مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“تجارة الحج” تظل مُربحة رغم دعوات المقاطعة.. و”أين يذهب السوريّون إذن؟”

عشرات الآلآف من الحجاج يقومون بالطواف حول الكعبة
صورة التقطت يوم 8 أغسطس 2019 لعشرات الآلاف من الحجاج لدى قيامهم بالطواف حول الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. Copyright 2019 The Associated Press. All Rights Reserved

"تجارة الحج الرابحة في السعودية رغم دعوات المقاطعة ووصفه البعض الحج حتى بالخطيئة" ومأسي مطاردة اللاجئين السوريين في تركيا وترحيليهم إلى سوريا و "حكاية مجلة المثليين في الأردن ومصير شيخ مثلي"، هذه هي أبرز المواضيع، التي تناولتها الصحف السويسرية هذا الأسبوع .

في ما يبدو أنها سابقة نادرة، “دعت العديد من الجمعيات الإسلامية في أستراليا وكندا والولايات المتحدة وتونس وليبيا وقطر إلى الامتناع عن أداء فريضة الحج بسبب المشاركة السعودية في حرب اليمن وانتشر هاشتاغ BoycottHajj# على شبكات التواصل الاجتماعي”، وفق صحيفة لوتسرنر تسايتونغ رابط خارجيالصادرة بتاريخ 7 أغسطس 2019.

وأشار مارتن غيلين، مراسل الصحيفة في القاهرة إلى أن هذه الدعوات تأتي على خلفية قيادة السعودية للحرب الدائرة في اليمن والتي أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية لحوالي ثمانين في المائة من اليمنيين. كما أن القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة بإسطنبول واتهام وكالة الاستخبارات الأمريكية ومنظمات حقوق الإنسان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالوقوف ورائها، كلها أسباب أدت إلى تردي سمعة المملكة ليس فقط في العالم الغربي، ولكن أيضًا بين المسلمين في جميع أنحاء العالم.

مراسل الصحيفة السويسرية التي تصدر بالألمانية في لوتسيرن أورد أن صادق الغرياني مفتي ليبيا، صرح بأن إيرادات الحج “ستساعد القادة السعوديين على ارتكاب جرائم ضد المسلمين”، وأنه سيتم استخدام الأموال لارتكاب مجازر في اليمن والسودان وليبيا وتونس والجزائر. وناشد الغرياني المسلمين أن يزوروا مكة المكرمة مرة واحدة في حياتهم، وذهب إلى أن كل من يحج مرتين في حياته “يرتكب خطيئة وليس حسنة”. 

أما نقابة الأئمة في تونس فذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث دعت مفتي الجمهورية إلى إصدار فتوى تُبطل الحج لهذه السنة، لكنه لم يستجب لها، لتناشد بعدها التونسيين مباشرة بمقاطعة الحج واستثمار أموال الرحلة باهظة الثمن بشكل أفضل في بناء المستشفيات والمدارس والجامعات. 

وفي الولايات المتحدة ، جادل آني زونفيلد، رئيس منظمة “مسلمون من أجل القيم التقدمية” غير الحكومية، بأنه “من الصعب التوفيق بين الحج، كتجربة للتطهير الداخلي، مع دعم نظام سياسي أغرق اليمن في مجاعة”، وفق ما نقل عنه مراسل الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط.

مع ذلك، لم تقف هذه التطورات حائلا دون “مواصلة السعوديين تجارتهم بالحج” كما تقول لوتسرنر تسايتونغ، حيث يزور السعودية هذا العام مليونين وثلاثمائة ألف حاج يودعون “أكثر من عشرة مليارات يورو في خزائن مملكة الصحراء كل عام”. وحسب الصحيفة، فإن تكلفة أداء فريضة الحج تتراوح “ما بين ألف و20 ألف يورو حسب رغبة وقدرة الحاج، فهناك فرصة أداء الحج البسيط أو الفاخر الذي يشمل الإقامة في فندق خمسة نجوم شامل غرفة مطلة على الكعبة المشرفة”.

إلى أين يذهب السوريون إذن؟

منذ عدة أسابيع، تقوم السلطات التركية بترحيل السوريين الذين لا يحملون أوراق إقامة سارية المفعول إلى وطنهم “وهو ما يتعارض مع القانون الدولي” حسب ميريت ميشيل، مراسلة أسبوعية WOZ رابط خارجيفي بيروت التي أجرت مقابلات مع عدد من المتضررين. من بين هؤلاء، حسن العلي، وهو مواطن سوري “لم يغادر منزله في إسطنبول منذ شهر ويعيش على الطعام الذي يتم توصيله للمنزل. حتى أنه يخشى الذهاب إلى السوبر ماركت لفترة قصيرة، لعلمه أن الشرطة التركية ستعيده إلى سوريا في حال قبضت عليه”.

فمنذ منتصف شهر يوليو ، بدأت السلطات في إسطنبول في اعتقال السوريين الذين ليست لديهم تصاريح إقامة سارية. ومنذ ذلك الحين والشرطة تقوم بحملات تفتيش في الشوارع ووسائل المواصلات وحتى بمداهمات في المنازل. كما تم مطالبة مخاتير المدن والقرى بإخطار السلطات بأماكن سكن السوريين.   

المحامي غزوان قرنفل، رئيس جمعية المحامين السوريين الأحرار صرح للمراسلة السويسرية بأن “عمليات الطرد هذه تنتهك القانون التركي والدولي”. أما مداهمة المنازل فهي خرق واضح للقانون، لأن المداهمة تتطلب على الأقل مذكرة ووجود شبهة جريمة خطيرة. لذلك فإن “مداهمة المنازل بغرض التحقق من الهوية إجراء غير قانوني”، على حد قوله.

وفي شهادة أخرى لما تصفه السلطات التركية بـ “الترحيل الطوعي”، قال مهند الحسين، الذي وصل تركيا في عام 2016 وحاول دون جدوى الحصول على تصريح إقامة للصحيفة: “كانت الساعة الحادية عشر مساءا عندما اقتحمت الشرطة المنزل، كنت عائداً وأصدقائي للتو من العمل في المصنع”. أدرك حسين على التو الموقف وحاول الهرب وقفز من الشرفة في الطابق الثاني، انكسرت رجله، لكن الجيران الأتراك رآوه – وأخذوه إلى الشرطة. يقول مهند: “لم يسمحوا لي بالعودة إلى المنزل للحصول على هويتي السورية وأموالي”.. في صباح اليوم التالي نقلوه أولاً إلى ملعب وحبسوه هناك لمدة يومين مع حوالي ألف سوري، ثم أخذوه إلى مخيم، حيث نام في حاوية لمدة ثلاثة أيام: “كان الجو حارا ، ولم يكن هناك جهاز تكييف. جلبوا لنا مرتين في اليوم قليلا من الطعام. كان الوضع بشعاً”.

بعد ثلاثة أيام، جاء المسؤولون وسألوه هو وبقية الموجودين في المخيم عما إذا كانوا يريدون العودة إلى سوريا. “أجبنا كلنا بنعم” كما يقول الحسين مضيفا “أردنا فقط الخروج من هذا المكان”. كان عليهم وضع بصمات أصابعهم على وثيقة للتأكيد على عودتهم طوعًا. واتفقوا على شرط عدم دخول تركيا خلال السنوات الخمس المقبلة. ثم أخذهم الجنود إلى الحدود وقاموا بتسليمهم إلى الجيش السوري الحر.

في مراسلتها، ذكّرت ميريت ميشيل أن الاتحاد الأوروبي، الذي وقّع اتفاقية اللاجئين مع أنقرة في مارس 2016، يعتبر تركيا “دولة ثالثة آمنة”، وهو ما يسمح لأوروبا بترحيل اللاجئين الذين وصلوا إلى اليونان بشكل غير قانوني وإعادتهم إلى الأراضي التركية. أما من يحاول الهروب من تركيا إلى اليونان، فيتم ترحيله فوراً إلى سوريا. وفي معرض توصيفة لهذه الوضعية، يرى المحامي قرنفل أن “الاتفاقية (المبرمة بين بروكسل وأنقرة) عبارة عن معاهدة بين دولتين تلغي تمامًا حق السوريين في طلب اللجوء”. فالاتحاد الأوروبي لا يريدهم، وتركيا تمنعهم من دخول الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، تريد تركيا التخلص منها أيضًا. فـ “أين يٌفترض بنا أن نذهب”؟، يتساءل المحامي السوري.

الأردني الذي أسس أول مجلة للمثليين

كان خالد عبد الهادي (29 عامًا) يحلم بأن يكون لاعب تنس لكن حياته انقلبت رأساً على عقب بعد إعلانه عن ميوله الجنسية المثلية في سن السابعة عشر وذلك في سابقة تعد الأولى من نوعها في المملكة الأردنية الهاشمية، لينشئ في عام 2007 مجلة “ماي.كاليرابط خارجي“، التي تُعتبر أول مجلة مهتمة بشؤون المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومُغايري الهوية الجنسية (LGBT) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفي حوار رابط خارجيمع فرانتسيكا تشيندرله، مراسلة أسبوعية WOZ نُشر في عددها الصادر بتاريخ 8 أغسطس 2019، قال خالد عبد الهادي إنه واجه حرباً مفتوحة منذ تأسيسه المجلة بسبب التطرق لمحرمات وتابوهات في العالم العربي والإسلامي مثل نشر صور لأشخاص بُتر أحد أثدائهم أو إجراء مقابلة مع شيخ سعودي مثلي وتقارير عن الشبان المثليين في فلسطين أو تشجيع النساء على تقرير المصير، كل هذا جعل المجلة موضع انتقاد وهجوم حاد، حيث هاجمتها جماعة الإخوان المسلمين الأردنية ووصفت وسائل الإعلام هذا النوع من النشاط الصحفي بـ “ثورة الشواذ”. 

في الوقت نفسه، حجبت لجنة الإعلام الحكومية موقع المجلة على شبكة الانترنت. أما الشيخ المثلي، الذي أعلن عن مثليته في حوار مع المجلة، ففقد وظيفته ونُبذ من قبل عائلته واضطر إلى الفرار إلى كندا”، على حد قوله. رغم ذلك، لا زال خالد عبد الهادي يتمتع بالحرية في الأردن، التي تُعدّ فيها المثلية الجنسية محظورة اجتماعياً، لكن تم إلغاء عقوبة السجن منذ عام 1951  .

فرانتسيكا تشيندرله أوضحت أن المثلية الجنسية محظورة في معظم أنحاء العالم العربي ويُعاقب عليها بالإعدام في السعودية واليمن، أما في سوريا والجزائر ومصر فيٌزج بالمثليين والمثليات في السجن. وفي العراق، تلاحق الجماعات الأصولية (على غرار تنظيم “الدولة الإسلامية” المثليين وتنشر مقاطع مصورة عن كيفية الإطاحة بهم من مبانٍ عالية إلى هوة الموت. وفي الأراضي الفلسطينية، يعتبر الشذوذ الجنسي “خطيئة” و “ضارًا للناس”. وفي إيران، يتعرض المثليون والمثليات للتهديد بالجلد والتعذيب والإعدام. وبشكل عام “تعد قوانين مكافحة المثلية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر قسوة على مستوى العالم”، حسب ما جاء في الصحيفة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية