مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الانتخابات المغربية..هل ستؤجل؟

صورة من الأرشيف لجلسة افتتاح إحدى دورات البرلمان المغربي Keystone

لم تحسم بعد مسألة تحديد موعد الانتخابات التشريعية القادمة في المغرب الأقصى. وفي ظل غياب اتفاق بين الأطراف السياسية حتى على الموعد الدستوري النظري، تواصل الحكومة صمتها، وان تحدثت فبكلمات عامة لا يفهم منها شيئ. بل إن الاحزاب، وعلى الرغم من اهمية الانتخابات، وهي الأولى من نوعها في عهد الملك محمد السادس، لا تضع هذه المسألة على جدول اعمالها المعلن. فما هو السر؟

دستوريا، يجب انتخاب مجلس نواب جديد بدلا من المجلس الحالي الذي انتخب في الرابع عشر من نوفمبر 1997 لمدة خمس سنوات. والسنة التشريعية المغربية تبدأ بالجمعة الثانية من اكتوبر-تشرين الأول، لذلك يختلف السياسيون المغاربة حول الموعد الدستوري لانتهاء الولاية التشريعية لمجلس النواب، هل هي بعد انقضاء السنوات الخمس ام مع نهاية السنة التشريعية!؟.

والى ان يتحدد الموقف النهائي تبرز تطورات قضية الصحراء الغربية لتكون العامل الاساسي لتأجيل الانتخابات القادمة، وهي عامل يصعب على الفاعلين السياسيين المغاربة المطالبين بإجراء الانتخابات في موعدها تجاهله اذا ما طرح وتم الاستناد اليه في دعوة التأجيل، ليس فقط لكونه ليس سابقة بل ايضا نظرا لحساسيته.

في عام ألف وتسع مائة واثنين وثمانين، اعلن الملك الحسن الثاني عن تأجيل الانتخابات التشريعية لمدة سنتين لفسح المجال امام منظمة الوحدة الافريقية لإجراء استفتاء لسكان الصحراء لتقرير مصيرهم في دولة مستقلة او الاندماج بالمغرب. لكن الاستفتاء لم يتم وانتقل ملف نزاع الصحراء الى الامم المتحدة وأجريت الانتخابات التشريعية في عام أربعة وثمانين. وفي عام 1990 اجلت الانتخابات التشريعية ايضا لفسح المجال لتطبيق الامم المتحدة لمخطط السلام الصحراوي واجريت الانتخابات في 1993.

في المناسبتين، كان صانع القرار المغربي يريد من التأجيل ابراز حسن نيته تجاه مسلسل السلام، وكان يستند الى ان اجراء الانتخابات في ظل حركية التسوية سيحرج المعنيين في هذا السلام. فإذا اجريت الانتخابات سيكون صانع القرار المغربي امام اختيارين اما اشراك سكان الصحراء فيها، وسيعتبر هذا محاولة مغربية لافشال العملية السلمية، وإما استثناء الصحراويين من الانتخابات وهذا يعني اعترافا ضمنيا بعدم مغربيتهم.

أما في المرحلة الحالية، فإن المطلوب مغربيا تجاه عملية التسوية ليس فقط تحديد موقف من إشراك او عدم إشراك الصحراويين في الانتخابات بل ايضا واساسا القيام بتعديلات دستورية لاستيعاب مضمون السلام الصحراوي المطروح.

ملف الصحراء..والاختيارات الصعبة

جيمس بيكر ممثل الامم المتحدة قدم مشروعا للتسوية يقوم على اساس منح المناطق الصحراوية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية لمدة خمس سنوات يجري بعدها استفتاء تقرير المصير للصحراويين.

والمغرب يقول ان هذا المشروع لا يتناقض مع توجهاته في اقامة نظام لامركزي او نظام الجهة، حيث تمنح للجهات (المقاطعات) سلطات واسعة في ميدان التسيير اليومي لشؤون السكان مع احتفاظ الحكومة المركزية بالسلطات المتعلقة بالدفاع والسياسة الخارجية. لكنه لايستطيع منح المناطق الصحراوية وحدها هذه الصلاحيات.

وقد تكون هذه صيغة الجهة محفوفة بالمخاطر على وحدته الترابية نظرا لمكوناته الاجتماعية والقبلية المتعددة. وينشغل اخصائيون بالقانون الدولي والاداري منذ شهور في اعداد الصيغة الدستورية والقانونية والادارية لهذا النظام.

وحسب مشروع جيمس بيكر الذي قبل مغربيا بتحفظ، ورفض من طرف الجزائر وجبهة البوليزاريو، فإن مفاوضات حول الحكم الذاتي بين الاطراف المعنية بسلام الصحراء الغربية يجب ان تبدأ قبل نهاية السنة الجارية.

وقد تؤدي المفاوضات الجارية والضغوط الدولية المتنوعة، الى تغيير نسبي في موقف الجزائر وجبهة البوليزاريو. وقد يتبنى مجلس الامن الدولي المشروع في النهاية، ويتخذ قرارا بإقامة حكم ذاتي في المناطق المتنازع عليها. وعلى المغرب في هذه الحالة ان يكون مستعدا دستوريا وقانونيا لاستيعاب القرار.

المصادر المغربية لم تتحدث عن طبيعة هذه الاستعدادات، لكنها تشير الى تأجيل الانتخابات كخطوة اولى، تتبعها تعديلات دستورية يجري الاستفتاء عليها ثم صياغة القوانين الادارية والتنظيمية في نهاية المطاف.

لذا يجد المسؤول المغربي نفسه أمام اختيارات، بين ان يحافظ على مواعيد الاستحقاقات التشريعية التي لم تنتظم منذ الاستقلال حتى الان، وبين تسليح البلاد بترسانة من القوانين التي تجعلها مستعدة لاستيعاب أي تطورات في قضية الصحراء التي تعتبر قضيته الوطنية الاولى.


محمود معروف – الرباط

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية