مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اجتماع أنابوليس بين “الفرصة” و”الفشل”

Keystone

إن دلّـت زيارة الملك الأردني عبد الله المفاجئة يوم الأحد 18 نوفمبر إلى دمشق على شيء، فهو ببساطة زيادة معدّلات القلق العربي العام ممّـا قد يجرّه فشل اجتماع انابوليس من نتائج درامية على المنطقة.

وهذا القلق الذي يشكِّـل الدافع الرئيسي للاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، الذي سيعقد حسب تصريحات سعود الفيصل يوم الخميس المقبل، وقبل أيام قليلة من عقد اجتماع أنابوليس.

فمع دخول الثلث الأخير من نوفمبر، يزداد الموقف صعوبة في تحديد احتمال النجاح من الفشل بالنسبة لاجتماع انابوليس، الذي لم يُحدد له موعد نهائي بعدُ، كما لم تُعرف الأطراف التي ستدعى للمشاركة فيه.

أما برنامج عمل الاجتماع، فيبدو أيضا في مهبّ الريح. فمن طموح المناقشة العميقة لقضايا الحل النهائي للدولة الفلسطينية والسلام الشامل، إلى مجرّد مناقشة سبُـل تطبيق خطّـة خريطة الطريق وتجاهل مرجعيات عملية السلام وبنوده الأخرى، فضلا عن طلب الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية التعجيزى بامتياز، يتّـضح أن الأمر لن يخرج بأي حال عن نوع من العلاقات العامة وحسب.

وحتى مجرّد اجتماع علاقات عامة لا يخلو من صعوبات، فإما أن تتبلور فرصة، ولو على مدى زمني يُـمكن تسويقه وترويجه للرأي العام العربي والإسلامي أو يكون خُـطوة تراجُـع وفشل تفسح الطريق نحو عودة المواجهات المسلحة والمفتوحة.

وما بين الفرصة التاريخية أو الفشل التاريخي، وفقا لتوصيفات شيمون بيريز، رئيس الدولة العبرية والسياسي الإسرائيلي المخضرم، تبدو عناصر الصورة فاقدة للتجانس الملائِـم للنجاح النسبي.

إسرائيل وأولوية التطبيع

فإسرائيل، ومنذ أن دخلت في عملية الإعداد لاجتماع انابوليس قبل أربعة أشهر، لم تألُ جُـهدا في تحويله إلى مجرّد فرصة لفتح ثغرة في جِـدار رفض التطبيع العربي، تحت زعم أن الالتقاء مع دول عربية، لاسيما خليجية تحت مظلة اجتماع دولي إقليمي، من شأنه أن يُـقنع الإسرائيليين بقيمة السلام مع العرب وتقديم تنازلات لهم، وهو الزعم الذي عنى أن إسرائيل ليست مستعدّة للتعامل الجدي والعميق مع قضايا الحل النهائي، بل فقط توظيف اللحظة التاريخية للحصول على مزيد من التنازلات من كافة الأطراف العربية دون استثناء.

ولذلك، لم تكن المفاوضات مع الطرف الفلسطيني إلا وسيلة لكسب الوقت وتخفيض مستوى الضغوط الأمريكية، إن وجِدت، وتحويل المناسبة إلى اعتراف عربي عام بإسرائيل، رغم استمرار الاحتلال للأراضي العربية لثلاث دول وتخفيف الضغوط الأوروبية عليها.

وفى هذا السياق، كان الرفض الإسرائيلي للتعامل مع مرجعيات عملية السلام، بما في ذلك المبادرة العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وانتهى الأمر إلى مجرّد تطبيق خطّـة خريطة الطريق بالمفهوم الإسرائيلي، الذي لا يقبل بالتطبيق المُـتوازن والمتزامن، بل تكثيف الالتزامات على الطرف الفلسطيني أولا، مع ترك مهمّـة تقييم التطبيق الفلسطيني للطرف الإسرائيلي نفسه.

نحو تنازلات إضافية

وزاد الأمر سوءًا مع افتراض أن ضعف الطرف الفلسطيني وانقسامه على النحو القائم بين غزة تحت سيطرة حماس ورام الله والضفة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، يمثل فرصة تاريخية لانتزاع أمرين مهمّـين، أولا، الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، وثانيا، قبول مبدأ انتهاء الصِّـراع، مقابل قبول السلطة الفلسطينية التخلي عن حق العودة وحصرها فقط في قبول إسٍرائيل عودة ما يقرب من 20 ألف فلسطيني في إطار سياسة لمِّ الشمل، التي تطبّـق على مراحل زمنية بعيدة.

وفي السياق ذاته، بدأت عملية التلاعب بين المسارات الشهيرة التي طبّـقتها إسرائيل في منتصف التسعينات من القرن الماضي، في الظهور مرة أخرى للحصول على أكبر تنازلات ممكنة من كل الأطراف العربية، التي تبدو الآن أكثر وعيا بهذه اللعبة.

فبينما تقف وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني رافضة أي تنازل مع الفلسطينيين أو فتح أي حوار مع سوريا، يبدو وزير الدفاع ايهود باراك، زعيم حزب العمل مناديا بالحوار مع سوريا ومؤيِّـدا صيغة الصّـفقة الإقليمية، التي تعطي لسوريا إمكانية استعادة الجولان ولعب دور الوصاية في الشأن اللبناني، على أن تفك تحالفها الاستراتيجي مع إيران وحزب الله.

مثل هذه الصيغة تبدو مُـضحِـكة وخارج سياق التاريخ بالنسبة لحقائق الوضع المعقّـد في كل من لبنان والعراق وإيران، وهي القضايا التي لم يعُـد من الممكن التّـعامل مع أيٍّ منها بعيدا عن المعادلات الكلية، التي تحكم باقي القضايا في المنطقة.

التشاؤم الفلسطيني

وأيا كانت الطريقة التي تدير بها إسرائيل إشكالية اجتماع أنابوليس، فالمؤكّـد أنها لا تُـعوِّل عليه كثيرا في أن يكون فرصة تاريخية لإطلاق عملية سلام شامل وقابلة للإنجاز في مدى زمني مناسب، وهو الأمر الذي بات يُـدركه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي بث همومه للعاهل السعودي، مُـبديا تشاؤمه من نجاح اجتماع أنابوليس.

وهو تشاؤم يستنِـد إلى مبرِّرات قوية أكثرها وضوحا أن الاجتماع، إن أصر على مجرّد تطبيق خريطة الطريق ومرحلتها الأولى وحسب، فإنه سيعود بالقضية الفلسطينية إلى أربعة سنوات مضّـت حين تمّ التوصل إلى خطّـة خريطة الطريق، باعتبارها خطّـة عمل ستقود إلى تمهيد الأرض لعملية سلام تخصّ المسار الفلسطيني، وربما بعدها يتِـم الالتفاف إلى مسارات أخرى، وهو ما لم يحدُث، نظرا لقّـدرة تل أبيب على المناورة والتراجع عن الالتزامات، دون محاسبة من أي طرف كان، فضلا عن المساندة الأمريكية المعتادة لهذه التراجعات الإسرائيلية والخنوع الأوروبي وغياب التأثير الروسي.

ورغم مرور السنوات الأربعة، فإن الصورة العامة لم يحدث فيها أي انفراج أو تغيير ايجابي بما يسمح بتغليب التفاؤل هذه المرة أو مجرد تصور أن اجتماع انابوليس قد يُـقنع إسٍرائيل بأن “السلام الحقيقي هو المدخل الوحيد للأمن لها ولجيرانها”، حسب تمنيات الرئيس أبو مازن، بل على العكس، فإن كل المعادلات، لاسيما الداخلية الفلسطينية وكذلك الحالة التي عليها إدارة بوش إزاء مشكلات العراق وأفغانستان وإيران، تقود إلى تغليب التشاؤم بكل قوة، ومن ثَـمّ تبرّر العودة إلى حوار العنف والسلاح.

نحو مظلة حماية عربية

ربما من هذه الزاوية يسعى الرئيس عباس إلى نسج مظلة حماية عربية للموقف الفلسطيني، سواء قبل الاجتماع أو بعده، وهو ما تجلّـى في الاقتراح بعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، يعقد قبل اجتماع انابوليس مباشرة، لتحديد موقف عربي جماعي منه، لاسيما بعد أن تحدّد الوثيقة الفلسطينية الإسرائيلية ومن سيُـدعى ومن لن يُـدعى.

وإذا كانت الوثيقة، المُـفترض التوصل إليها فلسطينيا وإسرائيليا، ستخص المسار الفلسطيني، فإن قيمة الاجتماع ستحدّد عبر الوفود التي ستشارك فيه، وهنا تأتي إشكالية التعامل مع مبدإ كان وزراء الخارجية العرب قد أكّـدوا عليه في اجتماع سابق، وهو أن يكون اجتماع انابوليس فُـرصة لبدء عملية سلام شاملة، وبما يستدعي أن تكون سوريا مدعوّة فيه وأن يكون مصير هضبة الجولان على طاولة المفاوضات.

سوريا.. عقدة وحل

وحتى اللحظة، يبدو الموقف السوري بمثابة العُـقدة والحل معا. وثمّـة حِـرص من أكثر من طرف دولي على أن تُـدعى دمشق إلى الاجتماع لكي تكون جزءً من حلّ المشكلة وليس العكس، وهناك حديث مُـتواتر على اتِّـفاق أن تكون تركيا الوسيط بين البلدين (أي سوريا وإسرائيل) لحل مُـعضلة المشاركة في الاجتماع المنتظر.

وفي السياق، جاء المسعى الروسي في اتجاه تل أبيب، والهادف إلى إقناع إسرائيل بأهمية دعوة دمشق كطرف مباشر وليس كمجرد عضو في اللّـجنة العربية للمتابعة، وأن يتضمن البيان الصادر عن الاجتماع فقرة تُـقِـر فيها إسرائيل رغبتها في السلام مع كل جيرانها، وأن تشهد موسكو بعد عدّة أشهر اجتماعا آخر يكون بمثابة مرحلة ثانية لاجتماع انابوليس.

وفي السياق ذاته، تأتي زيارة الملك عبدالله المفاجئة لدمشق، والتي أوضحت قيمة مشاركة سوريا في الاجتماع بصِـفتها طرفا في معادلة الصِّـراع والسلام معا.

على الصعيد السوري، يبدو موقف دمشق واضحا إلى حدّ كبير، فدون وضع الجولان على الطاولة والاعتراف الإسرائيلي بالانسحاب منها، يصبِـح اجتماع انابوليس لا معنى له.

وعربيا، ليس هناك موقف محدّد سوى ما طُـرح سابقا من تأييد الاجتماع، شريطة أن يُـقر بمرجعية المبادرة العربية للسلام ودعوة كل الأطراف المعنية والمناقشة في العمق لقضايا الدولة الفلسطينية، وهي شروط قد تقبل بعض التأويل وِفقا لما سينتهي إليه الطرفان، الفلسطيني والإسرائيلي.

شكلان ومخرجان

والمتصور هنا، أحد تطورين، إما أن تُحل إشكالية دعوة سوريا، ولو بصورة تتَّـسم بالغُـموض القابل للتأويل والتفسير، الذي يعطي لكل طرف حجية المشاركة، وفي الوقت نفسه، الإصرار على عدم التنازل عن المبادئ والثوابت وهكذا.

والثاني، وهو الأرجَـح أن تظل هذه الإشكالية قائمة ولا تُـدعى سوريا، ويقتصر الأمر على المنتوج الفلسطيني الإسرائيلي، أيا كان حجمه أو مداه.

ولا شك أن الشكل الأول هو الأكثر راحة بالنسبة لنسج موقف عربي موحّـد يميل إلى الإيجابية من اجتماع أنابوليس، وبما يقلِّـل من احتمالات العودة إلى العنف المسلح، أما الشكل الثاني، فالمرجّـح أن يكون مدخلا لانقسام عربي آخر. وفي كل الأحوال، سيخرج المنادون بضرورة تغيير معادلات الصراع بالقوة منتصرين.

د. حسن أبوطالب – القاهرة

القدس (رويترز) – طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت من حكومته يوم الاثنين 19 نوفمبر الإفراج عما يصل الى 450 سجينا فلسطينيا قبل محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس تناقش مؤتمر يعقد تحت رعاية أمريكية بشأن اقامة دولة فلسطينية.

وسيكون الاجتماع الذي سيعقد بين الزعيمين في القدس في وقت لاحق يوم الاثنين آخر لقاء بينهما قبل مؤتمر أنابوليس بولاية ماريلاند الامريكية والذي من المتوقع أن يعقد يومي 26 و27 نوفمبر تشرين الثاني.

وقال أولمرت ببداية الاجتماع الوزاري الاسبوعي “سأغادر ببداية الاسبوع متوجها لمؤتمر أنابوليس” مبديا الامل في امكانية توصل اسرائيل والفلسطينيين لاتفاق بخصوص “الجانب الاجرائي” للمؤتمر.

وذكر مكتب أولمرت انه يعتزم السفر الى مصر يوم الثلاثاء 20 نوفمبر لاجراء محادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك.

ويبدو أن رحلة رئيس الوزراء الاسرائيلي جزء من جهود دبلوماسية تبذل لضمان مشاركة عربية موسعة في مؤتمر أنابوليس. ويجتمع وزراء خارجية الدول الاعضاء بجامعة الدول العربية في القاهرة يوم الجمعة لاتخاذ قرار بشأن حضور المؤتمر.

وتلقي خلافات بين اسرائيل والفلسطينيين بشكوك حول فرص التوصل لاتفاق قبل المؤتمر بشأن وثيقة مشتركة تهدف الى تناول قضايا مثل الحدود ومستقبل القدس واللاجئين الفلسطينيين في اطار عام.

وقال مسؤولون أمريكيون واسرائيليون ان الوثيقة المشتركة ليست شرطا مسبقا لعقد مؤتمر أنابوليس الذي دعا اليه الرئيس الامريكي جورج بوش لتعزيز عباس وبدء محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة بعد سيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على قطاع غزة في يونيو حزيران.

وقالت اسرائيل والفلسطينيون والولايات المتحدة ان المؤتمر سيركز على التوصل الى اتفاق لبدء مفاوضات رسمية بشأن اقامة دولة فلسطينية بهدف التوصل لاتفاق قبل انتهاء فترة رئاسة بوش في يناير كانون الثاني عام 2009 .

وقال أولمرت لحكومته ان المفاوضات التي ستجرى قبل مؤتمر أنابوليس ستكون “مكثفة وجادة للغاية وستتعامل مع كل القضايا الجوهرية التي هي جزء من العملية التي يجب أن تؤدي الى حل قيام دولتين.”

وأفاد مسؤولون بعد بدء الاجتماع الوزاري أن أولمرت طلب من الوزراء الموافقة على الافراج عما يصل الى 450 سجينا فلسطينيا وهو ما يقل كثيرا عن الالفين الذين طلب عباس الافراج عنهم.

ومثل عباس أصبح أولمرت ضعيفا سياسيا اذ يواجه تحقيقات للشرطة حول مزاعم فساد ينفي تورطه فيها كما يواجه قبل نهاية العام نتائج تحقيق رسمي يجرى حول طريقة تعامله مع حرب لبنان عام 2006 .

وأرسل عباس فريقا من كبار مساعديه إلى واشنطن يوم الأحد 18 نوفمبر في محاولة لتضييق هوة الخلافات بشأن الوثيقة المشتركة. وأشار مسؤولون فلسطينيون إلى أن التوصل إلى اتفاق حول الوثيقة مهم لضمان مشاركة دول عربية كبيرة مثل المملكة العربية السعودية.

وتضغط إدارة بوش على إسرائيل لزيادة عدد السجناء الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم ولتقديم ما هو أكثر من التجميد الجزئي للمستوطنات في الضفة الغربية.

وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم لن يستطيعوا الإفراج عن عدد أكبر من السجناء الفلسطينيين دون تغيير المعايير الحالية والتي تستبعد أعضاء حماس ومن “تلطخت أيديهم بالدم” في إشارة إلى الهجمات التي راح ضحيتها إسرائيليون.

وأشار مسؤولون إسرائيليون وغربيون إلى أن أولمرت سعى لاعفاء التكتلات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية المحتلة التي تعتزم اسرائيل الاحتفاظ بها تحت أي اتفاق سلام نهائي من أي تجميد لاعمال البناء لكن واشنطن رفضت الفكرة.

وتدعو خطة “خارطة الطريق” لاحلال السلام في عام 2003 إسرائيل إلى تجميد كل الأنشطة الاستيطانية كما تطالب الفلسطينيين بكبح جماح النشطاء.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 19 نوفمبر 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية