مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القمةُ ستعقد في تونس بمَن حـَضر..

ما مدى استعداد الأطراف الموقعة على وثيقة الإصلاح السياسي العربي لتجسيدها على أرض الواقع؟ swissinfo.ch

بعد حالة من التكتم والانتظار، أعلن مجلس الوزراء التونسي الذي التأم يوم الأربعاء بأن القمة ستنعقد يومي السبت والأحد القادمين 22 و23 من مايو الجاري.

وقد توالت خلال اليومين الأخيرين المؤشرات الدالة على أن القمة ستنعقد في موعدها، لكن المفاجآت ليست مُستبعدة تماما..

بالإضافة إلى الإجراءات الأمنية الوقائية التي تكثفت خلال الأيام الأخيرة بأهم شوارع العاصمة التونسية وأحيائها، أعلنت إدارة المرور عن خطتها الخاصة بتنظيم الجولان خلال اليومين الأخيرين من هذا الأسبوع.

وتم إعفاء التلاميذ والطلبة من الدراسة يوم السبت، رغم انطلاق موسم اختبارات آخر السنة. كما شرع وزراء الخارجية العرب في الوصول، وبدأت الوفود الإعلامية تتوافد على تونس لتغطية فعاليات القمة.

ويوجد حاليا في تونس وفد من كبار مسؤولي الجامعة العربية من أجل “تكثيف الجهود والمشاورات مع الجهات التونسية بهدف إنجاح القمة المرتقبة”. كما تلقى السفراء العرب المعتمدون في تونس التصاريح الدبلوماسية الخاصة بالاستقبالات الرسمية.

واللافت للنظر أنه بالرغم من كل هذه المؤشرات لا تزال الشكوك تُراود البعض حول احتمال حدوث مفاجأة أخرى غير سارة في آخر لحظة. واعتبر أكثر من كاتب وصحيفة أن القمة لا تزال “على كف عفريت ” أو “في مهب الريح”. مع ذلك، فإن كل المؤشرات بالعاصمة التونسية تؤكد -إلى حدود كتابة هذا التقرير- بأن القمة ستنعقد يوم السبت القادم.

وثيقة جماعية للإصلاح

لم يعد موضوع النصوص والقرارات التي ستصدر عن القمة مثار جدل أو تحفظ من قبل الجهات الرسمية التونسية. فبعد أن تحولت الاقتراحات التي تقدمت بها تونس خلال المحاولة السابقة لعقد القمة، إلى مبادرة مغاربية، وعلى إثر توصل وزراء الخارجية العرب إلى إقرار بيان أو وثيقة جماعية للإصلاح السياسي في العالم العربي، لم يعد هذا البند مثار بين الأطراف.

لقد حرص وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحي على التدقيق في كل كلمات وتفاصيل مشروع البيان الختامي وجميع الوثائق التي ستعرض على القمة. من جهته، أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أنه “تم التغلب على الأسباب التي أدت إلى تأجيل القمة”.

ولم يخف الطرف التونسي ارتياحه على هذا الصعيد، حيث اعتبرت صحيفة (الشروق) القريبة من الجهات الرسمية، أن ذلك تم بفضل “الرجة التي أحدثها قرار تأجيل القمة” و”صدمة الإصلاح باعتباره المفتاح لنشر قيم الحرية والديمقراطية”.

ما يشغل الطرف التونسي حاليا هو مستوى التمثيل وتحديد قائمة القادة الذين سيتغيبون عن حضور القمة. هذه المسألة بالذات لا تزال تشكل مصدر إزعاج وتخوف، نظرا لتضارب المعلومات وصعوبة التأكد من صحتها أو خطئها.

فهناك عديد الدول التي لن تعلن عن مواعيد وصول قادتها إلا مساء الجمعة، لكن مصادر موثوقة أكدت بأن جميع الحكومات قد أعلمت الجهات التونسية بمن سيمثلها في اجتماع القمة.

وإذ لا تزال تداعيات القرار السابق بتأجيل القمة تفعل فعلها، رغم بعض عمليات التجميل التي تمت خلال الأسابيع الماضية، إلا أن وزراء الخارجية العرب الذين سألهم بن يحي فردا فردا -خلال اجتماع القاهرة- عما إذا كان الموعد المحدد يلائم قادتهم، قد أكدوا بالإجماع موافقتهم، بما في ذلك الوزير اليمني. لكن بعد ذلك تضاربت الأنباء حول احتمال غياب هذا الزعيم أو ذاك.

من سيحضر ومن سيغيب؟

على الصعيد الرسمي، وإضافة لعدم حضور السلطان قابوس لأسباب غير سياسية، واستحالة مشاركة كل من الشيخ زايد وأمير دولة الكويت لاعتبارات صحية، أعلنت البحرين عدم مشاركة ملكها، الذي كان يفترض أن يتولى تسليم رئاسة القمة إلى الرئيس بن علي.

كما أصبح من المؤكد تغيب ولي العهد السعودي الأمير عبد الله، رغم إلحاحه الشخصي على ضرورة إنجاح القمة. وفي هذا السياق، نقل وزير خارجية المملكة الأمير سعود الفيصل رسالة خطية من القيادة السعودية إلى الرئيس بن علي، وصرح بأن “الجميع يبذلون الجهد للوقوف مع تونس في هذه الفترة الحرجة”.

لن يكون الرئيس علي عبد الله صالح أيضا من المشاركين نظرا لتزامن موعد اللقاء مع الاحتفالات بالعيد الوطني اليمني. وإذ أكد موقع “أخبار أنفو” مشاركة الرئيس الموريتاني، فإن الرئيس بوتفليقة سيكتفي بحضور جلسة الافتتاح ثم يعود إلى الجزائر لارتباطه بمواعيد أخرى، رغم أن بلاده مصرة على اقتراح صيغة الانتقال الدوري لأمانة الجامعة العربية بين مختلف الدول العربية، مثلما هو الشأن بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي.

كما توجد شكوك حول مشاركة الرئيس عمر البشير، بحكم الأوضاع الاستثنائية التي لا تزال تعيشها السودان. أما العقيد معمر القذافي فقد راجت أخبار عن اتصالات أجراها بعدد من القادة عبر خلالها عن رغبته في تأجيل القمة، غير أن السفير الليبي بتونس أكد مشاركة العقيد الذي قد يصل صبيحة يوم الخميس إلى جزيرة جربة.

وتبقى نقطة الاستفهام الرئيسية تتمثل في مشاركة الرئيس مبارك أو غيابه. فمصر تشكل إلى جانب السعودية وسوريا، الأطراف الرئيسية في هذه المرحلة التاريخية بالذات. وبالرغم من أن البعض تحدث عن احتمال تغيبه، إلا أن ذلك يبدو مستبعدا جدا ومتناقضا مع الجهود الحثيثة التي قامت بها الدبلوماسية المصرية بعد قرار التأجيل، وذلك من أجل عقد القمة في أقرب الآجال وفي أي مكان، حتى ولو في “المريخ”، على حد تعبير الرئيس المصري.

الإصلاح بين النظري والتطبيقي..

وبناء عليه قد لا تزيد نسبة مشاركة القادة العرب عن 13، ولا يستبعد أن تتراجع إلى حدود التسعة أو العشرة. وهي في العموم نسبة معتادة في تاريخ القمم العربية.

إن الأهم من عدد الحكام الذين سيحضرون أو سيتغيبون، هو نوعية القرارات التي ستتم المصادقة عليها، في ظرف سياسي عربي شديد السوء. ومدى استعداد الأنظمة لتجاوز الخلافات التي تشقها حول عدد من القضايا الجوهرية أو التناحر ذي الطابع الشخصي.

فالجامعة العربية تقوم حاليا بدور رمزي محدود، بعد أن أصبح اجتماع القمة هدفا في حد ذاته. كما أصبح تطوير العلاقات الثنائية، والتنسيق الإقليمي أكثر جدوى وأهمية. مع ذلك فإن توصل الأنظمة إلى وثيقة عامة حول مسألة الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان من شأنه أن يضفي شيئا من الخصوصية على قمة تونس، كما ارتبطت قمة بيروت بمشروع عربي للسلام.

أما مدى استعداد الأطراف الموقعة على تلك الوثيقة للشروع عمليا في تجسيدها على أرض الواقع، فذاك موضوع آخر.

صلاح الدين الجورشي – تونس

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية