مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أحداث مرشحة للاستمرار في اليمن

swissinfo.ch

عام 2001 يمنيا مثله مثل سابقه، لم يكن خاليا من المفاجئات ولأحداث المثيرة التي شغلت مختلف مكونات الفاعلين سياسيا واقتصاديا على حد سواء، واستأثرت باهتمام المراقبين والمتابعين للشؤون اليمنية الذين يرون أن اغلبها مرشح للاستمرار في عام 2002.

على المستوى السياسي ظل السجال محتدما بين الحكومة والمعارضة إذ جاءت الانتخابات المحلية التي تجرى لأول مرة ومعها التعديلات الدستورية في العشرين من فبراير لتذكي الخلافات بين السلطة والمعارضة وأطلقت العنان للاتهامات المتبادلة بخروقات وتجاوزات ينسبها كل طرف للطرف الأخر. ووصل الأمر في بعض الحالات إلى مواجهات مسلحة بين أنصار المؤتمر الشعبي العام “الحاكم” واتباع التجمع اليمني للإصلاح ونتج عن هذه المواجهات بين الحليفين التقليديين سقوط عدد من القتلى وفصم لعرى التحالف التقليدي الذي جمع هذين الحزبين خلال العقد الماضي.

التعديلات الدستورية التي أقرت بالتزامن مع هذه الانتحابيات هي الأخرى كانت محل انتقاد أحزاب المعارضة حيث اعتبرتها إجراء إضافيا يستهدف التضييق على الهامش الديموقراطي ويركز السلطات في يد رئيس الدولة.

هذه الاعتراضات لم تفض إلا إلى مزيد من تهميش المعارضة وانفراد الحزب الحاكم بالهيمنة المطلقة على الحياة السياسية ما جعل المراقبين يذهبون إلى أن المؤتمر الشعبي العام سيدشن مرحلة جديدة من التغيير على اعتبار أنه يمتلك الأغلبية المطلقة.

وتكللت البداية بتشكيل حكومة جديدة برئاسة عبد القادر باجمال ضمت في صفوفها وجوها جديدة لأول مرة إضافة إلى تخصيص حقيبة وزارية تشغلها مرأة يمنية لأول مرة أيضا وهي وزارة الدولة للحقوق الإنسان التي أسندت للدكتورة وهيبة فارع.

دعوة المعارضة الى الحوار

على صعيد الحريات العامة، لقيت الجهود اليمنية تقديرا من قبل بعض الهيئات الأممية التي أشادت بخلو اليمن من أي سجين سياسي بيد أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لحرية الصحافة التي ظلت أسيرة للمحاكمات والملاحقات القضائية علاوة على التعسف الإداري مثل المنع من التوزيع والإيقاف.

على أن المفاجأة التي حملها العام 2001 هي حسم قضية توحيد التعليم بعد أن ظلت هذه المسألة تراوح مكانها منذ إقرار قانون توحيد التعليم في عام اثنين وتسعين لأسباب سياسية معروفة. ولقيت هذه المبادرة مباركة جميع أحزاب المعارضة باستثناء التجمع اليمني للإصلاح الذي رأى فيها اعتداء على الهوية الدينية للمجتمع وامتدا لتصفية حسابات سياسية بينه وبين حليف الأمس أفرزتها خلافاتهما خلال الانتخابات المحلية وموقف هذا الحزب من التعديلات الدستورية.

لم يكد ينتهي الجدل حول هذه القضايا إذا بحكومة باجمال تدعو الأحزاب السياسية المعارضة إلى الدخول معها في حوار بشأن تعديلات قانون الانتخابات وهو الحوار الذي برز خلاله خلاف واضح بين الحكومة وهذه الأحزاب لم ينتهي إلا بتدخل الرئيس علي عبدا لله صالح الذي بادر إلى اقتراح الإبقاء على المادة الخاصة التي تنص على التمثيل الحزبي في تشكيلة اللجنة العليا للانتخابات وهو ما أدي إلى تلطيف الحوار بين الفريقين غير أنه لم يحل كافة القضايا العالقة بينهما ليعود التباين من جديد لاسيما بعد تشكيل اللجنة العليا للانتخابات بقوام يغلب عليه تمثيل المؤتمر الشعبي العام ما خلف ردود أفعال غاضبة من قبل بعض الأحزاب.

احداث الحادي عشر من سبتمبر تسدل الستار على الهموم الداخلية

في خضم هذه المعمعة التي كان اليمنيون يعيشونها داخليا جاءت تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة وما لحقها من تطورات لتسدل ستارا على الهموم الداخلية خاصة بعد توارد أنباء من أن اليمن مرشحة لتلقي ضربة أمريكية قادمة. وإذا كانت هذه المخاوف قد تبددت إلى حدما عقب زيارة الرئيس اليمني إلى واشنطن أواخر شهر نوفمبر إلا أنها فتحت الباب واسعا لانشغال اليمنيين بفحوى الشراكة اليمنية الأمريكية لمكافحة الإرهاب التي تمخضت عن هذه الزيارة وبدأت تباشيرها تلوح في الحملات التي تقوده السلطات لتعقب ومطاردة أفراد يشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن.

وغير بعيد عن التفاعلات السياسية التي شهدتها اليمن خلال العام المنصرم كان البعد الاقتصادي حاضرا بأكثر من معنى إذ كشفت المعطيات الإحصائية عن تحقيق توازنات مالية واقتصادية نتيجة لتطبيق الإصلاحات الاقتصادية الموصى بها من المؤسسات المالية الدولية “البنك وصندوق النقد الدوليين” اعتبرتها السلطات اليمنية علامة على نجاح سياستها الاقتصادية.

مقابل ذلك اعتبرت المعارضة أن هذه التوازنات المحققة أدت إلى نتائج سلبية، مثل تزايد مساحة الفقر التي تقدرها المصادر الرسمية بحوالي 35% بين السكان فيما تذهب مصادر مستقلة إلى أن 45% من السكان يعيشون تحت خط الفقر فيما تبلغ البطالة زهاء 40% وسط قوى العمل.

إجمالا يرى المتابعون للشأن اليمني أن مجمل القضايا والأحداث التي عرفتها البلاد خلال العام 2001 سينوء بحملها العام الجديد نظرا لأن معظمها مازال في طور التفاعل والاعتمال مرجعين ذلك إلى عدة أسباب إما لأنها بعضها برز أواخر السنة كما هو الحال في مكافحة الإرهاب التي لم يتحدد نطاقها بعد ولا المدى الذي ستستغرقه علاوة على أنها تظل مرهونة بمدى رضاء المعنيين بها. اما السبب الأخر الذي يدفع المراقبين إلى التكهن باستمرار أصدأ هذه القضايا العام المقبل هو أن بعضها طويل الأمد كما هو الحال بالنسبة للإصلاحات الاقتصادية والمالية أما القضايا السياسية الداخلية الأخرى فالانصراف عنها هو انصراف طارئ أملته التفاعلات الدولية التي أعقبت تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.

انطلاقا من هذه المحددات التي ميزت العام 2001 يمني، لاشك أن الأنظار ستظل مشدودة لمعرفة تطوراتها في العام الجديد 2002 نظرا لأن كثيرا منها مازال في طور التفاعل الذي يجعل من السابق لأوانه التنبوء بما ستنتهي إليه في الأمد المنظور.

عبد الكريم سلام – صنعاء

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية