مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأموال العربية المنهوبة بين “المطالب المشروعة” و”العراقيل القانونية”

السفير فالنتان زيللفيغر، مدير قسم القانون الدولي بوزارة الخارجية السويسرية. swissinfo.ch

شرعت سويسرا في إعادة قسم من الأموال الليبية المجمدة، ووافقت على طلب المساعدة القضائية من تونس، وهي بصدد إدخال اللمسات الأخيرة على طلب المساعدة القضائية مع مصر.

وفي ندوة صحفية عقدها يوم الأربعاء 12 أكتوبر في جنيف، أكد السفير فالتنان زيللفيغر، مدير قسم القانون الدولي بوزارة الخارجية أن “سويسرا كانت أول بلد سارع الى تجميد الأموال.. وهدفها إعادة هذه الأموال في اقرب وقت خدمة لسمعة سويسرا الخارجية”.

من جهة أخرى، لم يتردد السفير زيللفيغر في وصف السياسة السويسرية في مجال محاربة أموال الطغاة والمقربين منهم في الأنظمة الديكتاتورية المُهرّبة الى المصارف السويسرية، بـ “الرائدة على المستوى العالمي”، وفي التنويه بأن سويسرا كانت “أول بلد سارع الى تجميد أموال حكام الدول التي عرفت ثورات الربيع العربي سواء في تونس أو مصر أو ليبيا”، مع التشديد على أن ذلك “يتم خدمة لسمعة سويسرا الخارجية”، على حد تعبيره.

وفي اللقاء مع الصحافة الدولية في جنيف، عرض زيللفيغر الخطوط العريضة لسياسة برن في هذا المجال وسعيها لتبسيط الاجراءات المطلوبة وإظهار مدى استعداد السلطات السويسرية لمساعدة الدول المعنية. واستشهد على ذلك بالإشارة إلى أن “سويسرا التي تعد الساحة المالية السابعة من حيث الأهمية في العالم، أعادت إلى حد الآن من أموال الشخصيات التي يُطلق عليها مفهوم “الشخصيات المعرّضة سياسيا” أكثر من ثلث المبلغ الإجمالي للأموال المهربة والتي تمت استعادتها في العالم والتي يقدرها البنك الدولي بما بين 4 و 5 مليار دولار”.

التعاون القضائي مع تونس.. في الطريق

في السياق نفسه، شدد السفير السويسري على أن سويسرا، وبفضل الإصلاحات القانونية الجديدة التي تم إدخالها، “كانت أول بلد يسارع لتجميد أموال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم 19 يناير أي بعد 4 ايام من الإطاحة به”.

المبلغ الذي تم تجميده  في هذه العملية لحد الآن يقدر بحوالي 60 مليون فرنك. وقد سارعت السلطات السويسرية إلى عرض مساعدة تقنية على السلطات التونسية من أجل إعداد ملف طلب المساعدة القضائية. وهو الطلب الذي أعلنت برن عن قبوله يوم 15 أكتوبر الجاري وهو ما يفتح الطريق بوجه البدء في إجراءات المساعدة القضائية لاستعادة تلك الأموال.

في الأثناء، اندلع جدل تونس حول التغيير الذي طرأ على قائمة أسماء الشخصيات المقربة من الرئيس السابق بن علي المعنية بتجميد الأموال والأصول في سويسرا. وفي رد على سؤال طرحته swissinfo.ch حول هذا الموضوع، أوضح السفير فالنتان زيللفيغرأن “سويسرا كانت قد أعدت قائمة بأسماء الشخصيات المقربة من الرئيس المخلوع والتي يمكن إخضاعها لعملية تجميد الأموال، لكن السلطات التونسية قدمت قائمة بعدد أقل من الأسماء. وما كان على السلطات السويسرية إلا أن كيّفت قائمتها مع القائمة التونسية لأن التونسيين هم اصحاب القرار”.        

مصر.. سويسرا في انتظار إكمال الإجراءات

بخصوص مصر، أوضح مدير قسم القانون الدولي بوزارة الخارجية السويسرية أن “سويسرا سارعت بعد نصف ساعة من سقوط  الرئيس المصري السابق حسني مبارك إلى فرض تجميد على أمواله وأموال المقربين منه يوم 11 فبراير 2011”.

وقد تم تقدير الأموال المصرية المجمّدة لحد اليوم بحوالي 410 مليون فرنك. أما بخصوص قوائم أسماء الشخصيات المعنية التي أعدت من طرف الجهات السويسرية والتي قدمتها السلطات المصرية، فيقول السفير السويسري “إنها كانت متطابقة”.

في المقابل، يواجه طلب المساعدة القضائية من قبل السلطات المصرية بعض التعقيدات التقنية التي جعلته يتأخر حتى يوم الناس هذا. ومع أن السفير السويسري أعرب عن عدم استغرابه لتأخر المصريين، نظرا للتعقيد الشديد التي تتسم بها الإجراءات، إلا أنه أعرب عن “الأمل في التوصل إلى تجاوز تلك التعقيدات التقنية قريبا”.

مع ذلك، لا يعني قبول الجهات المعنية في سويسرا طلب المساعدة القضائية نهاية التعقيدات والعراقيل، إذ يتوقع السفير زيلليفيغر ظهور طعون متعددة لعرقلة إعادة تلك الأموال. وقال: “سواء في الحالة المصرية او التونسية أو الليبية، فما دام الأمر يتعلق بقادة أحياء ولديهم ما يكفي من المال، فقد يلجؤون الى تقديم طعون قضائية لمنع استعادة تلك الأموال”. واستشهد في هذا السياق بحالات سابقة من بينها وضعيات ديكتاتور هايتي السابق (دوفاليي) أو الفليبين (ماركوس) أو نيجيريا (ساني آباشا).    

استعادة قسم من أموال الدولة الليبية.. بدأت

ولدى حديثه عن الملف الليبي، أكد رئيس قسم القانون الدولي بوزارة الخارجية السويسرية، ما سبق أن صرح به السفير الليبي الجديد لدى سويسرا السيد سليمان بوشويقير في حديث خاص إلى swissinfo.ch من أن برن وافقت بعدُ على “تسريح مبلغ 385 مليون دولار كدفعة أولى من أموال الدولة الليبية المجمدة في سويسرا”.  وقد أقدمت السلطات السويسرية على التسريع  بالإفراج عن هذا المبلغ بعد قرار مجلس الأمن الدولي الذي أمر بتسريح قسم من تلك الأموال للإيفاء بالإحتياجات الانسانية للشعب الليبي.

وكانت السلطات السويسرية قد أعلنت سابقا عن تجميد حوالي 650 مليون فرنك من الأموال اليبية في المصارف السويسرية (أي حوالي 760 مليون دولار امريكي).

وفي إطار حديثه عن تجميد الأموال التابعة لحكام وكبار مسؤولي البلدان التي لا زالت تشهد ثورات الربيع العربي، أشار السفير فالنتان زيللفيغر إلى أنه تم تجميد “حوالي 45 مليون فرنك من الأموال السورية” حتى الآن.

تونس: 60 مليون فرنك سويسري

مصر: 410 مليون فرنك سويسري

ليبيا: 650 مليون فرنك سويسري

سوريا: 45 مليون فرنك سويسري  

قضية الديكتاتور الفيليبيني الراحل فرديناند ماركوس انتهت في عام 2003 باستعادة الدولة لـ 685 مليون فرنك.

قضية رئيس نيجيريا الأسبق ساني آباشا أسفرت في عام 2005 عن استعادة الدولة لـ 700 مليون فرنك.

القضية المتعلقة بالمسؤول الأمني لرئيس البيرو السابق مونتيسنوس وانتهت في عام 2006 باستعادة البيرو لـ 92 مليون فرنك.

يقدر البنك العالمي ان الأموال العمومية المهربة من الدول النامية وحدها تتراوح سنويا ما بين 20 و 40 مليار دولار

يمثل هذا المبلغ ما بين 20% و 40% من مساعدات التنمية على المستوى العالمي.

هناك أكثر من 27 تعريف للشخصيات “المُعرّضة سياسيا”، أي الشخصيات التي تتولى مناصب قد تستغلها لتهريب الأموال العامة.

يتراوح حجم الأموال المنهوبة التي تمت استعادتها إلى حد اليوم في العالم حسب تقديرات البنك العالمي ما بين 4 و 5 مليار دولار أمريكي.

المبالغ التي أعادتها سويسرا إلى البلدان المعنية تشكل ثلث الأموال المستعادة في العالم أي زهاء 1،7 مليار فرنك سويسري.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية