مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تُركز على دور الشباب المغربي في مواجهة التحديات المناخية

السفير السويسري ماسّيمو باجّي (على اليمين) خلال تكريم سفارة بلاده بالرباط يوم 22 أكتوبر 2016 لطلبة المدارس المعمارية الذين ساهموا في إخراج مبادرة "رواق الشباب" إلى حيّز الوجود. وسيُخصّص هذا الرواق خلال قمة مراكش المقام بمبادرة سويسرية لاحتضان لقاءات الشباب وتبادل الآراء حول كيفية تطبيق "اتفاقية باريس". السفارة السويسرية بالرباط

حرصت سويسرا على حضور متميز في القمة العالمية للمناخ "كوب 22" التي تحتضها مدينة مراكش المغربية ابتداء من 7 نوفمبر الجاري، وذلك من خلال ايلائها اهتماما خاصا بالشباب ودورهم في مواجهة تحديات البيئة، انسجاما مع المفهوم التكاملي والتشاركي الذي تتبناه الحكومة الفدرالية في مواجهة التحدي المناخي.

تعتمد السياسة البيئية السويسرية على قناعة مفادها أن انبعاث الغازات لا يتوقف عند الحدود الإدارية للدول. ففي الوقت الذي “يُواجه فيه المغرب قضايا الجفاف والفيضانات والنزوح نتيجة التغيير المناخي، فإن النظام البيئي في منطقة الألب السويسرية عرضة للتغيير المناخي. لذلك فان اتخاذ فعل جدي وفاعل ومفيد ليس رهنا فقط بالتعاون بين البلدين وإنما على المستوى الدولي”، كما يقول ماسيمو باجّي، سفير الكنفدرالية بالمغرب.

وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، أوضح السفير باجّي أن سويسرا تشارك في “كوب 22”رابط خارجي التزاما منها بمواجهة المخاطر التي تُهدد البيئة على الصعيد العالمي، من خلال ارتكاز المفهوم السويسري على 3 محاور تشمل البُعد السياسي، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص.

مُخطط سويسري مُتكامل

في هذا الإطار، علمت swissinfo.ch أن سويسرا ستتقدم لقمة “كوب 22” – التي تُعقد في مراكش من 7 إلى 18 نوفمبر 2016 – مُخططا متكاملا لرؤيتها البيئية. وأوضحت مصادر مطلعة على الملف أن المخطط على المستوى السياسي يؤكد أن سويسرا ستقود سياسة فعالة من خلال قانون انبعاث غاز اكسيد الكربون، وستُساهم في تحقيق الهدف الدولي في الوصول إلى عدم تجاوز الدفء الحراري درجتين مائويتين حيث يحدد القانون إنقاص انبعاث الغازات في سويسرا إلى مستوى 20% من الآن إلى غاية 2020 مقارنة مع ما كان عليه الوضع سنة 1990.

على مستوى المجتمع المدني، كثّـفت سويسرا تعاونها مع المغرب في القمة بدعم مشروعين طموحين هما “فضاء الشباب”، و”مبادرة المناخ الخاصة بالتغذية”، وذلك في الفضاء المُخصّص للمجتمع المدني. وسيكون فضاء الشباب (تبلغ مساحته 300 متر مربع) الذي أقيم بمبادرة سويسرية وبتنسيق مع مؤسسة محمد السادس للحفاظ على البيئة،رابط خارجي ووزارة التربية الوطنية وبعض المؤسسات التعليمية، مخصصا لإجراء لقاءات وتوفير منصات للشباب من أجل تبادل الرأي حول السبل الكفيلة بتطبيق بنود اتفاقية باريس.

السفير السويسري لدى الرباط ماسيمو باجّي. swissinfo.ch

ماسيمو باجّي أشار إلى أن سويسرا تراهن من خلال حضورها مؤتمر المناخ الدولي “كوب 22” على فئة الشباب بشكل رئيسي، من خلال رواق الشباب هذا كتعبير عن التزام بلاده بالتحديات البيئية وعلاقتها بسكان العالم بشكل عام، وبفئة الشبان بشكل خاص وتعريفا بالمجهودات التي قامت بها بلاده لمواجهة التغيرات المناخية “من خلال سياسة فعالة ومسؤولة وتشاركية للمحافظة على البيئة من كل التغيرات المناخية”، على حد قوله.

بدوره، أوضح بنيامين فراي، المكلف بالتنسيق الخارجي للسفارة السويسرية بالرباط أن ما ينتج من الشباب ولأجل الشباب سيُستخدم كمركز جذب لمنظمات عديدة وللفاعلين لإعطاء فرصة للشباب للإدلاء بآرائهم ويسمح لهم بالتفكير والحوار والنقاش حول المستقبل المناخي للكرة الأرضية، مُضيفا أن “هذا الفضاء الشبابي سيهدف أيضا إلى خلق حوار بين الفاعلين من المجتمع المدني والقطاع الخاص والفاعلين في المنطقة الزرقاء”. 

الشباب المغربي شريك أساسي

من جانبه، أعرب إدريس اليزمي، رئيس قطب المجتمع المدني خلال مؤتمر الأطراف في الإتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ “كوب 22″، عن تقديره للمبادرة السويسرية، وقال: “إن إشكالية الشباب من بين الإشكاليات الست التي سيهتم بها فضاء المجتمع المدني خلال القمة حيث أن 50% من المغاربة أعمارهم تقل عن 25 سنة، و70% تقل أعمارهم عن 30 سنة، وبالتالي ستكون فرصة لإدماج هذه الفئة”، حيث أنه “لا يُمكن الحديث عن مواجهة التحديات البيئية بالمغرب دون إشراك الشباب المغربي”، على حد قوله.

أما بنيامين فراي، المكلف بالتنسيق الخارجي للسفارة السويسرية بالرباط، فأوضح أن “رواق الشباب”، الذي تبلغ مساحته 300 متر مربع، سيتواجد بالمنطقة الخضراء المفتوحة للعموم، وسيكون فضاءً للشباب المهتم بالتحديات البيئية قصد تبادل الأفكار والتجارب، ومناسبة للتعبير عن تصورات الشباب لمستقبل مناخ الكرة الأرضية، وسيضم العديد من الورشات والأنشطة الشبابية التي تدخل في الإطار نفسه.

وقال فراي: “إن فئة الشباب هي المستهدف الأول من مثل هذه التظاهرات البيئة الكبرى”، مشيرا إلى أن بلاده سعت إلى دعم العديد من المبادرات الشبابية البيئية، خاصة في عدد من البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية، كما أُنجِز مجسمٌ مُصغّر لـ “رواق الشباب” قامت السفارة السويسرية بتكريم طلبة المدارس المعمارية الذين ساهموا في المبادرة التي أخرجته إلى حيز الوجود.

لا يُمكن الحديث عن مواجهة التحديات البيئية بالمغرب دون إشراك الشباب المغربي إدريس اليزمي، رئيس قطب المجتمع المدني خلال مؤتمر مراكش

دعم سويسري مُتعدد الأوجه

في هذا السياق، تهدف “مبادرة المناخ الخاصة بالتغذية” إلى إيجاد مشاريع تُساعد على مواجهة التغيير المناخي في إفريقيا الفرنكوفونية من خلال إجراء مناقشات، وجمع مقترحات، وتقارير، وأحداث جانبية، وتنظيم تكوين شبكة من المشاركين في موضوع الفكرة الرئيسية. وفي الفترة الأخيرة، قامت الجماعات ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب المشاريع الخضراء في إفريقيا بتطوير مفاهيم خلاقة للتخفيف من آثار التغيير المناخي.

سويسرا تُنفّذ هذه المبادرة بالتعاون مع وكالات استشارية خاصة بالتنمية المستدامة، وبدعم من المنظمة الدولية للفرنكفونية، وصندوق الأمم المتحدة للتنمية، والإتحاد الأوروبي، وصندوق البيئة الدولي. وقد أشار السيد فراي إلى أنه تمت دعوة 30 مرشحا لـ “مبادرة المناخ الخاصة بالتغذية” ليكونوا جزءا من هذا الحدث، وستقدم سويسرا دعما ماليا (6 ملايين فرنك) للمبادرة من بينها دعم لثلاثة من هؤلاء المرشحين في عام 2017 من أجل إنتاج عمل حسب البرنامج المتبنى.

على صعيد آخر، سيكون للقطاع الخاص السويسري حضور في قمة مراكش “كوب 22″، حيث ستقدم عدة شركات إبداعاتها وابتكاراتها وإنجازاتها في الحد من الإرتفاع الحراري، ومن بينها شركة آي بي بي ABB التي تمت دعوتها من قبل المنظمين بصفتها شريكا رسميا للقمة. وبشكل عام، يؤكد السفير السويسري ماسيمو باجّي أن “مؤتمر الأطراف يهمنا جميعا، وقمنا بمجهودات عدة لإنجاحه، خاصة من خلال التكوينات التي نظمناها في هذا الصدد، كما قمنا بدعم مبادرات عدة ساعية إلى الحفاظ على البيئة في بلدان شمال إفريقيا وبعض دول جنوب الصحراء”.

خارطة طريق لجمع 100 مليار دولار لمواجهة التغيرات المناخية

ناقش المشاركون في لقاء وزاري احتضنته مدينة مراكش المغربية في شهر أكتوبر 2016، ودعت إليه الرئاسة المغربية لقمة المناخ “كوب 22” خارطة الطريق التي تقدمت بها الدول المتطورة لتوفير مائة مليار دولار لمساعدة الدول الفقيرة والنامية لمواجهة التغيرات المناخية.

ووصفت الأمينة التنفيذية للاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية باتريسيا إسبينوزا تقديم “الدول الغنية والأطراف المانحة” خارطة الطريق بأنه “خبر جيد وتطور مهم”.

وأضافت سبينوزا التي كانت تتحدث خلال ندوة صحافية في مدينة مراكش حيث انعقد الاجتماع الوزاري إن مناقشة هذه الخارطة “يعطي الكثير من الشفافية للمسار ويضع الثقة في إرادة الدول الغنية لاحترام التزاماتها”.

ومن أبرز نقاط اتفاق باريس التاريخي حول المناخ تبني الوعد الذي قدمته الدول الغنية في 2009 بتقديم مائة مليار دولار سنويا بداية من 2020 لمساعدة الدول النامية بغرض تمويل انتقالها إلى الطاقات النظيفة، وللتلاؤم مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تعتبر هي أولى ضحاياها.

وقادت كل من أستراليا والمملكة المتحدة مبادرة صياغة خارطة طريق تهدف لتعبئة 100 مليار دولار من التمويلات المناخية سنويا لفائدة الدول الفقيرة والنامية بحلول سنة 2020.

وتهدف الخارطة إلى تحقيق أكبر قدر من الشفافية في كيفية جمع التمويل المطلوب مع تحديد التدابير العملية التي ستسلكها الدول المتقدمة لبلوغ هذا الهدف.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 19 أكتوبر 2016)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية