مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأمن والقضاء واللاجئون…!

حضر وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت اجتماع وزراء الداخلية والعدل الاوروبيين تمهيدا لتوقيع اتفاقيات واسعة بين واشنطن وبروكسل Keystone

اتفق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على إسراع وتيرة مفاوضات التعاون الأمني والقضائي وإبرام اتفاقيات بشأنها قبل نهاية العام الجاري.

وتعد مشاركة وزير العدل الأمريكي جون اشكروفت في اجتماعات وزراء الداخلية والعدل الأوروبيين، دليل التعاون الوثيق الجاري بين واشنطن وبروكسل منذ تفجيرات 11 سبتمبر.

اكتسبت مباحثات وزير العدل الأمريكي جون اشكروفت مع نظرائه الأوروبيين في نهاية الأسبوع الماضي في كوبنهاغن أهمية سياسية بالغة، تعكس حجم الخطوات التي سجلها مسار التعاون الأمني والقضائي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب.

وقالت وزيرة العدل الدنمركية ليني اسبيرسن في حضور نظيرها الأمريكي بأن تفجيرات العام الماضي أكدت “الحاجة إلى تضافر الجهود بين الاتحاد والولايات المتحدة من أجل حماية الديموقراطية وتأمين العدل”.

وتعد مباحثات جون اشكروفت مع وزراء الداخلية والعدل للبلدان الأوروبية الخمسة عشر، نهاية الأسبوع الماضي في كوبنهاغن، الأولى وتهدف إلى إسراع وتيرة المفاوضات بين الجانبين من أجل إبرام اتفاقية التعاون القضائي بين الاتحاد والولايات المتحدة بالإضافة إلى الاتفاقات الأخرى التي ستنجز بين جهاز الشرطة الأوروبي “يوروبول” ومكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (FBI).

ويشارك أعوان المباحث والاستخبارات الأمريكية في التحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن الأوروبية من أجل تفكيك شبكات القاعدة في البلدان الأوروبية وبلدان شرق أوروبا المرشحة لعضوية الاتحاد. وتنخرط هذه البلدان في الخطة الأوروبية ـ الأمريكية لمكافحة الإرهاب.

وأكد وزير الداخلية الألماني أوتو شيلي على أهمية تكثيف تبادل المعلومات مع الولايات المتحدة وذكر بأن العديد من أعوان مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي يشاركون في التحقيقات في شأن ما يعرف بخلية هامبورغ. وتنسب الاستخبارات الغربية إلى الانتحاري محمد عطا قيادة خلية تنظيم القاعدة في هامبورغ.

الترسانة الأوروبية

وكانت البلدان الأوروبية وضعت ترسانة إجراءات مكـّنت من اعتقال عشرات النشطاء المشتبهين في غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي، وبادرت خاصة في الأسابيع والأشهر التي تلت تفجيرات نيويورك بتبني القوائم التي وضعتها الولايات المتحدة في أسماء المنظمات والأشخاص المشتبه فيهم دعم النشاطات الإرهابية من أجل اعتقالهم وتجميد العوائد ومصادر تمويلهم. ويجري تحديث القوائم والإجراءات بشكل منتظم.

وتجري المفاوضات حثيثة بين جهاز البوليس الأوروبي “يوروبول” ومكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي من أجل تبادل المعلومات الشخصية المتصلة بالأشخاص المشتبه فيهم. كما يجري التفاوض بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل إبرام اتفاقية للتعاون القضائي تتجاوز حدود مكافحة الإرهاب لتشمل شبكات الجريمة المنظمة.

إلا أن تأكيدات نوايا تكثيف التعاون بين الجانبين، تخفي حقيقة خلافات مبدئية حول تبادل المعلومات في شأن الأشخاص المتهمين والذين قد يواجهون عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة، وتعترض الأوساط السياسية والبرلمانية على تسليم المتهمين وتزويد الأجهزة الأمريكية بالمعلومات التي من شأنها تسهيل صدور حكم الإعدام في حقهم من جانب المحاكم الأمريكية. وذكرت مصادر دبلوماسية بأن وزراء العدل الأوروبيين أبلغوا نظيرهم الأمريكي بأن حكومات بلدان الاتحاد ملتزمة بمبدأ عدم تسليم المتهمين الذين قد يواجهون عقوبة الإعدام.

وكانت الولايات المتحدة تعرضت لانتقادات واسعة في مختلف الأوساط السياسية الأوروبية وفي صفوف منظمات حقوق الإنسان لأسباب ظروف اعتقال نشطاء القاعدة وأعوان نظام طالبان الذين كانت القوات الأمريكية نقلتهم إلى قاعدة غوانتانامو في كوبا وتنفي عنهم صفة سجناء الحرب وتحرمهم حتى من حقوق سجناء الحق العام.

طائرات “شارتير” لترحيل المهاجرين السريين

وعلى الصعيد الداخلي الأوروبي، سارعت كارثة تفجيرات نيويورك في وتيرة الإجراءات التي تضعها البلدان الأوروبية منذ خريف العام الماضي من أجل تقييد شروط اللجوء ومكافحة الهجرة السرية الوافدة خاصة من بلدان الجنوب. ورشح وزراء الداخلية والعدل الأوروبيون اللاجئين الأفغان ليكونوا الهدف الأول لخطة الترحيل، لأن أفغانستان عادت لأهلها منذ سقوط نظام طالبان.

وقالت وزيرة شؤون الهجرة في الدنمرك بيرتيل هاردير بأن “الطائرة تمثل أفضل وسيلة للرحيل حتى أفغانستان”. وينتظر أن تستعين البلدان أعضاء الاتحاد بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومقرها جنيف، لتنفيذ الخطة، وذلك بحكم تجربة المفوضية الدولية في إعادة توطين اللاجئين من تيمور الشرقية أو البلقان، ويقدر عدد اللاجئين الأفغان المتواجدين في الاتحاد الأوروبي بعشرة آلاف.

ويتوقع أن تثير سياسة ترحيل المهاجرين السريين واللاجئين، الذين رُفضت طلبات إقامتهم في بلدان الاتحاد، توترا بين قوات الأمن الأوروبية وأوساط المهاجرين والمنظمات الإنسانية. وتحدث وزير الداخلية البريطاني اللورد ديفيد فيلكين عن “وجوب توفر الوسائل الكفيلة لترحيل المهاجرين الذين لا يستجيبون لشروط اللجوء”.

وتحاول السلطات في كل من بريطانيا والدنمرك استخدام وسائل الإغراء لتشجيع المهاجرين السريين على العودة إلى بلادهم في مقابل معونة مالية بقيمة 2500 يورو للمهاجر في الدنمرك و1000 يورو في بريطانيا.

وذكرت مصادر دبلوماسية بأن المفوضية الأوروبية ستُدعى للمشاركة في تمويل كراء ناقلات “شارتير” لترحيل المهاجرين أو لتمويل كلفة إغرائهم بالرحيل عن تراب الاتحاد. ويمكن للبلدان الأعضاء استخدام معونات الإنماء التي تقدمها لفائدة البلدان النامية بمثابة الحافز على تشجيع البلدان المستفيدة على التحكم في حدودها الخارجية.

وتستجيب سياسات التشدد في معالجة الهجرة السرية مع المخاوف التي تنامت في صفوف الرأي العام، بعد تفجيرات نيويورك، والتي انعكست من خلال توجه الناخبين الأوروبيين نحو اليمين السياسي في الانتخابات التي جرت في غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي.

نور الدين الفريضي – بروكسل

على الصعيد الداخلي الأوروبي، تطال عواقب كارثة تفجيرات نيويورك أوضاع المهاجرين السريين، حيث تعد البلدان الأوروبية خطة لترحيلهم عبر رحلات “شارتير”. ويبدو أن اللاجئين الأفغان سيكونون ضمن الدفعة الأولى للمُرحّـلين بالتنسيق مع المفوضية العليا الأممية لشؤون اللاجئين.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية