مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.. تفاقم الهوة بين التصريحات والواقع

فيليبو غراندي، نائب المفوض العام لوكالة الأونروا - جنيف، 15 فبراير 2008 swissinfo.ch

شدد فيليبو غراندي، نائب مفوضة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أمام ممثلي الدول المانحة في جنيف على "تعاظم الهوة" بين التصريحات الصادرة عن الأطراف المعنية في الشرق الأوسط، والواقع المعاش على الأرض.

وتهدف زيارة السيد فيليبو غراندي إلى جنيف أيضا إلى حث الدول المانحة (ومن بينها الدول العربية) على دعم نداءات الأونروا الخاصة بالميزانية العادية أو الإستثنائية لتفادي تفاقم أزمة تمس أكثر من 4 ملايين فلسطيني.

في أول زيارة له إلى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف بوصفه نائب مفوضة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، أجرى السيد فيليبو غراندي يومي 14 و 15 فبراير 2008 لقاءات مع ممثلي الدول المانحة والدول المعنية بأزمة الشرق الأوسط لشرح الأوضاع في كل من قطاع غزة والضفة الغربية. كما انتهز السيد فيليبو غراندي الفرصة لحث الدول على دعم نداءات الأونروا بالنسبة لميزانية التمويل العادية والاستثنائية للعام 2008.

لا مجال لتعريف الأزمة

في حديثه مع الدبلوماسيين من البلدان المانحة والمعنية بأزمة الأراضي الفلسطينية المحتلة، أوضح نائب مفوضة الأونروا، السيد فيليبو غراندي بأن الأزمة السائدة “لا تحتاج الى تعريف ولا يرغب في تعريفها، ولكنها أزمة إنسانية قائمة بسبب سياسة الإغلاق بكل بساطة”.

وأضاف بأنها أزمة “تمس كل جوانب الحياة بالنسبة للفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة، تمتد تأثيراتها من فقدان وسائل طهي الطعام أو مياه الشرب أو الغسيل أو الوقود لاستخدام وسائل النقل أو الاستفادة من الكهرباء والقائمة طويلة …”، حسب تعبيره.

ويقول مسؤول الأونروا “سواء أطلقنا على هذه العراقيل صفة الأزمة الإنسانية أو أية تسمية أخرى هذا أمر غير مهم، لكن المؤكد أنها تؤثر سلبا على حياة الأفراد المقيمين في القطاع”.

وفيما أدانت وكالة الأونروا على غرار بقية المنظمات الأممية عمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، فإن نائب المفوضة لم يتردد في التعبير عن “القلق الكبير بخصوص الرد الذي ترد به إسرائيل على ذلك باعتبارها القوة المحتلة”.

وأحسن مثال على هذا التناقض بين التصريحات والواقع ما حدث لمشروع بيت لاهيا لتسوية مشكلة مياه الصرف التي تحولت إلى بحيرة مياه قذرة في منطقة يعيش بها أكثر من 200 ألف شخص. هذا المشروع مثلما يقول السيد فيليبو غراندي “انطلق بتصريحات مدوية وحصل على دعم توني بلير، ولكنه اليوم، ورغم أنه مشروع يحظى بدعم المجموعة الدولية، فإنه متوقف تماما بسبب نقص الإسمنت ومنع استيراد قطع الغيار لأجهزة الضخ”.

وانتهى السيد فيليبو غراندي في تقييمه الى القول “إننا لم نشاهد أي تراجع في حجم العراقيل الموجودة فوق أرض الواقع والتي تعللها إسرائيل من وجهة نظرها بالمتطلبات الأمنية والتي يراها الجانب الفلسطيني على أنها تضييق خناق”.

وإذا كان وضع غزة بمثابة إحساس بالعيش في سجن، فإن المسؤول الأممي يرى أن واقع الضفة الغربية – وإن لم يكن مشابها – فهو ليس بالأفضل، ويقول “إن ما يعرفه سكان الضفة الغربية يتمثل في عراقيل بوجه حرية التنقل، واجتياز المعابر، والوصول الى المستشفيات، وصعوبة نقل المنتجات للأسواق…”.

“العنف سوف لن يولد إلا التطرف”

وفي تقييمه كمراقب ميداني لما يحدث في قطاع غزة، يرى نائب مدير وكالة الأونروا أن ردود فعل إسرائيل المتمثلة في المضي قدما في سياسة الانتقام “يُخشى أن تولد جيلا من التطرف في المنطقة”.

إذ قال فيليبو غراندي إن السياسة التي تتبعها إسرائيل ستعمل على المدى الطويل “على تطرف قسم من سكان قطاع غزة وبالأخص جيل الشباب الذي سوف لن تثنية الإجراءات الحالية عن الانزلاق نحو مزيد من التطرف او حتى لدعم عمليات عنف… او الانضمام الى مجموعات راديكالية”.

إعادة بناء مخيم نهر البارد

على صعيد آخر، وفي معرض حديثه عما حصل لمخيم نهر البارد في لبنان أثناء المواجهة بين الجيش اللبناني ومجموعة فتح الإسلام، قال السيد فيليبو غراندي “إنه لم يعمل فقط على تحطيم المخيم بل على تحويله الى تراب”.

ولكن التطور الايجابي في هذا الملف يتمثل في أن المديرة العامة للأونروا السيدة كارين أبو زيد والوزير الأول اللبناني فؤاد السنيورة أعلنا يوم الأربعاء 13 فبراير الجاري عن اعتزام السلطات إعادة بناء المخيم، على عكس ما تردد منذ مدة.

وأفاد السيد فيليبو غراندي بأنه “هناك أرقام تم تقديمها حول ميزانية إعادة بناء المخيم في حد ذاته تقدر بحوالي 174 مليون دولار أمريكي”، كما أشار إلى أن هناك ميزانيات أخرى ستقدم خلا ل الأسابيع القادمة في عمل مشترك مع البنك الدولي تخص إعادة تأهيل المنطقة المحيطة بالمخيم والتي يعيش فيها فلسطينيون ولبنانيون. ويعتبر مشروع إعادة بناء مخيم النهر البارد أكبر مشروع سيتم إنجازه في تاريخ الأونروا.

نقص بحوالي 20% في التمويل

في حديثه مع الدول الممولة والمانحة، شدد مسؤول الأونروا على المشاكل المالية التي تواجهها منظمته والمقدرة بتراجع بحوالي 20%، خصوصا وأنها منظمة كما قال “ليست مطالبة فقط بمعالجة الحالات الطارئة بل تعنى بواقع الفلسطينيين حتى خارج أوقات الأزمات وإلى أن يتم إيجاد حل لمشكلة اللاجئين”.

ولتعزيز علاقات الأونروا مع الدول العربية لحثها على المشاركة ليس فقط في المشاريع الطارئة بل أيضا في الميزانية العادية للمنظمة، أقدمت السيدة أبي زيد مؤخرا على تعيين ممثل للمفوضة العامة لدى الدول المانحة العربية. وأوضح السيد فيليبو غراندي أن “الدول العربية المانحة تشارك بسخاء خصوصا في المشاريع الكبرى مثل مشروع إعادة بناء نهر البارد”.

ولكن هناك رغبة من قبل منظمة الأونروا في أن “تسهم الدول العربية أكثر في الميزانية العادية”، حسب السيد غراندي. وبعد أن سمحت زيارة المفوضة العامة للأونروا إلى مقر الجامعة العربية بشرح الموقف، يبدو أن هناك “آمالا في تحسين المشاركة المالية العربية”، حسب السيد فيليبو غراندي.

أما عن سويسرا فيقول السيد غراندي “إن سويسرا تعتبر من أحسن الممولين للأونروا”، وأثنى على قيام برن بتقديم الدعم في ميادين أخرى “مثل مساعدة الأونروا على إدخال الإصلاحات الضرورية على طريقة تسييرها، أو الدفاع عن بعض مبادئ القانون الإنساني الدولي وحشد الدعم السياسي كلما احتجنا لذلك”، وانتهى الى خاتمة مفادها أن “سويسرا تعتبر الشريك المثالي للأونروا”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

نداء المساعدات الطارئة في الاراضي الفلسطينية المحتلة للعام 2008:

237 مليون دولار: هو مجموع قيمة النداء العاجل لعام ‏2008:
168 مليون لقطاع غزة
69 مليون للضفة الغربية

حسب القطاعات:

79 مليون دولار للغذاء
80 مليون للتشغيل
46 مليون دولار مساعدات مالية طارئة للعائلات
2 مليون دولار للسكن
5 مليون دولار للمساعدات الطبية


تقدر الميزانية العادية للأونروا للعام 2006 بحوالي 488 مليون دولار، حصلت منها على 417 مليون دولار، أي أن نسبة التغطية بلغت 71%

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية