مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تجاهل مطالب لجوء آلاف العراقيين “انتهاك للقانون السويسري”

عائلة عراقية تنتظر دورها لتسجيل مطلب لجوء بمقر المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين بدمشق يوم 19 يوليو 2007. Reuters

اتهم تقرير عرض على أنظار الحكومة السويسرية يوم الأربعاء 11 يناير 2012 المكتب الفدرالي للهجرة بانتهاك القانون السويسري بعد اتخاذه قرارا بعدم النظر في آلاف مطالب اللجوء التي تقدم بها عراقيون إلى سفارتيْ سويسرا بالقاهرة ودمشق بين عامي 2006 و2008.

هذا التقرير النهائي الذي أنجزه القاضي الفدرالي السابق ميشال فيرود، خلص إلى أن القرار الذي اتخذ في 20 نوفمبر 2006 ينتهك على وجه الخصوص القواعد المنصوص عليها في قانون اللجوء والهجرة، ولا يحترم الضمانات التي يوفّرها الدستور السويسري في هذا المجال. لكنه في المقابل لا ينص على أي تتبعات قضائية او إجراءات عقابية ضد أي مسؤول.

وسبق أن أثار اكتشاف ما بين 7.000 إلى 10.000 طلب لجوء تقدّم بها رعايا عراقيون نازحون بسبب العنف في بلادهم إلى كل من مصر وسوريا، ولم يتم النظر فيها من موظفي السفارتيْن السويسريتيْن، ولم تُبلّغ إلى الجهات المختصة في برن غضبا واستياءً كبيريْن في سويسرا في صيف 2011 مما دفع سيمونيتا سوماروغا، وزيرة العدل والشرطة إلى المطالبة بإجراء هذا التحقيق الخارجي والمستقل حول الموضوع.

تدفّق كبير للاجئين

هذه القضية تعود إلى عام 2006 عندما اقترح جاك دي فاتفيل، سفير سويسرا بدمشق على مدير المكتب الفدرالي للهجرة، والذي كان آنذاك إيدوارد غنيسا، وفي إطار مواجهة العدد الهائل لمطالب اللجوء التي تقدّم بها العراقيون، بالتريث وعدم الرد على تلك المطالب، وانتظار القرارات التي ستصدرها البلدان الأخرى بشأنها.

وفعلا استحسن غنيسا هذا المقترح، وأمر باتباع نفس الإجراء بشأن المطالب التي قدّمت إلى سفارة سويسرا بالقاهرة ابتداء من عام 2007. ويذكر أن سويسرا في تلك المرحلة كانت تعتمد سياسة متشددة في مجال الهجرة واللجوء خصوصا بعد أن تولى وزارة العدل والشرطة كريستوف بلوخر، الزعيم التاريخي لحزب الشعب (يمين شعبوي).

غير أن ما خلص إليه هذا التقرير المستقل هو ان ذلك الإجراء ينتهك القواعد المنصوص عليها في قانون اللجوء الذي كان حيّز النفاذ، وأنه لا يحترم الضمانات التي يوفّرها الدستور السويسري لكل طالب لجوء، والحال أن تلك المطالب كانت مستوفية لكل الشروق القانونية.

كما توصّل القاضي الفدرالي السابق الذي كلّف بإجراء هذا التحقيق، وعلى خلاف ادعاءات بعض المسؤولين آنذاك وفي مقدمتهم الوزير الفدرالي السابق ،كريستوف بلوخر، فإن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لم تعط الضوء الأخضر للسلطات السويسرية لكي تتصرّف بتلك الشاكلة.

إخلال بآلية الإبلاغ

لم يحدد التقرير بالضبط مسؤولية الاطراف التي كانت متداخلة في هذا الملف، كما لم يشر إلى من كان يعلم بالضبط بذلك القرار، ومن لم يكن على علم ودراية به. فإيدوارد غنيسا، المدير الاسبق للمكتب الفدرالي للهجرة “لديه انطباع” بأنه قد أعلم كريستوف بلوخر، وزير العدل والشرطة الاسبق بذلك الإجراء، وسبق فعلا للوزير الأسبق أن أقرّ بأنه وافق على ذلك الإجراء في حينه.

غير أن ميشال فيرود يشير إلى التقصير الذي حصل في إعلام إفلين فيدمر- شلومبف التي خلفت بلوخر في وزارة العدل والشرطة نهاية 2007 بذلك الإجراء الخاص. وفي رد على أسئلة من الصحافيين لشلومبف بهذا الشأن، فضلت رئيسة الكنفدرالية عدم الخوض في هذا الجدل قائلة: “لا يمكن إعلام الوزير الجديد بكل شيء”.

 ونفس الأمر حصل كذلك مع الوزيرة الحالية سيمونيتا سوماروغا، التي ارتأى ألار دي بوا – رايموند ، المدير السابق للمكتب الفدرالي للهجرة أنه لم تكن هناك ضرورة لإعلامها، فردت الوزيرة بعزله من منصبه في الحال.

لا عقوبات في الأفق

الذين يؤيدون تلك السياسة يقولون إن العراقيين الذين تقدموا بتلك المطالب كانوا ينعمون بحماية البلدان التي نزحوا إليها، ويعنون بذلك مصر وسوريا، وانهم لم يكونوا يواجهون خطر الترحيل منها، إلا أن التقرير يشير إلى أنه في كثير من الحالات تم ترحيل عراقيين إلى بلادهم على الرغم مما كان يهدد حياتهم.

كذلك أشار التقرير المذكور إلى أن المسؤولية عما حدث تعود إلى المكتب الفدرالي للهجرة، لكنه لم يشر إلى مسؤول بعينه، خاصة إذا أخذنا بعيْن الإعتبار انقضاء فترة من الزمن لابأس بها منذ حصول تلك التجاوزات، وتغيّر المسؤولين في الإدارة الفدرالية.

كذلك لم يشر التقرير إلى أفعال بعينها يمكن ان تكون محل تتبع قضائي، كما لم يتهم احدا بارتكاب مخالفات ترقى إلى الجرم الذي يستوجب المحاسبة، كسوء استخدام السلطة مثلا أثناء أداء الوظيفة. وكأن بالأمر لا يتجاوز مجرد سوء تقدير للمصلحة وعدم توفّق في تقييم الموقف.

لكن المثير فعلا، أنه في الوقت الذي ينفي فيه التقرير الحاجة على اتخاذ خطوات استثنائية لتعجيل معالجة 3000 آلاف مطلب لا تزال عالقة من مجموع تلك المطالب، فإنه يوصي بضرورة تغيير القواعد القانونية التي تلزم السفارات السويسرية في الخارج بضرورة تسلّم مطالب اللجوء وتسجيلها ومعالجتها في أوقات محدودة، وبالتالي يدعو إلى تعديل قانون اللجوء. وفي هذا توافق مع مقترح ضمنته الحكومة في التماس أبلغته إلى البرلمان الفدرالي في 26 مايو 2010.

تقدم ما بين شهريْ يناير ومايو 2011 حوالي 8120 أجنبي بطلبات لجوء إلى سويسرا.

في شهر مايو لوحده، بلغ عدد طالبي اللجوء 2.254 شخصا، ما يمثل زيادة بنسبة 51% مقارنة بشهر أبريل من السنة نفسها.

معظم طلبات اللجوء التي قدمت خلال عام 2011، كانت من طرف رعايا إيريتريين (1.645)، يليهم التونسيون (758).

  

قالت وزارة العدل والشرطة إن سويسرا مستعدة لتوفير الحماية للاجئين الفارين من النزاع المسلح في ليبيا، لكنها لن تقبل طلبات اللاجئين التونسيين لإسباب إقتصادية.

رغم أن الأشهر الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في عدد اللاجئين، لكن الإحصاءات المتداولة لم تصل بعدُ إلى المستوى الذي بلغته سنة 1999 خلال حروب البلقان.

في مايو 2011، بلغ عدد طالبي اللجوء على سويسرا 38.000 نسمة، في حين وصل هذا العدد في مايو 1999 ما يربو عن 104.000 لاجئا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية