مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الخلافة في مصر: بين واشنطن والجيش

الرئيس الأمريكي باراك أوباما (يمين) أثناء لقائه بنظيره المصري حسني مبارك يوم 18 أغسطس 2009 في البيت الأبيض بواشنطن Reuters

المعلومات التي تسرّبت إلى أجهزة الإعلام الأمريكية عن طبيعة مُـداولات القمّـة بين الرئيسين المصري مبارك والأمريكي أوباما، تبدو مؤكّـدة: نِـصف المحادثات دارت حول قضايا إستراتيجية، مثل المجابهة مع إيران، ودور مصر في مبادرة أوباما المُـرتقبة حول سلام الشرق الأوسط، وتطوّرات السودان والقرن الإفريقي، والنِّـصف الثاني (والأهم) تمحور حول مسألة الخِـلافة في مصر.

هذا البند الأخير، كما تؤكِّـد مصادر عدّة، شغل حيّزاً كبيراً، إن لم يكُـن الحيّز الأكبر، في محادثات مبارك مع أوباما وباقي سرب الإدارة الأمريكية في وزارة الخارجية ونيابة الرئيس ومسؤولي الاستخبارات والبنتاغون.

قبل هذه القمة، كانت مراكِـز الأبحاث والصّـحف الأمريكية والبريطانية تعُـج بكمٍّ غزيرٍ من التقارير والتّـحليلات حول مسألة الخلافة. السبب: تقدّم مبارك في العمر (81 عاماً) وعدم توفّـر بديل واضح لقيادة مصر، وهذا تطور يحدث للمرة الأولى في تاريخ أرض الكِـنانة الطويل، حيث كان المصريون يعرِفون سلفاً مَـن سيكون الخليفة، سواء أكان فرعوناً أو سلطاناً وأمير مؤمنين أو ملكاً أو رئيساً للجمهورية. أما الآن، وبسبب حِـرص مبارك على عدم تعيين نائبٍ له مع تسلمه السلطة عام 1981 بعد حادث المنصّـة التي أودى بحياة أنور السادات، فلا أحد يستطيع الجزم بمَـن يكون الرئيس.

جمال مبارك

بالطّـبع، كل من مبارك وأوباما يعرِفان أن خليفة الأول سيُـجابه كمّـاً هائلاً من المشاكل المحلية التي تراكمت منذ عقود. فنحو 42% من المصريين تحت خطّ الفقر (دولاران في اليوم)ـ ويتعيّن على الاقتصاد أن يوفّـر 650 ألف فرصة عمل كل سنة لمجرّد امتِـصاص الشباب الوافدين حديثاً إلى سوق العمل، ناهيك عن حلّ مشكلة الأعداد المتزايدة من المتبطّـلين.

الرئيس المصري نفى باستمرار أنه يعدّ نجله جمال، وهو مصرفي سابق ويشغل حالياً منصباً سياسياً حساساً ورفيعاً في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، لخلافته، لكن جمالاً كان القوّة المحرّكة للإصلاحات الليبرالية الاقتصادية خلال السنوات الخمس الماضية، ويلعب دوراً كبيرا في تشكيل السياسات المحلية.

التكهّـنات حول مسألة الخلافة عادت إلى السطح خلال الأشهر الأخيرة وسط تكهّـنات بأن ثمّـة خُـططاً لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكّـرة جديدة وفي خِـضم حملات كثيفة شنّـتها السلطة لاعتقال أعداد كبيرة من الإخوان المسلمين. وقد استنتج البعض من ذلك أن النظام، ربّـما بدأ بتحضير الأجواء لمرحلة انتقال سلسلة للسلطة إلى حُـضن جمال مبارك، عبْـر التخلّص من البرلمان الذي يُـسيطر على خُمس مقاعده الإخوان المسلمون.

ويقول محمد حبيب، نائب مرشد الإخوان المسلمين: “لاحظنا التحرّك السريع للأحداث. فكلّـما كان ثمة شيء مِـثل الانتخابات، يعمد النظام إلى محاولة وقف أي نشاط سياسي أو اجتماعي. إنه يسُكت أصوات المعارضين كي يمرّر ما يريد بهدوء ومن دون نقاش”.

في جذر التكهّـنات الأخيرة، تكمُـن الحقيقة بأن الرئيس مبارك بدا ضعيفاً ومُـنهكاً في الصور، خاصة بعد غِـيابه القصير عن الظهور العام على إثر الوفاة المفاجئة لحفيده في مايو الماضي. بيد أن رحلته الأخيرة إلى واشنطن، أشارت إلى أنه ربّـما استعاد عافيته.

لكن، حتى لو استمر تأجيل مسألة الخلافة مجدّداً في الانتخابات الرئاسية عام 2011 وترشّح مبارك لولاية جديدة، فإن السؤال حول من سيخلفه وما إذا كان الخليفة هو جمال مبارك، سيطفو مجدّداً على السّـطح ليُـلقي ظلالاً كثيفة على الأوضاع الراهنة في مصر، وعلى احتمالات تقدُّمها نحو ديمقراطية حقيقية.

في المرحلة الراهنة، لا يرى المصريون أي خليفة غير جمال مبارك في المشهد السياسي، خاصة وأن صعوده في الحزب الحاكم والاهتمام الكبير الذي تُـعطيه أجهزة الإعلام المصرية لنشاطاته، يوحي بأن ثمّـة محاولة داخل النّـخب الحاكمة لبلورة إجماعٍ حوله كرئيس.

لكن، حتى إذا ما كان العديدون في مصر وخارجها يروْن في فِـكرة الوراثة أمراً صادِماً أو مستغرباً، إلا أن المحلّـلين يقولون إن هذا التطوّر قد لا يثير مقاومة مدنية واسعة أو غضباً متفجِّـراً في الداخل. فالمصريون أصلاً لم يكونوا يختارون قادَتهم، وهم يفهمون أنه على رغم وجود مظاهر رسمية لديمقراطية برلمانية، إلا أن القرار الحاسم يُتّـخذ في داخل المؤسسة الحاكمة، وأن أفضل ما يُـمكنهم الحصول عليه هو طلب موافقتهم عبْـر انتخابات شكلية.

بالطبع، التوقّـع بأنه إذا تقرّر أن يُـصبح جمال مبارك رئيساً، فهذا يجب أن يتِـم بعد انتخابات يترشّـح فيها بإسم الحزب الحاكم. وبموجب الدستور، يجب أن يأتي مُـنافسوه من أحزاب المعارضة الشرعية التي لا يملك أيّ منها أي شعبية واسعة بسبب القيود المستمرّة منذ عقود على جهودِهم للتّـواصل مع الناخبين وتجديد أحزابهم داخلياً. كذلك، سيكون من الصّعب للغاية على أي مستقِـل مرتبط بالإخوان المسلمين أن يترشّـح بسبب الشروط القاسية التي يضعها دستور 2005. لكن إذا لم يكن جمال مبارك هو الرئيس الجديد، فمن سيكون؟

موقف الجيش؟

يعتقد المحلِّـلون (في صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية) أنه سيأتي حتماً من داخل الجيش أو أجهزة الأمن أو الحزب الحاكم، وأن أياً من هذه الخِـيارات لن تُغيّـر التوجّـهات الاقتصادية والسياسية الرّاهنة في مصر. ففي العلاقات الخارجية الرابطة مع أمريكا والسلام مع إسرائيل، ستستمِـرّان. وفي الداخل، ستتواصل محاولات الإصلاح الاقتصادي، فيما سيبقى الإصلاح السياسي محدوداً.

بيد أن المسألة الحقيقية (يُـضيف المحللون)، لا تكمن فيما إذا كان المصريون سيقبلون جمال مبارك رئيساً أم لا، بل ما إذا كان سيكون مقبولاً من المؤسسة العسكرية التي جاء من صفوفها كل الرؤساء منذ عام 1952، وهذا أمر لا يزال في عالم الغَـيب، لأن الجيش لا يفصح عن آرائه حيال الأمور السياسية عَـلناً. لكن البعض يعتقِـد أن المنافِـس الأكثر احتمالاً لجمال مبارك على الرئاسة، هو اللِّـواء عمر سليمان، مدير المخابرات الذي يعمل كرجل المهمّـات الصعبة في قصر الرئاسة، على غِـرار العلاقات مع إسرائيل والمصالحة الفلسطينية – الفلسطينية.

صحيح أن سليمان لم يقل مرّة إنه يسعى إلى منصِـب الرئاسة، إلا أنه إذا لم يُـحاول مبارك خلال حياته فرْض نجْـله عبْـر أي نوع من العمليات الجراحية، فلا يُـستبعَـد أن يصبح عمر سليمان رئيساً.

أين واشنطن من كل هذه التمخّـضات الخطيرة المصرية؟ إنها حتماً لا تقف فوق السّـور المُطِـل على القاهرة لتتفرّج على الأحداث، بل هي تتحرّك على كل الجَـبهات وتضَـع كل السيناريوهات التي ستضمَـن مصالحها العُـليا في أكبر دولة عربية، وهذا ليس بالأمر المُـستغرب أو المفاجِـئ.

فمنذ عام 1979، ّتحولت مصر إلى الرّكيزة الرئيسية للهيْـمنة الأمريكية على الشرق الأوسط، وأي تغيير جِـذري فيها يُـغيّر هذا الواقع، قد يحيل هذه الهيْـمنة إلى رُكام وأشلاء.

سيناريوهات أربعة

يوم الأربعاء 19 أغسطس، نشر “مجلس الأمن القومي” الأمريكي (الذي يقال، وعن حق، أنه مركز الأبحاث الذي “يختار” من سيكون رئيس أمريكا، وبالطبع غالبية قادة العالم)، تحليلاً أورد فيه السيناريوهات التالية لمسألة الخلافة المصرية:

1- مصر حليف صعب، لكن حاسم للولايات المتحدة، وهي جنباً إلى جنب مع السعودية والأردن والمغرب ودول الخليج الصغيرة، ساعدت على خلق نظام إقليمي يجعل من غير المكلف، نسبياً، للولايات المتحدة ممارسة قوّتها، وبالتالي، اللااستقرار الحادّ في مصر سيُـضرّ كثيرا بالمصالح الأمريكية، خاصة وأن مصر تمُـر الآن في مرحلة انتقالية سياسية. فالرئيس مبارك ناهَـز الحادية والثمانين ويعاني من مشاكل صحية متعدّدة. ومن الواضح أن نجله جمال يُعد لخلافته، لكن ليس من الواضح بعد متى؟ والأهَـم أن عملية الوراثة قد تثبت أنها صعبة، إذ بدأت من الآن الأجنحة المُـختلفة في داخل النظام وخارجه تُـناور لتحسين فرصها بعد مغادرة مبارك المشهد. وكل هذا يجري وسط تدهْـوُر في الأوضاع الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في مصر، التي فاقمت منها الأزمة الاقتصادية العالمية.

2- ثمة سيناريوهان يمكن بموجبهما للجيش المصري أن يتدخّـل في عملية الانتخابات الرئاسية: الأول، أن تؤدي الإجراءات الدستورية إلى وصول جمال مبارك أو شخص آخر إلى الحُـكم، لكنه يفشل في ممارسة السّـلطة بحِـكمة، الأمر الذي يؤدّي إلى تدهوُر الأوضاع. وحينها، قد تتحرّك أجهزة الأمن الداخلي بقيادة وزارة الداخلية، لإحكام سيطرتها بهدَف منع حدوث المزيد من اللااستقرار. وفي حال فشلت الوزراة في ذلك، يُجبَـر الجيش على التدخّـل.

السيناريو الثاني، هو أن يقوم الجيش بانقلاب قصر، إذا ما رأى أن انتخاب جمال مبارك أو أي شخص آخر يهدِّد العلاقات الدّقيقة بينه وبين الرئاسة. وبالطبع، أي اضطرابات شعبية وسياسية واسِـعة تثير الشكوك بشرعية الرئيس الجديد، ستكون مبرِّراً ممتازاً لانقلاب القصر هذا. أما مؤشراته الرئيسية، فستكون اندلاع اضطرابات شعبية واسعة أو تلكُّـؤ المؤسسة العسكرية في إعلان دعمِـها للرئيس الجديد. صحيح أن سيطرة الجيش على السلطة ستؤثِّـر على المصالح الأمريكية في مجالَـيْ حقوق الإنسان والديمقراطية، إلا أن هذا التدخّـل في خاتِـمة المطاف لن يكون ضربة كارثية لهذه المصالح في المنطقة، خاصة وأن واشنطن لها خِـبرة مديدة مع الانقلابات العسكرية وستتأقلم بسهولة نِـسبياً مع الانقلاب الجديد المحتمل.

3- الخيارات الأمريكية لمنع أزمة خلافة في مصر تعتمِـد على الأهداف الأمريكية الأوسع. فإذا ما اعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه من شأن سياسة تستنِـد إلى الاستقرار “السلطوي”، هي أفضل وسيلة لضمان المصالح الأمريكية في مصر والمنطقة العربية، فإن مقاربة واشنطن حينها لمنع أزمة الخلافة هي إبقاء النظام السياسي الرّاهن الذي يضمَـن استمرارية حِـقبة حسني مبارك في عهد خلفه. أما إذا ما قرّرت المؤسسة العسكرية المصرية تعيين مرشحها لقمْـع الاضطرابات الداخلية، فلن يتوافر لواشنطن خِـيارات كثيرة وسيكون عليها التأقلم مع هذا التدخّـل العسكري.

4- سيناريو سيطرة الإسلاميين على السلطة، احتمال بعيد جداً. ورغم أن إسلاميي مصر ليّـنوا خِـطابهم وباتوا يتحدّثون بلغة إصلاحية، إلا أن اندفاعهم إلى السلطة لن يخدم المصالح الأمريكية. ومن المُـهم الملاحظة هنا أنه، وعلى عكس التدخّـل العسكري الذي قد تقبله الولايات المتحدة وربما تحبّـه أيضا، فإن استيلاء الإسلاميين على مصر ستكون له مُـضاعفات كارثية على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. فالإسلاميون يعارضون كل مجالات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وأي لاإستقرار يُـثيره الإسلاميون سيحدّ إلى حدّ كبير من قُـدرة النظام المصري على التعاون مع الولايات المتحدة. أما إذا ما قلب الإسلاميون النظام، فستشعر كل المنطقة بمضاعفاتها الكبرى وستخسر الولايات المتحدة مدخلها إلى قناة السويس وسيلغي قادة مصر الجُـدد معاهد السلام مع إسرائيل وسيشعل الإسلاميون النِّـيران في كل المنطقة، ولذا، فقد “تنصح” الولايات المتحدة كِـبار الضباط المصريين الإمساك بزِمام الأمور لمنع استيلاء الإسلاميين على السلطة. قد تكون المحصِّـلة دموية، لكن التدخّـل العسكري سيحفظ النظام المصري، الذي يُـعتبر حاسماً للغاية بالنسبة إلى المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.

لا تغيير

هل وصلت رسالة “مجلس العلاقات الخارجية”؟ يفترض ذلك: أمريكا لن تسمح بتغيير النظام في مصر، حتى ولو غرقَـت هذه الأخيرة في بحر من الدِّماء.

جمال مبارك خِـيار أول لخلافة والده، لكنه خيار مشروط أولاً بمُـوافقة أجهزة الأمن والجيش المصري عليه، وثانياً، بمدى قُـدرته، ليس فقط على منع انحِـدار البلاد إلى مُـستنقع اللااستقرار، بل أولاً وأساساً ضمان مصالح المؤسسة الأمنية – العسكرية ومواصلة إمساكها بكل خُـيوط السلطة. وإذا لم يتمكّـن جمال مبارك من ذلك، فلن يتغيّـر شيء عملياً: ستبقى المؤسسة الأمنية – العسكرية هي الحاكِـم، سعيداً معه أو بدونه.

وإذا كان لنا أن نتخيّل حِـوار أوباما مع مبارك خلال قمّـتهما الأخيرة في واشنطن حول مسألة الخلافة، فإن أول سؤال سيطرحه حتماً الأول على الثاني هو: ما رأي المؤسسة العسكرية بنجلك جمال؟!

سعد محيو – بيروت – swissinof.ch

(رويترز) – تجنب الرئيس المصري حسني مبارك (81 عاما) في مقابلة مع شبكة تلفزيونية أمريكية هذا الاسبوع، الإجابة على سؤال عما إذا كان سيخوض انتخابات الرئاسة مرّة أخرى، وقال إنه لم يناقش مع ابنه قط فكرة تسليم السلطة له. وفيما يلي بعض الاسئلة التي تتكرّر بكثرة حول الخلافة في مصر مع تقدم مبارك في العمر، دون أن يعطي أي اشارة عن الكيفية التي ستُـحكم بها البلاد من بعده:

لماذا أصبحت الاسئلة عن خلافة مبارك مُـلِـحة؟

لم يعين مبارك -الذي تولى السلطة في عام 1981 بعد اغتيال الرئيس أنور السادات – قط نائبا للرئيس، وهو المنصب الذي شغله في عهد السادات. ورفضه اعطاء أي اشارة بشأن من قد يخلفه، شجع التكهنات. وتحظى الشائعات بقوة دفعا في كل مرة تثار فيها علامات استفهام حول صحة مبارك، وكان أحدثها عدم قدرته على حضور جنازة حفيده الذي أدت وفاته في مايو الماضي الى تأجيل زيارة مبارك إلى واشنطن، وأطلقت شائعات رغم أنه ظهر انذاك في مقابلة مطولة مع التلفزيون المصري ومقابلة أخرى مع شبكة التلفزيون الامريكية العامة (بي بي اس).

ماذا يقول مبارك عن خططه للمستقبل؟

في المقابلات مع وسائل الاعلام الاجنبية التي طرحت هذه الاسئلة على مرّ السنين تجنب الموضوع. وعندما سئل في أحدث مقابلة عما اذا كان يعتزم خوض الانتخابات لفترة رئاسة أخرى مدتها ستة أعوام في 2011، قال مبارك ان مسألة اعادة ترشحه للرئاسة أو عدمه ليست شاغله الرئيسي. وقال مبارك حسبما جاء في نص للمقابلة “انا لا افكر في هذا الآن”.

من هي أبرز شخصية يتوقع الناس ان تخلف مبارك؟

الرأي الاكثر شيوعا يدور حول نجله جمال (45 عاما) والذي عمل من قبل في مصرف استثماري ويجري اعداده للمنصب. ويشغل جمال الان منصبا رفيعا في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه مبارك، حيث يشغل منصب أمين السياسات بالحزب. وينفي كل من الاب والابن وجود خطط كهذه. وكرر مبارك موقفه في أحدث مقابلة، وقال انه لم يناقش هذا الامر مع نجله. وأضاف مبارك أن اختيار وانتخاب الرئيس مفتوح لكل الناس الذين يعود لهم القرار فيمن يختاروه ممثلا لهم، وليس اختياره هو مكرِّرا تصريحات كثيرا ما يرددها المسؤولون المصريون الذين يتركون الباب مفتوحا بقولهم أنه من حق جمال أن يخوض الانتخابات كأي مصري.

هل نقل السلطة من الاب الى الابن مسألة محسومة؟

يقول محللون لا.. حتى لو كان ذلك هو السيناريو الاكثر ترجيحا فيما يبدو. أولا، هناك بعض الاسماء التي تذكر كرؤساء محتملين في المستقبل. وثانيا، قد لا يكون لدى جمال قاعدة للسلطة أو نفوذ لتأمين وصوله للرئاسة. ومن الاسماء الاخرى البديلة الاكثر شيوعا التي يجري طرحها: عمر سليمان، مدير المخابرات المصرية الذي خرج من الظل في السنوات الاخيرة ليلعب دورا علنيا على نحو متزايد كوسيط بين الاسرائيليين والفلسطينيين وبين الفصائل الفلسطينية المتنافسة. ونظرا لان الوساطة في احلال السلام في الشرق الاوسط هي موضوع يقيم عليه مبارك قدرا كبيرا من سمعته الدولية، يُـنظر الى سليمان على انه حليف مقرب. ويقول كثيرون ان سليمان قد يكون صانع ملوك، حتى لو لم يكن هو الرئيس المقبل. ومن الاسماء الاخرى التي تطرح من وقت لاخر: محمد البرادعي، الذي سيترك منصبه قريبا كمدير عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومع هذا لا يرى سوى قليل من المحللين البرادعي كمنافس جدِّي على الرئاسة، ويقولون ان الحديث عن البرادعي ربما يعبر عن بروزه على المسرح العالمي أكثر من كونه يستند الى تقييم واقعي لنفوذه أو رغبته في ضمان الحصول على المنصب في مصر. وبينما تزول سريعا أسماء أخرى من القائمة، يقول المحللون انه لا يمكن استبعاد منافسين عسكريين محتملين، حتى لو لم تكن هوياتهم معروفة علنا. والرؤساء الثلاثة الذين تعاقبوا على الحكم منذ الاطاحة بالنظام الملكي في 1952 – جمال عبد الناصر والسادات ومبارك – كانوا عسكريين.

الى أي مدى سيكون من السهل على جمال مبارك تولي السلطة؟

قد يتوقف الكثير على ما اذا كان مبارك سيحتفظ بالمنصب حتى وفاته أم سيقرر التنحي ليفسح الطريق لمن سيخلفه. وطبقا للدستور فانه في حالة وفاة رئيس الجمهورية يتولى رئيس البرلمان الرئاسة لمدة 60 يوما الى أن تجرى انتخابات للرئاسة. ويتولى رئاسة البرلمان في الوقت الحالي فتحي سرور، وهو عضو في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. ويقول مسؤولون ان التعديلات الدستورية التي أقرت في السنوات الاخيرة أفسحت المجال في أي انتخابات رئاسية قادمة، لكن المنتقدين يقولون ان التعديلات الدستورية جعلت من المستحيل تقريبا وجود أي متحد من خارج المؤسسة للمرشح الذي سيختاره الحزب الوطني. ومع هذا فان الجيش قد يستعرض قوته في وضع انتقالي هكذا ومن المحتمل أن يعرقل أي محاولة لتنصيب جمال مبارك الذي ليس له اي خلفية عسكرية. وتسليم السلطة بينما مبارك لا يزال على قيد الحياة قد يمنح جمال تأييدا سيجد معه الجيش أو أي منافس اخر صعوبة أكبر في منافسته. وينطوي أي سيناريو على تحديات. وينظر الى جمال على انه يحظى بتأييد من رجال الاعمال. ويشغل حلفاؤه مناصب وزارية اقتصادية مهمة في الحكومة التي مضت قدما في تطبيق مجموعة من الاجراءات لتحرير الاقتصاد. غير أن المحللين يقولون ان تأييد رجال الاعمال لجمال مبارك ليس مضمونا حتى النهاية. ويسعى جمال لاجتذاب الشباب. وعقد هذا الشهر منتدى حواريا مباشرا بالصوت والصورة من خلال الانترنت بالاجابة على أسئلة أرسلت له من خلال موقع (فيسبوك) Facebook ومواقع أخرى. وأشادت الصحف الرسمية بهذا الحوار بينما أشارت صحف مستقلة الى أنه تفادى الاجابة على اسئلة خصوصا تلك التي تتعلق بتوريث السلطة. ويقول محللون ان مسألة ما اذا كان يمكن لتكتيكات أخرى أن تعطي نجل الرئيس التأييد الشعبي في دولة يبلغ عدد سكانها حوالي 77 مليونا خمسهم تقريبا تحت خط الفقر مسألة أقل وضوحا.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 18 أغسطس 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية