مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصحف: تصويت تاريخي قد لا يؤدي إلى التوافق الحكومي المنشود

تعلّق الصحف الآمال على الوزيرة سوماروغا وزميلها شنايدر- أمّان في إستعادة الثقة في أداء الحكومة، والتوافق داخلها EQ Images

ابتهجت الصحف السويسرية بالخطوة التاريخية التي قطعتها سويسرا يوم الخميس 23 سبتمبر 2010 بعد سيطرة غالبية نسائية على مقاعد الحكومة الفدرالية لأوّل مرة. وفي نفس السياق تأسفت للخيبة التي منيت بها كاترين كيلّر شوتّر.

لكن الصحف حذّرت من أن التركيبة الحكومية التي أسفرت عن اقتراع الأمس والتي فازت فيها سيمونيتا سوماروغا، ويوهان شنايدر- أمّان، لن تستمر طويلا، وجاء في كلمة افتتاح “لاتريبون دي جنيف”: “تأملوا جيّدا تشكيلة هذه الحكومة حيث يسود أربعة نساء، لا يمكن لأحد ان يضمن استمرار هذه التركيبة التاريخية أمام التقلبات السياسية المقبلة”.

أما صحيفة “لوتون” الناطقة بالفرنسية والصادرة هي الأخرى بجنيف، فقد أشادت بالهدوء والحكمة اللتان سادتا تحت قبة البرلمان خلال عملية انتخاب عضويْن جديدين بالحكومة.

وأرجعت غياب عنصر المفاجئة فيها إلى أنه “لا أحد كان يشكك في حق الحزب الإشتراكي والحزب الراديكالي الليبرالي في الإحتفاظ بالمقعدين المتنافس عليهما”، خاصة وأنه ليس من مصلحة أحد خلط الأوراق، وقلب المعادلات السياسية القائمة في فترة لا يفصل بينها وبين الانتخابات التشريعية المقبلة سوى 12 شهرا.

الدلالات السياسية

وعن الدلالات السياسية التي تحملها التركيبة الجديدة، رأت صحيفة “لوتون” في اختيار البرلمان بالأمس تعبير عن وعي النواب”بحاجة البلاد إلى الاستقرار وإلى حكومة متماسكة تستعيد الثقة بعدما أظهره الفريق السابق من سوء إدارة لبعض الملفات (الأزمة مع ليبيا، والمصاعب التي واجهت مصرف يو بي إس في الولايات المتحدة الامريكية)، والإستقالات المتتابعة”.

غير أن هذا الاستقرار وهذا التماسك، لا تجد صحيفتا “إيكسبرس” و”أمبرسيال” ما يصدقهما في الحقيقة: “هذه الحكومة ذات الغالبية النسائية هي الأكثر هشاشة في تاريخ الحكومات السويسرية”، بحسب رأي هذين الصحيفتيْن.

وتعتبر صحيفة “إيكسبرس”: “أن مقعد إيفلين فيدمر شلومبف، وزيرة العدل والشرطة، هو الأكثر عرضة للخطر”، وترى أن “على ميشلين كالمي-ري أن تغادر الوزارة قريبا”، وبالنتيجة لا تستبعد هذه الصحيفة “أنه بحلول نهاية 2012، يكون من بين أعضاء الحكومة امرأتان فقط”.

في سياق متصل، اعتبرت صحيفة “لوماتان” الناطقة بالفرنسية والصادرة بلوزان وتحت عنوان “بشرط الإستمرار والبقاء” أن انتخابات الأمس تعد تاريخية، لكن إستمرار النتائج التي أسفرت عنها مشكوك فيه “، فالعنصر النسائي “يواجه دائما صعوبة في فرض ذاته”، ولتأكيد ما سبق، ترى الصحيفة في مثال كاترين كيلّر- شوتّر، خير دليل “فرغم مسيرتها السياسية الناجحة، لم يكن النجاح حليفها، أمام منافسة يوهان شنايدر- أمّان، الرجل البالغ ستين عاما”.

أي حضور لحزب الشعب؟

الصحف السويسرية الناطقة بالألمانية أجمعت هي الأخرى على الإشادة بالنتائج التي أسفرت على إقتراع الأمس كما هو حال صحيفة “بليك” واسعة الانتشار، والصادرة بزيورخ. فهذه الأخيرة فضلا عن إشادتها بوصول غالبية من النساء إلى الحكومة لأول مرة في سويسرا، حيّت كذلك صمود البرلمان والحزب الراديكالي الليبرالي لضغوط لوبي المصارف بزيورخ من خلال تأييدهم ودعمهم ليوهان شنايدر- أمّان المعروف بانتقاداته لهذه الدوائر.

كذلك أبدت الصحف الناطقة بالألمانية انشغالا كبيرا بالدور الذي لعبه حزب الشعب في هذا الإقتراع. وتتهمه صحيفة “التاغس أنتسايغر” بلعب دور مشبوه في الإقصاء المبكّر لكل من جاكلين فهر، وكارين كيلّر- شوتر، ووصفت خروج المرشحتيْن من السباق بما أسمته “وصمة عار”.

أما صحيفة “دربوند” الناطقة هي الأخرى بالألمانية، ورغم تنويهها بنتائج إقتراع أمس، ذهبت إلى “إنه اقتراع يدلّ على أن النظام السياسي في سويسرا لم يتعاف، ولم يأخذ شكله الطبيعي المفترض”. وهي تشير بذلك إلى حيازة حزب الشعب لمقعد واحد بالحكومة رغم أنه يمثل 30% من القاعدة الانتخابية في البلاد. نفس المقاربة نجدها ايضا على صفحات “بازلر تسايتونغ” (تصدر بالألمانية في بازل)، والتي ترى “جذور الشر” في أن الحزب الذي يمثل القاعدة الانتخابية الأكبر في سويسرا، لا يحتل سوى مقعد واحد في الحكومة.

وترى هذه الصحيفة الصادرة ببازل ضرورة إصلاح “هذا الخطأ” خلال الانتخابات الفدرالية المقبلة، وهي تلمّح بذلك إلى قرب نهاية أيام إيفلين فيدمر- شلومبف بالحكومة. وبالنسبة لصحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ”: “لا مستقبل للتوافق داخل الحكومة ما لم يستعيد حزب الشعب مقعده الثاني”.

حدث تاريخي.. ووفاق منشود

في جنوب سويسرا، اهتمت اليوميات الثلاثة الصادرة في كانتون تيتشينو بالحدث ونوهت صحيفة “كوريري دل تيتشينو” (تصدر في لوغانو) إلى أن الجمعية الفدرالية “فضلت شخصيتين إدماجيتين على مرشحتين تتمتعان بنفس القدر من الكفاءة ولكنهما أكثر نزوعا إلى الإستقطاب”، ومع أن اليمين المفتول العضلات كان يفضل سياسية اشتراكية صلبة مثل جاكلين فيهر (نائبة رئيس الحزب) تماما مثل اليسار المناضل لكن “الأغلبية اختارت (سيمونيتا) سوماروغا الوسطية (التوجه)”، مثلما جاء في تقييم الصحيفة.

صحيفة “لاريجيوني” (تصدر في بيلينزونا عاصمة الكانتون) توقفت عند المسحة التاريخية التي طبعت انتخابات 22 سبتمبر وقالت “لقد كتب فصل تاريخي آخر اليوم في مسار تقدم النساء على الركح الفسيح للسياسة الفدرالية.. خطوة تلو الأخرى صعودا ووصولا إلى داخل قمرة القيادة اليوم (للمرة الأولى)”. وذكرت الصحيفة بأن هذا “التاريخ الطويل والمتعرج بدأ قبل أربعين عاما بإقرار حق التصويت والترشح بعد عشريات من الكفاح والجذب إلى الخلف”.

في المقابل، أعربت صحيفة “جيورنالي دل بوبولو” (تصدر في لوغانو) عن أسفها لاستمرار غياب ممثل للأقلية المتحدثة بالإيطالية في البلاد عن تشكيلة الحكومة الفدرالية وأشارت إلى أن ترشح النائب إينياتسيو كاسيس الرمزي في بداية السباق (لم يحصل إلا على 12 صوتا) جاء “لتنشيط ذاكرة العديد من سكان الكنفدرالية الذين كثيرا ما يتناسون أنه لا وجود لسويسرا بدون أقليتها المتحدثة بالإيطالية”.

1959 – 2003: الحقبة الطويلة لما عُـرف بالمعادلة السحرية: مقعدان للحزب الاشتراكي ومقعدان للحزب الليبرالي الراديكالي ومقعدان للحزب الديمقراطي المسيحي ومقعد لحزب الشعب السويسري.

2004 – 2007: حزب الشعب السويسري، يفتكّ عن طريق كيستوف بلوخر، مقعدا من الحزب الديمقراطي المسيحي، لتُـصبح المعادلة كالتالي: مقعدان للحزب الاشتراكي ومقعدان للحزب الليبرالي الراديكالي ومقعدان لحزب الشعب السويسري ومقعد للحزب الديمقراطي المسيحي.

ديسمبر 2007: إقصاء كريستوف بلوخر من الحكومة والبرلمان ينتخب زميلته في الحزب إيفلين فيدمر – شلومبف عوضا عنه، وهي القطرة التي أفاضت الكأس وأدت إلى حدوث انشقاق داخل حزب الشعب تمخض عنه تأسيس الحزب البورجوازي الديمقراطي.

2008: الوزيران الممثلان لحزب الشعب في الحكومة الفدرالية، وهما إيفلين فيدمر – شلومبف وسامويل شميد يغادران الحزب وينضمان إلى الحزب البورجوازي الديمقراطي الجديد، وتُـصبح المعادلة كالتالي: مقعدان للحزب الاشتراكي ومقعدان للحزب الليبرالي الراديكالي ومقعدان للحزب البورجوازي الديمقراطي ومقعد للحزب الديمقراطي المسيحي.

2009: في يناير، عاد حزب الشعب إلى الحكومة عن طريق أولي ماورر، الذي خلف صامويل شميد، المستقيل، لتصبح المعادلة كالتالي: مقعدان للحزب الاشتراكي ومقعدان للحزب الليبرالي الراديكالي ومقعد لحزب الشعب السويسري ومقعد للحزب البورجوازي الديمقراطي ومقعد للحزب الديمقراطي المسيحي.

في سبتمبر 2009: التحق الراديكالي ديديي بوركالتر بالحكومة، خلفا لزميله المستقيل من نفس الحزب باسكال كوشبان.

صيف 2010: الاشتراكي موريتس لوينبرغر والراديكالي هانس رودولف – ميرتس، يعلنان عن استقالتهما في شهر أكتوبر. وفي 22 سبتمبر 2010، انتخبت الجمعية الفدرالية (تتركب من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ) كلا من سيمونيتا سوماروغا ويوهان شنايدر – أمّـان خلفا لهما.

تبعا لذلك أصبحت الحكومة الفدرالية متركبة من أربع نساء وثلاث رجال وذلك للمرة الأولى في تاريخ سويسرا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية