مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إسلاميو الأردن.. بين مطرقة الانتخابات وسندان الوضع الفلسطيني

سيدات يتظاهرن في عمان يوم 7 يوليو 2007 لمطالبة الحكومة بإطلاق سراح 7 من أعضاء جبهة العمل الإسلامي اعتقلوا في الأشهر الماضية Reuters

اعتبر النائب البرلماني الأردني نضال العبادي، مقرر الكتلة البرلمانية لحزب جبهة العمل الإسلامي، أن الحكومة الأردنية "بدأت مبكراً في تزوير الانتخابات البلدية" المقررة ليوم 31 يوليو الجاري.

وأشار في حديث خاص مع سويس انفو إلى أن المواطن الأردني يعيش يومه “مهموماً بالبحث عن لقمة العيش وعن مسكن ملائم، وبالضرائب المتعددة التي ترهق كاهله”.

في عام 2000، فازت قائمة جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الأردن) بـ90 مقعدا في الانتخابات البلدية وتمكن مرشحوها من ترؤس أربع بلديات كبرى، وشغل 5 مقاعد في مجلس أمانة عمان الكبرى، وتمكنوا في عام 2003 من الحصول على 17 مقعدا في الانتخابات البرلمانية.

يوم الأحد 22 يوليو فتح باب الترشيح لرئاسة وعضوية المجالس البلدية التي ستجري انتخاباتها في نهاية الشهر الحالي ومن المنتظر أن ينافس الإسلاميون فيها على 20 موقعا هاما لرؤساء بلديات كبرى وأعضاء في مجلس أمانة عمان الكبرى إضافة لعضوية العديد من البلديات. ويؤكد مراقبون أن العلاقة بين الإسلاميين والحكومة تدخل مرحلة جديدة تؤشر لانتهاء مرحلة التفاهمات بين الدولة الأردنية والتيار المعارض الأبرز في البلاد.

في حديث مع سويس إنفو، لم يتردد النائب البرلماني الأردني نضال العبادي، مقرر الكتلة البرلمانية لحزب جبهة العمل الإسلامي، في التصريح بأن الحكومة الأردنية “بدأت مبكراً في تزوير الانتخابات البلدية” المقررة في 31 يوليو الجاري، مشيراً إلى أن المواطن الأردني “يعيش يومه مهموماً بثلاثة أمور هي: البحث عن لقمة العيش والبحث عن مسكن ملائم، فضلاً عن همّ الضرائب بأنواعها المختلفة التي ترهق كاهله”.

وحول موقف الحركة من أزمة فتح / حماس، قال العبادي، القيادي في جماعة الإخوان بالأردن في حديثه مع سويس إنفو: “نحن نؤكد على وحدة القضية والأرض والشعب الفلسطيني وعلى مبدإ الشراكة السياسية الحقيقية، بعيداً عن الإقصاء وروح الثأر أو الانتقام”، موضحاً أن “معالجة الوضع الفلسطيني الداخلي لا يكون بقرارات فصائلية منفردة، وإنما بتوافق فلسطيني، مع التأكيد على شرعية الرئيس محمود عباس، والحفاظ على القانون الفلسطيني والاحتكام إليه”.

سويس إنفو: بوصفكم مقرر الكتلة البرلمانية لحزب جبهة العمل الإسلامي بالأردن.. ما هي آخر أخبار الانتخابات البلدية والصراع السياسي بين الحكومة والمعارضة في الأردن؟

النائب نضال العبادي: الانتخابات البلدية بالأردن ستجرى يوم 31 يوليو الجاري، للبلديات ومجلس أمانة عمان، وأعتقد أن التنافس سيكون على أشدِّه في محافظات عمّـان والزرقاء وإربد.

أما عن أهم المستجدات، فالحكومة منحت جميع العسكريين والعسكريات ورجال الأمن ونسائه والدفاع المدني والمخابرات وسلاح الجو، هويات بهدف المشاركة في الانتخابات، وهو ما يعني أن التزوير بدأ ولن ينتهي.

فالأخطاء المقصودة والتجاوزات بالآلاف، وقد اعتقلت السلطات 9 من نشطاء الحزب، خرج منهم اثنان وبقي سبعة رهن الاعتقال، وقد رصدت لجنة الحريات المركزية في حزب جبهة العمل الإسلامي جُـملة من التجاوزات، دعت اللجنة على إثرها الحكومة إلى العمل على أن تكون الانتخابات البلدية حرّة ونزيهة، والمبادرة على وجه السرعة بوقف كل التجاوزات والعمل على عدم تِـكرارها أثناء عملية الانتخاب.

وأكدت اللجنة أن «الحريات العامة وحقوق المواطنين في الأردن، وخلال فترة التسجيل للانتخابات البلدية، قد أخذت منحى خطيراً في الاعتداء على حريات المواطنين والتعدي على حقهم في الترشح والانتخاب»، كما ذكرت عدداً من الانتهاكات منها:

– تشكيل لجان التسجيل بصورة منحازة، بعيداً عن العدالة في تمثيل المجتمع المحلي، وبعضهم لا يخفي ميوله وعمله لصالح بعض المرشحين.

– عدم السماح للمواطنين في بعض لجان التسجيل بالاطلاع على عملية تسجيل أسمائهم والأرقام الوطنية في السجلات الخاصة.

– إقدام بعض المسؤولين على دحض كل تظلم، وردّ كل شكوى دونما تحقيق أو تدقيق أو حتى إصغاء (مما يشعر المواطنين بالشك بالعملية الانتخابية، وأن ما تريده الحكومة هو التعيين بصورة الانتخاب).

– سكوت الأجهزة الرسمية على استخدام بعض المرشحين أسلوب (البلطجة)، وذلك من خلال استئجار مجموعة من أصحاب السوابق (والإقامة الجبرية)، ليثيروا الرعب بين الناس بالشتم والتهديد والضرب، لإعاقة دخول المسجلين لغير المحسوبين على مرشحهم.

سويس إنفو: بمناسبة ذِكر الانتخابات.. ما هي – برأيكم- أهم القضايا التي تشغل رجل الشارع في الأردن؟

النائب نضال العبادي: الهَـمُّ الأول للمواطن الأردني، هو البحث عن لقمة العيش، ثم يأتي همّ البحثِ عن مسكن ملائم، فالسكن مشكلة كبرى في الأردن وأصحاب الشقق يطلبون أجورا سنوية مرتفعة أو أثمانا باهظة، فأجرة الشقة المعقولة، قد تزيد على راتب الأستاذ الجامعي، وثالث الهموم، التي تُـرهِـق كاهل المواطن، هي الضرائب، فالضرائب تسير مع المواطن الأردني من مستشفى الولادات وحتى الممات.

حال المواطن: من بطن أمه للقبر، مسكين ابن مسكين، من بيت الشعر لبيت الطين، عاش حزيناً ومات مديناً، حتى أضحى يهذرب ويهذي وهو يقظان ويقول: ضريبة على الولادات، ضريبة على الشهادات – حتى شهادة الميلاد – ضريبة على الزوجات – فمن يتزوج بواحدة يدفع للخزينة أكثر من ثلاثين دينارا، ومن أراد أن يكرر، فعليه أن يدفع أكثر من ثمانين دينارا!!

ثم الضريبة على الواردات وضريبة على التلفزيونات وضريبة على الطرقات وضريبة للجامعات وضريبة مسقفات وضريبة مبيعات وضريبة نفايات وضريبة مغادرات، على البشر والسيارات، وضريبة على الأموات وضريبة على الضريبة وضريبة على المجاري، ولقد كرّرت ضريبة المجاري مرتين، لأن المواطن يدفعها مرة مع فاتورة المياه ومرة مع المسقفات!!

سويس إنفو: ننتقل إلى الوضع في فلسطين.. فما هي انعكاسات أزمة حماس/ فتح على الحركة الإسلامية في الأردن؟

النائب نضال العبادي: الحكومة وضعت كل بيضاتها في سلة الأمريكان وتروِّج كلاماً غير صحيح عن أطماع حماسية على الأرض الأردنية، وتسوِّق لكلام مُـؤداه أن حماس عموما ومشعل خصوصا، أصحاب ولاء مع الدولة الإيرانية.

أما انعكاسات الأزمة فكانت كثيرة، وهي نتائج سلبية على علاقتنا بالحكومة، لكن على مستوى الشارع، العلاقة إيجابية، فالكثيرون منذ الأزمة لا يتابعون إلا “فضائية الأقصى”، التابعة لحركة حماس، وعلى مستوى النّـخب فهم يتفهَّـمون ما قامت به حماس، وخاصة بعد مقالات فهمي هويدي ولقاء هاني الحسن (بثته إحدى الفضائيات، التحرير).

سويس إنفو: وكيف تنظرون أنتم في الحركة الإسلامية في الأردن لما يحدث في فلسطين الآن بين فتح وحماس؟

1. أن معالجة الوضع الفلسطيني الداخلي لا يكون بقرارات فصائلية منفردة، وإنما بتوافق فلسطيني وخضوع الجميع لذلك التوافق، والتأكيد على شرعية الرئيس محمود عباس والحفاظ على القانون الفلسطيني والاحتكام إليه.

2. أن معركة حماس، كما تؤكِّـدها مسيرتها، هي في الأساس مع المحتل الإسرائيلي، وليس مع الشعب الفلسطيني أو أي فئة من فئاته، لذا، فإننا نطالب حماس باعتماد سياسة الحوار وإعادة الأوضاع في قطاع غزة إلى واقع العمل المؤسسي السليم وإثبات حُـسن النوايا مع الأطراف كافة.

3. نطالب الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح وحركة حماس، بضبط النفس وعدم تعميق الخلافات واحترام الإفرازات الشرعية للانتخابات الأخيرة والاعتراف العملي بها، وعدم القفز على حقائق التاريخ القريب بوجود اختلالات بنيوية في أجهزة الأمن الفلسطيني لابد من معالجتها.

4. نطالب الدول العربية بموقف مُـتوازن والعمل على رأب الصدع في الجسم الفلسطيني وعدم الخضوع للضغوطات الأمريكية المنحازة مسبقاً لصالح طرف على حساب آخر، كما نطالب لجنة تقصِّـي الحقائق، بالشفافية والحيادية في التعامل مع الواقع الفلسطيني المعقـّد، وإن هذه الأوضاع تُـمثل فرصة تاريخية للنظام الرسمي العربي لاستعادة جزء من مصداقيته أمام الأمة العربية ، نرجو استثمارها جيداً.

5. ونطالب الحكومات العربية بالإسهام الإيجابي في لجنة تقصِّـي الحقائق وتجاوز الموقف المُـسبق، الذي صدر من بعضها قبل مؤتمر وزراء الخارجية العرب، ذلك الموقف المنحاز للرئاسة الفلسطينية وقراراتها المتسرعة وغير المدروسة. فالوسيط يجب أن يكون مُـحايداً ونزيهاً وصادقاً في النّـصح لكافة الأطراف، حتى يكون مؤثراً في إعادة الأمور إلى نِـصابها الصحيح.

6. كما نؤكِّـد على وحدة القضية الفلسطينية والأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وعلى مبدإ الشراكة السياسية الحقيقية، بعيداً عن الإقصاء وروح الثأر أو الانتقام.

7. كما نطالب حكومتنا الأردنية باستلهام روح الشعب الأردني الواحد، الذي وقف دائماً مع القضية الفلسطينية والذي يشعر اليوم بألم ومرارة، وهو يرى صِـراع الإخوة في غزة في ظل تهديد من الاحتلال الغاصب واحتلال أمريكي بشع لأرض العراق وصراع أحمق مؤسف على أرض لبنان، إن شعبنا يتطلع إلى موقف رسمي يُـعيد للأردن ألقه في هذه القضية المقدسة، ويعطي الأردنيين، وهم الرواد في إصلاح ذات البين، حقهم في الظهور بمظهر لائق أمام أمَـم الأرض، التي ترقب المشهد بانتظار آراء حكيمة وجادة.

8. وأخيراً نوجِّـه نداءنا إلى شعبنا الأردني الواحد بأن لا نحوّل المأساة، التي تحدث في فلسطين، إلى ملهاة تُـمزِّق شعبنا الواحد، وأن نقف صفاً واحداً في الدعوة إلى الوِحدة ونبذِ الفُـرقة وتدعيم الحوار بين أبناء الشعب الفلسطيني هناك.

سويس إنفو: ما حقيقة الجدل القائم في الأردن حول مسألة الكنفدرالية، خاصة بعد كلام خالد مشعل بإمكانية انخراط حركة حماس في المنظومة السياسية بالأردن؟

النائب نضال العبادي: الحزب والكتلة أصدرا بيانا يوضح وجهة نظرنا، وكذا الجماعة، فنحن إجمالاً ضد الكنفدرالية.

سويس إنفو: كيف تتعاملون مع الوضع العراقي، وما هي برأيكم أنسب الحلول؟ وما هي مساهماتكم كحزب سياسي وحركة إسلامية للحيلولة دون انتشار الطائفية في الدول الأخرى المجاورة؟

النائب نضال العبادي: الحزب يؤمن بأن استمرار المقاومة لابد منه، وأنا شخصيا غير راضٍ عن موقف جماعة الإخوان بالعراق، مهما كانت مبرِّراتهم، وهذا موقف مُـعظم الإخوة هنا في الأردن.

فأنا غير متفائل بمستقبل العراق، على الأقل في السنوات العشر القادمة، وسمعت الكثير من العراقيين يقولون: “سقا الله على أيام صدّام”، أي أنهم يتحسَّـرون على أيام صدّام ويتمنّـون عودتها، فهم على الأقل كانوا يعيشون بأمن وبلا طائفية بغيضة.

وعن دور الحزب، فقد كان يبادر في كل حدث طائفي بالدعوة لتوحيد الأمة من خلال الاتصالات المباشرة مع العلماء ورجال السياسة، ويصدر البيانات ويعرض الوساطات ويستنكر التفجيرات ويدعو لوحدة الصفّ، وكذلك فعلت الجماعة.

سويس إنفو: جبهة العمل تنتقد الحكومة وتتهمها بالعجز عن حل المشكلات، التي يئِـن منها المواطن الأردني، فما هي بدائلكم لو وصلتم إلى الحكم؟ وهل لديكم حلول ناجعة أم أنها مجرّد شعارات؟

النائب نضال العبادي: أولا الشعارات مهمّـة، لأنها تعبِّـر عن الأهداف السامية، التي نسعى لتحقيقها ونبذل جهدنا من أجلها، وعلى الأقل، لو كنا نحن الذين نحكم، فسنكون الوحيدين الذين يمتلكون برنامجا شاملا لإدارة مرافق الدولة الخارجية والداخلية، بأيدٍ نظيفة وكفاءات رائعة، لكن هذا لن يَـسمح لنا به شرطي العالم ومن يشُـد على يديه.

نعم عندنا كفاءات وعندنا برامج، لكن المسألة ليست سهلة، الصعوبات كبيرة وكثيرة والعوائق، داخليا وخارجيا، حتى وإن كنا جاهزين، فلسنا جاهزون، وأنا هنا أتحدث باسمي الشخصي، فالتجربة لن يُـسمح لها بالنجاح، كما حصل في أكثر من موقع، ونحن لا نريد استعجال الشيء قبل أوانه، فالظروف العالمية والإقليمية لا تسمح بذلك، ولن تسمح، وكما يقولون عندنا في الأردن (لسّـه بكِّـير).

حاوره من القاهرة همام سرحان

نضال محمد أمين العبادي، كنيته أبو الأمين وشهرته نضال العبادي من مواليد الأردن/ إربد يوم 28 يوليو 1963.

عضو مجلس النواب الأردني الرابع عشر، عن عمان العاصمة،وعضو اللجنة القانونية به حالياً.

عضو سابق في لجنة فلسطين ولجنة العمل والتنمية الاجتماعية ولجنة التوجيه الوطني.

مقرر كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي وعضو المكتب المفوض لها سابقا، وعضو الكتلة حاليا ومسؤول الملف الأخلاقي فيه.

مقرر لجنة القدس وفلسطين في “المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين”.

عضو المنسقية العامة للشبكة العالمية للمؤسسات العاملة للقدس INJO / بيروت.

شارك في الكثير من المؤتمرات والندوات وورش العمل… في كل من الأردن والسعودية واليمن ومصر وسوريا ولبنان وتركيا وقبرص واليابان وتايلاند وسويسرا والسويد والدنمرك وهولندا.

حاصل على ماجستير أصول الدين، قسم الحديث النبوي الشريف، الجامعة الأردنية عام 1990.

يعمل محامياً متخصصاً بشؤون الزواج والأسرة “الأحوال الشخصية” وحَـكَم وخبير ومستشار مُـعتمد لدى المحاكم الشرعية منذ 1998. إمام وخطيب وواعظ ـ منذ عام 1982.

محاضر للفكر العربي والإسلامي، بكلية الخدمات الملكية للمهن الطبية المساندة، بمدينة الحسين الطبية منذ 92/93.

مسؤول إعداد وتدريب المعلمين التخصصية، بكلية العلوم التربوية بالجامعة الأردنية منذ 1998.

قام بعمل مجموعة دورات برلمانية وسياسية واقتصادية وإعلامية وفنية ولغوية في مجال الخط واللغة الإنكليزية ودورات في الحاسوب والطباعة والإنترنت وإعداد الموازنة والخطابة وأساليب التدريس…إلخ.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية