مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الشركات سويسرية .. والـمُـدراء أجـانـب

في عالم اليوم، يمثل مدراء كبريات الشركات اهتمامات ومصالح مؤسساتهم بغض النظر عن الدول التي تمارس فيها نشاطاتها swissinfo.ch

لاشك أن نجاح الشركات السويسرية في تحقيق أرباح جيدة وتقدم مطرد رغم التنافس الاقتصادي العالمي، يدفع إلى التساؤل حول شخصيات المدراء الذين يقفون على رأسها.

فريق من الباحثين في جامعة فريبورغ جمع السير الذاتية لـ 700 مدير يمسكون بزمام أكثر الشركات السويسرية شهرة ونجاحا، وقرأها بعناية فائقة فجاءت النتيجة .. مثيرة!

أوسفالد غروبل وبيتر برابيك وجيمس شيرو، أسماء ترتبط دائما بكبريات الشركات والمؤسسات السويسرية العالمية، فمنهم مدراء لمؤسسات كريدي سويس ونستلة وزيورخ للتأمينات (على الترتيب) والقاسم المشترك بينهم أنهم أجانب، يقدمون من ألمانيا والنمسا والولايات المتحدة.

هذه العينة ليست حالات نادرة أو خاصة، بل يمثلون ظاهرة معروفة أكدتها دراسة قامت بها جامعة فريبورغ، التي توصلت إلى أن 44% من مدراء كبريات المؤسسات والشركات السويسرية، أجانب لا يحملون الجنسية السويسرية.

الدراسة بحثت عن الكوادر الإدارية والتقنية والفنية العليا في أكثر الشركات السويسرية شهرة ونجاحا، والتي يصل عددها إلى 700، للتعرف على هوية من يمثلون قمة هرم الاقتصاد السويسري أمام العالم، فوجدت أن 41% من الشركات تستعين بالكفاءات الأجنبية في إدارة شؤونها، وترتفع هذه النسبة إلى 50% في أول 50 شركة تقف على رأس قائمة مؤشر التداول في سوق الأوراق المالية السويسرية في زيورخ SMI.

وهنا درسوا أيضا

وتقول الدراسة أن السبب الرئيس وراء هذه النسبة المرتفعة من المدراء والكوادر العليا الأجنبية في الشركات السويسرية، يعود إلى أن أغلبها في أياد مستثمرين أجانب، أو مملوكة لشركات غير سويسرية (معظمها ألمانية)، عادة ما تفضل أن يقف واحد من أبنائها على رأس الشركة ليتابع اهتماماتها ومصالحها في سويسرا.

في المقابل، كشفت الدراسة أن حوالي 50% من المدراء الأجانب العاملين في سويسرا تلقوا تعليمهم الجامعي إما في جامعة سان غالن الاقتصادية (21%)، أو في المعهد الفدرالي العالي للتقنية في زيورخ ETHZ حوالي 25%، أي في اثنتين من القلاع العلمية الشهيرة في سويسرا وأوروبا، وتوزعت نسبة 5% منهم على بقية الجامعات السويسرية، وهو ما يشير إلى أن التطبع بالطريقة السويسرية في التفكير والمنهجية العلمية والعملية له دور أيضا في وصول المدراء إلى تلك المناصب العالية.

وتقول الدراسة أن السبب في حصول الجامعتين على هذه المرتبة من الاهتمام، هو أن نسبة كبيرة من النابغين ذوي الطموح الأكاديمي والمهني سواء في سويسرا أو العالم يطمعون في الدراسة فيهما، كما أنهما يضمان سويا 20% من إجمالي الطلبة الدارسين في الكنفدرالية، فضلا عن أجواء التنافس التي تسري بين الطلاب، أملا في الوصول إلى نفس المستوى الذي حققه الخريجون السابقون، لذا يبذل كل فرد منهم أقصى طاقاته لإظهار نبوغه وقدراته.

وتلعب اللغة أيضا دورا في توزيع المدراء الأجانب في المناطق السويسرية، حيث اتضح أن ما بين 6 و 5% فقط من العاملين منهم في شرق سويسرا (الناطق بالألمانية) لا يقدمون من النمسا أو ألمانيا، بينما يكثر المدراء القادمون من دول غير ناطقة بالألمانية، لاسيما من شمال القارة الأمريكية في الشركات العاملة في غرب سويسرا الناطق بالفرنسية أو جنوبها المتحدث بالإيطالية.

والكوادر الأجنبية تحب سويسرا

وكان من الطبيعي أن تقارن الدراسة بين مسيرة الحياة العملية لكل من المدير السويسري والأجنبي، فوجدت أن أغلب المدراء السويسريين وصلوا إلى مناصبهم من خلال التدرج الوظيفي في الشركات أو المؤسسات التي انطلقت فيها مسيرتهم العملية، كموظف في هذا البنك أو محاسب في تلك الشركة، أو مندوب مبيعات أو ممثل لشركة تأمين، ومن خلال مواصلة التعليم والدورات التدريبية يتدرج في الهيكل الوظيفي وصولا إلى الكادر الإداري العالي.

على العكس من ذلك، اكتشفت الدراسة أن أغلب المدراء الأجانب العاملين في سويسرا، لهم تاريخ أكاديمي طويل، وخبرات متعددة بين شركات مختلفة، ولكنهم في الكثير من الحالات يستمرون في العمل لمدة 10 سنوات في نفس المؤسسة قبل تولية إدارتها، أو رعاية اهتماماتها في الخارج.

الفارق الآخر أيضا هو أن المدراء الأجانب أكثر مرونة في القبول بالعمل في خارج حدود بلادهم، على عكس بعض الكوادر السويسرية التي قد ترفض الانتقال من غرب سويسرا إلى شرقها أو العكس بسبب الاختلاف اللغوي، فيؤول المنصب إلى مدير أجنبي لا يشكل له العيش في سويسرا مشكلة.

وقد تزامن الإعلان عن هذه الدراسة مع نشر نتيجة استطلاع للرأي أجراه أحد معاهد سبر الآراء وجد أن 55% من مدراء كبريات الشركات السويسرية يرون في الكنفدرالية مكانا “جيدا” لشركاتهم، و40% يعتبرونها “مناسبة” ولم يصف أحدهم سويسرا بأنها لا تصلح مقرا لشركته أو مصنعه، وهو ما يفسر إقبال المدراء الأجانب على العمل في الكنفدرالية، بغض النظر عن الإختلاف الثقافي أو اللغوي أحيانا.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على سويسرا بل تنتشر في أغلب الدول الصناعية الكبرى، ولكن ليس بنفس النسبة. حيث تصل – حسب الدراسة – في كل من فنلندا والسويد والدنمارك إلى 10% وتنخفض في ألمانيا إلى 5%، بحكم أنها الأكبر تعدادا للسكان في أوروبا (82 مليون نسمة)، ومع ذلك ليس من المستبعد أن يكون من بين المدراء الأجانب في شركات البلدان الأوروبية من هم من أبناء سويسرا.

تامر أبوالعينين – سويس انفو

شملت الدراسة السير الذاتية لمدراء كبريات الشركات السويسرية وبحثت في مسيرتهم التعليمية والمهنية، ووجدت أن 50% من مدراء أكثر الشركات السويسرية شهرة أجانب.

كشفت دراسة أكاديمية أجراها فريق من الباحثين في جامعة فريبورغ أن 50% من مدراء كبريات الشركات السويسرية أجانب.
أغلب المدراء والكوادر الإدارية والفنية العليا ينحدرون من المانيا والنمسا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
توصلت الدراسة إلى أن ملكية الشركات السويسرية من طرف مؤسسات وأطراف أجنبية هي السبب في الإستعانة بالخبرات الإدارية الأجنبية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية