مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القضاء يُبرئ أول نائب سويسري من أصل إفريقي من تهمة الغش الإنتخابي

النائب ريكاردو لومينغو يتحدث إلى وسائل الإعلام يوم 18 مايو 2011 في برن بعد صدور الحكم الذي برأه من تهمة الغش الإنتخابي. Keystone

"النائب البرلماني من كانتون برن، ريكاردو لومينغو، لم يرتكب غشا انتخابيا": هذا الحكم النهائي الصادر يوم الإربعاء 18 مايو 2011، عن المحكمة العليا بكانتون برن يُبطل الحكم الابتدائي الذي سبق أن صدر بحقه، لكن من السابق لأوانه معرفة التاثير الذي سيتركه هذا التطوّر على المستقبل السياسي لأوّل برلماني سويسري من أصول إفريقية.

وفي ختام جلسة المحاكمة، صرّح لومينغو: “لقد بُرّأت ساحتي تماما. لكنني لست رجلا مثاليا، وأعترف بأخطائي”، وأكد أنه لم يرتكب فعلا يُعاقب عليه القانون.

المصداقية على المحك

إذا كانت المحكمة العليا بكانتون برن قد برأته من ارتكاب جريمة الغش الإنتخابي خلال التصويت لاختيار أعضاء البرلمان المحلي للكانتون سنة 2006، فإنها لم تتسامح – رغم ذلك – مع هذا السياسي، حيث شكك رئيس المحكمة مرات عدة في مصداقية أقوال المتهم.

وتوجه فرانسوا ريدر، رئيس الجلسة بالخطاب إلى لومينغو: “إن سلوكك خلال المحاكمة ينال كثيرا من مصداقيتك”، وهو يشير بذلك للتناقضات التي شابت أقوال النائب البرلماني خلال عملية استنطاقه. وجعلت القاضي يشك في النوايا الحقيقية للمتهم الذي حاول، من خلال أقواله، التقليل من أهمية ما أقدم عليه في عام 2006.

وكانت المحكمة الابتدائية في كانتون برن قد أصدرت حكما أدانت فيه لومينغو، وهو أوّل نائب من أصول إفريقية يصل إلى البرلمان الفدرالي في سويسرا، لكونه قد ملأ بنفسه 44 بطاقة انتخابية. ولئن أقرّ المتهم في ذلك الوقت بإتيانه ذلك الفعل، فإنه أوضح بأنه فعل ذلك لمساعدة بعض الناخبين على أداء واجبهم الإنتخابي، ورفض القول بأن ذلك يمثل غشا انتخابيا. 

لا مشاركة في التصويت

رئيس المحكمة عـبّـر عن اقتناعه بأنه ليس هناك ما يثبت ارتكاب جريمة الغش الإنتخابي. فالبطاقات الإنتخابية سلمت إلى الناخبين، وقاموا هم بانفسهم إما بوضعها في صندوق الإقتراع، أو بإرسالها عبر البريد. ولم يكن لومينغو طرفا في هذه العملية، وبالتالي لم يتدخّل في عملية التصويت. وللتعبير عن ذلك، أضاف رئيس المحكمة أنه  “لم يقع تجاوز الخط الأحمر”.

وبالنسبة للسان الدفاع، لم يحصل في أي وقت من الأوقات أن كان في يد لومينغو بطاقات الناخبين، أو الظروف البريدية الخاصة بهم، كل ما وقع بيديْه هو فقط ورقات تسمى ورقات إقتراع. وبالنسبة للمحكمة، فقد تم الشروع في عملية الإقتراع، لكن الأمر لا يتعلق بالمرحلة الحاسمة منها.

تجميع الأصوات

رغم ذلك، فإن ما قام به لومينغو يدخل تحت طائلة تجميع الأصوات، وهي مخالفة يعاقب عليها القانون ظنيا، لكن المحكمة الإبتدائية لم تنظر فيها، وفي إشارة على ذلك، توجه رئيس المحكمة العليا بكانتون برن إلى لومينغو قائلا: “لقد انتهكت بملئك لبطاقات اقتراع أشخاص آخرين إحدى قواعد القانون العام”.

ويُلزم الحكم النهائي ريكاردو لومينغو بدفع جزء من تكاليف المحاكمة الابتدائية، وهو أمر اعتبره لومينغو (الذي كان يحتضن العديد من الأشخاص بعد النطق بالحكم) “مسألة لا تتعدى كونها أمرا إجرائيا بحتا”. اما النائب العام الذي طلب في بداية المحاكمة بتثبيت حكم الدائرة الاولى، فلم يقرر بعدُ ما إذا كان سيستأنف القرار الصادر عن المحكمة العليا في كانتون برن أم لا.

المستقبل السياسي

وفيما يتعلق بمستقبله السياسي، أوضح هذا النائب الذي أطرد من صفوف الحزب الإشتراكي بعد أن بدأت تحوم حوله تهمة الغش الإنتخابي، أنه لا ينوي حاليا الإلتحاق بمجموعة برلمانية جديدة لخوض الإنتخابات البرلمانية القادمة (أكتوبر 2011). أما إذا كان ينوي إعادة ترشيح نفسه، فعليه أن يحدد في القريب العاجل على أي قائمة يريد أن يخوض الإستحقاق الإنتخابي القادم.

أما فرع الحزب الإشتراكي بكانتون برن، الذي فرض على لومينغو مغادرة صفوفه منذ تفجرت هذه القضية، فهو يرى، على لسان رئيسه، أن الوقت “متأخّر جدا لكي يترشّح هذا النائب على قوائمه” لخوض الإنتخابات القادمة. ولا يخفي مسؤولوه أن إدانة لومينغو في الحكم الإبتدائي قد نالت من الثقة التي كانت تربط بينه وبين فرع الحزب الإشتراكي في كانتون برن.

ولد لومينغو يوم 22 فبراير 1962 في أنغولا. فرّ من بلاده ولم يتجاوز عمره 20 عاما، والتحق بسويسرا كطالب للجوء في عام 1982.

  

انضم ريكاردو لومينغو إلى الحزب الإشتراكي السويسري سنة 1996، بعد أن أكمل دراسة القانون بجامعة فريبورغ، ولم يكن قد حصل على الجنسية السويسرية بعدُ.

  

في عام 2005، فاز لومينغو بعضوية المجلس البلدي بمدينة بيل/بيان. وفي العام الموالي، انتخب عضوا في البرلمان المحلي لكانتون برن.

لكنه تخلى لاحقا عن العهدتين بعد أن فاز بمقعد في مجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان الفدرالي) في الإنتخابات الفدرالية التي أجريت في أكتوبر 2007.

طبقا لإحصائيات المكتب الفدرالي للهجرة فإن 3% فقط من الحاصلين على رخص إقامة لمدد طويلة هم من اصول إفريقية (إحصائيات أغسطس 2008).

  

المنتخبون من ذوي البشرة السوداء في سويسرا قليلون جدا. يوجد نائب برلماني واحد على المستوى الفدرالي هو ريكاردو لومنغو، فاز في انتخابات 2007، وايضا كارل آلكس ريدوري، الذي يشغل منصب “شبه محافظ” بإحدى المقاطعات الثلاث التي يتشكل منها كانتون فريبورغ، وهو من اصول هايتية، وانتخب لشغل المنصب في صيف 2008. 

على مستوى الكانتونات، تشغل ناتالي فيلروث، وهي سويسرية من أصول غابونية، مقعدا في البرلمان المحلي لكانتون نوشاتيل، كما يتمتع روبان سيفاغانيسان، من سيريلانكا بشهرة سياسية في كانتون تسوغ.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية