مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التعليم في مصر.. “أمن قومي” أم “نكسة” قومية؟!

الهوة تتسع بين فئات المجتمع: طلبة مصريون يتابعون محاضرة في الجامعة الألمانية بالقاهرة التي فتحت أبوابها في أكتوبر 2003 على غرار أعداد محدودة من زملائهم في االجامعات الخاصة والأجنبية في مصر Keystone Archive

أكد عدد من الخبراء المصريين المتخصصين في التربية والتعليم، والمناهج الدراسية، وشؤون البرلمان أن تغيير وتطوير مناهج التعليم في العالم العربي قضية ملحة وضرورية، وطالبوا بتشكيل لجنة لتطوير المناهج، في كل دولة من الدول العربية، تكون مهمتها إعادة تطوير المناهج على الأقل كل 3 أعوام، بحيث تضيف الجديد وتلقي بالقديم إلى سلة المهملات.

وقال الخبراء الذين استطلعت “سويس إنفو” آراءهم في القاهرة إن التطوير “لا بد أن يكون شاملاً ومتكاملاً فيشمل المعلم والمتعلم والمناهج وطرق التدريس”، معتبرين أن “سبب الأزمة التي تعاني منها النظم التعليمية في بلادنا العربية هو عدم الترابط بين عناصر العملية التعليمية، حيث يتعلم الطالب وفق نظرية الحفظ والتلقين بينما تأتي الامتحانات وفق نظرية إعمال العقل والتفكير التي لم يدرسها”.

وفي محاولة للوقوف على ملامح وأسباب المشكلة، والحلول المقترحة للخروج من المأزق الذي يثير مخاوف واسعة استطلعت “سويس إنفو” آراء عدد من الخبراء والمتخصصين يتقدمهم المفكر والخبير التعليمي المصري الدكتور حامد عمار، الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس، الملقب بشيخ التربويين، والخبير التربوي الدكتور حسن راتب، والدكتور محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب وأحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين بمصر،و جورج إسحاق أحد مؤسسي ومنسقي الحركة المصرية من أجل التغيير “كفاية”.

“الطريقة البنكية”!

ففي البداية؛ يوضح الدكتور حامد عمار، أن آخر تقارير البنك الدولي، الصادرة في عام 2007م، لتقييم نظم التعليم في حوالي 180 دولة، كشف أن كل الدول العربية، باستثناء دول الخليج، تقع في نقطة متوسطة، أو أدنى من المتوسطة، ومعنى هذا أنها لم تستكمل إلزامية التعليم الأساسي.

وقال عمار الملقب بشيخ التربويين في تصريحات خاصة لـ”سويس إنفو”: إن لدينا قصورًا وخللا واضحًا، فيما يُسمى بإتاحة التعليم للجميع، واستيعاب جميع الأطفال والشباب في مؤسسات التعليم، وهذا القصور الكمي إذا أضفت إليه القصور الكيفي، في نوع التعليم وجودته، في التنمية المتكاملة لشخصية المتعلم، فكرًا وقيمًا وسلوكًا ومهارات، إذا أضفت هذا فإنك ستفهم سبب هذا التقدير المتدني؛ الذي وضعه البنك الدولي للتعليم العربي.

ويشير عمار إلى أن المناهج العربية متقاربة في مضمونها وموادها الدراسية، وحتى في كتبها، مع اختلافات بسيطة في الأغلفة والصور، كما أن طريقة التدريس متخلفة، وعلى الرغم من أن بعض الدول العربية أدخل الحاسوب، كأداة من أدوات التعلم؛ إلا أن الطريقة المتبعة في جلها، إن لم يكن كلها، هي طريقة “تلقين” المدرس للتلاميذ، وحفظ التلاميذ والطلاب لما يلقنه المدرس!

ويبين عمار أن طريقة التعليم في العالم العربي تسير وفق نظرية “الطريقة البنكية”، بمعنى أن المدرس لديه رصيد من المعلومات، هذا الرصيد يودعه في عقول التلاميذ, والبنك يحتفظ بهذه الوديعة المعرفية، ثم حين يأتي الامتحان يسحب الطالب من هذا الرصيد في البنك؛ ليصبها على ورقة الإجابة، حتى في تدريس العلوم والرياضيات؛ التي تحتاج إلى التجريب، فجميعهم يعتمد على الحفظ.

وحول الروشتة المقترحة لإصلاح العملية التعليمية في العالم العربي؛ يقول د. حامد عمار: هذه الروشتة تبدأ بالقضاء على الكثافة المرتفعة وغير المعقولة داخل فصول الدراسة، أضف إلى ذلك ضرورة التجديد والتطوير والتحديث المستمر للمعلومات، ففي زخم الثورة المعرفية والتكنولوجيا يُقال: إن كل معرفة تمر عليها 3 سنوات تصبح متقادمة، أما في العالم العربي؛ فالكتاب يظل كما هو من أيام سيدنا نوح، وإذا أردوا أن يطوروه يغيرون جلدته وشكله، لدرجة أن بعض البلاد العربية ما زالت تدرس نظريات عفا عليها الزمن، بل وكشف العلم الحديث عدم صدقها!.

وينتهي شيخ التربويين إلى القول بأن تغيير وتطوير المناهج قضية ملحة وضرورية، ويجب أن تتشكل في كل دولة من دولنا العربية، لجنة لتطوير المناهج، مهمتها إعادة تطوير المناهج – لا أقول كل عام، بل على الأقل كل 3 أعوام- بحيث نأتي بالجديد، ونلقي بالقديم إلى سلة المهملات!.

مناهج لم تتغير منذ عقود!!

ومن جهته؛ يكشف الخبير التربوي الدكتور حسن راتب عن أن أزمة التعليم في مصر ليست وليدة اللحظة، فهي تظهر بوضوح منذ فترة طويلة، ولعل أهمها أزمة المناهج التي لم تتغير منذ عقود، مشيرًا إلى أن سبب أزمة المناهج أن عمليات التطوير التي تتم عبارة عن قص ولصق، ومن هنا جاءت الكتب لا تغطي المعايير المطلوبة للتعليم.

وفي تصريحات خاصة لـ”سويس إنفو”؛ قال راتب: “التطوير يشمل المعلم، والمتعلم والمنهج وطرق التدريس، ولو تم الاتفاق فيما بينهم فلن تكون هناك مشكلة، وهو ما كان متحققاً حتى عام 1967، حين كان الدرس الخصوصي عاراً ودليلاً على عدم تفوق الطالب، أما الآن فتفتخر الأسر بأن أبناءها يأخذون أكثر من درس في المادة الواحدة”!

يتابع راتب: “في مايو الماضي انعقد مؤتمر عام للتعليم الثانوي، برعاية وزيري التربية والتعليم، والتعليم العالي، وصدرت توصيات شبه قرارات لتطوير الثانوية العامة، يبدأ تنفيذها عام 2013 بداية من المرحلة الإعدادية، وهي الحد الأدنى من الوقت لكي نبدأ جيداً وحتى لا نخطئ مرة أخرى، فكل قرارات التغيير والتطوير السابقة كانت عبارة عن تجريب، حتى وإن اعتقد النظام أنها تطوير حقيقي”.

واستطرد راتب قائلاً: “سبب الأزمة التي نعاني منها كل عام في الامتحانات هو عدم الترابط بين عناصر العملية التعليمية، لأن الطالب يتعلم بطريقة الحفظ والتلقين والامتحانات تأتي له وبها شيء من التفكير، ولو كان تعلم بأكثر من مهارة وتعرض لمثل هذه الامتحانات لم تكن لتحدث أي مشكلة، الامتحان يأتي من المنهج وفي مستوى الطالب، لكنه ليس في مستوى ما تعلمه من مهارات، ولكن المدرسة أصبحت طاردة للطالب، والمدرس الخصوصي يقدم ملخص الكتاب المدرسي في برشامة، ومن هنا أنصح بالتغيير الشامل للعملية التعليمية”.

فاقد الشيء لا يعطيه!

وبدوره، اعتبر النائب الإخواني الدكتور محمد البلتاجي، عضو مجلس الشعب (أحد غرفتي البرلمان)، أن التعليم في مصر مهنة من لا مهنة له، وأن السبب الأساسي في أزمة التعليم في مصر هو “وجود عدد كبير من المدرسين غير المؤهلين تربويًا، ممن يملكون المادة العلمية ويفتقدون للطرق العلمية للتدريس”، حسب رأيه.

وقال البلتاجي، الأستاذ بكلية الطب بجامعة الأزهر في تصريحات خاصة لـ”سويس إنفو”: “المشكلة ليست أزمة مناهج، لكنها أزمة طرق تدريس، وللأسف فإن أغلب المدرسين ليسوا من خريجي كليات التربية، فطبقا لإحدى الدراسات الحديثة فإن عدد المدرسين المؤهلين تربويًا في مصر لا يتجاوز 30% فقط، وهو ما يعني أن هناك 70% غير مؤهلين؟!، وهؤلاء هم السبب في إهدار الثروة التعليمية، لأنهم يعتبرون العملية التعليمية “شطارة وفهلوة”.

وأوضح البلتاجي، العضو في لجنة التعليم بالبرلمان، أن المشكلة تتلخص في أننا “نعالج النتائج ونترك الأسباب، والمحصلة في النهاية أجيال متعاقبة من الجهلاء، وقد أثبتت إحدى الدراسات الحديثة فشل عدد كبير من متفوقي الثانوية العامة في حياتهم العلمية في كليات القمة مثل الطب والهندسة والصيدلة، لأنها تعتمد على طريقة التفكير وليس الحفظ والتلقين الذي نجحوا به، ففاقد الشيء لا يعطيه”.

ويرى البلتاجي أن “الحل يكمن في عودة أمر التكليف لخريجي كليات التربية”، متسائلاً عن سبب وقف وزارة التربية والتعليم أمر التكليف لخريجي 24 كلية تربية عامة، و17 كلية تربية نوعية، بينما هم فقط المؤهلون للعملية التعليمية، فيما تعين الحكومة غير المؤهلين تربويًا ليقوموا بوظيفة التدريس..

حكومة لا تستمع للخبراء!

أما جورج إسحاق أحد مؤسسي وقيادات الحركة المصرية من أجل التغيير “كفاية”، فقد كان أكثر حدة من سابقيه في نقد نظام التعليم في مصر، حيث قال: “التعليم في مصر في حالة متردية جدًا، ونحن لسنا أقل من دول العالم التي رفعت شعار الأمة في خطر، لأن التعليم في خطر، بل يجب أن نعلن أن الأمة في خطر”!

وأضاف إسحق؛ الخبير في شئون التعليم في تصريحات خاصة لـ”سويس إنفو”: “التعليم بمصر يحتاج إلى مراجعة دقيقة في كافة عناصره؛ الطلاب والامتحانات والأبنية والمناهج وتأهيل المعلمين”، مطالبًا بضرورة الدعوة لعقد مؤتمر قومي تتبناه الدولة يشارك فيه جميع المعنيين بالتعليم في مصر، لأن هذا الأمر يخص الجميع وليس الحكومة فقط، وأن نستمع للشباب لأنهم عقول الأمة ولديهم من الأفكار ما ينفع التعليم بلا شك.

وقال إسحاق: كل ما يقال عن إصلاح التعليم ما هو إلا وهم، فالواقع التعليمي شديد التردي والسوء، وما لم نهتم بتطويره سيبقى الوضع على ما هو عليه لسنوات طوال، ولن نخرج من الدائرة المغلقة التي وضعتنا فيها الحكومة، معتبرًا أن “لدينا العقول الأكفاء القادرة على تطوير التعليم بالشكل اللائق ولكن على الدولة الاستماع للمتخصصين والخبراء”.

وطالب إسحاق بتغيير وتطوير المناهج، داعيًا كل الشركاء للمشاركة في العملية التعليمية؛ من أولياء الأمور والطلبة والمعلمين والمتخصصين والخبراء في مؤتمر قومي، يتحدث فيه الجميع عن رؤيته للتطوير لكي نخرج بصيغة نتفق عليها جميعًا.

وردًا على سؤال حول: لماذا لا تسمع الحكومة لآراء الخبراء والمختصين؟!؛ قال إسحاق: “الحكومة لا تسمع لأن الذي يحكم هو الحزب الوطني، وهو حزب لا يسمع ولا يتكلم ولا يرى ولا يتحرك لما فيه صالح الوطن، بل إن حكومتنا ترى فينا أمة جاهلة”، على حد تعبيره.

أخطر من نكسة يونيو 67 !!

وكان المفكر الكاتب الصحفي فهمي هويدي قد استنكر فضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة الأخيرة، معتبرًا أنها “نكسة كاشفة لفشل نظامنا التعليمي، بقدر ما كانت هزيمة يونيو‏67‏ نكسة كشفت نظامنا السياسي”.

وقال هويدي في مقاله الأسبوعي بجريدة الأهرام المصرية (8 يوليو 2008)، والذي جاء تحت عنوان “انقضوا أو انفضوا”: “نكستنا التعليمية خبر سيئ لا ريب، ‏ لكن الأسوأ منه أن نهون من شأنها، ‏ ذلك أنني أزعم أن تلك النكسة تبدو من بعض الزوايا أخطر من هزيمتنا العسكرية قبل أربعين عامًا،‏ فإذا دققنا في نكستنا التعليمية فسنجد أنها هزيمة للحاضر والمستقبل، من شأنها أن تحدث انكسارا في مسيرة الوطن يتعذر التعافي منه في الأجل المنظور”. وأضاف هويدي أن “النكسة العسكرية تدمر الجيش، أما النكسة التعليمية فتدمر المجتمع. في الأولي يقتلنا العدو، وفي الثانية نقدم بأنفسنا علي الانتحار..”.

وانتهى إلى القول بأن مصر اهتزت “حين حدثت نكسة يونيو عام 67،‏ حتى قدم بعض المسؤولين عنها إلى المحاكمة،‏ لكن نكستنا التعليمية قوبلت بهدوء مدهش،‏ وبسلوك بيروقراطي محير‏.. لكن أحدا لم يتحرى إجابة السؤال الكبير‏:‏ لماذا وصل بنا الحال إلي ذلك الدرك؟

همام سرحان – القاهرة

في المرحلة الأولى:
* بلغت النسبة العامة للنجاح 6ر69%، حيث بلغ عدد الطلاب الذين تقدموا للامتحانات 408 ألاف و443 طالبا وطالبة، حضر منهم الامتحان 406 ألاف و193 طالبا وطالبة، نجح منهم 282 ألفا و651 طالبا وطالبة.
* وقد بلغ عدد الطلاب الذكور الناجحين 124 ألفا و59 طالبا، بنسبة نجاح 3ر63%، أما البنات فبلغ عدد الناجحات 158 ألفا و592 طالبة بنسبة نجاح 4ر75%.
* وقد بلغت نسبة النجاح العام الماضى (2007م) 9ر75%، وفى عام 2006 بلغت 7ر71%، وعام 2005 بلغت 8ر71%.


وفي المرحلة الثانية:
* بلغت نسبة النجاح 4ر81%، حيث تقدم للامتحان 409 ألاف و374 طالبا وطالبة، حضر الامتحان 406 ألاف و573 طالبا وطالبة، نجح منهم 330 ألفا و990 طالبا وطالبة.
* وقد بلغ عدد الطلاب الذكور الناجحين 150 ألفا و61 طالبا، بنسبة نجاح 9ر76%، وهناك 39 ألفا و127 طالبا وطالبة لهم دور ثانى بنين، أما البنات فبلغ عدد الناجحات 180 ألفا و929 طالبة، حيث بلغت نسبة النجاح 6ر85%، وهناك 27 ألفا و9 طالبات لهن دور ثان فى شهر أغسطس المقبل.
* كما بلغت نسبة النجاح في العام الماضي (2007م) 1ر83%، وفى عام 2006 بلغت 2ر84%، وفي عام 2005 بلغت 8ر81%.


النسبة العامة للنجاح فى المدارس:
* فى المدارس الرسمية 8ر83%.
* فى المدارس الثانوية العامة الرسمية 4ر83%.
* في المدارس التجريبية للغات 5ر94%.
* فى المدارس القومية (الخاصة المعانة) 9ر85%.
* في المدارس الخاصة 6ر85%.
* وفي نظام المنازل والخدمات 8ر66%.
ـــــــــــ

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية