مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أصـداء صـدمـة المذبحة النرويجية تتـردد بقوة في الصحافة السويسرية

لا زال النرويجيون تحت أثر الصدمة في أعقاب العملية الإرهابية غير المسبوقة التي شهدتها العاصمة وجزيرة اوتوياه يوم الجمعة 22 يوليو 2011. Keystone

أصيبت الصحف السويسرية الصادرة يوم الاثنين بالصدمة لهول المجزرة التي تمت يوم الجمعة 22 يوليو في النرويج. ولكن بعد تجاوز تأثيرات الصدمة الأولى، اتضح للمعلقين أن الافراط في التركيز على الإرهاب الأصولي، دفع الى تناسي العدو الداخلي الذي يصعب توقع تصرفاته.

فقد خصصت الصحف السويسرية عناوينها البارزة لهذه المجزرة. كما أن القسم الأكبر من التحقيقات الصحفية  المنشورة اهتم بمعالجة التأثيرات النفسية للمأساة وكيفية مواجهة الشعب النرويجي  لها. والعبارة المشتركة التي تم ترديدها سواء  من خلال العناوين او من خلال التعليقات هو أنه في مواجهة مأساة من هذا الحجم “يكون النرويجيون قد فقدوا براءتهم” وأن تأثيرت الحادثة المروعة “ستلازمهم  لفترة طويلة”.

وهذا ما عكسته بصورة عامة صور الصفحات الأولى، إذ شددت جل الصحف على إبراز الشعور السائد والصدمة البادية من خلال صور تعكس مراسيم التأبين، وأكوام باقات الزهور المتراكمة، وصور أناس يبكون.

العدو الداخلي

وقد لاحظ الصحفيون في المقام الأول في تحاليلهم بأن الدول الغربية ركزت اهتمامها بالدرجة الأولى منذ اعتداءات 11 سبتمبر 2011  لى الارهاب الإسلامي ونسيت “العدو الداخلي”، مثلما اشارت الى ذلك صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ.

وكتبت الصحفية الصادرة بالألمانية في زيورخ “لقد ذهب كثيرون، أثناء التعبير عن ردود فعلهم الأولية ، الى اعتبار تفجير يوم الجمعة على أنه بمثابة انتقام ضد المشاركة العسكرية النرويجية في الصراعات الدولية. ولم يكن أحد مستعدا لتقبل  فكرة أن الإرهابي من أصل أوروبي ذي شعر أشقر وعينين زرقاوين، وأنه ترعرع في داخل البلاد”.

أما صحيفة لا ليبرتي الصادرة بالفرنسية في فريبورغ فأضافت من جهتها “هكذا ذهبت التحليلات خلال الساعات الأولى بعد الاعتداء المزدوج، مباشرة نحو احتمال أن يكون من صنع جماعات إسلامية.  لكن بعد إبعاد هذا الاحتمال الآن، أصبح يبدو اقل غرابة من قبول فكرة أن صانع الاعتداء “قاتل ذي نظرة ملائكية”. وهذا ما دفع صحيفة “لا تريبون دي جنيف” (تصدر بالفرنسية في جنيف) إلى التساؤل: “هل تناست أوروبا أو قللت من أهمية التطرف اليميني” فوق أراضيها وداخل مجتمعاتها.

من الصعب توقعه

في الحالة النرويجية، اتضح أن هذا الإرهابي الذي تبين أنه أصولي مسيحي يسعى إلى الإعلان أن هدفه يتمثل في “محاربة النفوذ الإسلامي في أوروبا”.

وفي تعليقه على هذه المسألة ، عبّر أسقف لوغانو في تصريحات إلى صحيفة “الجورنالي دل بوبولو”عن قلقه لوصف القاتل النرويجي بالمسيحي متسائلا: “عن أي دين مسيحي نتحدث؟ لأننا إذا ما تحدثنا عن أصولية مسيحية فهي أصولية الراهبة تيريزا في كالكوتا (بالهند) أو البابا يوحنا بولس الثاني وكثيرين ممن انتهجوا نهج مؤسس الدين المسيحي”.

ومهما يكن من أمر، وأيا كانت دوافع القاتل، فإن ما يُستخلص عموما هو أن توقع مثل هذه العمليات أمر صعب للغاية. إذ كتبت صحيفة لوماتان (تصدر بالفرنسية في لوزان) “إن ما يصدم أكثر هو بدون شك إصراره على القيام بذلك ببرودة دم. فقد نجح هذا الرجل البالغ من العمر 32 سنة، طول كل هذه السنوات، في عدم جلب انتباه المقربين منه وجيرانه إلى أن تمكن من تحقيق مبتغاه”.

وقد عززت صحيفة لا ليبرتي ذلك بقولها “يبقى أن مثل هذه الاحداث سواء تمت في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في سويسرا (مجزرة تسوغ في عام 2001)، أو في فرنسا (مجزرة نانتير) أو في فنلندا (المذبحة التي تمت في إحدى الثانويات)، فإنها تظهر جليا بأن الأنظمة الديمقراطية تبدوا عاجزة كل العجز في التعرف على المؤشرات الأولية لمثل هذه العمليات المنفردة والتي يتم التحضير لها بدقة ولوقت طويل “.

ويرى المعلقون أن اكتشاف إرهابيين داخليين من هذا النوع يعتبر أمرا مستحيلا نظرا لكونهم يقومون بذلك في أغلب الأحيان بشكل منفرد. وفي تصويرها لملامح هذا الإرهاب الداخلي كتبت صحيفة برنر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في برن) “إن الخطر الجديد ينمو على أرضنا ومتواجد بيننا. فمقترف هذه الجريمة يرى نفسه على أنه هو الخالق القوي القادر على تحديد معالم مجتمعه المغلق. ويعتبر نفسه من سكان الجزر وفي حرب ضد العالم بأسره”.

اهتمام بسويسرا

أخيرا ذكّرت العديد من الصحف بأن مرتكب هذه المجزرة في النرويج كان يرى بأن سويسرا هي ايضا بلد يعاني من زيادة التمازج والإختلاط الثقافي، وكتبت صحيفة “بليك” الشعبية الواسعة الإنتشار (تصدر بالألمانية في زيورخ) “لقد كانت سويسرا في موقع تصويبه”.

من جهة أخرى، اتضح أن الإرهابي النرويجي كان يصنف سويسرا في المرتبة الرابعة من بين الدول التي لها سياسة متراخية في مجال الهجرة بعد النرويج والسويد وألمانيا، بل حدد 498 شخصية سياسية سويسرية مسؤولة، حسب رأيه، عن ارتكاب ما سماها “خيانة في حق الوطن”.

اوسلو (ا ف ب) – يمثل اندرس بيرينغ برييفيك، المشتبه به في الاعتداءين الذين روعا النرويج الجمعة واوقعا 93 قتيلا على الاقل، اليوم الاثنين امام قاض سيقرر على الارجح حبسه على ذمة التحقيق، بينما تلزم البلاد الغارقة في بحر من الحزن دقيقة صمت عند الظهر.

وبحسب الاجراءات القضائية المتبعة في النرويج يجوز للقاضي ان يأمر بحبس المشتبه به على ذمة التحقيق لمدة اقصاها اربعة اسابيع يمكن تجديدها ولكن بعد عقد جلسة استماع ثانية.

ويعود للقاضي ايضا ان يقرر ما اذا كانت جلسة الاستماع للمشتبه به، التي ستعقد في الساعة 13,00 (11,00 تغ) في محكمة اوسلو، ستكون علنية ام لا، في حين تعج اوسلو بصحافيين تقاطروا اليها من العالم اجمع.

وبحسب محامي الدفاع عن المشتبه به فان موكله يرغب بان تكون جلسة مثوله امام القاضي الاثنين علنية وان يسمح له خلالها بارتداء بزة نظامية.

وقال المحامي غير ليبستاد لتلفزيون “ان ار كو” مساء الاحد 24 يوليو أن موكله “لديه رغبتان: الاولى ان تكون الجلسة علنية والثانية ان يسمح له بارتداء بزة نظامية”، مضيفا “لا اعلم عن اي بزة يتحدث”.

وحتى الساعة فان بيرينغ برييفيك لا يزال في نظر القانون النرويجي مشتبها به ولا يمكن توجيه الاتهام اليه الا حين ينتهي التحقيق الذي تجريه الشرطة.

وبحسب الشرطة فان المشتبه به “اقر بالوقائع المنسوبة اليه ولكنه لم يقر بمسؤوليته الجنائية”، مشيرة الى انه “خلال استجوابه قال انه كان لوحده، سوف نحاول التحقق من هذا عبر تحقيقنا”، ومؤكدة ان شهادات الناجين من مجزرة جزيرة اوتوياه تفيد بانه كان هناك “شخص واحد او اكثر” يطلق النار.

وبحسب آخر حصيلة رسمية غير نهائية، قتل 93 شخصا على الاقل في الاعتداءين اللذين استهدف اولهما حي الوزارات في العاصمة اوسلو بسيارة مفخخة ما اسفر عن سبعة قتلى على الاقل، بينما استهدف الثاني جزيرة اوتوياه القريبة حيث قتل بالرصاص 86 شخصا آخر غالبيتهم من الفتية والشباب كانوا يشاركون في مخيم صيفي لشبيبة الحزب العمالي الحاكم.

وبسبب الدمار الهائل الذي لحق بحي الوزارات في وسط العاصمة فان الكثير من الموظفين سيضطرون الى استئناف اعمالهم في مبان ادارية اخرى.

وغداة القداس المؤثر الذي اقيم الاحد في كاتدرائية اوسلو على نية الضحايا وشارك فيه الاف الاشخاص تتقدمهم العائلة المالكة واعضاء الحكومة، يشهد اليوم الاثنين وقفات تضامنية اخرى احياء لذكرى الضحايا ابرزها دقيقة صمت عند الظهر (10,00 تغ) ستلتزم بها البلاد من اقصاها الى اقصاها، في خطوة رمزية قررت السويد ايضا اتباعها تضامنا مع جارتها.

وفي جامعة اوسلو سيفتح سجل تعاز احياء لذكرى الضحايا وغالبيتهم من الفتية والشبان.

(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 25 يوليو 2011)

(نقله إلى العربية وعالجه: محمد شريف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية