مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الإفراج عن المواطنين السويسريين في ليبيا مقابل كفالة مالية

Keystone

أعلنت وزارة الخارجية في برن أنه تم عشية الثلاثاء 29 يوليو الإفراج عن المواطنين السويسريين الموقوفين في ليبيا مقابل كفالة مالية وأكدت أنهما يتواجدان بمقر السفارة السويسرية في طرابلس.

وقالت الخارجية إنهما “بصحة جيدة لكنهما لا يتوفران على ترخيص بالخروج من الأراضي الليبية” لكنها أشارت في المقابل إلى استمرار وجود “توترات في العلاقات الثنائية” بين البلدين اللذان “يواصلان مباحثاتهما من أجل تجاوزها”.

وكانت البوادر الأولى لحلحلة الموقف ونزع فتيل الأزمة قد جاءت إثر تحسين ظروف اعتقال المواطنين السويسريين، وإعلان برن عن تمسكها بمواصلة الحوار الثنائي بين البلدين، وتسرب معلومات عن تدخل عدة جهات عربية وغربية لتهدئة الموقف، ومبادرة الرئيس السويسري عن الإعلان عن استعداده لمقابلة الزعيم الليبي إذا تطلب الأمر.

وسبق للخارجية السويسرية أن أعلنت مساء الاثنين 28 يوليو عن تحسين ظروف اعتقال المواطنين السويسريين المحتجزين في ليبيا منذ يوم 19 يوليو بدعوى “عدم احترام قوانين إقامة الأجانب في ليبيا”، حسب ادعاء الجانب الليبي. إذ تم نقلهما من سجن “الفلاح” الى سجن “عين زهرة” حيث أقاما في زنزانة لوحدهما بعد أن كانا محتجزيْـن مع حوالي 20 من المعتقلين من المهاجرين غير الشرعيين. ومع أن القنصل السويسري لم يتمكن من زيارتهما، إلا أنه تحدث إليهما هاتفيا مرتين، كما أن محاميهما زارهما وقدم لهما بعض المستلزمات والأدوية.

وفيما تستمر الجهود لإيجاد مخرج من الأزمة الناشئة بين سويسرا وليبيا بسبب اعتقال هنيبال، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي وزوجته يوم 15 يوليو قبل الإفراج عنه بكفالة مالية بسبب سوء معاملة خادمة تونسية وخادم مغربي في أحد فنادق جنيف الفاخرة، لا زال الحوار المباشر والحقيقي بين الطرفين يواجه بعض الصعوبات في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من التطور الإيجابي الأخير، لا زالت بوادر التصعيد قائمة آخرها النصيحة التي وجهتها وزارة الخارجية الليبية لرعايا الجماهيرية بعدم التوجه إلى سويسرا “لتجنب التعرض لمعاملة تعسفية”، على حد تعبيرها، والإعلان في زيورخ عن إلغاء الرحلة الوحيدة التي أبقت عليها شركة “سويس” للطيران الأسبوع الماضي باتجاه ليبيا.

استعداد كوشبان لمقابلة الزعيم القذافي

وإذا كان الجانب الليبي، ينتقد بشدة عدم تدخل الدبلوماسية السويسرية مبكرا للحد من تأزم الوضع (وهذا من وجهة النظر السويسرية بدافع احترام استقلالية القضاء واحترام الفصل بين صلاحيات الحكومة الفدرالية وحكومة دويلة جنيف)، فإن الرئيس السويسري أعرب في تصريحات صحفية أدلى بها قبل يومين، عن انشغاله للمشكلة القائمة بين سويسرا وليبيا. وقال باسكال كوشبان “إنني كرئيس للكنفدرالية، أبذل كل ما في وسعي لخدمة بلدي، بما في ذلك مقابلة رئيس دولة نعرف بعض التوترات معها في الوقت الحالي”.

وأضاف الرئيس السويسري أن “الوقت ليس وقت إدانة أو تنديد، بل يجب البحث على العكس من ذلك على سبل التهدئة لأن ما ترغب فيه سويسرا هو أن يحترم الجميع قوانينها، كما ترغب في نفس الوقت في إقامة علاقات جيدة مع كل الدول بما في ذلك ليبيا”.

تفضيل الحوار الثنائي

بعد ما تردد عن محاولات الوساطة المعلنة والسرية، أوضحت الخارجية السويسرية بعد ظهر الاثنين 28 يوليو على لسان الناطق الرسمي باسمها فيليب جانرا أن برن وطرابلس “تفضلان المسار الثنائي” لحل الأزمة القائمة بينهما بسبب اعتقال نجل القذافي وزوجته ألين ليومين في جنيف.

وكانت عدة جهات قد أشارت الى تدخل وساطات مختلفة في محاولة لنزع فتيل الأزمة الناشئة بين طرابلس وبرن والتي زاد من تضخيمها ما تردد، عن طريق جهات ليبية غير رسمية، عن احتمال وقف تزويد سويسرا بالنفط الليبي.

وكانت كل من فرنسا وإيطاليا بل حتى السياسي اليميني النمساوي يورغ هايدر قد أعلنوا عن استعدادهم للوساطة في هذه القضية. وأشارت بعض المصادر إلى وساطات محتملة من جانب دول عربية من بينها الجزائر وقطر والإمارات العربية المتحدة.

وكان رئيس الكنفدرالية باسكال كوشبان قد أشار إلى هذه الوساطات دون الإفصاح عنها بقوله في حديث صحفي أن “سويسرا تبحث عن وساطة دول صديقة”، بدون أن يقدم أية أسماء.

في السياق نفسه، علمت سويس إنفو من جهات إعلامية عربية نقلا عن مصادر دبلوماسية في إحدى العواصم المغاربية أن “كلا من الجزائر ومصر وفرنسا لعبت دورا مهما في ترطيب الأجواء بين ليبيا وسويسرا”. وأوضحت المصادر نفسها أن “المبادرات الثلاثة تمت بشكل منفصل وفي إطار التكتم الشديد انطلاقا من العلاقات الخاصة التي تربط العواصم الثلاث بكل من ليبيا وسويسرا”.

وأضافت المصادر نفسها أن “الرئيسين الجزائري بوتفليقة والفرنسي ساركوزي هاتفا العقيد القذافي لإثنائه عن مزيد من التصعيد والبحث عن مخرج سياسي للأزمة، فيما كلف الرئيس مبارك أحد كبار مساعديه بتهدئة غضب المسؤولين الليبيين وتشجيعهم على توخي الحوار مع برن” في هذا الموضوع. وزادت المصادر نفسها أن “السفير المصري لدى طرابلس لعب دورا في هذه الاتصالات، بالإضافة إلى أحمد قذاف الدم، سفير الجماهيرية لدى مصر الذي يوجد حاليا في طرابلس”.

هل يكون الحل في الاعتذار؟

يبدو أن الجانب الليبي ومن خلال ما رشح لحد الآن يرغب في الحصول على اعتذار من سويسرا في قضية اعتقال هنّيبال القذافي وزوجته ألين، لأنه يعتبر أن ما حدث لا يزيد عن “تصرف تعسفي” من قبل شرطة جنيف، في الوقت الذي أشار فيه القضاء في جنيف الى أن القضية تتعلق بعملية اعتداء وضرب في حق خادمة تونسية وخادم مغربي بإثباتات طبية.

وعن احتمال الاعتذار، قال رئيس الكنفدرالية باسكال كوشبان في حديث صحفي “إن القضية تكمن فيما إذا كانت عملية اعتقال هنّيبال القذافي في جنيف مبررة أم لا. وإذا اتضح أنها ليست مبررة، فعلى القضاء تصحيح الخطإ بنفسه”.

أما عن المطالب الليبية بإبطال الدعوى القضائية المرفوعة ضد نجل القذافي وزوجته في جنيف، فيرى فرانتس ريكلين، أستاذ القانون بجامعة فريبورغ أن ذلك “ممكن من الناحية القانونية”، وقال في حديث أدلى به لوكالة الأنباء السويسرية إن “قانون دويلة جنيف يعترف بحق تعليق الإجراءات بسبب دافع الحفاظ على المصالح العليا للدولة”، ويرى أنه يُعتبر “إجراء عاديا إذا ما تمكن من إبعاد تهديد عن سويسرا”. وقد تجنب الناطق باسم الخارجية السويسرية الخوض في هذه الإمكانية من عدمها عندما وُجّـه له السؤال بشأنها يوم الاثنين 28 يوليو.

أما عن الاحتمال الثاني لطي ملف الشكوى القضائية في نظر أستاذ القانون فرانس ريكلين قيتمثل في “اعتراف السلطات الفدرالية السويسرية بأن هنّيبال القذافي يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. وفي هذه الحالة، يتم إبطال إحدى الدعائم التي تقوم عليها الشكوى القضائية مما يجبر على تعليق الإجراءات المتخذة” بحقه.

والحل الأخير في نظر الأستاذ القانوني لغلق ملف الشكوى القضائية ضد إبن القذافي، فيتمثل في إقناع الضحيتين (أي الخادمة التونسية والخادم المغربي) بسحب الشكوى المرفوعة ضد هنّيبال وزوجته ألين.

وبخصوص هذا الإحتمال، أوضح فرانسوا مومبريز، محامي الضحيتين لوسائل الإعلام السويسرية، بان والدة موكله المغربي التي كانت في زيارة له في ليبيا “تم إيقافها من قبل أحد العسكريين الذين في خدمة هنّيبال القذافي وتم الزج بها في إحدى السجون الخاصة التابعة له، وأنه لحد الان لا يتوفر على اية معلومات عن احتمال الإفراج عنها”. وعن احتمال سحب الشكوى في حال الإفراج عن والدة الخادم المغربي، أوضح المحامي بان “الأمور تأزمت لحد كبير، وإنني أتفهم كونه يفكر في الموضوع الآن”.

وفي الوقت الذي بدأت تظهر فيه بعض بوادر الانفراج، نشرت الخارجية الليبية على موقعها على شبكة الإنترنت تحذيرا جاء فيه “نظراً للإجراءات التعسفية التي تتخذها السلطات السويسرية تجاه المواطنين العرب والليبيين وعدم احترامهم وإلحاق الإهانات بهم، تنصح اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي مواطني الجماهيرية العظمى بعدم السفر إلى سويسرا تفادياً لتعرضهم لمثل هذه الإجراءات التعسفية”.

أما شركة الطيران السويسرية “سويس”، فقد أشارت إلى أنها ستقرر خلال الأيام القادمة ما إذا كانت ستستأنف رحلاتها (ثلاث مرات كل أسبوع) إلى طرابلس بعد أن أوقفت مؤخرا الرحلة الوحيدة التي سمحت لها السلطات الليبية بمواصلتها بعد تعليق الرحلتين الأخريين “لأسباب تقنية وعملية”، حسب السلطات الليبية.

سويس انفو مع الوكالات

‏5 يوليو: هنّيبال وزوجته ألينا يصلان إلى مطار جنيف، حيث كانت زوجته تريد أن تضع حملها في مصحة خاصة في جنيف.‏

‏12 يوليو: شخصان يعملان في خدمة الزوجين وهما مغربي (32 عاما) وتونسية (25 عاما) يتم تحريرهما من طرف الشرطة السويسرية بعد ‏تعرضهما للضرب والاعتداء البدني وإساءة المعاملة.

‏15 يوليو: إيقاف هنّيبال القذّافي وزوجته في فندق فخم بجنيف، الزوجة أخذت للمستشفى والزوج قضى ليليتين في ‏مخفر للشرطة. في نفس اليوم تم إيقاف والدة الخادم المغربي عندما كانت بصدد مغادرة مطار طرابلس متوجهة إلى بلادها.‏

‏17 يوليو: إطلاق سراح الزوجين بعد دفع غرامة مالية قدرها نصف مليون فرنك سويسري. في نفس اليوم ‏بدأت السلطات الليبية في اتخاذ سلسلة من الإجراءات الثأرية ضد سويسرا تشمل تقليص عدد الرحلات الجوية ووقف تسليم تأشيرات الدخول وسحب القائم بالأعمال في برن وغلق مكاتب شركتي أي بي بي ونسالي في طرابلس..‏

‏19 يوليو: السلطات الليبية توقف شخصين سويسريين احترازيا بتهم تتعلق بعدم احترام قوانين الإقامة والهجرة.‏

22 يوليو: وزبرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري تقطع عطلتها وتجري اتصالا هاتفيا مع نظيرها الليبي عبد الرحمان شلغم.

‏23 يوليو: وفد دبلوماسي سويسري يغادر إلى طرابلس في محاولة لنزع فتيل الأزمة.‏ وعشرات الليبيين ينظمون مظاهرة أمام السفارة السويسرية في طرابلس ويسلمون رسالة احتجاج للسفير يطالبون فيها “بالإعتذار”

‏24 يوليو: تنظيم مظاهرة ثانية والشركة الوطنية للنقل البحري وشركة الموانئ تعلنان إيقاف شحن النفط الخام إلى سويسرا ومنع البضائع السويسرية من ‏الدخول إلى الموانئ الليبية. في نفس اليوم توجه الاتهامات رسميا إلى المواطنين السويسريين المعتقلين في ظروف قاسية ويعاملان باعتبارهما “مهاجرين غير شرعيين”.‏

‏25 يوليو: تمديد مدة إيقاف السويسريّين وعودة الوفد الدبلوماسي إلى برن دون أن يتمكن من مقابلة وزير الخارجية الليبي أو الإعلان عن نجاح مهمته.‏

26 يوليو: شركة سويس للطيران تقرر إلغاء رحلتها الوحيدة المتبقية إلى طرابلس ورئيس الكنفدرالية باسكال كوشبان يصرح بأنه “مستعد لملاقاة الزعيم الليبي معمر القذافي” للخروج من المأزق.

27 يوليو: الرئيس السويسري باسكال كوشبان يؤكد للمرة الأولى أن سويسرا تبحث عن وساطة بلدان أخرى في الأزمة الدبلوماسية مع ليبيا. وفي برن رفضت وزارة الخارجية السويسرية نفي الخبر أو تأكيده.

28 يوليو: تردد أن السلطات الليبيبة قد تكون أفرجت عن والدة الخادم المغربي لكن الخبر لم يتأكد بعدُ. في الوقت نفسه نصحت الخارجية الليبية مواطني الجماهيرية بعدم السفر إلى سويسرا “نظراً للإجراءات التعسفية التي تتخذها السلطات السويسرية تجاه المواطنين العرب والليبيين وعدم احترامهم وإلحاق الإهانات بهم”، حسبما جاء في بيان نشر على موقعها على الإنترنت.

29 يوليو: الإعلان عن الإفراج عن المواطنين السويسريين مقابل كفالة مالية وتحويلهما إلى مقر السفارة السويسرية في طرابلس.

swissinfo.ch

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية