مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

البـُعد التراجيدي لـمبادرة جنيف

شريط الاتفاق لنيكولا فاديموف الذي أنجز عام 2005 عرض بعد أسبوع من أول عرض عالمي لشريط "العشاء الأخير" حول الجدار الفاصل لنفس المخرج Keystone

تابع جمهور الدورة الثالثة للمهرجان السينمائي الدولي حول حقوق الإنسان العرض الأول لشريط "الاتفاق" حول مبادرة جنيف غير الرسمية لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

الشريط، للمخرج السويسري نيكولا فاديموف، تابع لمدة عام تحركات ست من موقعي المبادرة وعرض بقوة الاحتضار البطيء لاتفاق سلام لم يقنع بعد الفلسطينيين والإسرائيليين.

تم تقديم رُوبورطاج “الاتفاق” لـبياتريس غويلبا ونيكولا فاديموف في ثوب التراجيديا الكلاسيكية. مصيرٌ استثنائي وقاسي – يعكس واقع الشرق الأوسط – وشخصياتٌ فريسة الشك تدافع دون انقطاع عن اتفاق سلام لا أحد، أو تقريبا لا أحد، يريده.

تمهيد الشريط يحكي الأيام الأخيرة لمفاوضات سرية انعقدت على ضفاف البحر الميت، والاحتفال الكبير الذي تم يوم فاتح ديسمبر 2003 في جنيف بمناسبة الكشف عن مخطط السلام غير الرسمي الذي أثاره ابن جنيف أليكيس كيلير، ورعته الدبلوماسية السويسرية، وتفاوضت من أجله شخصيات إسرائيلية وفلسطينية.

الحدث يحظى بتغطية إعلامية واسعة. وبعد استئناف واختتام المفاوضات، التي تحولت إلى مفاوضات رسمية تمت برعاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، كشف موقعو مبادرة جنيف لأول مرة الملامح الواضحة لاتفاق سلام نهائي.

لكن المهمة الأصعب لأبطال جنيف تظل إقناع الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني بصحة وجهات نظرهم. هذا ما يظهره شريط “الاتفاق” الذي تتبع لمدة عام خطى ست من الشخصيات الموقعة على مبادرة جنيف.

من الحلم إلى الواقع

الفيلم يمر من حلم سلام ممكن إلى واقع سنة أثقلتها العملية الانتحارية في القدس يوم 29 يناير 2004، وإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون عن الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة، ورحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، ومواصلة إسرائيل لتشييد الجدار الفاصل.

وبهذا الجدار، تصطدم الشخصيات الست الفلسطينية والإسرائيلية التي تابعها نيكولا فاديموف وبـيـاتريس غويـلبا طيلة شريط “الاتفاق”. جدار من العدوانية والشكوك واللامبالاة. وفي نهاية الشريط الوثائقي، تدخل مبادرة جنيف في غيبوبة عميقة. أحد الموقعين الفلسطينيين يقول: “الوثائق يمكن أن تتغير، لكن المبدأ يبقى”.

هو وزملاءه الذين رافقتهم كاميرا فاديموف على مدى عام كشفوا عن أسرار نزاع تواصل قرابة 60 عاما. شريط “الاتفاق” يقدم بورتريه الزوجين اللذين يمثلهما الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني اللذين لا يستطيعان الطلاق.

“نحن أعداء لكن لسنا غرباء عن بعضنا البعض”، يقول الضابط الإسرائيلي شاول أرييلي.

من جهته يشدد الفلسطيني قدورة فارس على أنه “لا يمكن التوصل إلى حل عادل وشامل، سواء بالنسبة للفلسطينيين أو الإسرائيليين، إلا على حساب الطرف الآخر”.

الأمل الذي أضاء بداية الشريط ينطفئ تقريبا بالكل في النهاية.

غزة نفس تفوق الخيال

لكن الاتفاق يقترح على الأقل ما قد يؤدي يوما ما بهذين الشعبين، سواء الجلادين أو الضحايا، إلى الخروج من هذا المأزق الجحيمي. “هذه الحرب تجردنا من إنسانيتنا يوما بعد يوم أكثر فأكثر” يقر الفلسطيني زهير.

شعور تشاطره سيدة الأعمال الإسرائيلية نيهاما التي لا تريد مثل ذلك المستقبل: “من الأفضل المغادرة، في تلك الحالة”.

أما الدرس فهو قاس بالنسبة للمشاهد. العدالة والسلام ليسا مرادفين بالضرورة. لكن الاتفاق يبرز بشكل خاص عزة النفس التي تفوق الخيال لرجال ونساء صامدين دائما أمام رياح متناقضة، مستعدين لتضحيات كبيرة لإنقاذ الأساس: إنسانيتهم.

فريديريك بورنون – سويس انفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية