مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العراق، الغائب الحاضر في مؤتمر أوبك

أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في افتتاح الاجتماع الاستثنائي لأوبك يوم الأربعاء في الدوحة Keystone

أقر الاجتماع الاستثنائي لمنظمة البلدان المصدرة للنفط في الدوحة يوم الأربعاء الحفاظ على سقف الإنتاج الحالي للمنظمة.

وكان العراق، العضو المؤسس لأوبك، الغائب الحاضر في مؤتمر الدوحة الذي ركّـز على مضاعفات عودة النفط العراقي إلى الأسواق.

لم يكن كرسي العراق الفارغ في اجتماع “أوبك” الاستثنائي يوم الأربعاء في العاصمة القطرية، محل اهتمام مصوري الصحافة وحدهم، بل كان الرقم الأصعب والأكثر حضورا في نفوس الوزراء السبعة عشر من داخل وخارج “أوبك” الذين شاركوا في الاجتماع.

وبسبب التوجس الكبير وعدم وضوح الصورة في ظل غياب العراق عن اجتماعات الدول المصدرة للنفط، لم يجد اجتماع الدوحة أمامه سوى الركون إلى أسهل الحلول وأسلمها، ملخصا قراراته في المحافظة على سقف الإنتاج الحالي عند 25،4 مليون برميل يوميا حتى موعد المؤتمر العادي المقرر يوم 30 يوليو المقبل، وذلك “حتى تتسنى مراقبة السوق”، على حد تعبير رئيس “أوبك” ووزير الطاقة والصناعة القطري، عبد الله بن حمد العطية.

لكن ورغم قرار الإبقاء على سقف الإنتاج الحالي، فإن نبرة من القلق لم تكن خافية في تصريحات الوزراء حول مستقبل المنظمة في ظل الشائعات المترددة حول إمكانية مغادرة العراق منظمة “أوبك”، وعدم اليقين من قرار عودته بعد أن أصبح رسميا تحت سلطة الاحتلال الأمريكي، التي يمكن أن تكون لها أجندة نفطية مختلفة عن أجندة دول “أوبك”.

وينظر المراقبون إلى الخمسة مليارات من الدولارات، التي دفعتها واشنطن لشركات أمريكية لتأهيل قطاع النفط العراقي، بنوع من الارتياب حول ما إذا كان ذلك لا يخفي رغبة في التمرد على “أوبك”.

الانتظار الحذر

ولذلك، التزم الوزراء الحذر في حديثهم حول الموضوع واكتفوا بإطلاق الأماني بشأن عودة قريبة للعراق، مع إعلانات متفرقة من الوزراء حول نيتهم بناء قناة اتصال مع الإدارة الأمريكية في بغداد، ومع “وعد بتقديم المساعدة للعراق، لكي يعود عضوا فاعلا في المنظمة”، كما قال الوزير عبد الله العطية بعد الاجتماع.

ولم يشذ أحد عن هذه القاعدة، بما في ذلك وزير النفط الكويتي بالوكالة، أحمد الفهد الصباح، الذي دعا إلى “مراقبة عودة النفط العراقي باهتمام كبير، حتى لا يكون هناك إغراق للأسواق”.

لكن في المقابل، قال وزير النفط الفينزويلي، إن هناك اتفاقا مجمعا بين وزراء “أوبك” على عدم السماح للعراق بالحضور لحين تشكيل حكومة معترف بها دوليا.

كما دافع وزير الطاقة القطري بقوة عن عدم توجيه دعوة للعراق، رغم الأسف الذي أعرب عنه عشية الاجتماع المسؤول الحالي عن قطاع النفط العراقي تامر الغضبان، الذي عيّـنته الإدارة الأمريكية.

وقال العطية ردا على ذلك، “لقد وجهنا الدعوة للعراق، لكن يبدو أن الظروف السياسية لم تتهيأ بعد لمشاركته في اجتماعاتنا”، فيما أردف وزير النفط الإيراني قائلا “سيغيب العراق عن “أوبك” حتى تشكيل حكومة معترف بها دوليا”.

لكن الوزراء اتفقوا في المقابل على استئناف الاتصالات مع الإدارة المدنية الأمريكية في بغداد، لعلهم يحصلون منها على إشارات عن المقبل المجهول، وهو ما أعرب عنه الوزير الكويتي بالقول، “إن منظمة “أوبك” تعتزم إجراء اتصالات مع العراق لاستعادة علاقاته بالمنظمة قريبا”.

الخوف من عودة النفط العراقي؟

لكن العراق الحاضر الغائب بقوة في اجتماع الدوحة لا يثير التوجس بشأن عودته إلى المنظمة من عدمها فحسب، وإنما من الممكن أن يدخل الارتباك على الإنتاج والأسعار في المستقبل القريب أيضا. لذلك، يدعو رئيس أوبك إلى “الاجتهاد للحيلولة دون حدوث مشاكل أو تقلبات في الأسعار، بسبب دخول النفط العراقي فجأة للأسواق”، مستبقا ذلك الأمر بقرار تخفيض الإنتاج الحتمي في تلك الحالة، حتى لا تتردى الأسعار.

ولم يستبعد الوزير الكويتي اجتماعا استثنائيا آخر قبل المؤتمر العادي في أواخر يوليو المقبل، إذا عاد النفط العراقي إلى السوق، وإذا ظلت هذه العودة تحت السيطرة في حال لم يتعد الإنتاج العراقي معدله القديم بـ 2,5 مليون برميل يوميا خلال السبعة شهور الماضية. لكن الأمر قد يخرج عن التكهن إذا بلغ إنتاجه اليومي مليون ونصف المليون برميل في أواخر السنة الحالية، مثلما قال رئيس “أوبك” نقلا عن مسؤولين عراقيين. ولعل ذلك ما دفع وزراء الدول المصدرة للنفط من خارج “أوبك” إلى لفت الانتباه بإعلان مساندتهم التامة لزملائهم في داخل المنظمة بما يُـفهم منه أن التوجس مما قد يفعله العراق، قد أصبح أمرا يخص الجميع.

وغير بعيد عن ذلك، تلقى الوزراء المجتمعون في الدوحة مكالمات هاتفية لافتة من وزير الطاقة الأمريكي عشية اجتماعهم. وفيما ذهب البعض إلى التخمين بأن اتصال الوزير الأمريكي ضرب من الضغط على الاجتماع، نفى عبد الله العطية ذلك وقال، إن الاتصال كان بغرض التنسيق والتشاور، منوها إلى أن الوزير الأمريكي لم يطلب شيئا محددا، سواء يتعلق بخفض الإنتاج أو بالعراق.

غير أن المراقبين ما زالوا ينظرون إلى ذلك الاتصال على أنه مناورة أمريكية نجحت في كل الأحوال والفرضيات في إبقاء الوضع على ما هو عليه حتى إشعار آخر.

وفي المحصلة، تبدو اللعبة بين “أوبك” ومسانديها من الخارج، وبين العراق ممثلا في الإدارة الأمريكية، شبيهة إلى حد كبير بلعبة “الغميضة”، التي يبحث فيها كل عن الآخر بعيون مضببة وبإضمار ما لا يظهر.

فلم يكن أمام وزراء “أوبك” من بـدّ، سوى رسم السياسات القصيرة المدى حتى يوليو المقبل “على أمل أن تكون الصورة قد توضّـحت تماما، “فتصبح “أوبك” قادرة على اتخاذ قرار بشكل أفضل من الآن”، كما قال المندوب الكويتي أحمد الفهد الصباح.

فيصل البعطوط – الدوحة

تأسست منظمة أوبك عام 1960 في بغداد
الدول المؤسسة للمنظمة هي: العراق، إيران، الكويت، السعودية وفينزويلا
انضمت فيما بعد للمنظمة 6 دول هي، قطر واندونيسيا وليبيا والامارات والجزائر ونايجيريا
تهدف المنظمة إلى تنسيق السياسات النفطية للدول الأعضاء بهدف الحفاظ على استقرار الأسواق والأسعار
كان مقر المنظمة منذ تأسيسها ولمدة 5 سنوات في جنيف
انتقلت المنظمة عام 1965 إلى مقرها الحالي في فيينا
تملك دول المنظمة أكبر احتياطي نفطي في العالم
سقف الانتاج الحالي لأوبك: 24،5 مليون برميل يوميا

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية