثر من ذلك”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية