مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحملة الإنتخابية بين سلاحي المال والكلمات

امتلأت الشوارع السويسرية بالعديد من الملصقات تحمل الوعود والأماني للناخبين، مثلما كان عليه الحال في الصورة عام 2003. Keystone

بدأت الأحزاب السياسية في سويسرا حملاتها الانتخابية استعدادا لموسم سياسي ساخن تتنافس فيه على مقاعد البرلمان، تستهلك فيها ملايين الفرنكات كمصاريف للدعاية، لكن بميزانيات تختلف من حزب إلى آخر.

في الوقت نفسه، اتخذ التنافس الحزبي بعدا جديدا من خلال ظاهرة التشهير بإخفاقات الآخرين وتحذير الناخبين من اختيارهم.

يقول المراقبون إن حزبي الديمقراطي المسيحي والراديكالي لديهما خزانة عامرة بالأموال اللازمة لتغطية الحملة، فوفقا لتصريحات السكرتير العام للحزب الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) ريتو ناوزه فهناك ما بين 1.2 و 1.5 مليون فرنك في خزينة الحزب لهذا الغرض، 40% منها من فائض ميزانية العام الماضي، ونفس النسبة تبرعت بها بعض المؤسسات الاقتصادية، والبقية من أموال الحزب الداخلية.

وسيقوم الحزب بإنفاق الجزء الأكبر من هذا المبلغ في تمويل الدعايات والإعلانات والملصقات في جميع أنحاء سويسرا، وهو ما يستهلك قرابة 20% من الميزانية، ثم تستهلك الدعاية عبر البريد الإليكتروني بدورها 30%، إذ يجب على الحزب شراء عناوين بريدية من الشركات المتخصصة في هذا المجال، إلى جانب تكثيف الرسائل البريدية إلى الأعضاء والمتابعين لأنشطة الحزب.

ولا يغيب العنصر البشري في هذا العمل الدعائي، إذ تذهب 20% من الميزانية إلى أشخاص مهمتهم الربط بين الإدارة المركزية للحزب والفروع المنتشرة عبر جميع الكانتونات، ومن بين مهامهم مثلا إطلاق حملات توزيع المنشورات الدعائية في جميع أنحاء سويسرا في آن واحد، أو وضع المعايير المتبعة في الحملات من مثل تحديد أفضل أو أنسب المواعيد والأوقات لمخاطبة شرائح المجتمع المختلفة، أو التي يعتقد الخبراء أنهم من المتعاطفين مع الحزب أو يمكن استمالتهم إليه.

في المقابل يضع الحزب الراديكالي (يمين) 1.3 مليون فرنك رهن الحملة الانتخابية، ويقول سكرتيره العام غويدو شومر إن هذا المبلغ مخصص لفروع الحزب المنتشرة في أنحاء الكانتونات ليهيئ لها الأرضية المناسبة للدعاية الانتخابية والحضور المناسب أمام الرأي العام في المناقشات والحوارات العامة أو التي تتناول الموضوعات الرئيسية لحملة هذا الموسم الانتخابي.

لكن العبء الكبير يبقى على عاتق 12 عضوا في المكتب التنفيذي للحزب؛ فهم الذين يواجهون الرأي العام في المسائل المثيرة للجدل أو التي تحتاج لتوضيحات أكثر أو اتخاذ مواقف من قرارات وتصريحات الأحزاب الأخرى.

حرب الإستقطاب بين اليسار واليمين المتشدد

أما الحزب الاشتراكي (يسار الوسط)، فيعتمد على ميزانية يقول إنها لا تتجاوز 1.2 مليون فرنك، وأعد طاقما خاصا من 5 أفراد لوضع آليات التنسيق بين فروع الحزب على مستوى الكانتونات، إلى جانب الدعاية والملصقات.

واللافت للنظر أن حزب الشعب (يمين متشدد) أعلن أن ميزانية حملته الانتخابية لن تتجاوز المليون فرنك، وسيستغلها في تغطية الحملة الانتخابية. ويعتقد الحزب أنها ستكفي للوصول إلى بدايات الحملة الانتخابية في خريف هذا العام، وسيحاول تغطية الموضوعات الهامة التي تهم الرأي العام السويسري وتشير إلى الحلول والمقترحات التي يقدمها الحزب للناخبين.

ويقول رومان ياغي المتحدث الإعلامي بإسم الحزب أن الحملة الانتخابية تسير على نطاق الكانتونات وليس على الصعيد على الفدرالي مثلما فعلت الأحزاب السالفة الذكر، وربما يعود قلة هذه الميزانية، إلى أن فروع الحزب على مستوى الكانتونات هي التي تنسق أنشطتها وتقوم بالتواصل والتنسيق داخل النطاق الجغرافي الواحد، وبذا لا يحتاج الحزب إلى جهاز تنسيق خاص أو تكليف أشخاص من الخارج للقيام بهذه المهمة.

أما أصغر الميزانيات على الإطلاق فهي التي أعلن عنها حزب الخضر، إذ قال إن المبلغ المخصص للدعاية الانتخابية يتراوح بين 40 و 50 ألف فرنك على الصعيد الفدرالي، لكن سكرتيرة الحزب ميريام بيرنز تقول بأن هناك العديد الذين يقومون بالعمل التطوعي على المستوى الفدرالي، في حين أن إجمالي الميزانيات التي تقدمها الكانتونات لا تقل عن مليون فرنك، وقد تصل إلى 1.5 مليون فرنك، حسب قولها.

ويتضح من هذه الميزانيات أن الاشتراكيين والراديكاليين والديمقراطيين المسيحيين يفضلون العمل على الصعيد الفدرالي إلى جانب الأنشطة داخل الكانتونات، وقد يعود هذا التوجه إلى اختلاف شعبيتها من منطقة على أخرى، فتحاول الاستفادة من الغطاء الفدرالي لنشر برامجها على كافة الصعد.

في حين اتجه اليمين المتشدد والخضر إلى التركيز على مستوى الكانتونات قبل الغطاء الفدرالي العام، وهو ما يشير إلى أن كلا منهما يدرك أن الأصوات تأتي من دعم وحشد أكبر قدر ممكن من الفئات الشعبية القليلة، وهي في حال حزب الشعب القرى الجبلية والمناطق النائية والمناطق المشهورة بالزراعة والأعمال الفلاحية، وفي حال الخضر أماكن تجمعات المثقفين وأقصى اليسار والباحثين عن الحلول البديلة ومحبي الطبيعة، وعادة ما يكونون في الأحياء القريبة من المدن الكبرى أو الأحياء الجامعية، ولذا يستقطب الطرفان شريحة محددة من الرأي العام.

كتاب أسود ولائحة إخفاقات

لكن الحملة الانتخابية لا تعتمد هذا العام على المال فقط، بل بدأت في اتخاذ منحى جديد، فرضته الظروف السياسية الذي تعيش فيها الكنفدرالية والمخاوف من حدوث استقطاب كبير بين اليسار واليمين قد يؤثر على ما يوصف بـالمعادلة السحرية لنظام الحكم السويسري، التي تضمن تمثيل نسبة معقولة من الطيف السياسي في الحكومة والبرلمان.

فما أن اتجت قوى اليسار (الخضر مع الاشتراكيين) إلى بناء تحالف لمواجهة تيار اليمين المتشدد، بعد أن أشارت استطلاعات الرأي إلى تقدمه بشكل ملحوظ، حتى بدأ حزب الشعب في استهداف الجميع وتحذير الرأي العام من المخاطر التي تهدد الكنفدرالية إذا نجح هذا التحالف اليساري في الحصول على نسبة كبيرة من الأصوات.

فقد استعرض الحزب في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة الفدرالية برن في 7 ابريل ما وصفه بالكتاب الأسود يتضمن قائمة بأخطاء اليسار في حق الدولة، وكيف أثرت هذه القرارات على الأوضاع الداخلية، ومن بينها على سبيل المثال ارتفاع نسبة الضرائب وزيادة حجم الديون بين الكانتونات والحكومة الفدرالية، والتساهل في تجنيس الأجانب والعبث بقوانين المساعدات الاجتماعية، وينصح الحزب الناخبين بالتخلي عن برامج أحزاب اليسار بالجملة وأن يختار ما سوى ذلك.

ووفقا لتصريحات أولي ماورر رئيس حزب الشعب في هذا المؤتمر الصحفي فإن الحزب يسعى إلى إزاحة كافة التيارات المعارضة له من فوق الساحة السياسية في البلاد، “كي يتمكن السويسريون من العيش دون خوف من الفقر أو غياب الاستقرار، لأن اليسار يؤدي بسويسرا إلى الهلاك”، حسب قوله.

ومن المؤكد أن الأحزاب اليسارية سترد على هذا الكتاب الاسود بلائحة تحمل إخفاقات وزراء حزب الشعب في الحكومة، لاسيما تصريحات وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر، التي تثير دائما ورائها الكثير من الغبار أينما ينطق بها.

والواضح اليوم أن المال وحده لن يكون السلاح الحاسم في المعركة الانتخابية السويسرية، بل الحجج والبراهين التي تثبت الحجج أو تنفي الاتهامات، وهو ما ينذر بشهور ساخنة حامية الوطيس.

سويس انفو – تامر أبوالعينين

ينبغي على الأحزاب السياسية في كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا أن تعلن عن أسماء الجهات الممولة للحملات الانتخابية سواء كانت مؤسسات أو أفراد، ولكن هذا القيد ليس إجباريا في جميع الحالات، بل يختلف من بلد على آخر حسب المبالغ المقدمة من المتبرعين.

*في بريطانيا

لا تتلقى الأحزاب أى تمويل حكومي مباشر للحملة الانتخابية. يحصل كل حزب على مساحة زمنية في جميع محطات التلفزة لعرض أفكاره وبرامجه، بما يعكس توزيع حجمه في البرلمان. هناك حدود مفروضة على كل مرشح للنفقات على الحملة الانتخابية ولكن هذه القيود ليست مفروضة على الأحزاب.

*في كندا

يسدد المرشحون والاحزاب الذين تم انتخابهم جزاء من النفقات المدفوعة إليهم مسبقا، أي ان المرشح الذي يحصل على اقل عشرة في المائة من الاصوات يستعيد 60% من تكاليف الحملة الانتخابية، ويمكن أن يسترد أي حزب سياسي يحصل على 2% من الاصوات نصف قيمة النفقات الانتخابية.

*في استراليا

يتم تمول الاحزاب السياسية لخوض الانتخابات الاتحادية حسب شعبيتها. ويمكن استعادة النفقات بما يتناسب مع معدلات التصويت، والنسب التي حصل عليها كل حزب.

*في الولايات المتحدة

يتلقى المرشحون الذين يتم انتخابهم لخوض الإنتخابات الرئاسية اموالا من الحكومة الاتحادية لتغطية نفقات حملاتهم في المرحلتين الابتدائية والانتخابات العامة. الاهليه للتمويل المرشحين يجب أن تلبي متطلبات هذا الاتفاق الى حد ما حمله على انفاق مبلغ محدد. ويجب على المرشحين تغطية عدد من الشروط الهامة للتأهيل للحصول على دعم مالي من الشعب.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية