مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأسرى الفلسطينيون.. وسياسة الإعتقال القاسية.. و “الثمن الباهظ”

أمهات لأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية يرفعن صور أبنائهن وأقاربهن في الوقفة الأسبوعية للمطالبة بالإفراج عنهم أمام مبنى الصليب الأحمر في مدينة غزة يوم 29 أكتوبر 2007 Keystone

لم تكن الغارة الليلية الاخيرة التي شنها سجانو معتقل النقب الاسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين النيام في عتمة الصحراء، غارة واحدة يتيمة..

.. بل سبقها أخريات كثر في السجن الذي يسميه الفلسطينيون، معتقل انصار 3، وفي سجون ومعتقلات تحتجز فيها اسرائيل أكثر من 11 ألف فلسطينيي.

وإذا كانت نتيجة المواجهة في تلك الليلة من ليالي أكتوبر 2007، قد أوقعت قتيلا شهيدا في صفوف الأسرى وتركت مئات من الجرحى والمصابين، فانها لا يبدو وأنها ستكون الأخيرة في ظل الظروف التي يعيشها المعتقلون الفلسطينيون في الأسر الاسرائيلي.

وتفيد معطيات، نادي الاسير الفلسطيني، ووزارة شوؤون الاسرى في حكومة سلام فياض، أن أوضاع المعتقلين الفلسطينيين قد انحدرت إلى مستويات غير مسبوفة، لاسيما خلال سنوات الانتفاضة السبعة الاخيرة التي سلبت الانبتاه عن معاناة هؤلاء.

وبالرغم من ان سجن النقب الصحرواي ارتبط ومنذ افتتاحه في عام 1988 بالانتفاضة الفلسطينية الاولى (1987-1994) والثانية المستمرة منذ اندلاعها عام 2000، فان المفارقة تقول لنا ايضا إن الانتفاضة قد “غطت” بشكل غير مباشر على ما يتعرض له المعتقلون الفلسطينيون في سجون ومعتقلات الدولة العبرية.

وحدها شهادات المعتقيلن المحررين وتوثيق المنظمات الفلسطينية، مقابل ندرة دولية وإسرائيلية، هي التي تتحدث عن أوضاع آلاف المعتقلين الفلسطينيين أمام ممارسات سجانيهم الاسرائيليين.

ولعل الانتباه الدولي والمحلي، السياسي والاعلامي، قد انصب فقط على معالجة الطابع السياسي والاقتصادي للانتفاضة الحالية دون التوقف عند “الثمن الباهظ” الذي يدفعه الأسير الفلسطيني بسبب سياسية الاعتقال الاسرائيلية الجديدة.

تراكمات

ثمة أمر اخر لافت، يتردد الفلسطينيون أنفسهم في الحديث عنه، مفاده أن الصراع السياسي القيادي بين حركة فتح وحركة حماس الاسلامية قد أرخى بظلاله أيضا على حياة المعتقلين في سجون إسرائيل.

ويقول قدورة فارس، رئيس نادي الأسير الفلسطيني، في حديث الى سويس انفو “لا يتعلق ما حدث في سجن النقب مؤخرا بأمر واحد أو إجراء واحد، بل بمجموعة من التراكمات التي دفعت بالوضع إلى ما هو عليه وما يمكن ان يكون أسوأ من ذلك”.

وأضاف فارس “خلال السنوات الاخيرة وفي الوقت الذي كان يسقط فيه ضحايا مدنيون برصاص الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، كان الأسرى الفلسطينيون في معتقلات إسرائيل بدفعون ثمنا من نوع آخر وبصمت”.

وقال إن “عمليات التفتييش المذلة الليلية من خلال إجبار المعتقلين على التعري بعد أن يكونوا قد خلدوا للنوم هي من أقسى الإجراءات التي مارستها وتمارسها السلطات الاسرائيلية ضدهم”.

ويشير رئيس نادي الاسير إلى سلسلة من الاجراءات التي اتخذتها مصلحة سجون اسرائيل وتتعلق بحظر ادخال مواد التنظيف وتقليص المواد التموينية ونوعية الأكل الذي تقدمه للسجناء وعمليات المداهمة اليومية الليلية.

ويقول فارس، إن سلطات السجون الاسرائيلية “أقفلت باب الحوار مع المعتقلين أمام كل قضية كبيرة وصغيرة وراحت ترفض مناقشتهم مستغلة في ذات الوقت الوضع الجديد الذي نشأ مع دخول قيادات معتقلين جديدة مع بروز حركة حماس الاسلامية”.

وأوضح أنه “قبل بروز حركة حماس، كان يمكن لممثل المعتقل أن يتخذ قراره مع إدارة السجن حول مختلف القضايا التي تخص حياة المعتقلين اليومية، لكن الامر بات يتطلب نقاشات ومداولات تستغرق أياما وأسابيع في النقاش بين ممثلي مختلف الفصائل حاليا”.

“عيل صبرنا”

وأمام هذه التراكمات التي تركت جانبا دون معالجتها، وأمام قسوة الاجراءات الاسرائيلية راح صبر الاسرى الفلسطينيين ينفد.

وقد كشف عيسى قراقع، مقرر لجنة الاسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني، عن رسالة “ساخنة” وجهتها قيادة الحركة الاسيرة الى مدير السجون الاسرائيلية، إثر الاعتداء الاخير في سجن النقب الصحراوي.

وقال قراقع في بيان وزع على الصحافة، إن “الاسرى لم يعودوا يتحملون عمليات القمع الممنهجة التي تمارسها الوحدات الخاصة التابعة لادارة السجون والتي تستهدف تصفية الاسرى وإذلالهم والانتقام منهم بطريقة وحشية”.

كما جاء في الرسالة: “لن نقف صامتين ومكتوفي الأيدي أمام هذا المنهج الخطير، الذي يستهدف حياتنا وحقوقنا، وستشهد الأيام والأسابيع القادمة رداً كبيراً وغير مسبوق على الجلادين القتلة، ومن يقف وراءهم وأنه لم يعد أمامنا سوى أن نخوض معركة الإرادة والأمعاء لأمد طويل، حتى تتوقف الحرب البشعة على إنسانيتنا وحقوقنا”.

وأضافت “نرفض أن نموت في العتمة على أيدي سفاحين استخدموا كل الأساليب المحرمة دولياً لقتلنا، نرفض أن يذهب دم شهيدنا محمد الأشقر سدى، والذي قتل عن سابق إصرار وهو مكبل اليدين، حيث تم إعدامه بضربه بالهراوات والبنادق على رأسه وتهشيم جمجمته أمام مرأى الأسرى وصراخهم”.

وثمة 2380 أسير فلسطيني في سجن النقب الصحراوي، بينهم معظم المعتقلين الاداريين (نحو 700 أسير)،وهؤلاء تعتقلهم إسرائيل دون محاكمة، لمجرد الاشتباه بهم، وتواصل تجديد حبسهم إلى ما لانهاية وفق قانون يعود لعهد الانتداب البريطاني (1917- 1948).

واستنادا إلى الاحصاءات الفلسطينية، فان اسرائيل اعتقلت أكثر من 700 الف فلسطيني منذ احتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967. ولدى اندلاع الانتفاضة الاولى عام 1986 كانت تحتجز نحو 50 ألفا.

هشام عبدالله-رام الله

حتى نهاية أيلول من العام 2007 بلغ عدد الأسرى و المعتقلين الأمنيين داخل السجون الاسرائيلية ما يقارب إحدى عشر ألفاً و خمسماية أسير و أسيرة (11500) من مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة ومناطق الـ48 و قطاع غزة، إضافة لعدد من الأسرى العرب المحتجزين لدى السلطات الاسرائيلية.

والأسرى المذكورين منهم الموقوف لدى مراكز التوقيف (بنيامين رام الله، حوارة نابلس، سالم جنين، عتصيون بيت لحم) ومنهم من يقبع في أقبية التحقيق (المسكوبية في القدس، عسقلان في الجنوب، بتح تكفا تل أبيب، الجلمة شمال الـ48).

ومنهم من يقبع في احدى السجون المركزية التابعة في ادارتها لمصلحة السجون الاسرائيلية (الشاباس) و هي :

سجون الشمال: هداريم للرجال ، الشارون للأطفال ، الشارون للرجال (ريمونيم) ، تلموند للنساء ، مجدو ، شطة ، جلبوع ، كفاريونا ، الدامون )

سجون الوسط: الرملة نيتسان ، الرملة أيالون ، الرملة مجين ، الرملة مراش (مشفى السجن ) ، عوفر المركزي.

سجون الجنوب: عسقلان ، نفحة ، ريمون ، هولي كيدار بئر السبع ، ايشل بئر السبع ، النقب ) .

و يتم أحياناً توقيف معتقلين لدى مراكز شرطة المستوطنات لحظة الاعتقال لعدة ساعات قبل نقلهم لاحدى المراكز المذكورة.

و يوجد من بين الأسرى المذكورين ما يقارب 850 الثمانماية و خمسون أسيراً ادارياً موزعين على سجون النقب و بئر السبع و هداريم و الرملة و مجدو ونفحة. من بينهم عشرة أطفال اداريين. كما يوجد ما يقارب 350 الثلاثماية و خمسون أسيراً من الأطفال أي دون سن الثمانية عشر عاماً موزعين على كافة السجون الاسرائيلية.

و من بين الأسرى المذكورين عدد من المرضى يفوق الـ900 تسعماية حالة مرضية منها ما يقارب الـ500 حالة تحتاج لعلاج فوري و عمليات جراحية سيما المصابون و المرضى بأمراض مزمنة.و منهم 32 أسير مريض يقيمون اقامة دائمة في سجن مشفى الرملة .

ويذكر هنا إلى أنه استشهد 191 أسير داخل السجون الاسرائيلية نتيجة الاهمال الطبي و التعذيب منذ العام 1967 كما يوجد من بين الأسرى 90 تسعون أسيرة من بينهن أسيرة واحدة قاصرة (آيات دبابسة – 16 سنة) موجودات في سجن تلموند للنساء. وأسيرة معزولة (آمنة منى) في أبو كبير . كما أن هناك عدد من الأسرى معزولون عزل بقرار محكمة عليا اسرائيلية يبلغ عددهم 15 أسير موزعين على سجون الرملة و بئر السبع .

كما يوجد في السجون الاسرائيلية 244 أسيراً محكوم من أسرى القدس من مجمل الأسرى المقدسيين البالغ عددهم 300 أسير مقدسي من حملة بطاقة الهوية الاسرائيلية بدون جنسية اسرائيلية (المقيمين في القدس ) و من بينهم 17 أسير قبل أوسلو .

وهناك عدد من الأسرى القدامى الموجودين في السجون الإسرائيلية قبل 1993 ويبلغ عددهم 400 أسيراً من بينهم 67 أسيراً قضوا ما يزيد على العشرين عاماً حتى الآن في السجون الإسرائيلية.

ويوجد في السجون الاسرائيلية 151 أسيراً من أراضي الـ 48 من حملة الجنسية الاسرائيلية من بينهم خمسة أسيرات (لطيفة السعدي، وردة بكراوي، ورود قاسم، لينا جربوني، فايزة فودة) و146 أسير من الرجال. ومنهم 23 أسير معتقلين قبل أوسلو .

كما أن السلطات الاسرائيلية تحتجز حالياً أربعون نائباً ووزيراً سابقاً في الحكومة الفلسطينية.

يذكر بأن الأسرى الأمنيين في السجون الاسرائيلية يعيشون في ظل ظروف حياتية سيئة للغاية تتنافى مع المعايير الانسانية المتعارف عليها دولياً .

(المصدر: مقتطفات من تقرير صادر عن نادي الأسير الفلسطيني في شهر أكتوبر 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية