مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

رفض برلماني لحظر استيراد مُنتجات الحيوانات المُعرّضة لسوء المعاملة

Eine Gans wird zwangsgefüttert
يتم إطعام البط والأوز قسرا في فرنسا، لكن هذه الممارسات غير مسموح بها في سويسرا . Keystone

كانت سويسرا أول دولة في العالم تحظر استخدام أقفاص البطاريات في تربية الدجاج. مع ذلك، مايزال استيراد البيض الناتج عن تربية الدجاج بهذه الطريقة مَسمُوحاً به في البلاد. كذلك تستورد سويسرا أكباد الأوز المُسَمَّنة وأرجل الضفادع والفراء واللحوم الحلال أيضاً. ومن غير المُتَوقع حدوث أي تغيير بهذا الشأن في المستقبل القريب، لا سيما مع رفض البرلمان مقترحا يدعو إلى حَظر استيراد هذه المنتجات التي تُعَرِّض الحيوانات إلى معاملة سيئة للغاية.

النقاش الذي دارت أطواره يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2017 في مجلس الشيوخ (الغرفة العليا من البرلمان الفدرالي) تَمَحوَر حول مسألة جوهرية: هل يُمكن السماح باستيراد مُنتجات حيوانية تُصَنَّع بطريقة تحظرها القوانين السويسرية؟ الجواب هو “لا”، كما يرى ماتياس إيبيشر، من الحزب الإشتراكي، الذي طالب من خلال مقترحرابط خارجي تقدم به، بِحَظر استيراد المُنتجات الغذائية التي تتسبب بتعذيب الحيوانات إلى سويسرا. وأورد كأمثلة على ذلك أكباد الأوز المُسمَّنة (المسماة “فوا غرا Foie Gras” بالفرنسية) ، وأرجل الضفادع.

هذا المقترح أثار موجة من الإعتراضات في القاعة: إذ لم يشعر مواطنو سويسرا الروماندية (أي المتحدثة بالفرنسية) – الذين يعتبرون وجبة أكباد الأوز المُسمَّنة وخاصة في عيد الميلاد ورأس السنة – “وجبة طعام تقليدية” بالإهانة فحسب، لكن ما زاد الأمر حساسية هو رغبة شخص من سويسرا الناطقة بالألمانية بِحَظرها. بدورهم، شكل صنّاع الساعات أيضاً مجموعة ضغط مناهضة للمقترح، بسبب أساور الساعات المصنوعة من جلود الثعابين أو التماسيح. كذلك انضم اليهود إلى المعارضين لهذا المقترح بسبب خشيتهم من احتمال حَظر استيراد طعام الكوشررابط خارجي (أو الكاشير)، أي المذبوح وفقا لتعاليم الشريعة اليهودية.

وكانت الشحيطة (أي ذبح الطيور والحيوانات الثديية في اليهودية بقطع عنقها بسكين حادة لإخراج الدم) قد حُظِرَت في سويسرا منذ عام 1893. ولا يُسمَح بِذَبح الحيوانات بهذه الطريقة إلّا بعد تخديرها مُسبقاً. وفقا لعدد من المدارس الفقهية الإسلامية، يُسمَح بتخدير الحيوانات قبل ذبحها، لذا يُمكن العثور على محلات الذبح الحلال رابط خارجيفي أنحاء سويسرا. على الجانب الآخر، لا يُسمح بتخدير الحيوان قبل الذبح وفقاً للعقيدة اليهودية – بسبب تأثير العديد من أنواع التخدير على حيوية الحيوان قبل الذبح – الأمر الذي يُحتم استيراد لحوم الكوشررابط خارجي من الخارج بالتالي. 

Schafe mit durchgeschnittener Kehle hängen am Haken
في هذا المحل الكبير للجزارة في كانتون ريف بازل الذي يديره مسلمون يتم تخدير الحيوانات قبل ذبحها، لكن اللحم ما يزال حلالاً مع ذلك. Keystone

الإنتاج محظور.. لكن الإستيراد مسموح!

فى الوقت الذى وافق فيه مجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان الفدرالي) على هذا المقترح في شهر يونيو المنقضي، إلّا أنه قوبل بالرفض في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء 28 نوفمبر، بأغلبية 37 صوتاً مقابل 4 أصوات، وامتناع عضو واحد عن التصويت.

بقراره هذا، يحذو مجلس الشيوخ حذو الحكومة الفدرالية التي أوصت بِرَفض هذا المُقترح. ووفقا للحكومة السويسرية، لا يُمكن تصنيف جميع المنتجات التي لم تُصَنَّع وفقا للتشريعات السويسرية المتعلقة بحماية الحيوان تلقائياً بكونها “مؤذية للحيوان”. وكما جاء في البيان الصادر عن الحكومة، فان مثل هذا الحَظر العام على الواردات لا يتفق مع القانون الدولى.

ومن خلال هذا الرفض، يظل التضارب بين لوائح الإنتاج المحلية والمُنتجات المستوردة قائماً. وفي هذا السياق، أعلنت مؤسسة الحيوان في القانونرابط خارجي (Tier im Recht) استنكارها لهذا القرار. وكما جاء على لسان فاليسكا بينهارت العاملة في المؤسسة: “لأسباب أخلاقية، يجب أن لا تُطلَب أو تُستورَد مُنتجات تحظرها سويسرا لأسباب تتعلق برفاهية وكرامة الحيوانات من الخارج”.

الأسباب التي تدفع ناشطي حقوق الحيوان إلى تصنيف المنتجات التالية بوصفها تتسبب بتعذيب الحيوانات (وفقاً لمعطيات مؤسسة الحيوان في القانون):

البيض المُنتج من الدجاج الذي يُربى في أقفاص البطاريات: تعيش الحيونات هنا في أماكن مُقفلة داخل أقفاص ضيقة جداً، وهذه المُمارسة مَحظورة في سويسرا.

أكباد الأوز المُسمنّة (المسمات “فوا غرا” Foie Gras): لإنتاج هذه المادة الغذائية، يتم إطعام الأوز والبط قسراً عدة مرات يومياً باستخدام أنبوب معدني، بغية تكبير أكبادهم وجعلها دهنية. وغالباً ما يتسبب دَس هذا الأنبوب المعدني إلى مريء الحيوان بإصابتة بجروح. وهذه المُمارسة محظورة في سويسرا صراحة باعتبارها معاملة وحشية للحيوان.

أرجل الضفادع: عادة ما تُقَطَّع أرجل الضفادع دون تخديرها مُسبقاً. وهي غالباً ما تعاني لعدة ساعات حتى تموت في النهاية. وهذه الأساليب المستخدمة في الخارج للحظي بأرجل الضفادع محظورة في سويسرا صراحة.

اللحوم الحلال والكوشر (أو الكاشير): في حال عدم تخدير الحيوان قبل الذبح وفق أحكام الشحيطة: وفقا لورقة الموقف المقدمة من قبل منظمات يهودية، تظهر التقارير العلمية أن مُعاناة الحيوانات عند الذبح وفقاً للطقوس المُتبعة لا تزيد عن معاناتهم عند الذبح بالطريقة التقليدية. لكن مؤسسة “الحيوان في القانون” (Tier im Recht) السويسرية ترى الأمر بشكل مختلف. وهي تقول إن الذبح الذي يتم بدون تخدير مُسبق، يرتبط بمخاوف وآلام كبيرة عند الحيوان. وهذا الأمر أكدته أيضاً – من بين أمور أخرى – دراسة صادرة عن نقابة المهن البيطرية السويسرية. ولا يُسمَح بذبح الثدييات في سويسرا إلّا تحت التخدير المُسبق. على الجانب الآخر، يُسمح بذبح الدواجن في البلاد بدون اللجوء إلى التخدير.

الفراء: هنا تتعرض الحيوانات المحبوسة في أقفاص ضيقة ذات أرضيات مصنَّعة من شبكات سلكية إلى معاناة حسية مفرطة ومتواصلة، دون أن تكون لديها فرص للهرب. وفي العادة، يتم اصطياد الحيوانات التي تُسلب من حريتها في البرّية بواسطة الفخاخ، التي كثيراً ما تسبب لها إصابات خطيرة تعاني بسببها، وتموت بطريقة مؤلمة جداً في الغالب.

سرطان البحر (اللوبستر) الحي، والكركند الشائك والجمبري: يتم تخزين هذه الحيوانات قبل النقل وبعده داخل حاويات ضيقة، حيث يصابون بجروح ويتعرضون إلى إجهاد شديد. وبحسب بحوث علمية صدرت مؤخراً، تشعر هذه الحيوان بالألم عند وضعها في الماء المغليّ وهي لا تزال على قيد الحياة.

بيوض السمان: من أجل إنتاج بيض السمان، تكدَّس طيور السمان المهاجرة التي عادة ما تعيش في مجموعات صغيرة، داخل اقفاص البطاريات، التي بالكاد ما تترك لها مجالاً للحركة. ومثل هذه الطريقة في حفظ الحيوانات محظورة في سويسرا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية