مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السياسة الخارجية الأمريكية خلال الفترة الأولى لإدارة باراك أوباما

بدأ العد التنازلي للسباق نحو البيت الأبيض، وكل الدلائل تشير إلى أن التنافس سيكون حادا بين أوباما ومنافسه الجمهوري Keystone

عندما أدّى باراك أوباما اليمين الدستورية في أول عام 2009 كرئيس جديد للولايات المتحدة، تصوّر أن جهوده لتحسين السياسة الخارجية الأمريكية بعد مغامرات سلفه جورج بوش الابن، يجب أن تركز على تحسين علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي.

كما تصور إنهاء حربيْ العراق وأفغانستان ومواصلة مكافحة تنظيم القاعدة، ولكن دون عنوان الحرب على الإرهاب، وإعادة تنشيط الدور الأمريكي في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومحاولة إقناع سوريا وإيران بتغيير سلوكهما، وضبط العلاقات مع روسيا والانفتاح على آسيا واجتذاب الصين للتعاون في القضايا الإقليمية والعالمية.

وفيما تقترب معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية بين أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني، تزداد انتقادات الجمهوريين لأوباما، ليس فقط لسياساته الداخلية، وإنما أيضا لما يرون أنه سلسلة من الإخفاقات، أضعفت مكانة الولايات المتحدة في العالم.

swissinfo.ch استطلعت آراء مختلفة لعدد من الخبراء الأمريكيين، للوقوف على تقييمهم لأداء الرئيس أوباما في مجال السياسة الخارجية خلال فترته الرئاسية الأولى، وبدأنا الحوار مع البروفيسور غريغوري جوز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيرمونت فقال:

“أعتقد أن أداء الرئيس أوباما أفضل بكثير مما اعتقد الكثيرون أنه سيكون. فقد نجح في الالتزام بوعده بسحب القوات الأمريكية من العراق، وهو مطلب كان يحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام الأمريكي بعد سنوات من الاستنزاف  للموارد الأمريكية والخسائر في الأرواح، ولكن الجمهوريين يرون أن أوباما أخطأ في عدم إصراره على الاحتفاظ بوجود عسكري أمريكي في العراق. كما نجح أوباما في إظهار اهتمام الولايات المتحدة بالانفتاح على آسيا، بعد إهمال طويل، ونجح أيضا في حشد الضغوط الدولية على إيران، وسيمكن له أن يتباهى في حملته الانتخابية بالقضاء على أسامة بن لادن وتكثيف خسائر تنظيم القاعدة، من خلال التعاون الوثيق مع الحكومات الصديقة، واللجوء للمعلومات الاستخباراتية والنزوع لاستخدام هجمات الطائرات بدون طيارين. كما أنه نزع عن مكافحة الإرهاب صِـفة الحرب على الإرهاب، كما استجاب للربيع العربي بدرجات متفاوِتة، كان أبرزها قيادة الجهد العسكري الدولي ضد القذافي والتريّـث في التعامل مع الوضع في سوريا، لتفادي التورّط في تدخل عسكري، والاكتفاء بالمساعدة في نقل السلطة في اليمن”.

ومع أن البروفيسور جوز يرى أن أوباما تمكَّـن من إظهار قُـدرته على إدارة دفّـة السياسة الخارجية الأمريكية، فإنه يسجِّـل إخفاقات واضحة للرئيس أوباما في عدد من قضايا السياسة الخارجية:

أولا: فيما يتعلّق بالعلاقة مع العالم الإسلامي، بالغ أوباما في وعوده في خطابه الشهير بالقاهرة واكتشف كيف أن كثيرا من تلك الوعود اصطدمت بثوابت السياسة الخارجية الأمريكية، مما تسبب في كثير من الإحباط، كما ظهر في استطلاعات الرأي في عدد من الدول الإسلامية.

ثانيا: مع أنه بادَر في أول فترته الرئاسية بتعيين السيناتور جورج ميتشل مبعوثا خاصا لعملية السلام في الشرق الأوسط، فإنه لم يفلح في زحزحة المفاوضات من عثْـرتها، وواجه صعوبات جمّة في تأمين مساندة الكونغرس لرُؤيته لحل الدولتيْـن، وظهر ضعيفا في مواجهة نتانياهو.

ثالثا: واجه إخفاقا واضحا في إعادة صياغة العلاقات الأمريكية – الروسية، والتعامل مع الملف النووي الإيراني، ولم ينجح في استمالة الصين للتعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية.

الفجوة بين الرؤية والواقعية

أما السفير مارتن إنديك، المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكية ومدير أبحاث السياسة الخارجية بمعهد بروكنغز، فيرى أن أوباما وقع في فخِّ البُـعد الحقيقي بين تفاؤُله في رُؤية متسامية لإحداث تغيير حقيقي، وبين واقعيته التي دفعته لممارسة شؤون السياسة الخارجية الأمريكية بطريقة براغماتية:

“لو قمنا بتقييم أدائه في السياسة الخارجية بشكل موضوعي، فسنخلص إلى أنه أدارها بشكل جيد للغاية، من منظور حماية المصالح الأمريكية، ولكن لو نظرنا إلى ذلك الأداء من منظور بلْـورة رؤيته المتسامية بشكل عملي، فسنُـدرك أنه لم ينجح في تحويل الرؤية لممارسة فعلية”.

وفي محاولة لإعطاء أوباما حقّه وتسجيل ما له وما عليه في مجال السياسة الخارجية، يقول السفير مارتن إنديك:

“سعى أوباما لصنع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه اصطدم بحقيقة أن الطرفيْـن لم يقدِّما له المساعدة المطلوبة، مما دفعه للقيام بخطوات خاطِـئة قلَّـصت من نفوذ واشنطن لدى الطرفيْـن. وبالنسبة لسعيه من البداية للحدّ من انتشار الأسلحة النووية، فإنه نجح في حشْـد المساندة الدولية لجهود عدم الانتشار ونزْع السلاح النووي، غير أنه إذا تمكَّـنت إيران في نهاية المطاف من حيازة السلاح النووي، فسيشعر المجتمع الدولي بالشكّ والرَّيبة إزاء فعالية أوباما”.

أما بالنسبة للصين، فقد اصطدمت رؤية أوباما الخاصة بالسعْـي لتأمين تعاوُنها مع الولايات المتحدة، على الصعيديْـن الإقليمي والدولي، بمصاعب عملية، بل إن إستراتيجيته الخاصة بإعادة التوازُن في علاقات الولايات المتحدة بآسيا، ارتطمت بالشكوك الصينية التي بدت وكأنها ستزيد العلاقات الأمريكية الصينية توتُّـرا”.

ويخلص السفير إنديك إلى أن سياسة أوباما الخارجية اتَّـسمت بالجدية والمعقولية، ولكنها لم ترْقَ إلى مستوى أن تكون رائدة أو مُـبدعة، فضلا عن وجود فجْوة واضحة بين خطاب أوباما المتَّـسم بالطموح وبين إنجازاته الفعلية.

أوباما بين الفرص السانحة والضائعة

أما هيزر هيرلبيرت، المديرة التنفيذية لشبكة الأمن القومي الأمريكي، فترى أن قائمة إنجازات أوباما في السياسة الخارجية، تضم تشكيلة من البدايات الطيبة والتحرّكات في الطريق إلى تحقيق التقدّم، وكذلك الفرص الضائعة. وتشرح ذلك فتقول:

“نجح أوباما في إسْـدال السِّـتار على حرب بوش في العراق ويسير على طريق إنهاء الحرب في أفغانستان، وأنجز دون طنطنة هدَف الخلاص من قيادة القاعدة، وأعاد النشاط لمجموعة الدول العشرين واستخدمها للإفلات من ركود اقتصادي محدق في عام 2009. ورغم الاشتباك العلني مع روسيا، تمكَّـن من مواصلة التعاون معها في أفغانستان وفي الحدِّ من التسلُّـح، وتمكَّـن من بناء الثقة مع الحلفاء في آسيا، خاصة اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية، ولعل أهمّ ما أرساه هو عدم انفراد الولايات المتحدة بالقرار الدولي واستعادة مصداقية الشراكة بين أعضاء المجتمع الدولي”. ولكنها في نفس الوقت تلوم الرئيس أوباما على الفُـرص الضائعة التالية:

أولا: إهدار فرصة تحقيق تقدّم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعدم اتخاذ دوْر ريادي حقيقي، يمكن أن يغيِّـر من توجُّـهات نتانياهو والرئيس محمود عباس.

ثانيا: الإخفاق في استِخدام مزيجٍ من الضغوط والحوافز لإقناع إيران وكوريا الشمالية بالتخلِّي عن طموحاتهما النووية العسكرية.

ثالثا: عدم استثمار رأسمال أوباما السياسي في استمالة الرأي العام الأمريكي، لتأييده في سعيه للخلاص من آثار فترتيْ بوش الابن، خاصة فيما يتعلَّـق بالعجز عن إغلاق معتقَـل غوانتانامو أو الاغتيالات التي تستهدِف الخلاص من رموز الإرهاب أو استخدام التعذيب.

السياسة الخارجية وانتخابات الرئاسة

ويرى البروفيسور غريغوري جوز، أن الناخب الأمريكي يركِّـز في غالِب الأحوال على أداء الرئيس ومَـن يُـنافسه في انتخابات الرئاسة الأمريكية فيما يتعلق بالاقتصاد والضرائب وفرص العمل وغيرها من القضايا التي تمسّ حياته بشكل مباشر، وليس بناءً على سياساته الخارجية.

ومع ذلك، أعرب البروفيسور جوز لـ swissinfo.ch عن اعتقاده بأن الجولة المكثَّـفة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، تصبُّ في إطار دعم مكانة أوباما في حملة إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية، من خلال التأكيد على استمراره في تحقيق النجاح في أفغانستان ومحاولة إعادة صياغة العلاقات المصرية الأمريكية، ومحاولة كلينتون الحيلولة دُون حُدوث صِـدام في مصر، بين الرئيس المنتخب محمد مرسي والمجلس العسكري، يصب في مصلحة الولايات المتحدة، لأن مصر تشكِّـل أهمية قصوى للسياسة الخارجية الأمريكية.

ومع أن كلينتون استخدمت زيارتها لإسرائيل لطمْـأنة زعمائها على التِـزام مصر بمعاهدة السلام، كما استخدمتها للتأكيد على أن إدارة أوباما ستستخدِم كل ما أوتيَـت من قوة، للحيلولة دون حيازة إيران للسِّلاح النووي، وحاولت إقناع المسؤولين الإسرائيليين بتقديم حزمة حوافِـز للفلسطينيين، فإن البروفيسور جوز لا يرى أنه بوسْـع أوباما تحقيق تقدّم حقيقي في عملية السلام.

ومع ذلك، يعتقد أن الجمهوريين سيُـحاولون استخدام السياسة الخارجية لكيْـل الانتقادات للرئيس أوباما في غِـمار الدعاية لمنافسه رومني، مثل اتهام أوباما باللين مع نظام الأسد في سوريا وعدم الحزم مع الملف النووي الإيراني، وكيف أن رومني سيظهر العين الحمراء لروسيا والصين. وخلّص البروفيسور جوز إلى القول:

“المشكلة التي ستواجه الجمهوريين في هذه المحاولة، هي أنه ليست لديهم بدائل واضحة. فليس بوسع رومني أن يصوِّر نفسه بأنه الرئيس الذي سيكون أكثر صرامة ويتّـخذ إجراءات عسكرية ضد سوريا أو إيران، لأن ذلك سيكون كفيلا بأن يجلب عليه خسارة السِّـباق إلى البيت الأبيض، لأنه لم يعد هناك تأييد شعبي أمريكي كبير لأي مغامرات عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط”.

القدس (رويترز) – طلبت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون يوم الاثنين 16 يوليو من إسرائيل أن تعتبر الربيع العربي فرصة لا مبعثا لحالة عدم اليقين التي تعتصر المنطقة.

وهذه أول زيارة تقوم بها كلينتون لاسرائيل منذ انهيار محادثات السلام بينها وبين الفلسطينيين عام 2010 بسبب رفضها وقف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.

وتشعر اسرائيل بالقلق بشأن صعود الاسلاميين ولاسيما في مصر محل الحكام الذين أسقطتهم الانتفاضات العربية.

واجتمعت كلينتون مع الزعماء الاسرائيليين في القدس التي وصلتها قادمة من مصر مباشرة حيث أبلغها الرئيس الجديد محمد مرسي أن القاهرة ملتزمة بمعاهداتها.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وهو يقف إلى جوار كلينتون إن مصر “ركيزة للسلام وأعتقد أن الحفاظ على السلام بيننا أمر يحتل مكانة عليا في أذهاننا”.

وقالت كلينتون قبل محادثاتها مع نتنياهو “إننا نعيش في زمن التغيير غير المسبوق حيث تواجهنا الكثير من التحديات وسوف نواصل التشاور عن كثب بين حكومتينا كما هو الحال بشكل يومي تقريبا لتحديد أفضل السبل للمضي قدما من أجل السلام والاستقرار لاسرائيل والولايات المتحدة والمنطقة والعالم”.

وكانت كلينتون قالت بعد اجتماع مع الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس “هذا وقت يسوده عدم اليقين لكنه يتيح فرصة.. فرصة للنهوض بهدفنا المشترك إحلال الامن والاستقرار والسلام والديمقراطية مع الرخاء لملايين الناس في هذه المنطقة الذين ما زالوا يطمحون لمستقبل أفضل”.

ولم تزر كلينتون اسرائيل منذ 22 شهرا وهي فترة لم يتحقق فيها اي تقدم في السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ انهيار المحادثات في 2010.

وتتسم علاقات الرئيس الامريكي باراك اوباما مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بالفتور وهو لم يزر اسرائيل كرئيس، الأمر الذي قد يكلفه أصوات اليهود الأمريكيين في انتخابات الرئاسة في السادس من نوفمبر القادم.

ويعتزم منافسه الجمهوري ميت رومني زيارة اسرائيل في نهاية الشهر ويكثر من انتقاد أوباما متهما اياه بانه لا يدعم اسرائيل بالقدر الكافي.

وشهد العامان الاخيران قدرا من التوتر بين أوباما ونتانياهو بشأن أسلوب الرد على ايران التي تشتبه الدولتان في انها تسعى لامتلاك اسلحة نووية. وتقول ايران ان برنامجها النووي مخصص للاغراض السلمية.

وتقول الدولتان انهما تحتفظان بحق مهاجمة ايران لمنعها من حيازة اسلحة نووية لكن واشنطن تطالب اسرائيل بالصبر ريثما تفعل العقوبات فعلها وتأخذ المفاوضات مجراها.

وفرض اوباما عقوبات أشد صرامة هذا العام على الدول التي تتعامل مع ايران تجاريا وحظر الاتحاد الاوروبي استيراد النفط الايراني بدءا من أول يوليو تموز.

وأوضحت اسرائيل التي يعتقد على نطاق واسع أنها الدولة الوحيدة المسلحة نوويا في الشرق الاوسط، أنها قد تهاجم ايران بمفردها إذا فشلت الدبلوماسية في وقف نشاطها النووي.

وفي الوقت الذي وصلت فيه كلينتون إلى القدس، كثفت وسائل الإعلام الاسرائيلية من جرعة التغطية المتعلقة بالتكهنات بشأن هجوم اسرائيلي على ايران. وقالت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي إن حكومة نتانياهو على وشك اتخاذ قرار حول شن هجوم من عدمه.

وقال بيريس خلال لقائه مع كلينتون “يجب أن نفعل كل ما بوسعنا لمنع ايران من تهديد حرية شعوب أخرى واستقلالها”.

وقال لها نتانياهو في تصريحات علنية “بيننا جهود مشتركة لضمان عدم تحقيق ايران طموحها لتطوير أسلحة نووية”.

كما اجتمعت كلينتون مع وزير الدفاع ايهود باراك ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي لم يدل بتصريحات علنية.

وجمدت محادثات السلام في 2010 بعد ان رفض نتنياهو مطلب الفلسطينيين أن يمدد التجميد الجزئي للبناء الاستيطاني الذي طبقه لفترة محدودة بناء على طلب واشنطن.

وقال نتانياهو لكلينتون “يتعين أن نبذل كل الجهود كي نحافظ على الهدوء ونرى ما إذا كان بإمكاننا أن ندفع عملية السلام قدما”، مع الفلسطينيين. لكن لا يتوقع الدبلوماسيون تحقيق أي انفراجة قبل انتخابات الرئاسة الامريكية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 يوليو 2012).

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية