مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المَلكيات العربية تعاطَـت مع تداعيات “الربيع العربي” بالقوة

يوم 21 أكتوبر 2012، لم تتردد القوات الخاصة الكويتية في التدخل بعنف لتفريق متظاهرين دعتهم المعارضة إلى المشاركة في مسيرة احتجاجية في العاصمة وإلى مقاطعة الإنتخابات بعد إصدار الحكومة لمرسوم يفرض غرامات مرتفعة جدا على كل من يُحرّض على "النزاع الطائفي أو القبلي" Keystone

منذ ثلاث سنوات، تُطوّق الثورات والإحتجاجات، الخارطة العربية من سلطنة عُمان في أقصى الشرق إلى موريتانيا في الغرب. ومع أن مركز الزلازل الإجتماعية، ظل متمحورا في المنطقة الوسطى، أي بين سوريا ومصر وليبيا وتونس، إلا أن هزّاته الإرتدادية، طالت منطقة الخليج والممالك العربية، التي بدت في بواكير الربيع وكأنها في منأى عن تلك الهزّات.

ومن الجائز القول، أن أي نظام ملَكي، على امتداد العالم العربي تقريبا، لم يسلم من التأثر، إن قليلا أم كثيرا، بأصداء الإنتفاضات التي ترددت بعضٌ من هُـتافاتها وشعاراتها بين جنبات دوار اللؤلؤة في المنامة وفي ساحة الهاشميين في عمّـان وساحة الإرادة في الكويت وفي شوارع الدار البيضاء وغيرها.

لم ترفع تلك الحركات الاحتجاجية شِعارات إسقاط النظام، بقدر ما ركّزت على الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد في المغرب والأردن والبحرين والكويت. كان الهدف عموما هو تغيير بعض المسؤولين الذين اعتُـبِروا رموزا للفساد، مثل رئيس الوزراء البحريني (وهو عمّ الملك حمد بن عيسى آل خليفة)، الباقي في هذا المنصب منذ نصف قرن، أو بعض رؤساء الوزارات الأردنيين أو رئيس الوزراء الأسبق في الكويت ووزراء من أسرة آل الصّباح الحاكمة.

لكن التعدّد المذهبي في بعض البلدان، وأساسا في الجزيرة العربية والخليج، جعل الصِّراع المذهبي الدّفين يطفو على السطح، مُتسربلا بمطلبي الإصلاح والعدالة، في أول تعبير عن الشعور بالغُبن والتّهميش. هكذا استفاق شيعة البحرين على وقْع مظاهرات تونس ومصر، ليغزوا الشوارع بعد عقود من الصّمت، مطالبين الأقلية السُنِّية الحاكمة بمنحهم حقوق المواطنة الكاملة.

واندلعت المظاهرات في 14 فبراير 2011، غير أن السلطات رفضت الإستجابة لمطالب المتظاهرين، مُعتبِرة إياهم أدوات لتنفيذ سياسة إيران التوسعية في المنطقة. وفي مؤشّر على الصعوبات التي واجهتها قوات الشرطة البحرينية لدى محاولاتها السّيطرة على الوضع الأمني في “دوار اللؤلؤة”، اتّخذ مجلس التعاون الخليجي قرارا بإرسال قوات عسكرية مُشتركة إلى البحرين لقمع الإحتجاجات.

وفِعلا، دخل الجيش السعودي إلى البحرين عبْر جِسر الملك فهد الرابط بين البلدين في منتصف مارس 2011، ليضع حدّا للمظاهرات بالقوة… لكن مؤقّتا، إذ تجدّدت التجمعات والتظاهرات في مايو 2012 للمطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية، وقمَعَتها القوات المُشتركة لمجلس التعاون بعُنف، وهي مستمرّة بشكل متقطّع إلى اليوم.

اندلعت حملة احتجاجات شعبية في سلطنة عُمان يوم 25 فبراير 2011، متأثِّـرة بالموجة الثورية في تونس ومصر.

واعتصم الشبان المحتجّون في محافظة ظُـفار، مطالبين بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وزيادة عدد الجامعات (في عُـمان جامعة عمومية واحدة)، وهي أوّل حركة جماهيرية في عهْد السلطان قابوس بن سعيد، الذي وصل إلى السلطة عام 1970 بعد انقلاب على والده. وما لبثت الحكومة أن ردّت على التظاهرات بعد شهر، بالتّرفيع في الحدّ الأدنى لمرتّبات الموظفين.

إثر ذلك، أجرى السلطان تعديلا حكوميا، شمل ستة وزراء وأمَـر بزيادة المخصّصات الشهرية لطلاّب الجامعات والثانوية وتأمين 50 ألف فرصة عمل للعاطلين. أكثر من ذلك، أمر قابوس بمنح 150 ريالا عُمانيا (388 دولارا) شهريا لكل باحِث عن شُغل من المسّجلين لدى وزارة القِوى العاملة، إلى أن يجد عملا.

غير أن تلك الإجراءات لم تُطفِئْ جذوة الإحتجاجات التي عادت للاشتعال، سواء في العاصمة مسقَـط أم في مناطق أخرى، وإن بشكل متقطّع، ما جعل قوات الشرطة التي اكتفت بمرافقة المتظاهرين في البدايات، تقمَع المسيرات السِّلمية بعنف وتُـصيب المتظاهرين. والثابت، أن تلك الاحتجاجات لم تُـعط حتى اليوم ثِمارا إصلاحية، رغم الوعود المتكررة…

أما في قطر، التي لم تشهد أيّ تحرك في الشارع منذ انبلاج الربيع العربي، فاستبق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الأمير السابق، تداعِيات الحِراك العربي بسلسلة من الإجراءات، منها الزيادة بـ 60% في رواتب المواطنين القطريين. أما على الصعيد السياسي، فوعد بانتخاب جميع أعضاء مجلس الشورى، الذين ظلّت تُـسمِّيهم السلطة التنفيذية منذ إنشاء المجلس المؤلّف من 45 عضوا، بينهم 30 منتخَبين و15 عضوا مُعيَّنا. 

ملَـكيّة دستورية

هكذا لم تُـقدِّم السلطات البحرينية أيّ تنازلات لامتِصاص موجة الإحتجاجات، بل كان ثمن قمْع التظاهرات، سقوط عشرات القتلى على أيْدي قوات مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة لمِئات من الجرحى والمُعتقلين.

ويمكن القول أن المحاكمات التي طالت عددا كبيرا من قادة المعارضة والنشطاء الحقوقيين، أضرّت بسُمعة القضاء في مملكة البحرين ودلّلت على تشدّد منهَجي في مواجهة التداعِيات المحلية للربيع العربي، التي وضعت هدفا لها، إقامة مَلَـكية دستورية.

وما من شكّ بأن “وجود البحرين في قلب الصِّراع بين إيران ومنظومة الدول الخليجية، هو الذي غلّب خِيار الحسْم العسكري على المُعالجة السياسية”، مثلما قال لـ swissinfo.ch أنتونان تيسرون Antonin Tisseron، الباحث في معهد توماس مور. وبحسب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، قُـتِـل 89 شخصا منذ اندلاع الإحتجاجات قبل حوالي ثلاث سنوات.

في الأثناء، تكرّر السيناريو البحريني، وإن بحجْم أصغر، في المحافظات الشرقية من المملكة السعودية، القريبة من البحرين، حيث يُشكِّل الشيعة غالِبية السكان في بعض المُدن، وهي مناطِق ظلّت دوْما تحظى بالنّصيب الأقل من خُطط التنمية الحكومية، بل ويُمنع أبناؤها من تقلّد الوظائف في الدولة بسبب تشيُّعِهم.

حلٌّ أمني

اتّخذت احتجاجات الشيعة في القطيف طابعا جماهيريا ورُفِعت للمرة الأولى شعارات سياسية مناهِضة للسّلطة، فاتّجهت الأسْرة الحاكمة إلى تطويقها وضرْبها، خِشْـية خروجها عن السيْطرة. ويرى سلمان العودة، الإعلامي والناشط السياسي السعودي، أنه لا توجد في الأسْرة الحاكمة شخصية تملِك ما يكفي من القوّة لفرض خِيار الإصلاح، إذ أن الدّفاع عن الإصلاحات، يمكن أن يُضعِف موقِع ذلك الأمير في الصِّراع، من أجْل عرْش المملكة.

والجدير بالإشارة هنا، أن حجْم “الرّشوة السياسية” التي لجأت لها السلطات السعودية لمنع اندلاع حريق اجتماعي، تجاوَز ما رصدته سِواها من الحكومات في البلدان العربية، إذ خصّصت 36 مليار دولار منذ فبراير 2011 لزيادة الرّواتب وإنشاء مساكن جديدة، ثم ظلّت تزيد تلك الإعتمادات إلى أن وصلت إلى 70 مليار دولار، مع الوعْد بتأمين 60 ألف فُرصة عمل وبناء 500 ألف بيت، بل وصرفت راتبيْن بعنوان مِنحة لجميع الموظفين.

من الصعب التثبّت اليوم من مدى تنفيذ تلك الوعود، خاصة في ظلّ ارتفاع نِسبة البطالة اليوم إلى 40% من قِوى العمل وظهور تقارير أمريكية وأوروبية تحدّثت عن تزايُـد عدد سجناء الرأي وارتفاع سقْف الإنتقاد وسَط النُّخب الليبرالية والسلفِية على السواء.  

في السياق، أكد غريغوري غوس الثالث Gregory Gause III، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرمونت الأمريكية لـ swissinfo.ch أن “ما أبدته الولايات المتحدة من تعاطُف مع الحركات الإحتجاجية في العالم العربي، وبخاصة على أيام وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، قُـوبِل باستِهجان وازدراء من الحكّام السعوديين”. وأشار غوس إلى أنه “من المفارقات أنه كلّما استشاط السعوديون غضبا من سياسة أمريكا في الشرق الأوسط، إلا ورأوا غرماءهم في المِنطقة، وخاصة الإيرانيين، يزدادون نفوذا وقوّة، وهو ما يجعلهم أكثر حاجة لأمريكا”. وأضاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرمونت أنه “بتعبير آخر، فإن ردّ فِعل السعوديين على إخفاقاتهم الإستراتيجية، يجعل علاقاتهم مع الولايات المتحدة أكثر أهمية… وفي الحقيقة ليس لديهم معلّم (حليف) بديل”.    

اعتبر محلِّلون، أن الأردن هو البلد الأكثر عُـرضة لاحتجاجات وحِراك اجتماعي في الفترة المُقبلة، على الرغم من إلغاء الحكومة مؤخّرا زيادات في الأسعار، كانت مقرّرة اعتبارا من العام المقبل، خِشية أن تكون فتيلا لثورة اجتماعية.

وبعدما انسحبت “جبهة العمل الإسلامي” من الحِراك الشعبي في السنوات الماضية، على أمل تحسين العلاقات مع القصر، عادَت مؤخّرا إلى الشارع وطالَبت الملك عبد الله الثاني بتسريع الإصلاحات الديمقراطية ومكافحة الفساد المُستشري في الدولة والحدّ من السلطات المُطلَقة لجهاز الأمن.

أما حكومة عبد الله النسور، فهي محشورة في الزاوية، وآخر معركة خسِرتها مع المجتمع المدني، هي محاولة تعيين وزير داخلية سابِق على رأس إدارة صحيفة “الرأي”، الجريدة الأولى في البلد، وهو قرار تراجَعت عنه بعد اعتِصام استمرّ أسبوعيْن.

يُرجّح مراقبون أن تعود التظاهُرات كل يوم جمعة في الساحة التي توجد أمام المسجد الحُسيني في وسط العاصمة عمّان والشارع المؤدّي إليه. وما يزيد الأزمة السياسية والإجتماعية تعقيدا، تدفّـق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين على الأردن، ذي الموارد المحدودة، والذي يعتمِد على المساعدات القادمة من الدول الغربية لتمويل مُوازنته.

في الأثناء، أظهرت الفترة الماضية بوادِر مواجهة بين أعضاء البرلمان والحكومة، التي يفضِّل الملك عبدالله بقاءها حتى الربيع المقبل، لاستكمال معالجة ملفّات اقتصادية مهمّة لكن عشرين نائبا تبنَّوا منذ أيام، مذكِّرة نادِرة، لسحْب الثقة من حكومة النسور احتِجاجا على سياستها الإقتصادية، وهي المذكِّرة الأولى من نوعها خلال هذه الدورة الأولى للبرلمان.

تلوينات طائفية؟

أخيرا، يمكن اعتبار السيناريو الكويتي غيْر بعيد عن النموذجيْن السابقيْن، على رغم الخصوصيات والتعقيدات المحلية، إذ مع وصول موجات الربيع العربي إلى سواحل الكويت، اكتست المظاهرات والإعتصامات، التي شهِدتها هذه الإمارة الصغيرة والتي تركّزت في ساحتي الإرادة والصّفاة، طابعا سياسيا بامتياز، اختفت معه التلوينات الطائفية، على الأقل في البدايات، واستطاعت المعارضة باختلاف أطيافها الأيديولوجية والمذهبية حشْر مسؤولين بارزين من أعضاء الأسْرة الحاكمة في الزاوية، مُجبرة رئيس الوزراء ناصر محمد الأحمد الصُّباح على تقديم استقالته لأمير البلاد للمرّة الأولى في 31 مارس 2011.

لكن هنا أيضا، لم يطرح التيار الأساسي في المعارضة (أسْوة بالمَسارَيْن الإحتجاجيين في المغرب والأردن)، الإطاحة برأس النظام أو تقويض المَلكية. على العكس، أكّد معارضون بارزون في مقدِّمتهم النائب مُسلم البراك (الذي اعتُقِـل وضُرِب وحُوكِم ليكون عِبْرة لغيره)، أنه يتمسّك بشرعية الأمير صباح الأحمد الصباح والأسْرة الحاكمة.

في المقابل، توخّى الحُكم أسلوب التّرغيب لإطفاء نار الإحتجاجات، عبر زيادات مهمّة في الرواتب، مُستنِدا على إيرادات النّفط السخِية. وربما اختلفت الأسْرة الحاكمة في الكويت في هذه المرحلة من الإحتجاجات عن سائر المَلكيات العربية الأخرى، بتوخِّيها منذ البداية عِلاجا سياسيا للأزمة، يقوم على ما اعتبره محلِّلون “رشْـوة في مقابل السلم الإجتماعية”.

وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، قال إيف مونتناي Yves Montenay، الإعلامي الفرنسي المتخصّص في شؤون الخليج: “إن مَـطالِب الكويتيِّين الذين نالوا حِصّة مُعتَبرة من التعليم، باتت سياسية واجتماعية، وفي مقدِّمتها مطلب الكرامة وإنهاء الوِصاية عليهم”، مُشيرا إلى أن المظاهرات التي رُفِعت خلالها تلك الشِّعارات، “قادت إلى أزمة برلمانية ودستورية غيْر مسبوقة” في أواخر 2012 وبدايات العام الجاري.

ويعزو محلِّلون آخرون استمرار الإحتجاجات طيلة ثلاث سنوات، إلى تقاليد المُعارضة في الكويت منذ حلّ برلمان 1976، مرورا بأزمة 1986 و2005 التي منحت المرأة حقّ الإقتراع، ومظاهرات الشباب في 2006 التي أدّت إلى إصلاح النظام الإنتخابي، وصولا إلى مظاهرات 2009 من أجل عزْل رئيس الوزراء، التي استُخدِم خلالها للمرة الأولى شعار “ارحل”.

صحيح أن حجم الإحتجاجات في الكويت لم يكن كبيرا مقارنة ببلدان أخرى، إلا أنها كانت الأكبر في تاريخ الإمارة، إذ اعتقلت الشرطة في شهر يناير 2013 فقط 500 متظاهِـر دُفعَة واحدة، بينهم سبعين من النواب السابقين والحقوقيين البارزين وهكذا انتقل النظام من سياسة الجزرة إلى لُغة العصا.

تنازلات شكلية.. وسلطات مُطلقة

هذا المسار شبيه بمسار الربيع المغربي، الذي انطلق مع حركة 20 فبراير 2011 بمظاهرات سِلمية قادتها “حركة العدْل والإحسان” الإسلامية المحظورة وتنظيمات اليسار الراديكالي. وقد نأت الأحزاب البرلمانية التي تُعتَبر جُزءا من المخزن (الدولة) بنفسها عن هذا الحِراك، فيما تعاطَت معه السلطات بأسلوب الإحتِواء في البداية ثم بالقوة الضاربة.

من هنا أتت الإصلاحات الدستورية، التي حاولت امتِصاص الاحتجاجات، بمنح مزيد من السلطات لرئيس الحكومة، مثل ترأُسِه لاجتماعات مجلس الوزراء، إلا أنها كانت شكلية، إذ بقِيت السلطات الفِعلية بيَد الملِك. وقال سلمان الشيخ، مدير مركز “بروكينغز” بالدوحة لـ swissinfo.ch: “إن الملك محمد السادس لم يُواجِه الإحتجاجات التي شملت 53 مدينة تحت راية “حركة 20 فبراير” باستخدام القوة المُفرطة ولا بتجاهل مطالبها باعتبارها غير واقعية، وإنما بالإعلان في مارس 2011 عن إصلاح دستوري مقبول”. وأضاف الشيخ أن “محمد السادس استفاد من علاقات بلده المتينة مع دول الخليج، ليعطي دفعة للقطاعات المتأخِّرة في الإقتصاد المغربي”.

وكان سلمان الشيخ (وهو باكستاني الأصل) وضع دراسة بعنوان “نادي 1999 – 2000” (أي القادة العرب الذين اعتلَـوا سدّة الحُكم في تلك الفترة في كلٍّ من الأردن والمغرب وسوريا والبحرين). واعتبر في تصريح لـ swissinfo.ch أن الملك المغربي “استطاع على رغم التحديات الكبيرة التي واجهها، أن يكون العُضو الوحيد في نادي 1999 – 2000 الذي عبَر بنجاح تقلُّبات الربيع العربي”، وعزا ذلك إلى “إرادة محمد السادس في إطلاق إصلاحات جوهرية وقُدرته على الإستِعانة بجماعات مُعارضة، مع أن ذلك سيقضم من سلطاته”.

ويتطابق تحليل الشيخ مع الموقِف الرسمي الأمريكي من الإصلاحات المغربية، إذ أكّد بيتر فام، مدير مركز إفريقيا في “مجلس الأطلسي” بمناسبة زيارة الملك محمد السادس إلى واشنطن في النصف الثاني من شهر نوفمبر 2013، أن “خطوات الإصلاح تسارَعت وقد لقِيَت نجاحا نِسبيا. فالمغرب بلد لديه رئيس وزراء إسلامي مُنتخَب يرأس الحكومة، ورغم ذلك، جرى الحفاظ على التماسُك الإجتماعي، وهذا أمر ترى الولايات المتحدة أن لها مصلحة في تشجيعه كنموذج مُحتمل لدول أخرى”.

غير أن ما تقوله تقارير مغربية ودولية عن تفاقُم البطالة واستمرار الإختِلالات بين الفئات وارتفاع نسبة الأمية وانتِشار الفساد وتآكل صدقية النّخب السياسية، وخاصة منها المشاركة في الإئتلاف الحاكِم حاليا، يدلّ على هشاشة الإصلاحات التي أدْخِلت على النظام السياسي للمملكة، لاسيما في ظلّ محافظة المَلِك على سلطاته المُطلَقة ورفْض الإنتقال نحْو مَلَكية دستورية. وبهذا المعنى، فإن المَلَكية العربية الوحيدة التي اعتُبرت “التلميذ المتفوّق” في اختبار الربيع العربي، ليْست على درجة النّجاح التي تبدو عليها في الظاهر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية