مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

#”بريكزيت”.. نداء الطوارئ الديمقراطي لأوروبا

أدى تصويت الناخبين البريطانيين المُتوجّسين من الإتحاد الأوروبي يوم 23 يونيو 2016 إلى انسحاب بلادهم من الإتحاد وإلى إحداث رجة داخل المملكة المتحدة وفي كل أوروبا. Keystone

إذن، فقد صوَّت 52% من الناخبين البريطانيين في صالح الخروج من أوروبا، وأجابوا يوم 23 يونيو على التساؤل الدائر حول إذا ما كان يتعين على المملكة المتحدة أن تحافظ على عضويتها في الإتحاد الأوروبي أو تغادره. وقد عكست النتائج النهائية للإستفتاء الذي شارك فيه البريطانيون بنسبة 72% أعلى نسبة تم تسجيلها على الإطلاق في أي اقتراع شهدته المملكة المتحدة.

ومع قرارهم التاريخي هذا، لم يُقدم المشاركون في الإستفتاء الذين قارب عددهم 33 مليون شخص إجابة على السؤال المتعلق ببقاء بريطانيا أو خروجها من الإتحاد الأوروبي فحسب، ولكنهم رفعوا العديد من التساؤلات الجديدة أيضاً، بالنسبة للملكة المتحدة والديمقراطية وأوروبا.

يتناول هذا المقال تصويت “بريكزيت” باعتباره إشارة إنذار، إذ يتطلب الأمر ابتداء من الآن اعتماد الإتحاد الأوروبي للديمقراطية المباشرة، حسب رأي الخبير في مسائل الديمقراطية برونو كوفمان.

يُنشر هذا المقال في إطار #DearDemocracy، المنصة التي تخصصها swissinfo.ch لقضايا وتطورات الديمقراطية المباشرة.  

المملكة المتحدة: لا شكك أن الإستفتاء الشعبي حول خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي قد وضع القوة العالمية السابقة في مواجهة واضحة أمام نتائج قرارها. ذلك أن نتيجة هذا الإستفتاء تسلط الضوء بوضوح على خطي صدع رئيسيين، أولهما اجتماعي والثاني إقليمي. أما خط الصدع الأول فيمتد بين الجزء المُنفتح، العالمي والليبرالي الإجتماعي من المجتمع البريطاني من جهة، والجزء المحافظ المعروف بتوجهاته الداخلية وتحسسه من قضايا الهجرة.

أما خط الصدع الثاني فيمتد على طول الحدود الوطنية، بين إنجلترا واسكتلندا، وكذلك مع أيرلندا الشمالية. ولكلا هذين الصراعين عواقب مهمة: فخط الصدع الإجتماعي يسلط الضوء بوضوح على أزمة الأحزاب التقليدية، ولا سيما حزب العمال الإشتراكي البريطاني حالياً. كما يرجح أن يزداد التصدع الإقليمي سوءاً، ويؤدي ربما إلى إنفصال اسكتلندا – وأيرلندا الشمالية. وهو سيناريو لا يود رئيس الوزراء المحافظ الحالي ديفيد كاميرون أن يدخل به التاريخ بالضرورة.

الديمقراطية: في أي دولة أخرى من أوروبا، لم يَحظ النظام البرلماني التقليدي حتى الآن بذلك الدعم والتقدير الذي يتلقاه في بريطانيا العظمى، البلد الأم للنظام المؤسسي لممثلي الشعب. وعلى مدى عقود، حكم سكان بريطانيا البالغ عددهم نحو 65 مليون نسمة رؤساء وزراء لم يحصلوا على تلك الصلاحيات الكاملة إلّا من قبل أغلبية نسبية من الناخبين، ووفق المبدأ القائل “الفائز يحصل على كل شيء”.

ومن وجهة نظر شريحة واسعة من السكان، عانت شرعية العديد من القرارات – ليس التي إتُخذت في لندن فحسب، ولكن أيضاً تلك الي أيّدتها الحكومة ذاتها داخل مؤسسات الإتحاد الأوروبي – إلى حد بعيد.

وهكذا، يمكن فهم قرار الخروج من الإتحاد الأوروبي كنداء طوارئ ديمقراطي، وكمطلب لتعزيز بناء أساليب مُستدامة لمساهمة ومشاركة المواطنين، التي يرى الكثير أنها ضعيفة جدا، من خلال المزيد من الديمقراطية المباشرة على جميع المستويات السياسية. بيد أن نموذج الإستفتاء الشعبي الذي إقترحه رئيس الوزراء كاميرون حول عضوية المملكة المتحدة في الإتحاد الأوروبي (استفتاء تقرر من فوق) ليس الإستجابة المناسبة بهذا المعنى.

أوروبا: في العقود الأخيرة، لم يُحقق مشروع التكامل السياسي الأوروبي الكثير من التقدم والتعميق فحسب، ولكنه تعرض أيضاً إلى الكثير من الإضطرابات والنكسات التي أدت إلى إهتزازه. وفي الماضي أيضاً، أسفر عدد من الإستفتاءات في دول أوروبية حول مواضيع أوروبية، عن نتائج رفض مؤلمة. ومرة تلو الأخرى، تنجح القوى السياسية والإجتماعية المهيمنة المسؤولة عن هذه الحالات بالإنسلال بسهولة من المشهد السياسي. وهو ما حدث عندما رفض الدنماركيون والايرلنديون دعم التغييرات في معاهدة الإتحاد الأوروبي، أو بعد رفض المعاهدة الدستورية للإتحاد الأوروبي في فرنسا وهولندا.

لكن هذا لن يكون مُمكناً بعد التصويت على “بريكزيت”، حيث بدأت القوى الوطنية المحافظة في عدد من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي بالفعل بالمطالبة بإجراء استفتاءات شعبية مُماثلة. لكن قبل كل ذلك، ينبغي معالجة وتوضيح كيفية خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وما يترتب على ذلك من عواقب. وهذا وحده قد يستغرق أعواماً.


المملكة المتحدة تنسحب من الإتحاد الأوروبي. ما رأيك في القرار الذي اتخذته أغلبية من الشعب البريطاني؟ شكرا على مشاركتكم بالتعليق فرأيكم يهمنا.


متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية