مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إدانة سويسرية لأعمال العنف في كينيا

أجلت المعارضة الكينية إلى يوم الثلاثاء 8 يناير الجاري المظاهرة الحاشدة التي كانت قد دعت يوم الخميس 3 يناير في العاصمة نيروبي Reuters

أدت أعمال العنف التي اندلعت في كينيا إثر الانتخابات الرئاسية ليوم 27 ديسمبر الماضي والتي خلفت أكثر من 300 قتيل، إلى نزوح زهاء 100 ألف شخص حسب الصليب الأحمر الكيني. وقد وجهت هذه المنظمة يوم الخميس نداء لتجميع تبرعات بقيمة 8,4 مليون فرنك سويسري لمواجهة الأزمة.

وفي برن، أصدرت وزارة الخارجية السويسرية مساء الأربعاء بيانا أدانت فيه موجة العنف التي تشهدها كينيا، كما دعت الفاعلين السياسيين إلى اتخاذ التدابير الضرورية لإيجاد طريق للتحاور حول المستقبل السياسي للبلاد.

أعلن عبدي أحمد، المسؤول السامي في الصليب الأحمر الكيني، يوم الخميس 3 يناير الجاري في نيروبي: “حسب تقديراتنا الأولية، نحتاج إلى 500 مليون شيلين كيني (8,4 مليون فرنك) لمساعدة 100 ألف نازح على الأقل في البلاد”.

ويتواجد معظم هؤلاء، أي 70 ألف شخص، في المناطق الغربية من كينيا التي تحولت إلى مسرح لأسوأ أعمال العنف في البلاد خلال الأيام القليلة الماضية، بينما يتواجد حوالي 30 ألف آخرين في العاصمة نيروبي وضواحيها التي شهدت مواجهات عنيفة حسبما أوضحه السيد أحمد. وكان الصليب الأحمر الكيني قد أفاد يوم الثلاثاء بأن عدد النازحين كان قد بلغ 70 ألف.

وأضاف نفس المسؤول أن الجيش الكيني سيساعد على نقل مواد الإسعاف إلى المناطق المتضررة، خاصة عبر الجو. وقال إن هذه المساعدة ستكون ثمينة لأن “الحواجز القائمة على طول الطرق يمكن أن تعرقل وصول المساعدات الإنسانية” برا.

وكان المتحدث باسم الحكومة الكينية، ألفريد موتوا، قد أعلن مساء الأربعاء 2 يناير أن الجيش سيساهم بالفعل في الجهود الإنسانية لمساعدة السكان النازحين، موضحا أن العسكريين “تلقوا الأمر بالمشاركة في نقل وتوزيع المساعدات الإنسانية، بما فيها المواد الغذائية والأغطية والمعدات الطبية”.

ويذكر أن 342 شخصا على الأقل لقوا حتفهم في أعمال العنف السياسية والإثنية التي تلت الفوز الرسمي للرئيس مواي كيباكي في انتخابات 27 ديسمبر الماضي. وقد أثارت إعادة انتخابه موجة احتجاج تحولت إلى عنف شديد مازال متواصلا في كينيا.

ومن أسوأ أعمال العنف التي عرفتها البلاد في الأيام الأخيرة حرق حوالي خمسين شخصا أحياء داخل كنيسة لجؤوا إليها في بلدة إلدوريت غربي كينيا. وهي من المشاهد التي تذكر بأعمال الإبادة التي شهدتها رواندا عام 1994.

من فاز بالانتخابات؟

وفي صحيفة “ذو ستاندارت”، أقدم يومية في البلد، صرح رئيس اللجنة الانتخابية سامويل كيفويتو أنه لا يعلم “إذا كان كيباكى قد فاز في الانتخابات”. كما أشار أنه تعرض للضغط من أجل الإعلان عن النتائج بسرعة.

أما الرئيس مواي كيباكي، فقد اقترح فور الإعلان عن النتائج التي احتجت عليها المعارضة بقوة، عقد لقاء مع معارضيه. وهو ما يـُعد تحركا استثنائيا بالنسبة لرجل لا يميل بكثرة إلى مقابلة وسائل الإعلام، ولرجل كان قد دعا إلى ردع المظاهرات.

غير أن مرشح المعارضة رايلا أودينغا رفض عرض الرئيس، موضحا أنه لن يقبل أن يلتقي به “إلا إذا أعلن أنه لم يُنتخب”. ويتهم أودينغا السلطة الحاكمة بإثارة الفوضى، كما يعتبر حكومة كيباكي “المسؤولة المباشرة عن الإبادة”.

وكان أودينغا قد شدد على أنه سيقود مسيرة احتجاجية يوم الخميس 3 يناير في شوارع العاصمة نيروبي رغم الحظر الذي أعلنته الحكومة. لكن المعارضة أعلنت يوم الخميس تأجيل المظاهرة إلى يوم الثلاثاء 8 يناير ودعت أنصارها إلى العودة إلى ديارهم، مؤكدة بأنها مكونة من عناصر “مسالمة لا تريد العنف”.

من جهتهما، أوضحت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا أن “معلومات مستقلة كشفت عن مخالفات خطرة في عملية احتساب الأصوات”.

وفي بيان مشترك، أشادت كل من وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليسا رايس ونظيرها البريطاني ديفيد ميليباند بمبادرة الوساطة التي عرضها الاتحاد الإفريقي، ودعيا القادة الكينيين إلى وضع مصالح البلاد في صدارة الأولويات من أجل مستقبل موحد وسلمي.

وكان الاتحاد الإفريقي قد أعلن وصول رئيسه الغاني جون كوفيور إلى نيروبي يوم الأربعاء في محاولة لبداية وساطة، لكن الزيارة ألغيب من دون إيضاح الأسباب.

قلق وإدانة سويسريان

وفي برن، أصدرت وزارة الخارجية السويسرية مساء الأربعاء 2 يناير الجاري بيانا أعربت فيه عن قلقها من الأحداث العنيفة التي تلت الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الكينية. وأدانت الوزارة تلك الأعمال داعية الفاعلين السياسيين إلى بذل كافة التدابير لإيجاد طريق للتحاور حول المستقبل السياسي للبلاد. كما أوصى البيان المواطنين السويسريين بعد السفر إلى كينيا في الوقت الراهن إلا في الحالات الطارئة.

وورد في بيان الخارجية السويسرية “كنا نعلم أن السنة الانتخابية 2007 كانت ستكون سنة التحديات، لأن الانتخابات الثانية في ديمقراطية فتية غالبا ما تكون أكثر صعوبة من الأولى، التي جرت في عام 2002. لكن رؤية هذا البلد – الذي كان يعد حتى الآن نموذجا للاستقرار وضبط النفس في القارة الإفريقية – يغرق في الأزمة الحالية كان بمثابة مفاجأة لمعظم المراقبين”.

تـدابير وتوصيات

وأكدت وزارة الخارجية السويسرية أن السياح السويسريين المتواجدين حاليا في كينيا، والذين يقدر عددهم بألف، لم يصابوا بأي أذى بما أن الفنادق الساحلية التي تأويهم بعيدة عن بؤر العنف.

وذكرت الوزارة أن عدد السويسريين المقيمين في كينيا والمسجلين في السفارة بنيروبي يناهز 900 شخص، وهم على اتصال منتظم بالسفارة. ولم يتوصل فريق السفارة (الذي تم تعزيزه ابتداء من يوم الخميس 3 يناير الجاري) بعد بأي طلب للمساعدة من طرف رعايا الكنفدرالية هناك.

وفي تصريح لإذاعة سويسرا الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، قال فابريسيو باريلي، المسؤول في مكتب وكالة الأسفار السويسرية “هوتيل بلان”، عن الرحلات إلى كينيا والذي يوجد مقره في مومباسا جنوب البلاد: “إن السياح (السويسريين) هادئون لأن الأخبار لا تصلهم كثيرا”.

ويعتقد السيد باريلي أن الوضع عاد إلى طبيعته في مدن مثل نيروبي ومومباسا وأن أعمال العنف تطال بالخصوص منطقة كيسومو و إلدوريت غربي البلاد حيث لا يذهب السياح على أية حال.

وفيما يخص السفر إلى كينيا، تقوم الوزارة بتحديث نصائحها للمواطنين حسب تطورات الأوضاع، مع تعزيز الإرشادات المتعلقة بالسلامة. وقد وجاء في بيانها “اليوم، تثير التطورات مخاوف من استمرار الاضطرابات، وتنصح وزارة الخارجية بعدم السفر إلى كينيا للقيام برحلات سياحية أو غيرها من الرحلات غير الطارئة مادام الوضع لم يتضح بعد”.

أما بالنسبة للمسافرين المضطرين إلى التحول إلى كينيا، فتوصي برن بتفادي المظاهرات بكافة أنواعها، والمدن العشوائية في مومباسا ونيروبي ومدن إلدوريت وكيسوما وكيريشو.

ويشار إلى أن وزارة الخارجية نوهت إلى أنها تبحث أيضا كيفية توفير المساعدة الإنسانية إلى سكان كينيا الأكثر تضررا من الأحداث الخطيرة التي تشهدها البلاد هذه الأيام.

سويس انفو مع الوكالات

ينتمي سكان كينيا الذين يقدر عدددهم بـ36 مليون نسمة إلى أكثر من 40 مجموعة إثنية يتحدث معظمها لغته الخاصة.

المجموعات الرئيسية هي: “كيكويو” (22% من مجموع السكان)، “لوهيا” (14%)، “لووُ” (13%)، “كالونجان” (12%)، “كامبا” (11%).

ينتمي الرئيس مواي كيباكي إلى قبيلة “كيكويو”، وهي مجموعة إثنية تعيش أساسا في مرتفعات وسط البلاد وفي المناطق الاقتصادية الأكثر قوة.

أما رئيس المعارضة، رايلا أودينغا، فينحدر من قبيلة “لووُ”، المستقرة في غرب كينيا على مقربة من بحيرة فيكتوريا وعلى طول الحدود مع أونغولا.

الرئيس السابق دانييل أراب موي، ينتمي لقبيلة “كالونجان”، وهي الساكنة التي ينحدر منها معظم عدائي المسافات الطويلة الكينيين.

وتظل القبيلة الأكثر شهرة في كينيا هي “ماساي، التي يبهر جمالها المسافرين، رغم أنها لا تمثل سوى 1,6% من سكان البلاد.

منذ استقلالها في عام 1963، تميزت كينيا، خلافا لجيرانها، باستقرارها وهدوءها. لكن المنافسات الإثنينة لا تغيب عن الساحة السياسية ويمكن أن تؤدي إلى تصاعد العنف، خاصة خلال الانتخابات.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية