مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الخليج في محراب الإصلاح السياسي.. جماعة

اصلاحات سياسية في دول الخليج swissinfo.ch

تطورات خجولة ومتقطعة في السعودية والإمارات، خطوات متأنية في عمان وقطر، وتحولات مثيرة في البحرين واليمن. فهل تتجه منطقة الخليج فعلا الى إصلاحات سياسية شاملة؟

مع تفاوت التجارب الانفتاحية الخليجية، تبدو التجربة البحرينية الوليدة في طريق مفتوح و سريع، مما يضفي عليها عنصر إثارة خاص، تجلى في تطورات متلاحقة غطت ظرفا زمنيا وجيزا و جعلت البعض يشعر وكأنه يتابع إحدى حلقات (الكاميرا الخفية)، لفرط السرعة التي انتقلت بها السلطة البحرينية من قامعة إلى مستجيبة تماما لكل مطالب المعارضة بلا استثناء، و دفعة واحدة.

فقبل هذا التاريخ ستصبح البحرين تعيش على نمط الملكيات الدستورية العريقة، حسب وزير الإعلام الذي يتكئ في حديثه على وعود الأمير الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، ذات الأمير الذي بدا بعد ساعات من الاستفتاء على الميثاق الوطني الجديد بتنفيذ وعوده و على رأسها إلغاء قانون أمن الدولة الشهير و الذي كان السبب الرئيسي في حل البرلمان سنة 75.

كما كان قبل ذلك قد أخلى السجون البحرينية من المعتقلين السياسيين تمهيدا لمرحلة وئام وطني تجلت بوادرها في نسبة التصويت العالية التي حظي بها مشروع الميثاق والذي تضمن جملة الإصلاحات المقبلة و في مقدمتها برلمان بغرفتين، واحدة معينة دورها استشاري، و أخرى منتخبة دورها تشريعي.
غير بعيد عن البحرين، تخوض اليمن إحدى حلقات ديموقراطيتها بصعوبة وسط أحكام قرون من القبلية بما يشرح إلى حد ما الأحداث الدموية التي أصبحت ترافق الانتخابات في اليمن بدون أن يتسبب ذلك في ردة أو إعادة نظر، إذ يبدو الرئيس علي عبد الله صالح مصمما على مواصلة التحدي، مقابل بعض التوجس مما يحدث غير بعيد عن منطقة كانت تميل دائما إلى التغييرات الهادئة بالنظر الى طبيعة أنظمتها التقليدية.

لكن مع تطور وسائل الاتصال و بحكم علاقات الجيرة الوثيقة، لم يعد أحد بمنآى عن التطور، ويبدو ذلك واضحا من خلال مقدمات النوايا المعلنة في المملكة العربية السعودية، حيث يقود ولي العهد الأمير عبد الله جهدا إصلاحيا حذرا تجلى على عدة واجهات اقتصادية واجتماعية بالأساس، وسياسية بدرجة ثانية.

ويعتقد المراقبون أن المملكة العربية السعودية التي لا يفصل بينها و بين البحرين اكثر من جسر سريع، ستتأثر بشكل أو بآخر بما جرى و يجري في المنامة، سواء باركته أم توجست منه، لان التطورات حاقت بها اليوم من كل ناحية، و هو ما يدفع للاعتقاد بان النظام السعودي الذي يراقب ما يجري عن كثب، قد بدا فعلا في وضع مقدمات التحول التي تحكم سرعتها مسائل عائلية كما دولية.

و في الكويت حيث الديموقراطية القديمة ما زالت تفرض واقعا اجتماعيا تقليديا يسمح بمناقشة اشد مسائل الدولة تعقيدا لكنه يفشل في إفساح مجال لمشاركة المرأة في الحياة السياسية، فان الأمور لا تبدو اقل تحولا بمحاولة جادة من الجيل الجديد للعائلة الحاكمة، لفرض نفسها و تصوراتها.

في الأثناء، يغلب على قطر تطور اكثر هدوءا يقوده الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، من المنتظر أن يكتمل بدستور دائم للبلاد و بانتخابات لمجلس الشورى قبل سنة الفين واثنين، وذلك بعد ان خاض البلد تجربة انتخابات بلدية ناجحة، شاركت فيها النساء بدون معارضة اجتماعية تذكر، في الوقت الذي تتقاطر الإصلاحات أيضا على سلطنة عمان بفواصل زمنية محسوبة.

دولة الإمارات تعيش مخاضا تتباين علاماته من إمارة إلى أخرى، لكنه يجد له وجها أوضح في إمارة دبي، التي انخرطت على خارطة التطور العالمي في مجال الاتصالات، مما يضعها ربما في طور الجاهزية القصوى، لليوم الذي يتقرر فيه الانطلاق.

في الحصيلة، فان المشهد الخليجي العام قد تغير كثيرا في غضون خمس سنوات فقط، و بحساب الزمن المتسارع فان جرد السنوات القليلة المقبلة قد يتجاوز التوقعات لمنطقة ينتابها الوعي المتزايد بضرورة تلافي ما فات.

فيصل البعطوط – الدوحة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية