مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“حمدوك.. تحديات وآمال”.. “إدلب.. مصيدة الموت”.. “حفتر اختار التصعيد التدميري”

صورة جماعية للمجلس السيادي في السودان
صورة جماعية التقطت يوم 21 أغسطس 2019 في الخرطوم لمجلس السيادة المؤلف من أحد عشر عضواً برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان. ويضم المجلس ستة مدنيين وخمسة عسكريين، وسيرأسه البرهان لمدة 21 شهراً، على أن يخلفه مدني للفترة المتبقية ومدّتها 18 شهراً. Keystone / Morwan Ali

هذا الأسبوع، اهتمت الصحف السويسرية بمستقبل الأوضاع في السودان بعد تشكيل المجلس السيادي وأداء رئيس الحكومة الجديد لليمين الدستورية، وتناولت بالتحليل آخر مستجدات الوضع في سوريا بعد دخول قوات النظام إلى مدينة خان شيخون في محافظة إدلب وإحكام سيطرتها عليها. إضافة إلى ذلك، نشرت حوارا مطولا مع خبير ليبي لتقييم الأوضاع في البلاد بعد مرور أربعة أشهر ونصف على إطلاق اللواء المتقاعد خليفة حفتر هجوما واسعا على العاصمة طرابلس أخفق في تحقيق أهدافه حتى الآن. 

عبد الله حمدوك.. تحديات وآمال

اهتمت صحيفة تاغيس أنتسايغير ليوم الجمعة 23 أغسطسرابط خارجي بتسلّم عبد الله حمدوك رئاسة الحكومة الانتقالية في السودان. وتناول مراسل الصحيفة من كيب تاون في جنوب أفريقيا برند دوريس بالتحليل مؤهلات حمدوك والتحديات التي تنتظره في منصبه الجديد.

يرى الصحفي أن أهم “مؤهلات” رئيس الحكومة الانتقالية الجديد في السودان، تتلخص في عدم انتمائه إلى حكومة عمر البشير أو إلى معارضيه، وقضائه عشرات السنوات خارج السودان، حيث ترك حمدوك البلاد وهو شاب ودرس الاقتصاد في المملكة المتحدة ثم بدأ مسيرته المهنية في عدد من المنظمات الدولية، فاشتغل في مكتب منظمة العمل الدولية في زمبابوي وتسلم عام 2011 منصباً أمميا رفيع المستوى في أثيوبيا، وأخيراً تقلد منصب نائب رئيس لجنة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية في أفريقيا.

يُنتظر من حمدوك الكثير في منصبه الجديد، بحسب دوريس، فبعد خروج الملايين إلى الشوارع في السودان، من فئة الشباب على وجه الخصوص، ولأشهر عديدة، للتظاهر ضدّ حكومة البشير ومخاطرة هؤلاء بحياتهم، “وتمكنوا من التخلص منه ولكن لم يتخلصوا إلّا من جزء من أتباعه”، إذ لا يزال الجنرال عبد الفتاح عبد الرحمن برهان الذي كان مقرباً من البشير، في منصبه، “وسيحاول بدوره الإبقاء على الامتيازات الكثيرة والثراء الذي يتمتع به الجيش”. ولكن إذا ما تصرفت الحكومة الجديدة بذكاء “سيضطر الجيش للتنازل عن مزيد من السلطة، وإن كان لا يرغب حقاً بذلك”.

رئيس الحكومة الانتقالية أكد في خطاب تسلمه السلطة، التي ستدوم لثلاث سنوات، على أنّ “شعار الثورة المنادي بالسلام والحرية والعدالة سيكون في صميم برنامج المرحلة الانتقالية”. لكن المراسل السويسري يرى أنّ الإجراءات الأولية التي سيضطر حمدوك إلى القيام بها “لن تجعله بالضرورة محبوباً لدى الجماهير”، حيث أنّ دولة السودان تعاني عملياً من الإفلاس، وسيضطر رئيس الحكومة الجديد إلى إلغاء الكثير من المعونات والدعم الحكومي، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخبز والبنزين، وهذا سيؤدي برأي دوريس إلى “انتشار خيبة الأمل بين الجماهير وربما إلى بعض الاحتجاجات”.

أمّا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتان رحبتا يوم الخميس 22 أغسطس بتعيين حمدوك على رأس الحكومة الانتقالية، فهي لا ترغب (مع دول غربية أخرى) بترك السودان في هذه المرحلة وحيدا تحت تأثير الدول العربية المجاورة. في المقابل، تنتظر الحكومة الجديدة بدورها من واشنطن سحب اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، ما سيسهل عملية الاستثمار في البلاد وتنفيذ برامج صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

“تراجع حفتر سيكون مدمّرا جدا لكل ليبيا”

في حوار طويل أجرته معه صحيفة “لوتونرابط خارجي” يوم 20 أغسطس الجاري، اعتبر طارق المجريسيرابط خارجي، الباحث الليبي في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، أن “الماريشال حفتر اختار التصعيد التدميري” في المعركة التي يخوضها من أجل السيطرة على طرابلس، وذهب إلى أن إخفاق “رجل برقة القوي” بعد حوالي خمسة أشهر من بدء الهجوم على العاصمة الليبية في إنجاز الإختراق السريع الذي كان يأمله للسيطرة عليها “يُلحق الضرر بصورته لدى الداعمين له”، كما يدفعه “للتصرف بعدوانية أكبر”.

في أجوبته المستفيضة للصحيفة التي تصدر بالفرنسية في لوزان، تطرق المجريسي إلى أن حفتر “لم يتمكن من تحقيق نجاحات تذكر” في الهجوم المضاد الذي شنه في أعقاب خسارته لمدينة غريان الإستراتيجية كما أنه “يُعاني من نقص في الرجال والإمكانيات”، وتبعا لذلك فهو “يُغطي على نقائصه فوق الميدان بتكثيف الهجمات الجوية المدمرة ليس على طرابلس فقط بل أيضا على مصراته وأخيرا على مُرزوق، جنوب غرب البلاد”، وفي هذا مؤشر على أن “تراجع حفتر سيكون مدمّرا جدا لكل ليبيا”، حسب رأي الباحث.

في هذا السياق، يبدو أن المأزق الحالي الذي يُعاني منه حفتر حول طرابلس قد تكون له تبعات على وضعه في المنطقة الشرقية التي بدأت تظهر فيها علامات التململ بل الإنشقاق بسبب “الفساد السائد داخل معسكره واليد الحديدية التي يُسيّر بها المنطقة”، على حد قول المجريسي الذي ذكّر بأن حفتر تمكن حتى الآن من الحفاظ على موقعه لأنه اعُتبر الحل الوحيد. فهو يوفر المال والأسلحة والإستقرار لكن في هوضعية يعود فيها شبان إلى بيوتهم في أكفان باسم حرب لا يقتنع الناس بجدواها وفي ظل غياب انتصارات عسكرية، فإن صورته كرجل قوي بصدد التشوه. وهو ما من شأنه إيجاد فراغ وتغذية الإستياء وهو أمر خطير جدا”.

وبعد أن استعرض طارق المجريسي مظاهر الغضب والإستياء التي تواترت في الأشهر الأخيرة ضد حفتر في مدينة بنغازي وفي أوساط قبيلة العواقير والقبائل المجاورة لأجدابيا ولدى قبائل التبو والطوارق، استدرك قائلا: “لكن طالما لن يكون هناك بديل لحفتر فإن هذا الأخير سيتمكن من الإستمرار في فرض سلطته الهشة إلى أن يتضح أنه لا مفر من إحداث تغيير”.

في هذا الصدد، يرى المجريسي أنه “إذا ما عرضت المجموعة الدولية والحكومات الغربية خيارا آخر يشعر فيه سكان المنطقة الشرقية أنهم جزء لا يتجزأ منه ودون الخشية من التعرض لأعمال انتقامية أو للتهميش، حينها يُمكن حصول عملية انتقالية مرتبة”. أما إذا لم يحصل تطور من هذا القبيل، فإن “منافسا (لحفتر) سيظهر في نهاية المطاف وعندها ستندلع معارك بين الأشقاء قد تُغرق الشرق في الفوضى”، حسب رأي الخبير الليبي.

بالعودة إلى الأوضاع في المنطقة الغربية، لاحظت الصحيفة أن وصول السراج إلى السلطة في عام 2016 اقترن باستبعاد الجناح المتصلب في معسكر فجر ليبيا ذي التوجهات الإسلامية ومجموعات مصراته وتقريب ميليشيات الأحياء في طرابلس وتساءلت: هل يُمكن أن يتطور هذا المشهد في سياق الحرب الدائرة الحالية؟ أجاب طارق المجريسي أن “السراج يتعرض للضغط. وهناك اختلافات داخل التحالف المؤيد له حيث أن المجموعات التي تقاتل تحت راية “حكومة الوفاق الوطني” وخاصة تلك القادمة من مدينة مصراته لا تريد العودة إلى الوضعية التي كانت قائمة سابقا (أي قبل 4 أبريل 2019 – التحرير) لذلك فإنهم سيدفعون السراج إلى اعتماد خطة سياسية تُقنعهم بأن الأمور ستتغير بعد الحرب وأنه لن تتم العودة إلى الوضعية التي كانت فيها ميليشيات طرابلس تسرق مقدرات الدولة بتواطئ من حكومة الوفاق الوطني”.

ومع أن الخشية من حصول مواجهات في المستقبل بين ميليشيات مصراته ومجموعات طرابلس المسلحة تظل قائمة وخاصة في صورة حصول فراغ في قمة السلطة إلا أن الباحث الليبي اعتبر أن “وزير الداخلية فتحي باشاغا يقوم في الوقت الحاضر بعمل جيد فهو يتصرف كوزير وليس كمصراتي… لكن إذا ما لم يتمكن من إنشاء هيكل عسكري حقيقي ينخرط فيه ضباط وجنود من جميع مناطق الغرب حينها يُمكن الخوف من اندلاع معارك شبيهة بما حصل بعد انهيار عام 2011”.

أخيرا عبّر المجريسي عن خشيته من استفادة المجموعات الأصولية المتطرفة من هذه الأوضاع المتفجرة للتحرك من جديد ولفت إلى أنه “قبل اندلاع معركة طرابلس في أبريل الماضي كان يُسجّل هجوم من طرف تنظيم “الدولة الإسلامية” مرة كل ستة أشهر. ومنذ ذلك الحين، سُجّلت بعدُ سبعة أو ثماني هجمات”. واعتبر الباحث أن “خطر قيام التنظيم بتوسيع مجال نفوذه من خلال استخدام الفوضى السائدة كتغطية يظل كبيرا. وهذا الأمر لن يُشكل تهديدا لليبيا فحسب بل للمنطقة أيضا وربما حتى لأوروبا”، على حد قوله. 

“إدلب.. مصيدة الموت”

تحت هذا العنوان، تناولت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ ليوم الخميس 22 أغسطسرابط خارجي في قسم الآراء آخر مستجدات الوضع في سوريا، وذلك بعد دخول قوات النظام السوري إلى مدينة خان شيخون في محافظة إدلب وإحكام سيطرتها عليها، الأمر الذي اعتبره كاتب الرأي في الصحيفة دانيل شتاينفورت “نصراً للنظام”.

فقد كانت هذه المدينة أحد أهم معاقل معارضي الأسد، بحسب الصحفي، الذي يذكّر بضحايا هجوم قوات النظام بالغازات السامة على المدينة الذي أسفر عن سقوط 86 ضحية على أقل تقدير. الهجوم الذي “أجبر” ترامب على التدخل في الحرب القائمة هناك، وذلك من خلال شن هجمات صاروخية على قواعد القوات الجوية السورية، لكن الهجوم لم يتطور إلى أكثر من ذلك.

أما بالنسبة للقوى الأجنبية الأخرى المتواجدة “في الدولة العربية السورية” وهي روسيا وإيران وتركيا، فقد استمرت بحماية مصالحها هناك. روسيا من خلال الهجمات الجوية على مواقع عسكرية ومدنية في سوريا، وقوات الحرس الثوري الإيراني، التي هجّرت الآلاف من السوريين من منازلهم، وكذلك الدبابات التركية التي دخلت إلى شمال البلاد.

ومن أجل حماية نظام الأسد أو المحافظة على وجودهم هناك أو لمنع استتباب حكم كردي مستقل في شمال سوريا، قامت ما تسمى بقوى الحماية بعقد “قمة سلام” صدر عنها قرار يقضي بتهيئة مناطق منزوعة السلاح يجد فيها اللاجئون الحماية وكانت إدلب من بين هذه المناطق، “ولكن وكالعادة في سوريا لم يتم الالتزام بالهدنة”، كما يقول الصحفي. فلا يجد الناس الهاربون من إدلب الأمن لا من طرف النظام ولا من طرف “متشددي حركة حياة تحرير الشام”، حيث لم يجد آلاف الأشخاص الذين هربوا من القصف “سبيلاً آخر إلّا محاولة التفاهم مع المتشددين الإسلاميين هناك”. من جهة أخرى، فإن الهرب إلى دول مجاورة أو أجنبية غير ممكن فقد سدّ الطريق في وجوههم وخيار تسليم أنفسهم للنظام “لا يعد بديلاً أبداً، حيث أن التقارير عن التعذيب والقتل والتجنيد الإجباري في المناطق التي يفترض أن يعم بها السلام تنتشر في كل مكان”.

دانيل شتاينفورت يرى أنّ نظام الأسد “لا يبحث عن مصالحة ولكن عن انتقام في المنطقة.. بعد الدخول إلى أي بلدة يبدأ الهدم أو التحويل إلى مراكز عسكرية ويصبح الأمر والنهي بيد أتباع الأسد، الذين يعتبرون بدورهم البلد فريسة لهم على كل حال”.

في ختام مقالته، يتكهن الصحفي بانتهاء الحرب على المستوى العسكري في سوريا، ولكنه يتوقع أيضاً مزيدا من المعاناة للمدنيين الذين سيكونون تحت رحمة نظام الأسد وحده، ويقول: “سيكونون ربما في مأمن من الهجمات الجوية ولكن ليس من قوات الأسد ومخابراته”، حيث “لن يأمنوا تعسّف وعنف الدولة”، ومع وصول هذه الحرب إلى نهايتها، “لن يكون العالم قد تخلّص من الأسباب التي أدت إلى قيام المقاومة ضد أقل دكتاتوريي العالم ضميراً”، و بحسب شتاينفورت “يجب أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار عند الحديث عن نهاية الحرب في سوريا وعن الفوضى وأزمة اللاجئين”،

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية